في ذكراها الـ 34.. ملحمة "تحرير سيناء" واستعادتها لأحضان الوطن

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


يحتفل الشعب المصري، غدًا الإثنين، الموافق 25 أبريل، بالذكرى الـ(34)  بتحرير أرض الفيروز " سيناء"، التي دفع الشعب المصري من أجلها كل غالٍ ونفيث، وقدم فيها الجيش المصري الروح والدم لتعود سيناء إلى أحضان الوطن.

فمنذ اللحظات الأولى لاحتلال "سيناء" كان قرار الشعب والجيش لا تراجع ولا تفريق في حبة رمل واحدة من سيناء واستمرت معارك التحرير على مدار(22) عاما حتى استرد المصريون أرضهم بالحروب والصمود والمفاوضات وذلك بعودة"طابا" وهي أخر شبر في سيناء تم تحريره.

بداية الرحلة في عهد "عبد الناصر"
وكانت حرب الاستنزاف التي قادها "جمال عبد الناصر" هي الخطوة الأولى نحو العبور، بل مفتاح النصر، لاسيما بعد هزيمة العرب في حرب 1976، حيث عملت ثورة يوليو على تشجيع حركات التحرير من الاستعمار كما اتخذت من سياسة الحياد الإيجابي مبدآً أساسياً في سياساتها الخارجية، وأدركت إسرائيل منذ نشأتها الدور القيادي لمصر في العالم العربي فقامت في 5 يونيو 1967 ميلادية هجوم غادر على مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية للأردن.

واستطاع جيش مصر برغم فداحة الخسارة أن يعبر هذه المحنة في صموده أمام القوات الإسرائيلية ودخوله حرب الاستنزاف، بعدما رفض الرئيس "جمال عبد الناصر" عقب الهزيمة مباشرة كل عروض السلام الإسرائيلية بعودة سيناء فقط إلى مصر مقابل سلام منفرد بين مصر وإسرائيل، قائلا آنذاك "لا صلح .. لا اعتراف … لا تفاوض"، وبعد أن توفى "جمال عبد الناصر" في سبتمبر 1970.

حرب التحرير في عهد "السادات"
وبعد تولي الرئيس أنور السادات الحكم بدأ سياسة إعداد الدولة لحرب التحرير ووضعت كافة إمكانات الدولة استعداداً للحرب حتى كان يوم السادس من أكتوبر 1973، قام الجيشان المصري والسوري في وقت واحد ببدء معركة تحرير الأرض العربية من الاحتلال الإسرائيلي وانتصر الجيش المصري ورفعت أعلام مصر على الضفة الشرقية لقناة السويس بعد ساعات من الهجوم.

وقد حققت القوات المصرية انتصاراً كبيراً في حرب أكتوبر 1973 مما جعل "السادات" يفكر آنذاك في حل النزاع العربي الإسرائيلي حلاً جذرياً وإقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط فوقعت مصر على معاهدة السلام مع اسرائيل في 26 مارس 1979 بمشاركة الولايات المتحدة بعد أن مهدت لها زيارة الرئيس السادات لإسرائيل في 1977، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء في 25 أبريل 1982، وانسحبت من شريط طابا الحدودي بناء على التحكيم الذى تم في محكمة العدل الدولية عام 1989.
زيارة السادات للقدس
في شهر  نوفمبر عام  1977 أعلن الرئيس أنور السادات في بيان أمام مجلس الشعب انه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، ثم نفذ الزيارة وألقى كلمة فى الكنيست الإسرائيلى، طارحاً مبادرته بأنه ليس وارداً توقيع أى اتفاق منفرد بين مصر وإسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية. 
وفى 5 سبتمبر عام 1978 وافقت مصر وإسرائيل على المقترح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي فى منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر، وتم التوقيع على وثيقة «كامب ديفيد « في البيت الأبيض فى 18 سبتمبر 1978، والتي ضمت  وثيقتين لتسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي، الأولى حول  إطار السلام في الشرق الأوسط،  والثانية تناولت  إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل.
 وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وكذلك المدنيون من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة، وبذلك نجد أن الانسحاب الاسرائيلى من سيناء مر  بـ3 مراحل، الأولى تمثلت فى  النتيجة العملية المباشرة للحرب، وانتهت فى عام ‏1975 ‏ ميلادية بتحرير المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية على الساحل الشرقي لخليج السويس‏.
وكانت المرحلة الثانية والثالثة من الانسحاب تطبيقاً لبنود معاهدة السلام‏  حيث تضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش‏ - رأس محمد‏ والتي انتهت في يناير‏1980 وتم خلالها تحرير‏32 الف‏ كم2، وخلال المرحلة الثالثة انسحبت اسرائيل إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر وتم تحرير سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل.

عودة "طابا"
وتحولت معركة تحرير طابا إلى ملحمة مكملة لنصر أكتوبر‏ العظيم، وفور ظهور المشكلة أعلنت مصر أن  أي خلاف على الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام التي تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، واذا لم يتيسر حلها بالمفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.
وقد كان الموقف المصري شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق.

وفي 13 يناير عام 1986 م ، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى "مشارطة تحكيم" وقعت في 11 سبتمبر 1986م ، والتي تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف، وفى 29 سبتمبر 1988 أصدرت هيئة التحكيم التي انعقدت في جنيف بالإجماع حكمها لصالح مصر وأعلنت  أن طابا مصرية، وفي 19 مارس 1989 استعادت مصر منطقة طابا وعادت إلى سيادتها.

نهاية الرحلة رفع علم مصر على أرض طابا وبداية عهد جديد
في الخامس والعشرين من إبريل عام 1982 قام الرئيس السابق محمد حسني مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية.