عبدالرحمن سليم يكتب: علي عابدين.. التافه الذي خطفته الشرطة!

مقالات الرأي

عبدالرحمن سليم
عبدالرحمن سليم


قد لا تعرف على عابدين، أو "بيكا" كما يعرفه أغلب المصورين الصحفيين أو الصحفيين الميدانين، ولكن دعني أعرفك عليه كما عرف هو نفسه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

يُعرف "بيكا" نفسه على "الفيس بوك" بجملة مقتضبة من ٣ كلمات وقلب، فأما الكلمات الثلاث فهي "بروفايل واحد تافه"، وأما القلب فلنؤجل الكلام عنه مؤقتًا.

فكر معي بهدوء ومنطق، لم يتجاوز "بيكا" ربيعه الثالث والعشرين بعد، عاش في السعودية عمره كاملا إلا ثلاث سنوات، عاشهم في مصر، نعم معرفتنا بعلي لم تتخط سنوات وجوده في مصر.
هل لشابٍ تافهٍ أن يُكدر الأمن العام، ويُسقط نظام الحكم، ويروع الآمنين، ويحمل سلاح وينتمي لجماعة محظورة؟، ما هكذا عهدنا التفاهة وأهلها، لا تستغرب مما أقول، ودعني أساعدك على فهم ما حدث لعلي في أقل من ٢٤ ساعة.

علي عابدين زميل لي في موقع الفجر الإخباري، يعمل مصورًا صحافيًا، لا يُتقن في حياته سوى معرفة أنواع الكاميرات، وأرقام الشاتر المختلفة ووظائفها، وتظبيط فتحات العدسات، يعشق الكاميرا حد الجنون، شأنه في ذلك شأن كل المصورين الصحفيين.

يوم ٢٤ أبريل الجاري كنّا نستعد لما ستسفر عنه مظاهرات يوم غد، التي اتفقت عليها القوى الثورية للتنديد بما أسموه "بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية"، وككل الصحف المصرية كنّا نستعد لتغطية الحدث صحفيًّا ومهنيًا، فتم توزيع الأدوار والمناطق على الزملاء المكلفين بتغطية أحداثها.

بعض الزملاء لديهم كارنيهات تحدد انتمائهم للفجر والبعض الآخر تسلم تفويضات مؤرخة بمدة معينة توضح انتمائهم للجريدة، وبها الاسم خماسي والرقم القومي لكل زميل على حدة، تحسبًا لما قد لا يُحمد عقباه في ظل انشغال قوات الأمن بفض التظاهرات المتوقعة.

ظهر يوم ٢٥ أبريل، توجه علي إلى المكان المنوط به تغطية أحداثه، وهو محيط نقابة الصحفيين، وفور دخوله شارع عبدالخالق ثروت بوسط العاصمة حيث توجد النقابة، استوقفته قوات الأمن، فقدم لهم أوراق هويته، بطاقة الرقم القومي والتفويض الذي استلمه من الموقع لتحديد مهامه الصحفية لقوات الأمن، فما كان من قوات الأمن إلا أن اعتدوا عليه بدون سبب، وقبضوا عليه واستولوا على ما كان معه من معدات تصوير، وتم ترحيله لمكان غير معلوم لنا حتى الآن تأكيدًا.

يبدو أن القائمين على الأمن في مصر قرروا الانتقام من جميع الصحفيين بسبب الدور الطبيعي الذي لعبته نقابة الصحفيين في مظاهرات "جمعة الأرض" عندما ضاقت على المتظاهرين سُبل التعبير عن الرأي، فاحتضنتهم نقابة الصحفيين في مشهد أعاد للأذهان أمجاد النقابة الحرة، والدليل أن الصحفيين جميعهم لم يسلموا من بطش الأمن، فالنقابي تعدوا عليه وحبسوه، وغير النقابي خطفوه.. شكرًا لقوات الأمن المصرية.

لعل علي عابدين هو من أخطأ في حق نفسه بتركه للملكة العربية السعودية ونزوله لبلده مصر، ربما جميعًا أخطأنا بمكوثونا في مصر حتى الآن.