جدل حول قانون "فض المنازعات".. فقهاء: مضيعة للوقت وإهدار للمال العام

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


فرحات: خطوة إلغاء القانون تأخرت والأولى تحويله إلى قرارات مُلزمة 
السيد: يكلف الدولة أعباء ثقيلة والعائد منه ضئيل
بطيخ : القانون مضيعة للوقت وإهدار للمال العام 

على مدار ستة عشر عامًا على تشريع قانون لجان" فض المنازعات" بهدف حل المشكلات العمالية بعيدًا عن ساحات القضاء؛ إلا أنها لم تلق قبولا لدى المتقاضين رغم أن الدولة خصصت لها ميزانية سنوية قدرها 100‏ مليون جنيه‏، وأرجع الخبراء المتخصصون فشل لجان فض المنازعات إلى أنها كانت توصيات وليست قرارات ملزمة.
 وتنص بنود القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، وينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها ، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة.
وتشكل اللجنة بقرار من وزير العدل، برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل، ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة، ومن ممثل للجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها ، تختاره السلطة المختصة، وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه، فإذا تعدد أشخاص هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد عنهم فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة، ويجوز عند الضرورة أن تكون رئاسة اللجنة لأحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية الحاليين من درجة مستشار على الأقل.

تحويل القانون من وصايا إلى قرارات ملزمة
من جانبه يقول الدكتور محمد نور فرحات، فقيه دستوري، إن قانون فض المنازعات ألزم المتقاضين مع الجهات الحكومية قبل أن ترفع الدعوة، حيث يرجع للجان فض المنازعات، لاسيما في الأمور الإدارية والمالية، مضيفًا بأن  الهدف من تشريع القانون هو تخفيف الضغط على القضاء، لكن القانون للأسف يوجد به صغرى أنه قرارات هذه اللجان ليست قرارات بل التوصيات، يمكن للجهة الإدارية التي تتمثل في الوزارات أو مؤسسة أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها.
وأوضح فرحات، أن "طالما تشرع القانون عبارة عن  توصيات؛ إذن لم تأخذ بها، وبالتالي تصبح فتره تعطيل ويتوجب على المدعي يذهب مره أخرى للقضاء، وبدلا من تخفيف العبء على القضاء وحل أزمة، باتت توصيات فض النزاعات خطوة تعطيل أكثر منها انقاذ الوقت".
وأشار فرحات، إلى أن خطوة إلغاء القانون تأخرت كثيرًا، وأن الأولى تعديل القانون وتحويله لقرارات ملزمة وليست توصيات وبهذا يكون تحقق الهدف من القانون، وبالتالي أصبحت خطوة في تحقيق العدالة.
فترة تعطيل والعائد ضئيل
 ويتابع الدكتور شوقي السيد، الخبير الدستوري، أن قانون "فض المنازعات" الذي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيه يكلف الدولة أعباء ثقيلة في حين أن العائد منه ضئيل، ولهذا لابد من إلغائه والعمل بنص المادة 97 من دستور 2014 التي تنص على أن التقاضي حق مضمون ومكفول للكافة، وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي.
وأشار السيد، إلى أن لجان فض المنازعات تعد أحد عوائق التقاضي التي يترتب عليها ضياع الوقت والجهد حتى في حال حصول الطاعن على توصية لصالحه، في حين أن جميع هذه التوصيات غير ملزمة ولا تنفذها الجهات الإدارية.
وأوضح، أن عدم التزام الوزارات والهيئات بتوصياتها أدت إلى أن قراراتها في الهواء ولا تترجم علي أرض الواقع‏؛ وهو ما فقد الثقة بها ما يؤدي عودة المواطنين إلى القاعدة العامة عبر ساحات التقاضي مباشرة دون وسيط أو لجنة لا يبالي بها أحد‏.
يرهق الدولة ماديًا
في هذا الصدد أوضح الدكتور رمضان بطيخ، الفقيه القانوني، أنه طبقا لأحكام القانون يكون لكل لجنة من لجان فض المنازعات أمانة فنية تتألف من عدد كبير من العاملين بالمحاكم، والنيابات والهيئات القضائية الأخرى السابقين أن كافة الأعباء المالية لهذه اللجان تكون على الخزانة العامة بمثابة أموال مهددة لا يتحقق من إنفاقها أي فائدة للصالح العام ولا للمواطنين‏.
وأكد بطيخ، أن قانون فض النزاعات  مضيعة للوقت وإهدار للمال العام وأن نسبة ما تم إنجازه من منازعات طرحت أمامها لا يتعدي‏4%‏ ولم ينفذ منها سوي واحد في الألف‏، مضيفا أن معظم القضاة في لجان فض المنازعات غير متخصصين وأن سكرتير الجلسة يقوم بكتابة التوصية والقاضي ما عليه إلا أن يوقع علي التوصية.
وطالب بطيخ، بإلغاء هذا القانون، نظرًا لإرهاق الدولة ونزفها ماديًا من خلال زيادة المصاريف القضائية، ناهيك عن أنها تفتقد لجميع الضمانات الاجرائية سواء من حيث الطعن في الأوراق المقدمة، أو بعدم قانونية القرارات الصادرة عنها بالإضافة إلى أن القانون الخاص بها لا يعالج مسائل الاختصاص بينها وغيرها من لجان التوفيق ولجان التظلمات‏.‏ ‏