في يوم صاحبة الجلالة.. "أصحاب القلم" تحت مقصلة الاعتداءات والسجون

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"بأي حال عدت إلينا يا حرية".. ربما تكون هذه الجملة لسان حال صحفيى مصر الآن في اليوم العالمي لحرية صاحبة الجلالة، الذي جاء متزامنًا مع أشد صور انتهاك المهنة وما بين صحفي مقتول وآخر معتقل، يأتي اليوم الذي أقرت منظمة اليونسكو  الثالث من مايو.
 
الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحفيين
يحتفل العالم في 3 مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي هذا اليوم كمناسبة لتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير وكذلك كمناسبة لتذكيرهم بالعديد من الصحافيين الشجعان الذين أثروا الموت أو السجن في سبيل تزويدهم بالأخبار اليومية.
وبدأ الاحتفال به رسميًا عام 1991، ولكن الاحتفال به كالسراب غير موجود على أرض الواقع بمصر، نظرا لما يتعرض له الصحفيين من اعتقالات وانتهاكات وفقا لما رصدته التقارير العالمية وتقرير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين وبعد اقتحام النقابة أول أمس في واقعة لم تحدث منذ تأسيس النقابة.
 
صحفيو مصر يحتفلون بالاعتصام داخل النقابة
وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بمدى ما وصلوا إليه من حرية في مجالات الرأي والتعبير، يعتصم الصحفيين في مصر داخل مقر مبنى نقابتهم اعتراضًا على ما وصل إليه حال الصحفيين، وتنديدًا باعتقال زملاء المهنة من قلب نقابتهم، ورفضًا لسوء تعامل أفراد الشرطة معهم.
وفيه أيضًا يعقد مجلس نقابة الصحفيين، مؤتمرًا صحفيًا عالميًا على سلالم النقابة، لعرض الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، والتي كان آخرها اقتحام قوات الأمن مقر النقابة واعتقال صحفيين من داخلها. في ظل دعوات لوقفات احتجاجية على سلالم النقابة.
 قديما عرفت الصحافة بأنها مهنة البحث عن المتاعب، وحديثًا ضافوا إليها "المهالك والمخاطر" وبات القابض على الحريات هذه الأيام كالقابض على الجمر.
وفي ظل هذه الأحوال المضطربة، يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام متشحا بالسواد على أهالي الصحفيين المعتقلين وآخرين رحلوا بلا عودة.
وبحسب دراسة تحليلية أجرتها لجنة حماية الصحفيين الدولية، نشرت نتائجها صحيفة "الجارديان" البريطانية نهاية ديسمبر الماضي، فإن عدد الصحفيين المحبوسين بمصر بلغ 23 شخصًا، بزيادة 12 صحفيا عن العام الذي سبقه، وهو ما وضع مصر في المرتبة الثانية عالميًا في حبس الصحفيين.
واتهمت الدراسة النظام المصري باستخدامه مصطلح "الدواعي الأمنية" لقمع المعارضة بحسب ما جاء في الدراسة في الوقت الذي تنفي الحكومة المصرية هذه التقارير وتؤكد أنها تطبق معايير حقوق الإنسان ولا تخالفها.
 
الصحفيون تحت مقصلة الحبس والاعتداءات
وتحت عنوان "صحفيون تحت مقصلة الحبس والاعتداءات"، أصدرت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تقريرا يتضمن ما أسمته الصورة الكاملة لمعاناة الصحفيين المصريين والقيود المفروضة عليهم، حيث رصد 782 انتهاكًا من حبس احتياطي والذي بات عقوبة للصحفيين واقتحام منازل وتكسير معدات وكاميرات، وتعطيل طباعة بعض الصحف إلى جانب حظر النشر.
وأشارت اللجنة، في تقريرها، إلى أنه يوجد 201 انتهاك كل يوم، وأن الصحافة الإلكترونية أكثر عرضة للانتهاكات، لافته إلى أنها تقدمت بـ ٦٣ بلاغا للنائب العام للمطالبة بالتحقيق في الانتهاكات وتحسين أوضاع المحبوسين وعلاجهم ، بالإضافة إلى السماح لذويهم بزيارتهم، بخلاف 35 شكوى لوزارة الداخلية تضمنت طلبات بتقديم العلاج للزملاء المحبوسين ونقلهم لأماكن احتجاز أفضل أو تجميعهم في مكان واحد.
 
٤٢ صحفيًا داخل السجون
وأوضح التقرير أن هناك أكثر من ٤٢ صحفيًا محبوسين أو مهددين بالحبس، بينهم ٢٨ داخل الحجز، وخاطبت النقابة رئاسة الجمهورية أكثر من مرة للمطالبة بالعفو أو الإفراج الصحي عنهم، بالإضافة إلى أن هناك ٧ صادر أحكام غيابية بحقهم، و٨ صحفيين من بينهم ٤ رؤساء تحرير محوّلين للجنايات من قبل وزير العدل السابق المستشار أحمد الزند.
ومن الصحفيين الذين لازالوا محتجزين " هشام جعفر، حسن القباني، أحمد سبيع، إبراهيم الدراوي، محمد البطاوي، عمر عبد المقصود، شوكان، يوسف شعبان، محسن راضي، مجدي حسين، إسماعيل الإسكندراني، صبري أنور" وغيرهم العديد من الصحفيين نقابيين أو غير النقابيين .
وأعربت لجنة الحريات، في تقريرها، عن قلقها عقب صدور 14 قرار حظر نشر في 2015 وبداية عام 2016، أصدرتها النيابة العامة وقراران أصدرتهما المحاكم، إلى جانب عودة ظاهرة وقف طباعة الصحف، والتدخل في محتواها بالحذف أو التغيير من خلال جهات رقابية غير معلومة، وهو ما تكرر خلال الفترة الأخيرة مع صحف" صوت الأمة والصباح والمصريون والمصري اليوم"، بجانب 4 مداهمات لمواقع إخبارية خلال عام 2015 "وهي راديو حريتنا التابع لمركز الأندلس لدراسات التسامح، وشبكة يقين الإخبارية، وموقع مصر العربية".

مصر في المركز 159 من أصل 173 دولة في الحريات
وفي الربع الأول من العام الحالي، أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، إذ تقبع مصر في المركز 159 على جدول التصنيف الذي نشرته المنظمة يوم 20 أبريل 2016، ما يعكس تراجع البلاد تدريجياً منذ نهاية عهد مبارك حيث كانت تحتل حينها المرتبة 127 (من أصل 173 دولة)، وفي المقابل، كانت مصر قد وصلت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي "2012 و2013"، إلى المركز 158 (من أصل 178 دولة).
ويُنشر التصنيف العالمي لحرية الصحافة سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود، حيث يساهم في قياس درجة الحرية التي يتمتع بها الصحفيون في 180 بلداً، وذلك بالاستناد إلى سلسلة من المؤشرات (التعددية واستقلالية وسائل الإعلام وبيئة عملها والرقابة الذاتية والإطار القانوني والشفافية والبنية التحتية والانتهاكات).

واستطلعت "الفجر" في اليوم العالمي لحرية الصحافة آراء بعض الصحفيين كيف حل عليهم، ومدى ما يتمتعون به من حرية!!.. فكان حديثهم..
 
يقول علاء خميس، أحد الصحفيين إن "الصحفي الذي يعيش في مصر لا يستطيع أن يمارس مهنته بكل طلاقة، فهناك حواجز وأسقف لا يمكن تخطيها".
ويضيف خميس لـ"الفجر": "في اليوم الذي يحتفل فيه العالم بحرية الصحافة يعاني غالبية الصحفيين في مصر من انعدام هذه الحرية خاصة أنه تزامن مع اقتحام قلعة الحريات في مصر من قبل قوات الأمن".
وتابع: "وما دامت الدولة تتعامل مع الصحفيين بمبدأ "تقييدهم هو الحل" سيتوغل الفساد والنصب داخل المؤسسات وخارجها، وستضيع وتسلب الحقوق خاصة من الفقراء والمهمشين".
 
ومن جانبه ندد الصحفي أحمد أبوفدان ، بانتهاك وزارة الداخلية لحرمة نقابة الصحفيين التي تعد رمزًا للحريات، واصفا ما حدث بالعار الذي لحق بأبناء المهنة.
 وأضاف أبوفدان في تصريحات لـ"الفجر" أنه لابد من أن تنتصر مؤسسة الرئاسة لكرامة الصحفيين التي أهدرت وأن يعتذر الرئيس عبدالفتاح السيسي للجماعة الصحفية، خاصة أن الانتهاك حدث في وقت راعيته لليوبيل الماسي لنقابة الصحفيين.
وأكد أبوفدان، أنه لن تتنازل نقابة الصحفيين وأعضاؤها عن مطالبهم المشروعة وعلى رأسها إقالة وزير الداخلية والإفراج الفوري عن كافة الصحفيين المعتقلين داخل السجون، وعلى رأسهم الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا.
وأمضى قائلًا:" الانتهاك الصارخ الذي ارتكبته وزارة الداخلية مخالف لنص الدستور الذي يحظر اقتحام مقر نقابة الصحفيين تحت أي سبب إلا بقرار من النائب العام شخصيًا وفي حضور نقيب الصحفيين وعضو النيابة العامة، لذا فنناشد النائب العام بمحاكمة المتورطين في الواقعة بداية من وزير الداخلية وحتى أصغر ضابط ممن تولوا عملية الاقتحام.
وشدد على أن الجمعية العمومية التي ستنعقد غدًا الأربعاء، ستتخذ عدة إجراءات تصعيدية ضد وزارة الداخلية أهمها رفض التعامل معها ونشر أخبارها وحجب الصحف عن الصدور حال رفضت رئاسة الجمهورية مطالبهم واستمرارهم في الاعتصام واتشاح النقابة بالسواد، خاصة أن الواقعة تمت بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.