عبدالرحمن سليم يكتب: اليوبيل الماسي.. مآسي.. مآسي.. مآسي!

مقالات الرأي

عبدالرحمن سليم
عبدالرحمن سليم


منذ تأسست في أوائل أربعينيات القرن المنصرم، وتحديدًا في ٣١ مارس ١٩٤١، خاضت نقابة الصحفيين العديد من المعارك ضد الأنظمة الحاكمة، وبرغم اختلاف الحكام وتنوع المعارك، لم تخسر أعرق النقابات المهنية في مصر عراكًا واحدًا، ودائمًا ما انتصرت للوطن، وأهله، وحرياتهما.
 
التاريخ لا يُنسى، ولا يَنسى، هذا ما أكده الأستاذ رشاد كامل في كتابه "ثورة يوليو والصحافة"، الذي تحدث فيه عن دور الصحفيين المصريين في إنجاح ثورة الضباط الأحرار عام ١٩٥٢، وكيف رد الضباط الجميل بعد ذلك للصحافة وشبابها -ما أشبه الليلة بالبارحة-، ستقرأ بعد مقدمة الكتاب، مصطفى أمين "ساعة في زنزانة الثورة"، ومحمد حسنين هيكل يتحدث عن صداقة الحظ والشرف مع جمال عبدالناصر، ليعقب هذه الصداقة التحقيق مع هيكل.
 
من بين طيات الكتاب ستقرأ أيضًا "الضباط يحكمون الصحافة" لـ أحمد حمروش، و"الثورة والصحافة.. سنوات القلق" لـ محسن عبد الخالق، و"قليل من الصحافة.. كثير من الأدب" لـ فتحي غانم، و"من حرب فلسطين إلى مذبحة الصحفيين" لـ حلمي سلام، وستقرأ أيضًا في هذا الكتاب "قصتي مع صحافة عبدالناصر والسادات" ليوسف إدريس، بالإضافة إلى مجموعة من المقالات التي تكشف العداء ضد النقابة مُذ كانت فكرة تبحث عن وجود.
القصد من كل ذلك، أن العداء ضد الصحفيين ونقابتهم بدأ منذ البداية، وبلا مبالغة.. قبل البداية، والمجال لا يتسع لذكر معارك الصحفيين التي استمرت قرابة ١٥ عامًا قبل إنشاء النقابة، وقد أكتب عن ذلك فيما بعد.
بالأمس.. كتب أحد الزملاء على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن قوات الأمن اقتحمت مقر نقابة الصحفيين، وألقت القبض على الزملاء، عمرو بدر رئيس تحرير بوابة يناير الإخبارية، ومحمود السقا، وعلى الفور تناقل الزملاء في كافة المواقع والصحف هذه المعلومة كأنباء.
في تلك اللحظات، وحتى تأكيد الخبر، كنت جالسًا مع بعض الزملاء الصحفيين في الجرنال الذي أعمل به، فهذا يؤكد، وذاك ينفي، وآخر يأبى الخوض في الحديث عن مثل هذا، لاعتباره دربًا من دروب الجنون، متعللا بأنه ومهما وصل جبروت وزارة الداخلية، لا تجرؤ على خرق الدستور، وبالاستناد على المادة ٧٠ من قانون نقابة الصحفيين، فإن الأمر لا يعدو كونه إشاعة سخيفة، اقتنعنا جميعًا بمنطقية ما يقول، فالشرطة تُنفذ القانون وتحميه، ولا تسحقه.. كنّا سُذَّج، الأنباء تأكدت، والخبر صحيح.
سريعًا حاولت رئاسة الجمهورية استيعاب الأمر، خاصة في ظل احتفالات النقابة بيوبيلها الماسي، برعاية الرئيس السيسي، فأعلنت عدم علم رئيس الجمهورية بهذا الأمر، ما أيدته المواقف بما لا يدع مجالا للتساؤلات، أن الرئيس السيسي رجل قوي، تربى في المؤسسة العسكرية الأقوى في الشرق الأوسط، يجيد امتلاك زمام الأمور، والسيطرة على أدواته، لذلك يصعب فهم تصريحات رئاسة الجمهورية لسببين، الأول، أن وزير الداخلية لا يجرؤ على تنفيذ ما أقدم عليه دون استئذان الرئيس، والثاني، أن وزير الداخلية ما زال في منصبه حتى الآن.
قولا واحدًا.. لو غضب الرئيس لأقال وزير الداخلية، شكرًا سيدي الرئيس لرعايتك احتفال نقابة الصحفيين بيوبيلها الماسي.