مى سمير تكتب: كيف هزمت القاعدة الـ CIA.. وتفاصيل المكالمات بين المخابرات السعودية والأمريكية بعد اغتيال بن لادن؟

مقالات الرأي



مى سمير تفتح الملفات السرية للجاسوسية

■ دليل أقوى الأجهزة لتجنيد الجواسيس وأسرار الحروب بينها

■ ماتا هارى تعلمت الرقص الشرقى قبل أن تستخدم الجنس فى التجسس

■ تدريب أكثر من 5000 جاسوس للعمل فى دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامى

■ المخابرات الأمريكية تضم 25 ألف موظف.. وميزانيتها السنوية ما بين 30 و40 مليار دولار


كيف تصبح جاسوسا؟ قبل الإجابة على هذا السؤال عليك أن تنسى تماما صور جيمس بوند وغيره من عملاء المخابرات فى أفلام السينما العالمية، فالعاملون فى أجهزة المخابرات فى مختلف أنحاء العالم يحملون سمات ومؤهلات تختلف عن تلك الصورة الهوليوودية.

وعلى أرض الواقع لايحمل العمل الاستخباراتى كل هذا القدر من الإبهار، فأغلب الموظفين فى أجهزة المخابرات قد لا يختلفون كثيرا عن الموظفين فى مختلف المؤسسات الأخرى، فقط العملاء الخارجيون وهم عادة قلة هم من يتمتعون بقدر من الإثارة وأغلبهم يعمل عادة تحت غطاء دبلوماسى، ويستمرون فى القيام بنفس المهام لعدة سنوات، كما يمارسون عملهم تحت ضغط هائل من قبل الإدارة المركزية التى تطلب منهم عادة معلومات سرية ومهمة وبشكل سريع.

المهارات المطلوبة للعاملين فى أجهزة المخابرات تختلف باختلاف الوظيفة، ولكن هناك حاجة مثلا لخبراء فى التحليلات الاقتصادية، الجغرافية السياسية، التشفير، والمجال النووى، وعلى مستوى اللغة تطلب أجهزة مخابرات مترجمين يجيدون اللغات المختلفة، وفى أعقاب أحداث 11 سبتمبر زاد الطلب على من يجيدون اللغة العربية، وفى السنوات الأخيرة امتد اهتمام أجهزة المخابرات بمن يجيدون الفارسية، الباتشاو والهندية، غير أن الأمر لا يقتصر على إجادة اللغة، بينما يشمل إجادة لهجات مختلفة فى هذه اللغة وإجادة المعانى المختلف للعبارات العامية التى يستخدمها عادة الإرهابيون كوسيلة لتبادل المعلومات دون لفت الانتباه.

وزاد الاهتمام فى السنوات الأخيرة بالخبراء فى مجالات متنوعة من التكنولوجيا، وتسعى أجهزة المخابرات إلى الاستعانة بهؤلاء الخبراء للعمل على بعض المشاريع التقنية التى تخدم عامل الاستخبارات، وقد تلجأ بعض الأجهزة، مثل جهاز المخابرات المركزية الأمريكية، إلى الاستثمار فى بعض شركات التكنولوجيا والكمبيوتر لمعرفة آخر ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا وكيف يمكن استخدامه فى عالم الاستخبارات.

وأسست المخابرات الأمريكية شركة منفصلة تستثمر فى العديد من الكيانات مثل الفيس بوك وجوجول وغيرهما للاستفادة من هذه الكيانات فى المجال الاستخباراتى، كما تستعين الأجهزة عادة بأصحاب الخلفية العسكرية ممن يتمتعون بأعلى درجات الولاء والتفانى فى العمل.

الدخول إلى عالم المخابرات عملية شاقة ويمر صاحبها عادة بالعديد من الاختبارات الصعبة، فالمتقدم للعمل فى المخابرات عليه أن يثبت كفاءته، يكشف عن دوافعه للانضمام للعمل فى هذا الجهاز السرى، كما يخضع لاختبارات عديدة لإبراز جوانب قوته وضعفه، وتعرض كل العاملين فى أجهزة المخابرات قبل انضمامهم للعمل بشكل رسمى إلى مراجعة أمنية كاملة، يتم الكشف خلالها عن أدق تفاصيل الحياة، وبعد هذه المراجعة لا يبقى معنى لتعبير الحياة الخاصة لدى العامل فى جهاز المخابرات.

ويخضع العاملون فى أجهزة المخابرات، وعلى وجه الخصوص العملاء السريون الذين يعملون على الأرض، للعديد من الاختبارات النفسية للكشف عن طبيعة شخصيتهم التى يجب أن تتسم بالتوازن والثبات، ولا تتوقف مثل هذه الاختبارات لضمان السلامة العقلية والنفسية للعاملين للحفاظ على مستواهم فى العمل والقدرة على مواجهة أى ظروف صعبة، وفى هذا الإطار تتضمن الاختبارات التى يتعرض لها العملاء فى أجهزة المخابرات اختبارا شهيرا هو قدرة العميل على القيام بعمل تعقب سرى دون أن يكون معه أموال أو وسيلة نقل، ونجاحه فى هذا الاختبار يعد دليلا على قدرته على مواجهة أصعب الظروف، ولا يتم استبعاد الشخصيات التى لا تتمتع بالمهارات اللازمة فقط ولكن يستبعد أيضا الشخصيات التى تتمتع بثقة زائدة فى النفس إلى درجة الغرور، فكلاهما عرضة للكشف بنفس الدرجة.

الغطاء غير الرسمى

لا يوجد فى أجهزة العالم وظائف ممنوعة عن المرأة، كل الوظائف فى الجهاز يمكن للمرأة القيام بها، وعلى سبيل المثال، تستعين أجهزة المخابرات، وبحسب إحدى المجلات الفرنسية، بالمرأة فى المجتمعات الإسلامية، حيث يمكن للعميلة الاستخباراتية الوصول لمعلومات لا يمكن للرجال الوصول إليها، على سبيل المثال يمكن لها الوصول لمعلومات من زوجات الزعماء على نحو غير متاح للرجال.

وبشكل عام تفضل أجهزة المخابرات أن يكون للعميل السرى غطاء عائلى، ليس فقط لأن وجود العائلة سوف يبعد عن العميل الشبهات، ولكن العائلة سوف تقدم للعميل الدعم المعنوى الذى يحتاج إليه فى ظل ظروف العمل القاسية، وفى بعض الأحيان تتم الاستعانة بزوجة العميل كأداة أيضا لجمع المعلومات على نحو مختلف.

ويمر العميل السرى بتدريبات مختلفة لتطوير قدراته على جمع المعلومات، ولكن من أهم المراحل التى يمر بها العميل السرى هى مرحلة إعداد هوية مزيفة وغطاء لعمله، وعادة يعمل العملاء تحت غطاء دبلوماسى، ولكن فى بعض الأحيان لا يكون الغطاء دبلوماسيا أو رسميا.

وفى هذا الإطار، أسست المخابرات المركزية الأمريكية برنامجا تحت عنوان (الغطاء غير الرسمى)، وازداد حجم هذا البرنامج فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر وشهد تدريب أكثر من 5 آلاف عميل استخباراتى على العمل فى دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامى تحت غطاء غير رسمى من أجل جمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية، ويمر العميل فى هذا البرنامج بمراحل تدريب عديدة، وقبل ممارسة عمله السرى، يخضع لعملية تزييف كاملة لتاريخه العائلى والمهنى قبل أن يبدأ عمله فى الشرق الأوسط تحت غطاء غير رسمى، حيث يمارس العميل مهنة بعيدة عن الدبلوماسية كأن يكون موظفا فى شركة أو منظمة وفى بعض الأحيان قد يكون أستاذا فى الجامعة أو رجل أعمال.

العميلة ماتا

فى أروقة الجاسوسية والمخابرات يبقى للمرأة مكانة خاصة ومساحة مميزة، وفى السجلات التاريخية أسماء العديد من السيدات اللاتى لعبن دور البطولة فى العمليات الاستخباراتية ومن هؤلاء الراقصة الهولندية ماتا هارى أو مارجريت جريتشى.

وهى سيدة هولندية ولدت عام 1876 رائعة الجمال تزوجت من ضابط هولندى وسافرت معه إلى إندونيسيا، وفى ظل انشغال زوجها بعمله العسكرى ثم وفاة ابنها الصغير الذى أصابها بصدمة كبيرة، انجذبت مارجريت إلى الثقافة الشرقية ووجدت فى الرقص الشرقى متعة كبيرة وحرصت على تعلمه وإجادته.

وبعد عودتها إلى هولندا قررت الانفصال عن زوجها الذى أصر على الاحتفاظ بابنتهما الوحيدة، وبعد حصولها على حريتها وتحررها من قيود الأمومة والزواج انتقلت مارجريت التى أطلقت على نفسها اسم ماتا هارى إلى باريس وهناك احترفت الرقص وتحولت إلى أشهر راقصة، خاصة أنها اخترعت لنفسها حياة وهمية لأميرة من الشرق تجيد الرقص.

ووقعت مارتا فى غرام ضابط ألمانى وتركت الرقص من أجله ولكنه تركها بعد فترة لتعود ماتا إلى هولندا، فى تلك الأثناء اندلعت الحرب العالمية الأولى، وفى هولندا التقى بها القنصل الألمانى وقرر تجنيدها للعمل لصالح الألمان وطلب منها العودة إلى باريس من أجل ممارسة الرقص الشرقى الذى تعشقه ووعدها بمساعدة فى استعادة بريقها من جديد بشرط مساعدته على اختراق الأوساط الراقية الباريسية وجمع المعلومات لصالح الألمان.

ونجحت خطة القنصل الألمانى وعادت ماتا هارى وهو اسم من شرق آسيا يعنى عين النهر إلى باريس جديدة وقامت بمهمتها الجديدة كراقصة تجمع المعلومات لصالح الألمان.

فى 13 فبراير 1917، ألقت السلطات الفرنسية القبض على ماتا هارى فى غرفتها بفندق قصر الإليزيه، وبدأت محاكتها فى 24 يوليو بتهمة التجسس لصالح الألمان والتسبب فى مقتل 50 ألف جندى فرنسى، وتضمنت وثائق المحكمة إشارة للعثور على حبر سرى فى غرفتها، وقد كتبت ماتا رسائل إلى القنصل الهولندى فى باريس تطالبه بمساعدتها مؤكدة أن كل علاقتها ترجع إلى عملها كراقصة وليس كجاسوسة.

وفى النهاية أصدرت المحكمة حكما بإعدامها، وفى عام 1970 كشفت المخابرات الألمانية عن وثائق تؤكد بالفعل تعاون ماتا مع الألمان أثناء الحرب العالمية الأولى

أجهزة المخابرات

ولكن ما هى أجهزة المخابرات صاحبة الميزانيات الأكبر فى العالم بالوقت الحالى والتى تعمل على نطاق واسع.

أولا، المخابرات المركزية الأمريكية أو الـCIA هى الوكالة الاستخباراتية المكلفة بجمع ومعالجة وتحليل المعلومات المتعلقة بالأمن الوطنى الأمريكى من مختلف أنحاء العالم، وتعد المخابرات المركزية جزءا من مجتمع الاستخبارات الأمريكية الذى يضم فى تكوينه عددا من المؤسسات المختلفة، وتقدم الوكالة تقاريرها الاستخباراتية إلى مدير المخابرات العامة وتعمل على إعداد التقارير لكل من الرئيس والحكومة الأمريكية.

تأسست المخابرات المركزية الأمريكية فى عام 1947، وعلى العكس من مكتب التحقيقات الفيدرالية المعنى بقضايا الأمن الداخلى، لا تتمتع الـCIA بقوة إنفاذ القانون، فهى تركز بشكل رئيسى على جمع المعلومات الاستخباراتية من الخارج ونشاطها المحلى محدود، وتعمل على إدارة عمليات التجسس وجمع المعلومات التى تقوم بها مختلف الوكالات الأمريكية، كما أنها الوكالة الوحيدة التى تتمتع بسلطة قانونية للقيام بعمليات سرية فى الخارج بالنيابة عن الرئيس الأمريكى.

ويكون الاستثناء الوحيد أن يرغب الرئيس فى قيام وكالة أخرى بالمهام التى يرغب فيها، وتمارس الـCIA مهام متعددة بما فى ذلك العمل على توجيه سياسات الدول بما يناسب سياسة أمريكا وذلك من خلال أقسامها التكتيكية مثل إدارة الأنشطة الخاصة.

ومنذ أحداث 11 سبتمبر، تنامى حجم المخابرات المركزية الأمريكية، وتمتع الـCIA بأكبر ميزانية مقارنة ببقية الوكالات الاستخباراتية والأمنية الأمريكية، تضم المخابرات الأمريكية 25 ألف موظف وتصل ميزانيتها السنوية ما بين 30 إلى 40 مليار دولار.

وتتنوع المهام التى تقوم بها الـCIA بما فى ذلك العمليات شبه العسكرية، كما يقوم مركز عميات المعلومات، أحد أهم أفرع المخابرات المركزية، بعمليات استخباراتية عبر الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة، وفى السنوات الأخيرة أصبحت المخابرات المركزية هى المشرفة الرئيسة على عمليات الطائرات بدون طيار التى يقوم بها الجيش الأمريكى والتى تضم عمليات عسكرية، اغتيالات وكذلك عمليات استخباراتية وتجسس.

وهناك خمس مهام رئيسة تقوم بها المخابرات الأمريكية وهى الحرب على الإرهاب، العمل على عدم انتشار الأسلحة النووية، التحذير من التغيرات السياسية الخارجية، وتعد مكافحة التجسس ضد أجهزة مخابرات الصين، روسيا، إيران، كوبا، وإسرائيل بمثابة أحد الأهداف الرئيسية للمخابرات الأمريكية، وأخيرا القيام بعمليات التجسس عبر الانترنت.

وعلى الرغم من الإمكانيات الهائلة التى تتمتع بها المخابرات الأمريكية إلا أن تاريخها شهد اخفاقات عديدة لعل أشهرها اخفاقها فى التنبؤ بأحداث 11 سبتمبر على الرغم من أن أحد منفذى هذه العملية كان مقيما فى شقة مع أحد مصادرها، وتعتبر المخابرات الأمريكية أنها تخطت هذا الفشل عندما نجحت فى اغتيال أسامة بن لادن فى عام 2011 بعملية عسكرية تمت تحت إشراف مخابراتى كامل، والجدير بالذكر أن جون برينان مستشار الرئيس الأمريكى لشئون مكافحة الارهاب والذى أصبح فيما بعد رئيسا للمخابرات المركزية حرص على الاتصال بالمسئولين فى المخابرات السعودية والذى تجمعه بهم علاقات طيبة منذ أن كان يشغل منصب مدير مكتب المخابرات الأمريكية فى جدة، وأطلعهم على نية أمريكا لإلقاء جثة بن لادن فى المحيط ومعرفة ما إذا كان هذا الأمر يتنافى مع الشرعية الإسلامية، وكان رد المخابرات السعودية «نفذوا ما خططت له».

ثانيا، المديرية العامة للأمن الخارجى، أو (DGSE) هى وكالة الاستخبارات الفرنسية التى تقوم بنفس مهام المخابرات المركزية الأمريكية أو البريطانية، الـCIA أو الـMI6. وتعمل المديرية العامة للأمن الخارجى تحت قيادة وزارة الدفاع وبالتوازى مع المديرية العامة للأمن الداخلى من أجل توفير المعلومات الاستخباراتية وحماية الأمن القومى الفرنسى، وذلك من خلال القيام بعمليات استخباراتية وعمليات شبه عسكرية فى خارج فرنسا.

وتتمتع المخابرات الفرنسية بخبرة واسعة النطاق خاصة فى مجال الاستخبارات الاقتصادية، وتعود جذور المديرية العامة للأمن الخارجى إلى عام 1947 بحيث تأسست وكالة الاستخبارات المركزية الخارجية برئاسة مجموعة متنوعة من الوكالات المنفصلة بما فى ذلك الوكالة الاستخباراتية التى تعرف باسم (المكتب الثانى) والتى تأسست فى عهد نابليون الثالث، والمكتب المركزى للاستخبارات والعمل وتأسس أثناء مقاومة الاحتلال الألمانى أثناء الحرب العالمية الثانية.

وظلت المديرية العامة للأمن الخارجى تعمل بشكل مستقل إلى منتصف الستينيات، قبل فضيحة الكشف عن تورطها فى اغتيال المعارض السياسى المغربى المهدى بن بركة الذى قتل فى عام 1965، منذ ذلك التاريخ أصبحت المديرية تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الفرنسية، وتم إعادة هيكلة الوكالة فى عام 1981 وأصبحت تحمل اسمها الجديد المديرية العامة للأمن الخارجى.

ومنذ عام 1991 أسست وزارة الدفاع الفرنسية جهازا للمخابرات العسكرية والذى أصبح يتولى كل المهام الاستخباراتية المتعلقة بالقضايا العسكرية.

ويصل عدد العاملين فى المديرية العامة للأمن الخارجى إلى 5 آلاف موظف بينهم نحو 500 إلى 600 عميل، وفى الفترة من 2009 إلى 2015 قامت المديرية بتعيين ما يقرب من 700 موظف جديد، وتصل ميزانية المخابرات الفرنسية السنوية إلى أكثر من 450 مليون يورو.

ثالثا، جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية أو الـCVR، وهو الجهاز المسئول عن الأنشطة الاستخباراتية خارج روسيا، ويصل عدد العاملين فى المخابرات الروسية إلى ما يقرب من 15 ألف شخص، غير أن ميزانيتها غير معلنة فى ظل حرص الحكومة الروسية على إخفائها.

وبحسب قانون تنظيم عمل أجهزة المخابرات الروسية لعام 1996، فإن عمل الجهاز يتضمن مجموعة من المهام الرئيسية وهى تنفيذ تدابير فعالة لضمان الأمن الروسى، القيام بالتجسس العسكرى، الاستراتيجى، الاقتصادى والعلمى والتكنولوجى، علاوة على حماية موظفى المؤسسات الروسية فى الخارج وأسرهم، وتوفير الأمن الشخصى للمسئولين فى الحكومة الروسية وأسرهم، وإجراء عمليات مشتركة مع أجهزة الأمن الأجنبية.. وإجراء المراقبة الإلكترونية فى الدول الأجنبية.

رابعا، جهاز خدمة الاستخبارات السرية الـSIS والمعروف أيضا باسم الـMI6 (الاستخبارات العسكرية القسم 6) أو وكالة الاستخبارات المعنية بتقديم معلومات للحكومة البريطانية عما يحدث خارج الحدود البريطانية تماما كما يفعل جهاز الـMI5 وهو الجهاز المعنى بتقديم معلومات ولكن عما يحدث داخل بريطانيا.

وتخضع خدمة الاستخبارات السرية البريطانية لإشراف القيادة الرسمية للجنة المشتركة للاستخبارات وهى الجهة المسئولة على إدارة مختلف الوكالات الاستخباراتية البريطانية ومن أشهر تلك الوكلات مقر الاتصالات الحكومية وهو الجهاز المسئول عن التجسس على مختلف أجهزة الاتصالات بما فى ذلك الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر فى مختلف أنحاء العالم، ويملك هذا الجهاز شبكة تجسس إلكترونية فى مختلف أنحاء العالم تتجسس على أغلب سكان الأرض وترصد تحركاتهم الإلكترونية.

ويعود تاريخ هذا الجهاز إلى بداية الحرب العالمية الأولى وكان الهدف الرئيسى منه العمل على جمع المعلومات حول تصاعد القوة الألمانية، وتأسس الجهاز فى عام 1909، ولم يتم الإعلان بشكل رسمى عنه إلا فى عام 1994. وفى عام 2010 قدم رئيس الجهاز فى ذلك الوقت السير جون سويرز أول خطاب رسمى علنى لمسئول عن هذا الجهاز والذى تحدث فيها بشكل رئيسى على أهمية الحاجة للسرية وهدف الحفاظ على أمن بريطانيا. ويصل عدد العاملين فى هذا الجهاز إلى 3200 موظف وتصل ميزانيته السنوية إلى 150 مليون جنيه إسترلينى.

خامسا، وزارة أمن الدولة، وهى وكالة الاستخبارات والأمن فى جمهورية الصين الشعبية والمسئولة عن مكافحة التجسس والاستخبارات الخارجية والأمن السياسى. وتعطى المادة 4 من قانون الإجراءات الجنائية السلطة لهذا الجهاز للقيام بعمليات الاعتقال والاحتجاز للجرائم المتعلقة بالأمن القومى وتحت إشراف النيابات والمحاكم.

وتأسس الجهاز فى عام 1983، ويضم ما يقرب من 7 آلاف موظف، إلى جانب 5 آلاف عميل يعمل فى مختلف أنحاء العالم. يعمل هذا الجهاز على حماية المصالح الصينية، بما فى ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، التصدى لمحاولات التجسس ضد الصين، جمع المعلومات الاقتصادية، وحماية الحدود الصينية.

حرب الموساد

تأسس الموساد فى 13 ديسمبر 1949، باسم المعهد المركزى للتنسيق بناء على توصية من رئيس الوزراء فى ذلك الوقت ديفيد بن جوريون الذى اختار رؤوفين شيلواه لتولى منصب رئيس هذا الجهاز. وأراد بن جوريون تأسيس هيئة مركزية لتنسيق وتحسين التعاون بين دائرة المخابرات للخدمات الجيش الأمنية والتى تعرف باسم (أمان)، ودائرة الأمن الداخلى (الشين بيت)، و»الدائرة السياسية» التى تمثلها وزارة الخارجية.

وفى مارس 1951، تمت إعادة تنظيم الموساد وأصبح جزءا من مكتب رئيس الوزراء، ويقدم الموساد التقارير مباشرة إلى رئيس الوزراء.

ويعد هذا الجهاز هو خليفة العديد من المنظمات العسكرية الصهوينية التى تأسست فى فترة الانتداب البريطانى فى فلسطين، أهم هذه المنظمات منظمة الهاجاناه «الصهيونية التى تأسست فى عام 1921 فى مدينة «القدس وهى عبارة عن ميليشية عسكرية، كان الهدف المعلن من تأسيسها الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية فى فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطانى. وتمتعت هذه المنظمة بدرجة عالية من التنظيم مما ساعدها لتكون حجر الأساس لكل من الجيش الإسرائيلى وجهاز الموساد.

وتولى إيسر هاريل رئاسة الموساد، فى الفترة من 1952 إلى 1963 ومن أنجح العمليات التى قام بها الجهاز فى عهده عملية إلقاء القبض على القائد النازى أدولف ايخمان والذى يقال أنه من نظم المحرقة اليهودية أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد هزيمة ألمانيا فى عام 1945، فر ايخمان إلى النمسا، وعاش هناك حتى عام 1950، ثم انتقل الى الأرجنتين باستخدام وثائق مزورة. نجح الموساد فى معرفة موقعه فى عام 1960، وتولى فريق من الموساد والشين بيت عملية اختطاف ايخمان وترحيله إلى إسرائيل لمحاكمته على 15 تهمة جنائية، بما فى ذلك جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم ضد اليهود. وجد مذنبا فى كثير من هذه الاتهامات، وحكم عليه بالإعدام شنقا ونفذ يوم الحكم فى الأول من يونيو 1962.

وتولى بعد ذلك مائير عاميت رئاسة الموساد، وكان عضوا سابقا فى منظمة الهاجاناه، وقبل تولى رئاسة الموساد فى عام 1963 كان عضوا فى الجيش الإسرائيلى وتولى منصب قائد العمليات الإسرائيلية فى سيناء فى حرب 1956، ثم تولى بعد رئاسة جهاز المخابرات العسكرية ثم رئاسة الموساد. ظل عاميت فى منصبه كرئيس للموساد عام 1968، وتولى إدارة عمليات التجسس على مصر ودول العالم العربى.

من أشهر العمليات التى أشرف عليها مائير عاميت كانت عملية لوتز الجاسوس الإسرائيلى فى قلب المجتمع الراقى المصرى. ولد ولفجانج لوتز فى مانهايم ألمانيا فى عام 1921 لأم يهودية تدعى هيلين، وأب ألمانى من غير اليهود يحمل اسم هانز. وكان والد لوتز مخرج مسرحى عمل جنبا إلى جنب مع زوجته الممثلة. فى عام 1933، وبعد وصول أدولف هتلر إلى السلطة، هاجر لوتز وأمه إلى فلسطين، واستقروا فى تل أبيب. ويقال انه أطلق على نفسه اسم عبرى هو زئيف جور. فى عام 1936 انضم إلى منظمة الهاجاناه وشارك فى عدد من المهام الامنية.

وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية فى عام 1939، تم تجنيد لوتز فى الجيش البريطانى بسبب معرفته للغة الألمانية، وتمركز فى مصر، حيث انضم إلى وحدة الاستخبارات وكان عمله قائما على التحقيق مع أسرى الحرب الألمان، بعد الحرب، عاد إلى إسرائيل وتورط فى تهريب الأسلحة لمنظمة الهاجاناة.

فى عام 1948 تزوج لوتز من الفتاة الإسرائيلية ريفكا، وباندلاع حرب 1948 انضم لوتز إلى قوات الدفاع الإسرائيلية التى شكلت حديثا وخدم برتبة نقيب وشارك فى معركة حول اللطرون، خلال حرب سيناء فى عام 1956، عندما هاجمت إسرائيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا مصر، وترقى لوتز إلى رتبة لواء وتولى قيادة لواء مشاة.

بعد الحرب، انضم إلى منظمة الاستخبارات العسكرية أمان، وخطط رؤساؤه لإرساله إلى مصر لجمع معلومات استخباراتية عن خطط تسلح جمال عبد الناصر، وبسبب مظهر لوتز الألمانى وإجادته للغة الألمانية تم التخطيط لكى يخترق دائرة العلماء الألمان الذين عملوا فى برامج التسلح المصرية.

وقد أرسلت لوتز إلى ألمانيا فى عام 1959 من أجل التجهيز لقصة غطائه والتحضير لنقله إلى القاهرة كرجل أعمال ألمانى وضابط سابق من الذين خدموا فى شمال إفريقيا وعضوا سابقا فى الحزب النازى. وادعوا أنه عاش لمدة 11 عاما فى أستراليا حيث كان يعمل فى تربية الخيول وانتقل إلى مصر من أجل تأسيس نادى ركوب الخيل.

وكان الهدف من فكرة تأسيس النادى هو السماح للوتز لإجراء اتصالات مع المجتمع الراقى المصرى، ووصل إلى القاهرة فى عام 1960، وبدأ على الفور فى تكوين صداقات مع كبار المسئولين المصريين والعسكريين.

وسافر لوتز باريس فى يونيو 1961 لعقد اجتماع مع المسئولين فى الموساد عن عمليته، وفى أثناء تلك الرحلة التقى مع امرأة ألمانية تدعى فالتراود وقرر أن يتزوجها، الأمر الذى أصاب الموساد بالهلع وفكر الجهاز فى استدعائه وإلغاء مهمته ولكن فى النهاية وافق الموساد على ذهاب زوجته إلى مصر، وسرعان ما اكتشفت الزوجة أن لوتز يعمل جاسوسا ولم ينكر لوتز ولكنه أخبر زوجته أنه يعمل لحساب الناتو بعد ذلك بدأت الزوجة فى مساعدته.

فى القاهرة، افتتح لوتز فى نهاية المطاف نادى ركوب الخيل واستمر فى إقامة علاقات صداقة مع نخبة من المجتمع المصرى. وتمكن من إقناعهم باصطحابه لمشاهدة مواقع اطلاق الصواريخ المصرية وجمع معلومات استخباراتية عن الجيش وصناعات الأسلحة المصرية. كما قام لوتز بإرسال خطابات مفخخة إلى عدد من العلماء الألمان الذين يعملون فى مصر.

وكشفت السلطات المصرية لوتز فى عام 1965 والقت القبض عليه مع زوجته وحكم عليه بالسجن المؤبد وفى عام 1968 أطلق سراحه بعد صفقة لتبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل، وتحت رئاسة مائير عاميت نجحت إسرائيل فى زراعة الجاسوس إيلى كوهين فى سوريا فى الفترة من 1961 إلى 1965، ونجح إيلى موهين فى تأسيس علقات وثيقة مع النخبة السياسية والعسكرية هناك ونجح فى احتلال منصب كبير مستشارى وزير الدفاع، ولكن نجحت السلطات السورية فى نهاية المطاف فى كشف حقيقته وحكم عليه بالإعدام فى عام 1965.

وتصل ميزانية الموساد والشين بيت السنوية إلى 2 مليار دولار يذهب أغلبها إلى الموساد. ويتراوح عدد العاملين فى الجهاز من 1200 إلى ألفى عميل، ومن أشهر عملائه على حد وصف مجلة بارى ماتش الفرنسية، أشرف مروان زوج ابنة الرئيس جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس السادات، الذى أرسل إلى موساد رسالة قبل حرب أكتوبر 1973 يؤكد فيها أن الحرب وشيكة.

ومنذ بداية الثمانينيات اهتم جهاز الموساد الإسرائيلى بعمليات اغتيال العلماء النوويين لكى يحد من قدرة الدول الأخرى خاصة المجاورة لإسرائيل على تطوير إمكانياته النووية، ولم تقتصر عمليات الموساد على الدول التى تعتبرها إسرائيل معادية لها، لكن جهاز المخابرات الإسرائيلية بالقيام بعمليات ضد دول تعتبر حليفة لإسرائيل مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ففى منتصف الثمانينيات، اكتشفت السلطات الأمريكية أن جوناثان بولارد المحلل الاستخباراتى فى البحرية الأمريكية يتجسس لصالح إسرائيل، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وقد نفت إسرائيل تورطها فى هذه القضية، ولكن فى عام 1998 أعلنت إسرائيل أن وبولارد يعمل لصالحها وأعطته الجنسية، وبعد الإفراج عنه فى 2015 انتقل للعيش فى إسرائيل.