علي ترك يكتب: اللصوص سرقوا "رمضان" من "بيكا"

مقالات الرأي

علي ترك
علي ترك


لا أعرف علي بيكا شخصيًا، لكن من خلال أصدقاء مشتركين عرفته طيبًا، ودودًا، وصاحب سجل خالٍ من العمل السياسي، يجمعني بـ"بيكا" اسم متشابه ومهنة واحدة نسعى لتحسين شروط العمل فيها وسط مناخ من حجب المعلومات وغيابها، وعداء صريح من مؤسسات عدة في الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية التي تناصب الصحفيين العداء. 

ساعات قليلة ويمر شهر على "بيكا" في السجن، حيث يُحاكم في قضية تعد وسامًا على صدره سيروي أحداثها لأبنائه وسيفخرون كثيرًا بأبيهم الذي يقبع خلف القضبان بتهمة "الدفاع عن مصريّة جزيرتي تيران وصنافير"، رغم عدم مشاركته في التظاهرات، واقتصار نشاطه في هذا اليوم على تغطية فعالياته كصحفي. 

أيام قليلة ويهلّ علينا شهر رمضان. رمضان الأول لـ"علي" بعيدًا عن أهله وأصدقائه وعن المقهى الذي يحب ارتياده كثيرًا، بعيدًا عن الصحبة واللمّة.

يسرق السجن ويقتطع من عمر "بيكا"، ينهب منه الفرحة بقدوم الشهر الكريم والجلوس مع الأهل على مائدة السحور في ليلة أول أيام رمضان، وفطور اليوم الأول.

يُحاكم "بيكا" بجريمة "الدفاع عن الأرض". صغيرًا تربّى كما تربينا على أن "الأرض هي العرض" والتفريط فيها يستوجب الخزي ويجلب العار، علّمونا أن اليهود هزمونا في السبعة وستين حينما اغتصبوا أرض سيناء، وطالبونا بأن نحتفي بأبطال نصر أكتوبر حينما استردوا الأرض. 

اللصوص الذين يسرقون الأرض والعمر من "بيكا" هم المجرمون، الذين يتناوبون على ضربه والاعتداء عليه وإذلاله هم المجرمون، الذين يقصفون قلمه ويحطمون كاميرته، الذين يتشدقون بالدفاع عن الأرض علنًا ثم يبيعونها في الغرف المغلقة هم المجرمون، الذين يتحلّقون حول الموائد العامرة بما لذ وطاب من ثمن الأرض هم المجرمون، الذين سرقوا شهر رمضان من "بيكا" هم المجرمون. 

غدًا سيخرج "علي"، وغدًا سيودع من حاكموه في السجون بتهمة الخيانة، حتى تعود نواميس الحياة إلى طبيعتها ويعود الحق لأصحابه.. الأرض مصريّة.. وعلي صحفي حر.. والموت لـ"الخونة".


* المقال ضمن حملة تضامنية للإفراج الفوري عن الصحفي على بيكا.