زيدان وسيميوني يسعيان لكتابة التاريخ

الفجر الرياضي

بوابة الفجر


ستفصل بضعة أمتار مجدداً بين كل من دييغو بابلو سيميوني وزين الدين زيدان على أرض سان سيرو في ميلانو الإيطالية، الملعب الذي اختير لاحتضان ثاني نهائي في غضون عامين لدوري الأبطال الأوروبي بين "التشولو" و"زيزو".

 

وسيشكل المدربان، كما سبق وحدث قبل عامين في لشبونة، جزءاً من المقاعد الفنية لغريمي العاصمة الإسبانية ريال مدريد وأتلتيكو مدريد، ولكن مع اختلاف وحيد بالنسبة لـ"القلعة البيضاء"، وهو أن زيدان سيتولى بشكل مباشر مسؤولية الفريق، وليس كمدرب ثان.

 

وتفجرت شرارة مشروع سيميوني قائد ثورة "الروخيبلانكوس" على ملعب لالوش في نهائي موسم 2013-2014، لكن اللقب هرب منه بشكل دراماتيكي عندما تعادل الريال (ق93) 1-1، قبل أن يحسم اللقاء لصالحه بأربعة أهداف في الوقت الإضافي.

 

والآن ستتاح لربان الأتلتي فرصة أخرى لوضع فريقه في قمة المجد القاري بأوروبا، إذ أصبح على بعد خطوة وحيدة من نجاح لم يسبق له

مثيل في تاريخه ناديه.

 

أما زيدان فكان قبل عامين مساعداً لكارلو أنشيلوتي، ومسؤوليته كانت محدودة، وكان نادراً ما يتدخل من على مقاعد البدلاء، إذا لم يكن بطلب من الإيطالي.

 

نعم كان نجما كلاعب كرة قدم سابق، ولكنه وقتها لم يكن أكثر من مشروع مدرب، مساهمته في إنجاز التتويج بالكأس العاشرة كان ثانوياً، سواء من على مقاعد البدلاء أو على منصة البطل، لكن الوضع اختلف كلياً الآن.

 

بعد خسارة أتلتيكو للنهائي، حافظ "التشولو" على كيان الفريق رغم رحيل عدد كبير من نجومه، ليواصل المنافسة على الألقاب المحلية والقارية بأعلى جودة تنافسية، ليؤكد سيميوني أحقيته في أن يصبح واحداً من أفضل المدربين في العالم.

 

فالمدرب الأرجنتيني يمثل الثقة في فكرة، فالجميع يعلم ما يلعب عليه أتلتيكو سيميوني، وما سيجده على أرض الملعب أمامه، ولكن قليلون هم القادرون على فك شفرة هذا الفريق والتغلب عليه.

 

أما زيدان فلايزال حديث العهد مع أندية الدرجة الأولى الأوروبية، واستعانت به إدارة ريال مدريد كإجراء طارئ لتخطي الأزمة، إذ تولى إدارة الفريق في يناير (كانون الثاني) الماضي، خلفاً للمقال رافائيل بينيتز، ليستهل "زيزو" مشواره في عالم التدريب رسمياً.

 

واعتمد رئيس النادي فلورنتينو بيريز على زيدان لمحاولة إنهاء الأزمة التي تسبب بها بينيتز، والتي كادت تؤدي لانقسام كبير بين لاعبي الفريق.

 

تحول الفرنسي من مدرب ثان إلى مسؤول عن فريق الرديف، ريال مدريد كاستيا بدوري الدرجة الثانية (ب)، ومن هناك انتقل للفريق الأول

لمحاولة إحياء فريق عاش العديد من اللحظات الصعبة مع سلفه.

 

لكن لا ينبغي أيضاً نسيان أن سيميوني انضم في ظروف مماثلة لقيادة أتلتيكو، الذي كان يواجه العديد من الأزمات على مستوى الثقة والنتائج مع المدرب السابق غريغوريو مانزانو، إذ اعتمدت عليه الإدارة ليتولى زمام الأمور في ديسمبر  (كانون الأول) 2011، ومنذ ذلك الحين قاد الفريق في 260 مباراة رسمية، فاز في 164 منها وتعادل في 52 وخسر في 44، وتوج مرة بلقب الليغا والكأس والسوبر الإسباني ودوري أوروبا والسوبر الأوروبي.

 

ويكفي أنه على يده تلقى زيدان أول خسارة من جاره في "الدربي" المحلي بملعب سانتياغو بيرنابيو في 27 فبراير (شباط) بفضل هدف للفرنسي أنطوان غريزمان، ليفشل الفرنسي في تجنب واحدة من أكثر الهزائم التي تؤلم المشجع "الملكي".

 

وبدءاً من هذا الوقت، فاز ريال مدريد بالأخضر واليابس في الليغا، لكنه في أوروبا تعرض لخسارة مفزعة من فولفسبورغ الألماني في ذهاب ربع نهائي التشامبيونز ليغ 0-2، قبل أن يجبر على تحقيق انتفاضة بطولية في الإياب بثلاثية نظيفة بقيادة النجم كريستيانو رونالدو.

 

تغير شيء ما في رأس زيدان منذ تلك الليلة الحزينة بالبرنابيو، فالفرنسي الذي كان يحب طريقة اللعب عبر التمريرات القصيرة والاستحواذ، اضطر للبحث عن أسلوب آخر لإحداث توازن في فريقه، وبدءاً من ذلك الوقت أعطى لكاسيميرو دوراً أكبر داخل الفريق، كما اعتمد على لاعبين أقل حضوراً مثل لوكاس فاسكيز، الذي أصبح أول بديل لتشكيلة الفريق الأساسية.

 

وساهمت هذه النقلة الخططية في انطلاق مشروع زيدان والذي قاده للتنافس بكل شراسة على لقب الليغا الإسبانية حتى النهاية، وأيضاً للوصول لأعلى الأدوار في دوري الأبطال الأوروبي.

 

بينما واصل المدرب الأرجنتيني اعتماد نفس فلسفة اللعب والتي تخطط لكل مباراة على حده وكأنها نهائي مبكر، ليعتاد فريقه على التواجد كطرف في كبرى المنافسات الكروية، وذلك بفضل الضغط الشديد على الكرة واللعب ككتلة واحدة سواء هجوماً أو دفاعاً.

 

كما سيعود سيميوني وزيدان للتواجه بعد 17 عاماً على ملعب سان سيرو، معقل نهائي التشامبيونز ليغ، ولكن هذه المرة كمدربين، إذ سبق وتواجها كلاعبين عندما كان الأرجنتيني لاعباً في إنتر ميلانو والفرنسي في يوفنتوس.