"الخيامية" تعيد بساطة زمان للبيوت المصرية في "رمضان" (صور)

تقارير وحوارات

الخيامية والاستعداد
الخيامية والاستعداد لشهر رمضان


صانعوا الخيامية: التراث الشعبي القديم يغزو البيوت المصرية في رمضان.. والأسعار في متناول الجميع
المواطنون: "الخيامية" تعود بنا إلى ذكريات الماضي

سلاسل من الأقمشة التراثية المطرزة، تزين بألوان ذهبية، وتوضع على أعمدة خشبية معلقة في أجواء روحانية، لترسم فرحة مزينة بالأنوار والألوان، وتغلف البيوت المصرية والشوارع، تأخذك إلى عبق الماضي، حيث التراث المصري الأصيل، فخرج علينا "رمضان" هذا العام ليعود بنا إلى أشياء اندثرت أو ظننا نحن أننا نسيناها.

ومع اقتراب شهر رمضان كل عام ، ينشط الحرفيون وأصحاب الورش في شارع الخيامية بالغورية والدرب الأحمر، والتي تعمل أياديهم هذه الأيام على تصنيع كل أشكال الزينة الرمضانية، والفوانيس المصنعة من قماش الخيامية الشهير، ومدفع الإفطار والوسادات بأشكالها وألوانها المختلفة، وعبوات المناديل إضافة للخيام الرمضانية.


و يمثل فن صناعة الخيامية في مصر أحد الفنون التراثية المصرية الأصيلة التي استخدمت منذ عشرات السنين بنقوشها المميزة في تغطية جوانب السرادق في الكثير من المناسبات المختلفة، ونظراً لتميزها وألوانها المبهجة أصبحت الآن تستخدم في الكثير من المناسبات والأغراض الأخرى، من أهمها فانوس الخيامية والذي أصبح من أحدث التصميمات لفوانيس رمضان.


التراث الشعبي القديم يغزو البيوت المصرية في رمضان
في البداية يقول محمود سالم، أحد أرباب هذه الصنعة، بـ"الخيامية":  " إن رمضان هذا العام يغلب عليه الطابع التراثي القديم الذي يعبر عن البيئة المصرية والتراث الشعبي، لافتًا إلى أن الإقبال على الزينة بالقماش الخيامي أكثر من الزينة العادية التقليدية، فضلاً عن الوسائد والمقاعد القطنية، وأطباق الخبز، وعلب المناديل الورقية ذات التصميمات الإسلامية".

وأشار "سالم"، إلى أن زينة رمضان كانت تصنع طوال السنة لبعض المناسبات كأعياد الميلاد، والحفلات؛ ولكن الآن أصبحت مطلوبة في رمضان بشكل أكبر، لاسيما عقب القرار الخاص بمنع استيراد فوانيس رمضان من الصين، والذي جاء لمصلحة الصناعة المصرية، واحياء الحرف القديمة من جديد.
وتابع "سالم"، أن الجديد هذا العام هناك "الطبلية المكسية بقماش رمضان المطبوع، وطقم بوفات بقماش رمضان للقعدة العرب وعربة الفول، والمسحراتي بزيه القديم"، لذا حرصت المرأة المصرية ع  اقتنائهم وبشكل كبير في شهر رمضان هذا العام  لوضعهم في واجهة المنزل أو في ساحات الاستقبال.


أحدث تصميمات الزينة الرمضانية
وعن أحدث التصميمات للزينة الرمضانية، وفكرة التطور عبر القماش الخيامي، يقول محسن حمد، أقدم صانعي الخيامية بالشارع الذي يحمل اسم حرفتهم، إن الفكرة ترجع منذ أن بدأت صناعة الفوانيس الخيامية، عقب وقف الاستيراد، حيث لجأ صناع الفوانيس الحديد إلى كسوة الفانوس بقماش الخيامية ذات الألوان المبهجة والزخارف الإسلامية، فيما اعتمد البعض على طبع الأشكال الكارتونية القديمة مثل "بوجي، وطمم"، لافتًا إلى أن بعد الإقبال عليها بشكل ملحوظ، بدأوا في تصنيع المفارش، وأدوات الزينة ذات الطابع المخيمي، والتفكير في التراث القديم، وبالفعل ذاد الإقبال عليه العام الماضي والعام الجاري بشكل أكبر، مما دفع العمال وأصحاب الورش للتجهيز لهذه الصناعة قبيل رمضان بنحو ثلاثة أشهر حتى نهاية الشهر الكريم.


وأضاف "حمد"، أن صناعة الخيامية اختلفت كثيرا عن الأعوام الماضية، لاسيما في جودة الشغل والخامات، فالزبائن يريدون الصنعة السهلة المطبوعة وليست المطرزة، هذه الاحتياجات تختلف تماما في رمضان، حيث تصبح زينة وديكورات رمضان هي الأهم، وبالرغم من انتشار الطباعة حاليًا؛ إلا أننا دائما نسعى لتجديدها لجذب الزبائن: " فَطورنا المهنة حتى لا تتوقف علشان الزبون لو ملقاش حاجة جديدة تجذبه مش هيشتري".

ولفت "حمد"، إلى أن الزينة كانت مقتصرة على الفانوس فقط، إلى أن اصبح البيت المصري عبارة عن رمضانيات تدخل في جميع مستلزماته لتضفي النكهة الرمضانية عليها، فنكسوا جميع أدوات المنزل بقماش رمضان مثل "الصينية والطبق ومريلة المطبخ والستائر والمفارش والسلة..."، كما استخدمنا القماش المطبوع وتم خياطته على الورق الكرتون بأشكال الهلال والفانوس والنجوم.


أسعار الزينة في متناول الجميع
وعن أسعار الأدوات والزينة الرمضانية، يقول حسين لطفي، أحد صانعي قماش الخيامية، سعر أطباق الخبز المصنوعة من قماش الخيامية تبدء من 15 جنيها، والوسائد والمقاعد القطنية "البوف" فتتراوح أسعارها من 25 إلى 40 جنيها، أما "أتواب" القماش التي تزين الجدران والطاولات فيبلغ سعر المتر 12 جنيها، وحبل الفوانيس وصل سعره إلى 15 جنيها، وعربة الفول والبطاطا وسعرهما 150 جنيها، فيما يبلغ سعر طقم الهلال والنجمة القطعة الواحدة بـ6 جنيهات.

ويضيف " لطفي"، أن الأسعار انخفضت هذا العام عن الماضي، نظرًا لعدم منافسة المنتج الصيني في الأسواق لأن المستورد شعر بفرق العملة، لاسيما بعد اقتحام القماش الصيني للسوق فترة وتراجعه لأن جودة المنتج المصري طغى عليه، وهذا ما جعلنا نبيع أكثر هذا العام، فضلا عن جذب الزبون لتراث المصري القديم.

وأوضح "لطفي"، أن أصحاب المطاعم هم المستهلكين الأكثر لأدوات الزينة، حيث يحرصوا كل عام على إقامة الخيم الرمضانية أو أصحاب الكافيهات التي تتزين بمفروشات رمضانية، يأتوا الخيامية لشراء كل المستلزمات لتتماشي مع الشهر الكريم، فضلا عن الأهالي التي تحاول إدخال البهجة والفرح على أسرهم بتلك الزينة.

ومن أسفل بوابة المتولي في آخر شارع الغورية وابتداء من مسجد الصالح طلائع الأثري يبدأ سوق الخيامية بمنطقة الدرب الأحمر ، وهو عبارة عن شارع ضيق قديم قدم التاريخ الذي يحكي أن الخيامية عمرها من عمر الدولة الإسلامية ودخول العرب إلى مصر ومنذ فتحها المسلمون منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، ويشتهر السوق المسقوف بورش المشغولات اليدوية، كما يعتبر سوق موسمي لزينة رمضان وفوانيس الخيامية.
مواطنون: "الخيامية" تعود بنا إلى ذكريات الماضي
فتقول " سميحة إسماعيل"، ربة منزل: إنها تأتي كل عام لشارع الخيامية، لشراء الزينة الرمضانية، لجلب الفرحة في قلوب أبنائها، واصفة الشارع بالتراث المصري: "ما بحسش برمضان إلا هنا فكل مرة باجي فيها بشوف حاجات جديدة والسنة دي رمضان كله هنا، بوجي وطمطم اللي اتحرمنا منه رجع، والطبلية القديمة، والمفارش كل حاجة هنا، وأهو بنفرح ونتمسك بالفرحة ولو في الزينة".

وأضافت "إسماعيل"، الأسعار هذا العام مناسبة بالنسبة للعام الماضي، قائلة: " عوضنا عدم شرائنا للياميش بالزينة، واتشعلقنا بالفرحة ولو بسيطة، وأهي على قد ايدينا".


فيما أشار حلمي محمود، موظف في أحد القطاعات الحكومية، إلى أن "الخيامية صناعة بلدنا، وأخيرًا رجعنا لأصلنا تاني"، موضحًا أن هناك فرق بين الصناعة اليدوية والآلية، لأن الآلة تقوم بطباعة الرسم فقط كالشغل الصيني، أما الخيمي فيقوم بعمل كل الرسوم على المفرش أو الخيمة بيده، إضافة أنه فاهم كيف يجذب أهل بلده.

وأردف "محمود"، أن الأسعار هذا العام مناسبة له؛ لذا اشترى أكثر من شيء من المنسوجات والأدوات ذو الشغل الخيامي، لافتًا أنه العام الماضي كان لا يستطيع شراء الفوانيس الصينية لأرتفاع أسعارها، وكما أنها "تقاليع بعيدة عن تراثنا، مجرد لعب بتغني"، أما هذا العام تشعر وكأن الزمن عاد بك من جديد، فبمجرد ما تضع قدمك بشارع الخيامية، تشعر بجميع الروحانيات الرمضانية، ناهيك عن أشكال المنتجات والأغاني الرمضانية الأصيلة.