د. دينا أنور تكتب: "مجدي يعقوب".. المسيحي الذي سيدخل الجنة..!

مقالات الرأي

د. دينا أنور
د. دينا أنور


* جنة المتطرفين لا تتسع للبروفيسور "مجدي يعقوب" بعلمه وإنسانيته وعلاجه المجاني لمرضى القلب من الأطفال.

* أحاديث الشيوخ ومنهم الشيخ "الشعراوي" ساهمت في تغذية فكرة عدم دخول علماء غير المسلمين الجنة.


"جمد قلبك.. النور مخلوق لعينيك", كلمات لم تلمس القلوب فقط لأنها تجسد الإنسانية في أسمى معانيها, بل لأن الإعلان الذي تربع على عرش إعلانات رمضان في حصد إعجاب المشاهدين أطل منه البروفيسور "مجدي يعقوب" بسماحة وجهه وإشراقة بسمته ونور قلبه الذي يضفي على إطلالته سحرا وراحة تدخل القلوب النقية دون إستئذان.

ولكن ماذا عن "إخوانا البعدا" الذين يقفون في وجه كل أمل وكل نصر للإنسانية يوحد الجميع ويلغي فوارق الأديان والأجناس زي "اللقمة في الزور"؟ هل تركوا ذلك المشهد العظيم يمر دون تلويثه بأفكارهم المريضة؟ أكيد "لأ" طبعا. 

المرتزقة ذوي الأهواء "الإخوانوسلفية" لم يتحملوا فكرة تربع "مسيحي" على عرش عمل الخير والفضيلة التي تعد في جميع المعتقدات والأديان السماوية وغير السماوية مفتاح دخول الجنة, فطرقوا باب الحلم بأكفهم المغرضة, وأعادوا نشر حديث سابق للشيخ "محمد متولي الشعراوي" في جلسة مع شيخ الأزهر السابق "محمد سيد طنطاوي" يتحدث فيها بأن غير المسلمين من العلماء لم يبتغوا بعلمهم الله وإنما إبتغوا خدمة الإنسانية, وبناء عليه فإن الإنسانية تعطيهم الشهرة والخلود, ووصف انتظارهم ثوابا من الله جزاء عملهم الإنساني بالظمآن الذي ينخدع في سراب الماء بالصحراء بحسب النص القرآني القائل: "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا", وبناء عليه رأى أنه ليس من حقهم أن يطلبوا جزاء خدمتهم للإنسانية من الله, فإنما يطلب الأجر ممن تعمل له, وكأن الشيخ الراحل كشف عن قلوب علماء غير المسلمين قاطبة، وأجزم بعدم وجود نية بداخلهم للتقرب من الله بعلمهم حتى ولو كانت عقيدتهم ترى الله بشكل مخالف لعقيدته كمسلم.

هذا بخلاف التويتات التي تحذر الدكتور مجدي يعقوب من الخاتمة السيئة التي تنتظره كغير مسلم برغم أن أعماله الخيرية تفوق كثيرا من المسلمين ثوابا, والمنشورات التي تتمنى على الدكتور مجدي يعقوب أن يشهر إسلامه إبتغاء دخول الجنة, والكثير والكثير من الأسئلة في أشهر مواقع الإفتاء الرسمية حول جواز التبرع ودفع زكاة المال في مؤسسة الدكتور مجدي يعقوب بأسوان لعلاج مرضى القلب من الأطفال بالمجان لأنه مسيحي, مما دفع بالداعية "الحبيب علي الجفري" أن يفصح عن جواز ذلك بناء على إجراءه عملية قسطرة سابقة لدى الدكتور مجدي يعقوب حينما كان عمره 12 عاما،  وأكد أن "يعقوب" لم يسأله عن دينه وقتها، ولم يلمس لديه أولوية للمرضى من أبناء ديانته, كما اهتمت مشيخة الأزهر ودار الإفتاء بإصدار فتوى تجيز التبرع ودفع الزكاة لهذا الصرح الإنساني العظيم في محاولة لإكفاء "ماجور" على كم البغض والحقد والنبذ الذي يحمله الكثيرون تجاه ذلك الرجل القدير لمجرد أنه "مسيحي".

ولكن الجنة التي لا تتسع للدكتور مجدي يعقوب بعد كل ما قدمه من خير وشفاء للمرضى من الأطفال بدون مقابل هي قطعا جنة وهمية لا وجود لها سوى في خيالات المتطرفين الذين يباركون الإنتحاريين ويصفونهم بالشهداء ويعدونهم بجنتهم الملأى بالنساء والخمر والفواكه, الجنة الإلهية وإن كانت علما غيبيا فلابد أنها تتسع لأصحاب القلوب الرحيمة والنوايا السمحة كما هو حال الدكتور "مجدي يعقوب", والجنة التي ستحوي الإرهابيين والدواعش والقتلة من المسلمين لمجرد حصولهم على تذكرة دخول الجنة من آلهتهم البشرية هي قطعا مكان يفتقر للجمال حتى وإن بالغوا في وصفه بالجمال حد الخيال.

الثواب والعقاب أمور غيبية لا يعلمها كائن من كان، ولا يجوز أن يستخدمها أحد في منح صكوك الإقامة في الجنة أو الخلود في النار, ولكن الطائفية تغولت حتى استوحشت وكشرت عن أنيابها، وأصبحت "تهبش" كل من اقترب منها لدرجة أننا تخلينا عن إنسانيتنا وحبنا الفطري للخير وإنشغلنا بأمور غيبية، وهذا هو السر الكبير وراء سقوطنا وإنحدارنا إلى هاوية الأمم.

أما عن جنة الدكتور مجدي يعقوب فقد صنعها بنفسه على أرض أسوان، وأحاط نفسه بقلوب تعلقت بمحبته وخرجت من باب مؤسسته حالمة بحياة أفضل, جنة الدكتور مجدي يعقوب تحققت على الأرض وسط ملايين القلوب التي أحبته وانحنت إحتراما لنزاهته وبساطته وإقدامه على فعل الخير دون مقابل, وهو من يقف العالم بأسره تعظيما لعلمه وجهوده الطبية، لذا فلا حاجة له بجنتكم الطائفية التي حجزتموها لمن على شاكلتكم, اذهبوا بجنتكم حيث شئتم ووزعوا صكوك الإقامة فيها على من يستهويكم ويحاكي أفكاركم المريضة, فالجنة رأيناها في البسمة التي علت ثغر الدكتور مجدي يعقوب في إعلان مؤسسته الرمضاني والتي تعكس رضاه وسعادته بحلمه الذي تحقق وحصد الإحترام من الجميع.