المستشار يحيى دكرورى قاضى جزيرتى «تيران وصنافير» رئيسًا لمجلس الدولة فى العام القادم

العدد الأسبوعي

يحيى دكرورى نائب
يحيى دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة


■ لم يأخذ بتقرير المفوضين وحكم دون تشكيل لجنة خبراء لمراجعة الوثائق

■ محامى الحكومة لم يقدم أى مستندات والمحكمة تغرمه 200 جنيه

■ تلكأت الحكومة فى عرض الاتفاقية على مجلس النواب رغم وجود ملف كامل بالمستندات التى تدعم وجهة نظرها فى وزارة الخارجية


ما أن أعلن الحكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية (التى وقعت فى إبريل الماضى) حتى سارع وزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم ــ مع طاقم من القانونيين ــ بالذهاب إلى رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل لدراسة الحكم وتحديد وسائل الطعن عليه.

ونص الحكم الذى أصدره رئيس الدائرة الأولى فى محكمة القضاء الإدارى المستشار «يحيى دكرورى»نائب رئيس مجلس الدولة على: «استمرار السيادة المصرية على الجزيرتين وحظر تغيير وضعهما بأى شكل أو أى إجراء لصالح أى دولة أخرى».. وفور صدوره تصدر هاشتاج «تيران وصنافير مصرية» المركز الأول على «تويتر».

لم تستغرق القضية «رقم 43709 لسنة 70 قضائية» التى رفعها على أيوب المحامى «بجانب ست دعاوى أخرى واحدة منها رفعها خالد على» أكثر من شهرين واختصم رافعها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب بصفتهم.

مؤكدًا أن الاتفاقية التى وقعها شريف إسماعيل ومحمد بن سلمان لا يجوز عرضها على البرلمان.

ولم تلتفت الدعوى إلى أن الاتفاقية أبرمت بين الرياض والقاهرة طبقا للقانون الدولى للبحار التى لم يبدأ العمل بها دوليا إلا عام 1982.. وأن اتفاقية 1906 كانت لتحديد طرق الحج.

وكانت الدائرة الأولى بهيئة مفوضى الدولة قد أصدرت فى 7 يونيو الجارى تقريرا «أعده المستشار شادى حمد» طالبت فيه بإحالة الدعوى إلى لجنة ثلاثية من الخبراء فى القانون الدولى والجغرافيا وهندسة رفع المساحات وسمحت لهم بالاستعانة بمن يرون من خبراء غيرهم فى مجالات أخرى تفيد الدعوى.

وحدد التقرير 11 طلبًا على اللجنة تنفيذها.

منها توضيح قرار رئيس الجمهورية «حسنى مبارك» رقم 27 بتاريخ 9 يناير 1990 بشأن خطوط الأساس التى تقاس منها المناطق البحرية لمصر دون أن يتضمن القرار وضع أى نقاط أساس على الجزيرتين.. فالقرار عبارة عن حروف وأرقام غير مفهومة.. ويجب ترجمتها إلى خريطة محددة بخطوط الطول والعرض.

ومنها الرجوع إلى الخرائط المرفقة بمعاهدة كامب ديفيد لتحديد الدولة صاحبة السيادة على الجزيرتين.

وتوقع المراقبون أن يصدر المستشار يحيى دكرورى حكما بتشكيل اللجنة وانتظار تقريرها.. لكنه.. لم يأخذ بتقرير المفوضين (وهو من سلطاته القانونية) وأصدر حكمه النهائى فى الدعوى.

والمؤكد.. أن تشكيل اللجنة وفحصها للمستندات قبل المداولات كان سيستغرق شهورا.. مما يعنى أن المستشار يحيى الدكرورى لن يبت فيها.. وأن تلك الدعوى هى الدعوى الأخيرة التى ينظرها.. فبعد أيام.. وتحديدا فى أول يوليو ستجرى التغييرات السنوية فى قيادات وقضاة مجلس الدولة.. وتبدأ الإجازة الصيفية.

ولكن.. قبل نحو أسبوعين من التقرير صدر الحكم.. دون الأخذ على ما يبدو بتقرير المفوضين بشأن اللجنة.. فعادة ما يستغرق تشكيل مثل هذه اللجنة وقتا ويستغرق عملها شهورا.

فى أول يوليو سيصعد المستشار يحيى دكرورى إلى منصب أعلى تمهيدا لتولى رئاسة مجلس الدولة بعد نحو العام بعد المستشار محمد مسعود الذى سيتسلم المنصب بعد أيام من الرئيس الحالى إلى المستشار جمال ندا.

ويحق للحكومة الطعن على الحكم أمام المحكمة العليا للقضاء الإدارى (سبعة مستشارين) ولكن.. الطعن لن ينظر إلا بعد شهور بسبب الإجازة القضائية التى تمتد إلى بداية شهر أكتوبر المقبل.. وخلال تلك الفترة ستغل يد مجلس النواب عن مناقشة الاتفاقية.

وكانت المحكمة قد رفضت دفاع هيئة قضايا الدولة بعدم الاختصاص كما أنها غرمت الحكومة 200 جنيه لتعطيل الدعوى بجانب أنها لم تقدم المستندات الدالة على صحة موقف الحكومة المصرية من الاتفاقية المطعون عليها.

وما يثير الدهشة عدم تقديم المستندات التى ترى الحكومة أنها تدعم موقفها من الاتفاقية.. خاصة أن فى وزارة الخارجية ملفا يضم ما لا يقل عن 30 وثيقة مصرية وعربية ودولية منها:

خطاب صادر من وزارة الحربية فى 13 ديسمبر 1928 موجه من وزير الحربية إلى وزير الخارجية للاستفسار عما إذا كانت جزيرتا تيران وصنافير الواقعتان عند مدخل خليج العقبة فى البحر الأحمر تابعتين للمملكة المصرية وردت وزارة الخارجية بخطاب فى 31 ديسمبر فى نفس العام يفيد بأنه ليس لهاتين الجزيرتين ذكر فى ملفات الخارجية المصرية.

ومجموعة وثائق من وزارة الحربية حول استكشاف واحتلال الجزيرتين فى يناير 1950 وتعيين فصيلة من سلاح الحدود الملكى لاحتلالهما.

وكانت قضية السيادة على الجزيرتين قد اثيرت فى عام 1950 حين أشار أحد اعضاء الكنيست الإسرائيلى فى 12 يناير 1950 إلى أنهما لا يرفرف عليهما علم أى دولة وأوحى باحتلالهما.. وبناء على رأى مستشار الدولة الدكتور وحيد رأفت قامت الحكومة المصرية باحتلال الجزيرتين وأبلغت الوزير المفوض للمملكة العربية السعودية فى القاهرة بالقرار مع القول بأنه « لم يقصد بالقرار إلا اتخاذ التدابير للحيلولة دون وقوعهما فى أيد غير عربية.. ووافق الملك عبد العزيز آل سعود على ذلك برقيا.

وأبلغت الخارجية المصرية السفير البريطانى والسفير الأمريكى باحتلال مصر للجزيرتين بالاتفاق مع الحكومة السعودية.

وفى 5 فبراير 1950 أبرق السفير الأمريكى إلى وزير خارجيته بما يفيد بتسلمه خطاب الخارجية المصرية وبما يؤكد أن الإسرائيليين جمعوًا اسطولاً من مراكب الصيد للاستيلاء على الجزر الموجودة فى خليج العقبة والتى تقع ضمن المياه الإقليمية السعودية.

وفى 26 نوفمبر 1956 نشرت الخارجية الأمريكية مذكرة مباحثات مع أبا أيبان مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة اعترف فيها بأن الجزيرتين سعوديتان.

وفى 7 فبراير 1957 طالب الشيخ يوسف ياسين الخارجية الأمريكية بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الجزيرتين اللتين احتلتهما بعد حرب السويس لأنهما سعوديتان.

وهناك وثائق أخرى سبق نشرها عن مكاتبات بين وزير الخارجية السعودى سعود الفيصل ووزير الخارجية المصرى عصمت عبد المجيد بشأن الجزيرتين وقرار مجلس الوزراء فى 9 مارس 1990 برئاسة عاطف صدقى يعترف بسعودية الجزيرتين.

ولكن.. كما فشلت الحكومة فى توصيل الحقائق إلى الشعب فى توقيت مناسب فشلت الخارجية فى توصيل الوثائق إلى مجلس النواب والمحكمة التى تنظر الدعوى.

ولو كان مجلس النواب قد أقر الاتفاقية فإن سلطته التشريعية المستقلة تحصن ما توصل إليه.. ولو كان قد رفضها فإن الرفض لا يجوز الطعن عليه.

ولا شك أن الغزل تشابك بعد الحكم الأخير.. فالحكومة التى ستطعن على الحكم ستفقد الكثير من وجودها.. ومجلس النواب سيصبح هو الآخر فى حرج.. وربما انقسم على نفسه عند مناقشة الاتفاقية لو ألغى الطعن الحكم الصادر.

ولو كنت من الحكومة فإننى أحضر رئيس الحكومة ووزيرى الخارجية والدفاع والخبراء وأعضاء اللجنة العليا لترسيم الحدود البحرية فى جلسات استماع فى مجلس الشعب تذاع على الهواء مباشرة.. لتؤكد للشعب سلامة موقفها.. واعتبارات اتخاذ القرار.. وحسب فهمى فإنها تملك حججا على ذلك.

وعلى الخارجية أن تبادر بتوضيح الموقف القانونى للحكومة السعودية لتتفهم ما حدث حرصا على العلاقات الطيبة بين البلدين.