العشوائية والروتين والسرقة.. ثلاثي هلاك التيار الكهربائي في شهر رمضان

تقارير وحوارات

سرقة التيار الكهربائي
سرقة التيار الكهربائي - أرشيفية



مع قدوم الشهر الكريم  تخسر الدولة ملايين  الجنيهات بسبب سرقة التيار الكهربائي، الأمر الذي أصبح سلوكًا اعتياديا لدي المواطنين المصريين، دون تغيير سواء في ظل  أيام صيام مباركة أو غيره.

تعتبر ظاهرة سرقة التيار الكهربائي  أهم أسباب المشكلة، حيث تستهلك حوالى 12% من جملة الإنتاج الكلى للكهرباء فى مصر، وتكلف الدولة شهريا نحو 55 مليون جنيه.. حسب احصائيات وزارة الكهرباء.
 
انقطاع مستمر للتيار
اشتكى عدد من المواطنين من ارتفاع أسعار الكهرباء بطريقة وصفوها بالموجعة، فقال محمد صابر أحد أهالي منطقة بولاق في الجيزة- 27 عاماً- إن غلاء الفواتير هذه الأيام لم نراها من قبل فأعيش وأنا وأسرة مكونة من أربعة أفراد فقط وندفع  150 جنيهاً في الشهر لمحصل الكهرباء.

ويضيف "صابر" أن قبل رمضان بأسبوع كان التيار الكهربائي ينقطع بصفة مستمرة ، إضافة إلى انقطاع المياه لمدة قد تصل إلى ثلاث أيام متواصلة مما جعله بلجأ إلى المساجد المجاورة لملأ مياه للشرب.
 
غلاء الفواتير
وأعرب "علي سعد"-  60 عاماً – من منطقة بولاق - عن استيائه الشديد من غلاء فواتير الكهرباء، قائلا :"حسبنا الله ونعم الوكيل مش عرفين نجيب ناكل لما تيجي فاتورة الكهرباء 200 جنيه".

وأضاف سعد :"كل حاجه بقت نااار.. الكهرباء والميه والأكل والشرب حتى اللمون بقى بـ 30 و 40 جنيه، لمصلحة مين ده كله، وفين الرقابة وليه الحكومة عايزة تجوع الشعب.. حرام عليكم قربنا نموت من غلاء الاسعار فى كل حاجه".

التكلفة العالية
"سمير محمد"  35 عامًا- أحد سكان بولاق-  قال إن التكلفة العالية لتوصيل الكهرباء بالطرق القانونية، تجعلهم يلجأون إلى الحصول عليها بطريقتهم الخاصة.

وتابع :"المصيبة أن كل حاجه سعرها بيزيد ومش عارفين نعمل ايه.. والكارثة إن بتوع مجلس الشعب بيوافقوا على أي زيادات في الأسعار حتى البطاقة الشخصية خلوا سعرها 25 جنيه".

ورفض توصيف مخالفة حصوله على التيار بأنه سرقة باعتبار أنه بالأساس له حقوق على الدولة فشل فى الحصول عليها بالطرق المتبعة.

وبجوار محطة مترو" سعد زغلول "بمنطقة وسط البلد  انتشرت الزينة  المعلقة بعواميد الكهرباء المنتشرة في الشارع ، تتدلى منها مصابيح مبهرة، فالأمر ليس جناية بل أصبح عادة وأمر طبيعياً لدى المصريين.

وفي منطقة "بولاق الدكرور"  على أحد المقاهي يلقي صاحبها بأسلاك الكهرباء على فروع الشجرة ويحصل استهلاكه من الكهرباء عبر توصيله من أحد الأعمدة ، فتزدحم  المقهى بسبب مباريات كرة القدم الأجنبية التي يتزامن وقتها في شهر الصيام فيروح الصائم بسماعها عن نفسه ليلاً بعد الإفطار.
 
وتنتشر الظاهرة أيضاً بداية من شارع رقم عشرة في بولاق، وحتى آخره، حيث أصبح مشهد امتداد الوصلات والأسلاك بين منتصف الشارع والمنازل وأعمدة الإنارة أمراً عادياً.

 
المواطنون يلجأون للحلول العشوائية
الدكتور سامر مخيمر، أستاذ الطاقة ورئيس المفاعل النووي سابقاً، قال إن الوزارة تدعي أن أحد أسباب عجز الكهرباء هي سرقتها،  لكن المشكلة لا تسمى سرقة بالمعنى، والكهرباء تغني غنوة  من أجل الظهور أن بها عجز فتمتنع عن التوصيل بشكل رسمي .
 
وأوضح أن الموطنين يلجأون للحلول العشوائية عندما يتعسر عليهم روتين وزارة الكهرباء وإدارتها، مضيفاً: في النهاية الناس بتحل مشكلتها بالفهلوة،  لتنتهي من الأزمة لأنه من الصعب الحياة بدون إنارة، فهي ليست مشكلة مواطنين ولكنها مشكلة حكومة دولة.

وتابع:" ليس كل محصلي وفني الكهرباء ذممهم بايظة، البعض منهم يرتشي والبعض منهم يصعب عليه قراءة عدد كبير من العدادات في اليوم الواحد، فالبعض يتقاعس، لأنهم أكبر طبقة شايلة الهم في وزارة الكهرباء، فهناك خلل جوهري في الوزارة ، يعتمدون على لغة  ضرب أرقام ما أنزل بها من سلطان".

تقنين مؤقت لسرقة الكهرباء
ويقول "أحمد عبدالرحمن خليل "موظف بشركة كهرباء في منطقة شبرا، إنه بالنسبة للشركة وضعت تقنين مؤقت لسارق الكهرباء وعملت نظام اسمه الممارسة عن طريق مباحث الكهرباء، وذلك يكون عن طريق فني منتدب من الشركة للمباحث، برفقة فني، لقياس الأحمال .

ويضيف أن الممارسة تنقسم إلى قسمين ، الأولى مشتركين مثل المصانع والمحلات التجارية، وثاني للمشتركين مثل الشقق السكنية، موضحاً أنه  تقنين داخلي من الشركة  بعد رفض قرار مجلس الوزراء بتركيب الكهرباء للمخالفين والعشوائيات.

وأكد أن  نظام الممارسة  يتسبب في إهدار كبير في الكهرباء، لأن تقدير الأحمال يعود للفني ومن الممكن شراء ذمته بالرشوة لتخفيض الأحمال، وكثير من المصانع تخصص شهرية لبعض الفنيين والأمناء، لكن الشقق السكنية مسعرة بدون معاينة، معتبراً أنه  أكبر إهدار وظلم لبعض المشتركين لأنه كله بيتساوي في قيمة الممارسة.

وطالب بضرورة  تركيب العدادات الكودية للمخالفين والعشوائيات حتي يخرج العامل البشري من التقدير، ويقف نزيف الإهدار للكهرباء،  مضيفاً": سرقة الكهرباء الكثير من الناس بتبلغ  وفي كتير اللي بيطنش، لكن المفروض إن يبقي فيه تواصل من المباحث.

أما الشيخ عبدالناصر بليح  مدير أوقاف الجيزة ، قال إن سرقة التيار الكهربائي حرام ويعتبر غلول، ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة، وهو اختلاس من المال العام يعاقب سارق التيار الكهربائي يوم القيامة بالصعق لأن الجزاء من جنس العمل مصداقا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم اني لأعرف الرجل منكم يأتي يوم القيامة يحمل فوق رأسه ناقة لها خوار.