الخطايا العشر التي أطاحت بـ"الإخوان" بعد عام واحد من الحكم

تقارير وحوارات

جماعة الإخوان - أرشيفية
جماعة الإخوان - أرشيفية



ابو السعود: الانفراد بالحكم.. والاستعلاء الاجتماعي.. أبرز أخطاء الإخوان السياسية

بان: تغيير الهوية المصرية أكبر خطأ قامت به جماعة الإخوان




عقب عامًا من الحكم أنهى الشعب المصري حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بل جماعة الإخوان المسلمين، من حكم البلاد، لاسيما بعد حالة الاستقطاب الحاد، وانقسام المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، ومعارض له يوصف في أغلب الأحيان بـ"العلماني".

وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والنهوض به، اتجه إلى التناحر بين التأييد والرفض؛ مما أدى إلى خروج المصريين في 30 يونيو ثائرين عليه ومطالبين بإسقاط حكمه.


وترصد "الفجر" أبرز أخطاء الإخوان والتي أدت إلى قيام 30 يونيو  ضدهم بعد عام واحد من حكم الجماعة.


مخالفة الدستور
بدأ الرئيس المعزول محمد مرسي، حكمه بإصدار قرارًا جمهوريًا في 8 يوليو 2012  بإلغاء قرار المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري آنذاك، بحل مجلس الشعب، إثر حكم للدستورية العليا ببطلان "قانون الثلث المخصص للمقاعد الفردية"، وذلك لخدمة جماعة الإخوان المنتمي إليها حيث كان حزب "الحرية والعدالة" الإخواني يسيطر على الأغلبية بأكثر من 40%، قبل أن تتصدى المحكمة الدستورية له وتلغي القرار.

الإعلان الدستوري
الإعلان الدستوري: في 22 نوفمبر 2012، أصدر " مرسي" إعلانًا دستوريًا مكملًا تضمن ما وصفه من منظوره بـ"القرارات الثورية"، ولكن في حقيقة الأمر أعطى بموجب هذا الإعلان لنفسه صلاحيات مطلقة بجعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أي جهة أخرى، أي القضاء "كالمحكمة الدستورية"، وكذلك تحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية بحيث لا يحل أيًا منهما "كما حدث لمجلس الشعب في بداية حكمه".


الإقصاء وانفراد الإخوان بوضع دستور 2012
انتهج "مرسي" سياسة الإقصاء تجاه القوى الوطنية الأخرى، ولم يكن رئيسًا لكل المصريين كما قال في بداية حكمه، وشعر المصريون أنه رئيس لجماعة الإخوان فقط وحاد عن مطالب الثورة، وعمق دستور 2012 شعور المصريين بالإقصاء، فاللجنة التأسيسية التي شكلها الإخوان لوضع الدستور كان معظمها من الإخوان ومن الجماعات الإسلامية ولم يتمثل فيها القوى الثورية بنسب عادلة، ما أحدث خلافات بينهم وبين الإخوان، وانسحبوا من الجمعية التأسيسية اعتراضًا على نسب التمثيل، ولكن الإخوان لم يراجعوا أنفسهم واستكملوا وضع مواده، إلى أن تسلم مرسي في ديسمبر من نفس العام المسودة النهائية للدستور من رئيس الجمعية آنذاك المستشار حسام الغرياني في اجتماعه بأعضاء الجمعية بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، وظهر تسلم مرسي لمسودة الدستور الإخواني فيما يشبه "الاحتفالية" في مشهد استفز المصريين بعدم اكتراث رئيس الدولة بالرأي العام واعتراض المصريين على الدستور، وظهر هذا الغضب في عزوفهم عن المشاركة في الاستفتاء علي الدستور التي جرت في يناير 2013.

أحداث الاتحادية
و ساهمت أحداث قصر الاتحادية في سقوط مرسي في 5 ديسمبر 2012، فبعد إصداره الإعلان الدستوري في نوفمبر من نفس العام أعطى لنفسه من خلاله صلاحيات مطلقة وحصن مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لوضع الدستور، بحيث لا يحل أي منهما وغيرها من القرارات التي زادت من حالة الاحتقان والغضب الشعبي ضد حكم الإخوان ومرسي، دعت المعارضة الشعب للخروج إلى الشارع والاعتصام، فتحرك آلاف المصريين باتجاه الاتحادية وتظاهروا في محيطه، وحدثت اشتباكات عنيفة بين أنصار الإخوان ومرسي وبين المعتصمين أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات.


تعريض الأمن القومي للخطر
طوال فترة حكم "مرسي"، كان واضعًا نصب أعينه مصلحة الإخوان المنتمي إليهم، فالجماعة وحدها تصب قراراته وتصرفاته لصالحهم لدرجة تعريض الأمن القومي المصري للخطر، لعل أشهرها ما حدث خلال "اجتماع مناقشة ملف سد النهضة"، والذي ألمح فيه لضرب إثيوبيا واقترح إطلاق الشائعات حول السد، وكان الاجتماع مذاع على الهواء ونقلته كل الفضائيات بعد أن نسيت مساعدته باكينام الشرقاوي أن تنبهه أن الاجتماع مذاع، في مشهد وصفه كثيرون بـ"المهزلة" كما أحدث غضب عارم لدي إثيوبيا.


السياسية الخارجية
فشلت الزيارات المتعددة التي قام بها مرسي شرقاً وغرباً في فتح آفاق التعاون البناء بين مصر ودولاً عديدة في العالم، وبات واضحاً أن علاقات مصر الخارجية تقزمت في دول بعينها تدعم حكم الإخوان في مصر مثل "قطر"، و"تركيا"، فضلاً عن "الولايات المتحدة"، وبالتالي "إسرائيل". في المقابل، تراجعت علاقات مصر بدول محورية عديدة خاصة في العالم العربي.

وفشل الحكم في استقدام تكنولوجيا متطورة، أو خبرات لقطاعات الإنتاج تعين الدولة علي الخروج من كبوتها وتصحيح مسارها الاقتصادي، بل علي العكس اصطحب مرسي معه في زياراته الخارجية رجال أعمال قاموا بعقد صفقات تجارية استنزفت جزء من الاحتياطي النقدي للبلاد.


توريط الجيش في حروب خارجية
كما حاول "مرسي"، توريط الجيش في حروب خارجية عندما دعا إلى التدخل في سوريا ضد الأسد في الأيام الأخيرة قبل إسقاطه وهو ما أثار قلق الجيش ليصدر بيانًا في اليوم التالي، لكنه حمل في باطنه لهجة شديدة وأكد الجيش فيه أن "دوره الوحيد هو حماية حدود مصر"، ووصفت مصادر ذلك بأنه كان بمثابة "نقطة تحول للجيش"، وكانت مقولة "الحرص على سلامة المختطفين والخاطفين" التي وجه بها مرسي ببذل الجهود لسرعة الإفراج عن المختطفين في سيناء خلال لقائه مع وزيري الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات العامة بقصر الاتحادية، مثارًا لمزيج من السخرية عليها والغضب من عدم اكتراثه بحياة الجنود المصريين وتعريض الأمن القومي للخطر. وتجاهل مرسي استياء وغضب الجيش، تحديدًا في تلك المواقف التي تعرض الأمن القومي للخطر، معتقدًا أن تفويضه كرئيس منتخب يمنحه ترخيصًا لإدارة السياسة بالطريقة يريدها هو وجماعته وعشيرته.
الثقافة والفنون والآداب.

اتجاه واضح نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل علي ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، الي إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.


الصدام مع القضاء
استمر مرسي في انتهاج سياسة الصدام مع مؤسسات الدولة، لاسيما مؤسسة القضاء، حيث  أعد مشروع قانون لتعديل "قانون السلطة القضائية" ليناقش داخل مجلس الشورى، ونص على خفض سن تقاعد القضاة من 70 سنة إلى 60، ليترتب عليه عزل نحو 3500 قاض من وظيفتهم القضائية، بالإضافة إلى تعيين رؤساء للهيئات القضائية والنائب العام من التابعين للجماعة أو الموالين لها، ثم بلغ الصدام قمته حينما تناول مرسى فى خطابه الأخير وذكر قاضيًا بالاسم مدعيًا عليه بغير الحقيقة في واقعة تزوير الانتخابات، ولم يحدث في التاريخ أن تحدث رئيس عن قاض بالاسم في واقعة لم تتأكد صحتها.


صدام مع الإعلام
ونظرًا للدور الهام الذي لعبه الإعلام المصري في التمهيد لثورة 30 يونيو، وانتقاد مرسي طوال عام حكمه التنديد بقراراته، دخل مرسي في صدام مع الإعلام، وحقق رقمًا قياسيًا في محاكمة الصحفيين والإعلاميين بتهمة ما وصفه بـ"إهانة الرئيس"، لعل أشهر تلك الوقائع البلاغ الذي قدمه ضد الصحفية علا الشافعي لنشرها مقالًا بعنوان "جواز مرسي من فؤادة باطل" انتقدت فيه عنف الإخوان تجاه المتظاهرين أمام الاتحادية وكذلك البلاغ ضد الإعلامي محمود سعد والدكتورة منال عمر بسبب لقاء لهما عبر إحدى الفضائيات، وغيرها من الوقائع التي عكست الصدام بين مرسي والإعلام.


الاقتصاد والمال
الهدف الأساسي لحكم مرسي كان الاقتراض من الخارج، سواء من قبل دول سايرت مشروع قدوم الإخوان للحكم كقطر، وتركيا، أو من خلال السعي للسير في ركب التوجهات الغربية عبر إيلاء قرض صندوق النقد الدولي الأهمية باعتباره شهادة حسن أداء للاقتصاد، ومع تراجع الناتج القومي جراء عدم الاستقرار السياسي والأمني، ارتفع حجم العجز بالموازنة، ومن ثم ارتفاع حجم الدين المحلي الذي شكلت خدمة الدين بسببه عنصراً ضاغطاً اضافياً علي الموازنة. فضلاً عن استهلاك رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع قيمة الدين الخارجي بنسبة 30%.


الخطايا الأربعة لـ"الإخوان"
وحول ذلك قال طارق أبو السعود، خبير الحركات الإسلامية، أن أربع أخطاء كانوا الأبرز لإقصاء الإخوان عن الحكم، وهم: «إنفرادهم بالحكم، وإستعدادهم للسيطرة على مفاصل الدولة بالتمكين والسيطرة، ووجود جماعة سرية تُملي أوامرها وقراراتها على رئيس الجمهورية، واستعلائهم الإجتماعي على المجتمع وخصوصاً البسطاء»، قائلاً: تلك الأخطاء كانت الشوكة التي تسببت في عزل الإخوان وخروج الشعب ضدهم في 30 يونيو.


محاولات تغيير الهوية المصرية
وأضاف أحمد بان، قيادي منشق من جماعة الإخوان، أن السبب الرئيسي في قيام ثورة ضد الإخوان هو محاولات الجماعة التي تجلّت طوال عام حكمهم في تغيير الهوية المصرية من دولة مدنية إلى دولة دينية، مؤكداً أن الإخوان كانوا يقوموا بأخونة الدولة والمؤسسات.


وتابع موضحاً أن الجماعة انبهرت بوصولها أخيراً لحكم الدولة وسعوا وراء احتياجاتهم الشخصية، فدخلوا في مواجهة مع المجتمع الذي نفرهم من الوجود، مؤكداً أن محاولات خلط الشرعية والشريعة التي قام بها الإخوان كان من أكبر الأخطاء التي سهلت إدراك المجتمع بحقيقة نوايا الإخوان وجعلتهم يتحركوا بإتجاه واحد في 30 يونيو لهزيمة الجماعة الإخوانية.