مسجد "شرف الدين" تحفة "الأزهر" المعمارية ..الغارقة في الاهمال

تقارير وحوارات

مسجد شرف الدين بالأزهر
مسجد شرف الدين بالأزهر


النبرواي: المحافظة علي الأثر أهم من ترميمه
عبدالله: انتشار العشوائية في الأماكن الأثرية السبب وأدى إلي نفور السائحين
سنبل: الوزارة مسئولة عن تمويل أعمال ترميم المساجد والآثار الإسلامية
 
 
عندما تطأ قدميك شارع الأزهر، في إتجاه ذهابك إلى منطقة الغورية، تجد مسجد القاضي "شرف الدين وأخيه"، الذي يحمل رقم 176، واستغرق بنائه من 717هـ إلى 738هـ (1317م - 1337م)، والذي شيده القاضي "شرف الدين موسى بن عبد الغفار العمري"، ولي كتابة السر في أيام السلطنة الثالثة للسلطان الناصر محمد بن قلاوون، أما أخوه محي الدين، فكان ولي كتاب السر للسلطان في دمشق.
 
وتستطيع أن ترى بوضوح على مسافة قريبة من الخارج حبلاً تم ربطه من أول جدار المسجد إلى آخره معلق عليه العديد من الملابس والتي يفترشها أحد الباعة الجائلين الموجودين في الشارع، فضلاً عن التشوية الذي يضرب المبنى بالكامل حتى أنك تفكر أنه مجرد مبنى عتيق لا حاجة له في ذلك العصر.
 
تحول المسجد لمحال بيع خردوات وملابس

في البداية يستهل حديثه، عم "إبراهيم فتحي"، أحد العاملين بالمسجد، قائلاُ: إن "حال المسجد كده من زمان، واتحول بقى معرض للباعة لعرض الملابس، ومفيش حد بنشوفه هنا من المسئولين "، مشيرًا إلى أنه من وقت افتتاحه في شهر أغسطس من عام 2005 ولم يتطرق إليه أحد.
 
ولفت "فتحي" إلى أن الاهمال جعل الآثار الإسلامية عرضة للانهيار نتيجة عدم الصيانة والترميم، وانتشار القمامة بجوار المساجد أدى إلى وجود روائح كريهة، وهو ما يهدد بهدم هذا الآثر والقضاء عليه، وأردف، أن المسجد تحول إلى مستنقع للقمامة، وبنية مهجورة، في ظل تجاهل المسئولين له وعدم ترميم مبانيه الأثرية.
 
المحافظة علي الأثر أهم من ترميمه
 
يقول"رأفت النبراوي"، أستاذ الآثار والمسكوكات الإسلامية والعميد الأسبق لكلية الآثار جامعة القاهرة: إن "المساجد الأثرية بمصر بحاجة إلى اهتمام بشكل دوري، أكثر من ترميمها"، موضحًا أن يجب علينا أن نحافظ على المساجد، فالمحافظة على الشئ أهم من الترميم نفسه، مشددًا أن لابد أن يتوفر الوعي الأثري لدى أبناء الشعب، لا سيما سكان المناطق التاريخية والأثارية.
 
وأضاف النبرواي لـ"الفجر"، أن "المسئولين هم من يتحملون نتيجة الإهمال التي تقع على عاتق المساجد الأثرية، لعدم نشر الوعي بالمجتمع، بأهمية قيمة الأثار، وإعطاء تعليمات يجب إتباعها للمحافظة عليها"، مشددًا على ضرورة الاهتمام بما نمتلكه من آثار إسلامية، وإذا كان بعضها يحتاج إلي الترميم فلابد من ذلك لأنها ستصبح مزاراً سياحياً يقصده مختلف السائحين، ويدفعون في مقابل ذلك المال، مما يعود بالنفع علي الدخل القومي للبلد".
 
انتشار العشوائية في الأماكن الأثرية أدى إلي نفور السائح

وقال الطيب عبد الله، مرشد سياحي:" إننا نمتلك العديد من الآثار المختلفة من إسلامية وفرعونية وغيرها، إذا قمنا باستغلالها لجذب السائحين إليها ستساعد علي تحسين وتنشيط السياحة في مصر"، مضيفا "لا يوجد أي نوع من أنواع الدعاية من وزارة السياحة أو الآثار بأي آثار موجودة داخل مصر، ولا يتم التركيز إلا على الأهرامات وأبوالهول ومعبد الكرنك، وذلك يظهر بوضوح مع زيارة المشاهيرالعالميين حيث يتم اصطحابهم فقط إلى الأهرامات، أما باقي الآثار يتم  تهميشها."
 
 واستطرد "الطيب" قائلاً لـ"الفجر": "حاولنا نحن كمرشدين سياحيين الترويج للأماكن المهمشة لكي يعرفها السائح الأجنبي والدعوة لإرسال أفواج لها، كالقاهرة القديمة بما تضمه من منشآت إسلامية تاريخية هامة، وأماكن سياحة السفاري كالواحات الخارجة والداخلة وغيرها"، مضيفًا أن إهمال الدولة لتلك الآثار سوف ينعكس بالسلب علي السياحة، لأنه يؤدي إلي نفور السائحين من تلك المناطق، لاسيما مع عدم وجود حراسة أو نظافة لتلك المنشأت، وانتشار المتسولين والباعة الجائلين الذين يتصرفون بشكل عشوائي مما يؤدي إلي شعور السائحين بالضيق".
 
الوزارة مسؤولة عن تمويل أعمال ترميم المساجد والآثار الإسلامية

وبخصوص اهمال المتابعة والترميم، علق غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم بوزارة الآثار، " نحن دائما نضع خطة الترميم والصيانة لدينا في الوزارة لتشمل كل المواقع الأثرية أياً كانت الحقبة الزمنية التي تنتمى إليها، فلدينا قطاع الآثار الإسلامية المختص بتسجيل تلك الآثار، للوقوف علي حالتها ومتابعتها أولاً بأول وتقييمها".
 
وأشار"سنبل"، لـ"الفجر"، إلى أنه يوجد إدارة مركزية للترميم الذي أقوم برئاسته، وهي مختصة بالوقوف علي أي مخاطر، وتنفيذ برامج الصيانة الدورية لكل الآثار الموجودة في مصر، سواء كانت آثار إسلامية أو مصرية قديمة"، مضيفًا أن "كل الآثار مهمة سواء كانت في منطقة الهرم أو أي منطقة أخرى، وتأخذ نصيباً من إهتمام الوزارة بها، ولكن هناك أولويات من قبل الدولة للمناطق الأثرية تختلف تبعاً لمردودها السياحي الكبير، الذي إذا تحقق تتشابك المصالح معاً سواء كانت وزارة السياحة أو وزارة الآثار، فكل الجهات المعنية تتكاتف لإبراز القيمة الأثرية العالية له".
 
وأوضح"سنبل"، أن" عند وجود أي دور للعبادة سواء كان مسجد أو كنيسة قبطية أو أي أثر إسلامي، يحتاج إلي ترميم، وصيانة فإنه طبقا للمادة 30 في قانون حماية الآثار، يتم مخاطبة وزارة الأوقاف وإلزامها بدفع المال اللازم لتمويل أعمال ترميم المساجد والآثار الإسلامية على أن تتولى وزارة الآثار أعمال الترميم، وصيانة المساجد، لتطويره وصيانته والمحافظة عليه وإعداده ليكون مزاراً سياحيًا".
 
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا إلى متى تغض الدولة النظر عن الأثار الإسلامية، خاصة وان لها دورًا كبيرًا في تنشيط السياحة الخارجية والداخلية؟
ولماذا لا تتواصل وزارة "الطيران، الأوقاف، والأثار" من خلال إعداد برنامج للسائح العربي في ظل انخفاض السياحة، حتى يكون من ضمن سبل تنشيط الاقتصاد المصري من جديد.