عبدالحفيظ سعد يكتب: انتخابات القضاة.. الصعايدة يفوزون بغالبية المجلس والبحراوية بالرئاسة

مقالات الرأي



10 مقاعد لمحافظات الجنوب.. و5 للوجه البحرى والقاهرة

■ تقديم الخدمات والسمعة الحسنة والتربيطات الجغرافية وتفتيت الأصوات عامل الحسم فى معركة النادى


الصعايدة، والبحراوية، والشباب، وسمعة القضاة، أربع كلمات لعبت دوراً مهمًا فى حسم انتخابات نتائج نادى القضاة التى أجريت يوم الجمعة الماضى، بعيداً عن التصنيفات السياسية أو التحزبات التى كان يرددها البعض، وتم ترويجها بأنها كانت السبب فى حسم نتائج الانتخابات المعركة التى فاز بها المستشار محمد عبدالمحسن نائب رئيس محكمة النقض.

ونجد من المفارقات فى نتائج الانتخابات التى شهدت أكبر حضور للجمعية العمومية من القضاة فى تاريخ انتخابات النادى وصلت إلى 5 آلاف و300 صوت، شاركوا فى انتخابات القضاة، بينما لم تتجاوز نسبة الحضور فى الانتخابات الماضية التى أجريت فى عام 2012 نصف هذا العدد.

ولكن كان هناك عدة أبعاد كثفت حضور القضاة فى الانتخابات التى تتم بشكل مركزى فى القاهرة، بينما يضطر القضاة للسفر إلى العاصمة من الأقاليم للمشاركة فيها، وكان يتوقع أن يكون الحضور ضعيفاً، لتجنب مشقة السفر فى المدن البعيدة بخاصة الصعيد مع ارتفاع حرارة الجو، غير أن القضاة خالفوا تلك التوقعات وشهدت الجمعية العمومية حضوراً فاق كل التوقعات ما أثر بشكل كبير فى نتيجة الانتخابات سواء فى العضوية أو رئاسة النادي، وهو ما تكشف عنه الوقائع القادمة.

1- قوة المنافسة بين القوائم الثلاث.. انحسرت المنافسة فى انتخابات النادى بين ثلاث قوائم رئيسية جاء على رأس كل قائمة مرشح لمنصب رئيس النادي، القائمة الأولى بقيادة المستشار محمد عبدالمحسن، والثانية بقيادة المستشار حلمى الشريف نائب رئيس محكمة النقض ومساعد وزير العدل لشئون المحاكم، والثالثة بقيادة المستشار أحمد نادر رئيس محكمة الجنايات ومساعد وزير العدل لصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية، بينما غاب بقية أسماء المرشحين على منصب رئيس النادى الذين ابتعدوا عن المنافسة.

ونجد أن كل قائمة من القوائم الثلاث التى دخلت المنافسة، كانت لها مصادر قوة وضعف، فالقائمة الأولى بقيادة المستشار عبدالمحسن، أطلقت على نفسها قائمة الشباب وروجت لنفسها فى الانتخابات بأنها تمثل جيلاً من القضاة، يلعبون دورا فى زيادة فعاليته فى الفترة القادمة، والعمل على وجود ضمانات لاستقلاله، ولذلك جذبت هذه القائمة قطاعات كبيرة من الشباب للتصويت لصالحها، كما أن المستشار عبدالمحسن اعتمد على أصوات وسط الدلتا فى التصويت لصالحه، بخاصة أصوات المنصورة التى حضر منها ما يزيد على 500 صوت بعد الاستعانة بـ10 اتوبيسات تولت نقل القضاة للتصويت، وهو ما لعب دوراً فى تمكن رئيس القائمة من حسم المنافسة لصالحه والتى فاز فيها بفارق 220 صوتًا فقط متفوقاً على محمود الشريف.

أما القائمة الثانية فكان على رأسها المستشار محمود الشريف، وجاء رئيسها فى المركز الثانى فى التصويت واعتمدت على شعبية وسمعة «الشريف» وسط القضاة، خاصة جيل الوسط، وأنه تصدى لخوض المنافسة فى مواجهة أحمد الزند فى انتخابات النادى التى تم تأجيلها فى العام الماضى قبل صعود الزند لوزارة العدل، كما كانت هناك ميزة نسبية للشريف فى أنه المرشح الوحيد للصعيد بانتمائه لمحافظة سوهاج، ما يضمن له أصوات محافظات الجنوب فى التصويت على منصب الرئيس، كما أنه كان يعد مرشحاً يلقى استحسان القضاة الذين يريدون شخصية لها علاقات جيدة بالدولة باعتباره مساعدا لوزير العدل الحالى، وفى نفس الوقت له مواقف لا تحسب على القضاة، كما كان يحدث من المستشار الزند الذى تسببت تصريحات فى غضب من الرأى العام تجاه القضاة.

بينما اعتمدت قائمة المستشار أحمد نادر على التأييد المطلق من رئيس نادى القضاة ووزير العدل السابق أحمد الزند الذى كان ابنه شريف الزند ضمن مرشحى القائمة، وهو ما تسبب فى الحشد ضده خاصة من شباب القضاء والمختلفين مع الزند، لذلك جاءت غالبية الأصوات لقائمة «نادر» من تأييد شيوخ القضاة.

2- لعبت التوزيعات الجغرافية دوراً كبيراً فى نتائج انتخابات النادي، سواء فى مقعد الرئيس الذى حسم لصالح المستشار عبدالمحسن، نتيجة أصوات محافظات الدلتا بخاصة المنصورة.. ونجد أنه، كان يشعر بقوة منافسه محمود الشريف، لأنه الوحيد من المرشحين على منصب الرئيس من الصعيد، وربما يفسر ذلك حرص قائمة عبدالمحسن لاستقطاب أكبر عدد من المرشحين على قائمته من محافظات الصعيد، لدرجة أنه سعى لاستقطاب المستشار حازم رسمى الذى يمتلك شعبية كبيرة وسمعة جيدة بين القضاة فى محافظات الصعيد ليتم وضعه فى قائمته، على أن يجذبه بعيداً عن قائمة محمود الشريف، وهو ما حدث أيضا مع المستشار محمود زيدان من محافظة أسيوط، وهو الذى أصر على خوض الانتخابات كمستقل، ومع ذلك تمكن من الفوز، معتمداً على أنه من القضاة الذين كان لهم موقف معارض ومعلن من المستشار أحمد الزند وقت شغله منصب وزير العدل لدرجة أن الزند استصدر قراراً بإحالته للتأديب، لأنه كان يهاجمه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وأنقذ خروجه من إجراءات التأديب خروج الزند من الوزارة، بعد إلغاء الوزير الجديد قرار إحالته للتأديب.

لكن فى المقابل حرصت قائمة المستشار عبدالمحسن، على أن تضم عددًا كبيرًا من القضاة من الصعيد للعمل على تفتيت كتلة محمود الشريف، وهو ما نجح فيه بالفعل، لكن فى المقابل، أدى ذلك إلى حصول القضاة المنتمين للصعيد على غالبية أعضاء المجلس، بعد أن ترشح منهم عدد كبير فى القوائم الثلاث، ما أعطاهم نصيب الأسد فى عضوية المجلس، ليحصدوا 10 مقاعد فى مقابل 5 مقاعد لباقى محافظات الجمهورية. وحصلت محافظة المنيا على نصيب الأسد من المقاعد وجاء منها المستشارون حازم رسمى ومحمد هانى عبدالجابر ومحمد صبحي، وجاء بعدها محافظة بنى سويف بمقعدين، وهما المستشاران الحسينى قايد ومفتاح سليم ومقعد لحازم أبوسديرة من سوهاج، ومقعد لأسيوط للمستشار محمود زيدان ومقعد لقنا للمستشار حامد النجار ومن الفيوم أحمد سمير الجمال، بالإضافة للمستشار عمر طنطاوى المنتمى لمحافظة أسوان.

بينما جاء من باقى المحافظات المستشار شادى خليفة من الشرقية وعلاء قنديل من المنوفية والمستشار محمد عبده صالح الوحش من القاهرة، بالإضافة للمستشارين حمدى عبدالتواب وناجى عز الدين.

3- رغم أن التربيطات والاستقطاب القبلية، لعبت دوراً فى انتخابات نادى القضاة، لكن كان هناك عامل آخر أكثر حسماً فى الانتخابات، وهو العمل على تأييد قضاة ممن لهم سمعة جيدة وغير محسوبين على تيار بعينه، سواء الخاص بالزند أو تيار الاستقلال، على الرغم من دعم التيار الأخير لقائمة الشباب ورئيسها عبدالمحسن. ولكن كان يتم ذلك بشكل غير معلن، وحرصت قائمة الشباب على نفى ذلك، كما أن قائمة الشباب استفادة من تأييد المستشارة مروة بركات ابنة الراحل النائب العام الأسبق هشام بركات، التى أعلنت تأييدها للقائمة، ما أحدث توازناً لها بأنها ليست منتمية لتيار الاستقلال، الذى يعتبره البعض قريباً من الإخوان.

ويفسر الحرص على عدم نفى قائمة الشباب انتماؤها لتيار الاستقلال، أن القطاع الأعظم من القضاة كان مزاجه الانتخابى، رفض أن يحسب على تيار أو اتجاه بعين، لتلاشى مع حدث فى الفترة الماضية، سواء بالاستقطاب الذى تسببت فيه المجموعة القديمة فى النادى فى فترة زكريا عبدالعزيز، أو ما حدث فى فترة أحمد الزند.

لذلك جاء تصويت للقضاة للمرشحين الذين لهم سمعة جيدة ومشهور عندهم تقديم خدمات لزملائهم، ويفسر ذلك عدم نجاح قائمة بمفردها، لدرجة أن قائمة المستشار أحمد نادر التى جاءت فى المركز الثالث، حصل أحد أعضائها وهو المستشار حمدى عبدالتواب على أعلى الأصوات بين المرشحين سواء فى العضوية أو الرئيس بحصوله على 2500 صوت، ويرجع ذلك أن «عبدالتواب» رغم أنه كان عضوا مع مجلس الزند، إلا أنه كان معروفًا عنه تقديم الخدمات لجميع الأعضاء، ما يدل على أن تصويت القضاة لم يكن بسبب التوجهات السياسية، بل لتربيطات إقليمية ودوافع شخصية، للعمل على اختيار مجلس إدارة للنادى يقدم الخدمات ويدافع عن الغالبية العظمى من القضاة، ولا يصفى حساباته مع المختلفين معه كما حدث فى فترة الزند أو يستخدم لصالح تنظيم كما كان فى فترة زكريا عبدالعزيز.