الجلسات العرفية تغزو مصر.. بديل القانون لوأد الفتن الطائفية والخلافات

تقارير وحوارات

بيت العائلة- صورة
بيت العائلة- صورة أرشيفية


بيت العائلة ما زال حاضرًا لحل خلافات المجتمع.. 

نواب: مصر دولة مدنية ولا بديل عن إعمال القانون.. 

وقانوني: برعاية أجهزة الدولة الرسمية

في الآونة الأخيرة زادت "الجلسات العرفية" لتحل مكان "سيادة القانون"، لم تقتصر الأمر على بعض محافظات الصعيد، بل امتدت ليل للأماكن القاهرية والإسكندرية والغردقة، غالبا يلجأ الطرفان إليها فى كل مرة لعقد جلسة عرفية بمنزل أحد المواطنين، تنتهى عادتًا بكارثة، وقد يتطور أمر المشادة لمعركة كبيرة يسقط فيها قتلى ومصابين، مثلما حدث فى كارثة قطعة الأرض (القيراطين) بجزيرة السعادة فى الشرقية، وجلسة المنيا العرفية التى سقط فيها قتلى من الشرطة والمواطنين.

الجلسات العرفية

وجلسة الصلح العرفى هى محاولات ودّية لتهدئة نزاع أو خلاف، وإنهاء حالة التوتر ورغبة الانتقام أو الثأر التى تنتاب المتنازعين، وتلجأ الدولة لهذه الجلسات أحياناً لفض النزاعات فى ظروف تعجز فيها عن تطبيق القانون مثل نزاعات الثأر والشرف والطائفية فى الصعيد وبعض المناطق الشعبية، وتأتى هذه الجلسات كبديل للمحكمة ويستبدل فيها أحكام وإجراءات الدستور والقانون بأحكام وإجراءات عرفية جائرة لا تراعى مبادئ العدالة ولا تحفظ الحقوق الإنسانية والدستورية للمواطنين.

كما أن المُحاكم فى هذه الجلسات يحرم من حق الدفاع عن نفسه مع غياب شبه كامل لما يجب اتخاذه من إجراءات تحقيق حول النزاع والأحداث التى وقعت فيه، وغالباً ما تخضع الأحكام فى هذه الجلسات لأهواء الأطراف المسيطرة سواء كانت عائلة أو قبيلة أو طائفة دينية، ويتم الضغط على الجانب الأضعف ومحاولة إقناعه بالترهيب ليتنازل عن حقه، ومع الأسف تجرى بعض هذه الجلسات وفيها أطراف رسمية حكومية ما يضفى صبغة شرعية زائفة عليها ويرسخ لمنطق هدم سيادة القانون ويخلق دولة داخل الدولة.

الجلسات العرفية بديلة عن القانون

في دولة غاب عنها القانون يصبح الفصل في كثير من المشكلات من خلال الجلسات العرفية" الحل الوحيد خصوصا أن هناك بعض المشكلات لاتجد سوي الجلسات العرفية حلا لها مثلما يحدث في المجتمع البدوي بسيناء فلا يتم حل أي مشكلة إلا من خلال الجلسات التي يعقدها شيوخ القبائل، كما أن أغلب قضايا الصعيد وخاصة المتعلقة بالثأر لاتجد لها حلا سوي اللجوء الي الجلسات العرفية.
 
أحداث المنيا

وشهدت محافظة المنيا أربعة اعتداءات طائفية في الشهرين الأخيرين منها أحداث تعرية سيدة الكرم وأحداث كوم اللوفي بمركز سمالوط، ثم واقعة عزبة "أبو يعقوب" بمركز المنيا الأسبوع الماضي، وخلال تلك الأحداث تم حرق منازل يملكها مسيحيون والتعدي على المسيحيين، وصولا لأحداث طهنا الجبل حين تم على عائلة اثنين من رجال الدين المسيحي بالعصي والهروات والأسلحة البيضاء، ما أسفر عن وفاة شاب وإصابة 3 آخرين، بحسب بيان للأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا.

وعقب حادث تعرية سيدة الكرم أعلن بيت العائلة المصري إيفاد 40 رجل دين لإتمام الصلح بين الطرفين وأعلن حينها أن الطرف المسلم وافق مبدئيا على الصلح، لكن بيت العائلة تراجع عن تصريحاته عقب خطاب الرئيس السيسي الذي أكد فيه أن القانون سيطبق على الجميع في الحادث مهما كان العدد، ليصدر بيت العائلة بيانا يطالب فيه بتطبيق القانون على كل من "خالف الأعراف" ليشعل بذلك غضب الكثيرين معتبرين أن بيت العائلة لا يعترف بالقانون ولا بمخالفته لكن يعترف بالعرف.

الجلسات تصل للغردقة

ومساء الجمعة الماضية أقيمت جلسة صلح عرفية في إنهاء خصومة بين عائلتين إحداهما مسلمة والأخرى مسيحية بالغردقة، حضرها قيادات تنفيذية وشعبية وممثلون عن الأزهر والكنيسة.

النواب يرفضون الجلسات العرفية

من جهتهم رفض عدد من النواب عقد الجلسات العرفية لحل الفتن الطائفية ، حيث أكدوا على ضرورة تطبيق القانون، وأكدوا أنه لا يصح أن يكون دور "بيت العائلة" إنهاء الخلافات التى تحتاج إلى تفعيل القانون مثل مشاجرة قرية " أدمو" التابعة لمركز المنيا، ودوره على الجلسات الودية".
 
في هذا الإطار استنكرت النائبة سوزي عدلي، عضو مجلس الشعب، إدارة المشكلات بهذه الطريقة، قائلا: "إحنا دولة قانون"، مشيرة إلي أن "مصر" دولة مدنية لا تعترف بهذه الجلسات الودية.

وأضافت عدلي في تصريح خاص لـ"الفجر" "من المفترض أن تتقدم الدولة للأمام لا أن تعود للوراء". وعن سبب انتشار هذه العادات السيئة في المجتمع قالت النائبة إن "هذا سببه العادات القديمة الموروثة ونحتاج لوقت لتغير هذا الأمر ولن تحل المشكلة بين يوم وليلية".

وبسؤالها هل وارد مناقشتها في المجلس قالت: "هذا دورنا"، مؤكدة أن المجلس سيبحث هذا الأمر، لكن وفقا لنظرية لأهم فالأقل أهمية".
 
قانوني: برعاية أجهزة الدولة الرسمية

أما  القانوني عمرو عبدالسلام، فيقول إنه مازالت جذور تلك الموروثات ممتدة حتى الآن في صعيد مصر لحل مشاكل الثار ووئد الفتن الطائفية  برعاية أجهزة الدولة الرسمية؛ لان دورها يعتبر موازي لدور الأجهزة الأمنية نظرا لما تولده جرائم الثار من شروخ اجتماعية وغليلا في صدور أصحاب الدم  إذا تأخر الفصل فيها ومعالجتها بسبب  بطء  العدالة في حسم تلك النزاعات".

وطالب عبدالسلام في تصريح خاص لـ"الفجر"، الدولة بأن تضع قواعد للصلح العرفي يتم التحكيم علي أساسها بما لا يتناقض مع القوانين  حتي يتم إذابة تتلك المجالس العرفية في قوانين الدولة تجنبا لهدم المجتمع والارتقاء به.