موسي صبري يكتب: "أزمة نسب" الأفضل في رمضان

الفجر الفني

بوابة الفجر


حالة درامية اصطبغت بثقافة عقلانية تبناها فريق عمل مسلسل "أزمة نسب" الذى ظهر علي قدرة من المسؤولية المجتمعية التي تصفو وترتقي بعقول المشاهدين في مشاهد تفصيلية عن البيئة الشعبية والصراع الأزلي بين الطبقات وتفكير كلا منهما في التنكيل بالأخر بمضمون ومحتوي درامي يحسد عليه؛ ففي هذا الإطار لعب فريق العمل علي ترسيخ مبادئ هذه الطبقات وكيف تفكر والي أي مدي يحدث التطاحن المجتمعي بين الفئات الفقيرة والثرية في مضمون مغلف بحبكة درامية لا مثيل لها.

 

 فالفكرة في طور الأحداث استحداث لحالة من الجذب الفكري ولفت الانتباه لتتبع القضية التي تبناها الأبطال للنهاية فالتقسيمة الدرامية للأحداث صنعت حالة من التعاطف المعنوي لبعض الشخصيات التي ظهرت في العمل، كما ان عوامل التجزئة في تفاصيل الشخصيات واقعية ولها مبرارتها الدرامية التي تصبو نحو الخير والشر في كل شخصية ودوافع كل شخصية حول الغرض من دوره فهذه الحالة الدرامية خلقت زراع متوازي بين الواقع الدرامي التي ترسخه الدراما المصرية وبين ما تتطلبه عقول المشاهدين في فهم الواقع المصري التي تقدمه هذه  الدراما والادهي من ذلك ان مسلسل "أزمة نسب" قدم معالجة درامية بحتة تفيق المجتمع من كبوته حول الصراع الدرامي بين الشخصيات وإعطاء مدارك  لكيفية التعامل الانساني مع الجميع لتكون النهاية منطقية.

 

المسلسل ناقش حالة مستعصية واقعية وقدم معالجة درامية حول الأحداث التي دارت في نطاق المعاملات الإنسانية بين الطبقات وفكرة استغلال كلا منهم للأخر مع وجود شخصيات سوية بين هؤلاء الطبقات تحدث الفارق في المباراة التمثيلية التي خاضها أبطال العمل.

 

صنعت النجمة زينة طفرة نوعية في فن الدراما الحديثة باستخدام لون جديد اصطبغ بقدرات تمثيلية ثقيلة أثقلت العمل وخلقت حالة اتزان محكم بين توظيف أدواتها الفنية بكم تعبيرات مهول تحسد عليه وبين تمكنها من إيجاد مبررات قوية وتعاطف مع قضيتها داخل المسلسل، فلقنت زينة للجميع درسا قويا وبالغ الأثر من خلال شخصية "نعمة" حول معطيات حالة الحب التي نشبت بينها وبين الفنان ياسر فرج ورغم التعنت الدرامي الذي حدث في طور الأحداث وكثرة المضايقات التي تعرضت لها، إلا أنها واجهت ذلك بالمثابرة والمواجهة الدرامية التي أثرت في المشاهدين وأعطت دروس مستفادة حول التحدي والإصرار لاستمرار علاقة قد حكم عليها بالفشل ولكن إصرارها جعلت النهاية لصالحها، وأشبعت زينة رغباتها الفنية حول العمل، كما ان نازع الأمومة عندها اثر بشكل  مباشر في التكوين الدرامي لرسالة العمل وعملت زينة علي فكرة إحياء الضمير الانساني قبل الحكم علي الأشياء.

 

وقدم الفنان محمود عبدالمغني شخصية "ابليس" بشكل ممنهج ومدروس اقرب الي الواقعية التي نفتقدها في معظم أعمالنا الفنية فتفنن "ابليس" في خلق روح التحدي وإيجاد الحيل والمبررات التي تمكنه من إتقان الشخصية واستخدم ذكائه الفني ووظفه في الشخصية بأسلوب يلفت الانتباه ويثير المشاهد في تفقد الحالة الدرامية الي نهاية الأحداث ورغم ان مغني لعب علي أوتار الاستغلالية لكل من حوله الا ان الصبغة الدرامية لونت  بطابع واقعي حديث فحدث التماس بين مفاتيح الشخصية واشتبك مع الواقع بشكل احترافي غير مسبق لذلك نجحت الشخصية مع الجمهور.

 

وقدمت الفنانة ريم البارودي فانتازيا درامية مغلفة بشكل درامي محنك ومتزن ضمن الأحداث الدرامية بالعمل من خلال شخصية "سمر"، فتمكنت ريم من إضفاء روح الواقعية التي تحلت بها وتوظيف قدراتها التمثيلية لما يتطلبه العمل وشكلت طفرة في نجاح العمل الذي استقطبت قاعدة جماهيرية عريضة تحسب لأبطال العمل فقد لعبت ريم دورا محوريا به عمق فني تحسد عليه من خلال التطورات التي طرأت علي الشخصية عبر الأحداث الدرامية والتحولات التي ظهرت عليها وأمسكت بكافة تفاصيل الشخصية بالشكل التي يمكنها ان تكون أفضل ممثلات هذا العام.

 

واستخدمت راندا البحيري أدوات تمثيلية مكنتها من بزوغ نجمها وسط هذه الكوكبة الكبيرة من الممثلين واستطاعت ان تصنع حالة فنية من خلال دورها المركب ورغم صعوبة الدور لأنه يرتكز علي عوامل نفسية صعبة إلا أنها أتقنت الدور بالشكل الذي ابهرني وخلق تعاطف جماهيري يحسب لها وربما استخدمها للغة حركات الجسد تعد الاهم في تفاصيل الدور التي مكنتها من وضع بصمة مع أبطال العمل وركزت راندا مع تفاصيل الشخصية التي تعد الأصعب علي الإطلاق في جميع ادوار العمل.

 

وتعتبر شخصية "اقتدار" التي لعبتها الفنانة المبدعة سلوي خطاب الأقوي علي الإطلاق لما قدمت ألعوبة فنية بمضمون فني جديد رسخ لأفكار السحر والشعوذة بطريقة تبدو ذكية من جانبها واللعب علي أوتار البعض حتي يتسني لها تحقيق رغباتها التي ارتضت بها ضمن أحداث العمل لنخرج بشكل درامي قوي من هذه الشخصية التي بلورت أفكارها الجهنمية في بناء درامي وتصاعدي للأحداث مشوق.

 

كما كانت الفنانة دينا همزة الوصل بين هذه الطبقات التي تحاول فيه الحفاظ علي ما وصلت إليه واستخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة للحصول علي مكانتها بين الطبقات الراقية فهذا الدور المحوري ربط بين الفئات التي طورت من نفسها للوصول الي الطبقات الراقية والتنصل من أصولهم الفقيرة والمتوسطة وربما يعد هذا المفهوم الذي وصل من خلال هذه الشخصية وعائلتها إسقاطا واقعيا قدم بلغة مفهومة فحصلت دينا علي شهادة استحقاق عليا من المشاهدين حسب التعليقات التي بروزت دورها علي السويشيال ميدا لتنال إعجاب وإبهار الجميع والنقاد

 

وتعد الشخصية الذي قدمها المبدع وليد فواز هي الأبرز ويعتبر الحصان الأسود في هذه النخبة الكبيرة من النجوم لما رسخ لفكرة الرجل الذي يتخذ الحيل من اجل الحفاظ علي كيان العائلة ومنع المضايقات عنها فتارة نتعاطف مع الشخصية وتارة اخري نكرها ولكن الأداء التمثيلي كان أكثر من ممتاز وربما استخدام العقل الفني للشخصية وإحكام التوازن الدرامي للشخصية هو من جعل للشخصية الذي لعبها فواز رونق خاص.  

 

وبرز اسم الفنان ياسر فرج بين هذه المجموعة كواحد من الذين أضافوا وتركوا بصمة بالغة الأثر عبر مجريات الأحداث من خلال التناقضات التي قدمت في الشخصية وشتان بين حبه لزينة وبين معاملته لريم البارودي في الأحداث الدرامية التي بروزت لخلق حالة التعاطف لنصرة الحب الذي تشبع بشخصية فقيرة ورغم كل ما وقع عليه من مصائب ومضايقات من الغير والتي أودت بحياته الا انه أعطي درسا قويا وهو وزينة ان الحب هو الذي انتصر وساعدته زينة في ذلك من خلال انتصار الحب رغم الإغراءات المادية التي تلقتها من عائلة ياسر فرج الثرية الا انها أثبتت ان الحب هو الذي ينتصر رغم الفوارق الطبقية.

 

وتمكنت المطربة الشابة رنا سماحة من إتقان دور الصحفية وتحسب لها خوض هذه التجربة الأولي في عالم التمثيل، ويتضح أنها ركزت مع تفاصيل الشخصية والمحتوي الدرامي للعمل وقدمت دور تفصيلي محكم عن دور "الصحفية" المتميزة التي أشاد بها البعض واستخدمت مفردات الصحافة التي وظفتها في تفاصيل الشخصية.

 

ويعد الفنان سامح الصريطي الدينامو والمحرك الأساسي لأحداث المسلسل فهو كان علي رأس الهرم لهذه الكوكبة من النجوم من خلال دور رجل الاعمال الذي يتحكم في كل شئ، وربما هذه الشخصية التي قدمها سامح الصريطي تعتبر الأهم في طور الأحداث.

 

وتميزت الفنانة الشابة كلوديا حنا بأداء تمثيلي قوي وتعتبر مرحلة النضوج الفني لها رغم قصر مشوارها الفني إلا أنها أتقنت دور الفتاة الشعبية باقتدار، ونفس الشئ ينطبق علي الفنانة بوسي الذي انتهزت الفرصة وطورت من أدواتها التمثيلية وقدمت دور قوي دراميا ولبست عباءة الفتاة الشعبية بطريقة محنكة قدمتها بواقع شعبي جديد.  

 

واستطاعت كابتن "كورنر" الشخصية التي لعبها الفنان الشاب محمد أنور، أن يضع لمسات كوميدية ليصبح رومانة الميزان في تطور الأحداث وخلق حالة ضمن حلقات العمل بشكل كوميدي طريف.  

 

كل هذه التوليفة التي قدمها المخرج سعيد حامد ونسخ سطورها السيناريست محمد صلاح العزب لا تنفذ الا بإمكانيات ثقيلة من جانبهم وتوظيف قدرات ممثلين علي قدر من المسؤولية؛ فالسيناريو مكتوب بشكل واقعي واحترافي تشعر انه من داخل البيئة الشعبية وعلاقتها بالطبقات الراقية التي تميزها بها العزب والصور الإخراجية التي نفذها سعيد حامد مع مجموعة من الممثلين بروزت بشكل درامي محنك دراميا، بالإضافة الي الموسيقي التصويرية التي تعد من أفضل الموسيقي التي قدمت هذا العام.