إيمان كمال تكتب: لامبورجينى رمضان وعدالة الفقراء

مقالات الرأي



يقولون إنه فى كثير من الأحيان «الصمت من دهب» ويبدو فى زماننا أن الصمت بات أغلى من الذهب والدولار أساسا.

فى زمن السوشيال ميديا والفيس بوك وتويتر وانستجرام لم يعد هناك صمت،ببساطة لا يمكن لموقف أن يمر مرور الكرام دون أن تتدخل برأيك حتى وإن تدخلت فى حياة الآخرين وتصرفاتهم وقررت التنظير على خلق الله.

الفقراء عالم غنى وثرى لصناع السينما وللمنظرين من اصحاب شعار العدالة الاجتماعية، لكن هل عاشوا الفقر فعلا؟! هل جربوا الجوع مثلا؟ هل جرب أحدهم أن يكون لديه مقابلة مهمة لعمله دون أن يملك الملابس اللائقة؟ هل جرب احتياجه لكتاب مهم جدا لا يجد ثمنه؟ شعارات رنانة وكثيرة هى الحياة.. ولكن على أرض الواقع لكى تصل لما تريده فعلا وتحقق حلمك إن أتاح لك الفقر أن تحلم عليك أن تحارب.. فإما أن تصل أو تحبط «وتاخدها من قصيرها وتسلم بالقضاء والقدر».

إذا قررت الحرب لكى تصل لأحلامك فلا تتوقع تحقيقها إلا إذا لعب معاك الزهر وتحول الحلم إلى حقيقة.

العدالة الاجتماعية ختم على قفا الفقراء.. فقط

محمد رمضان مثل باقى زملائه من الفنانين الذين لديهم هوس السوشيال ميديا والذى بات ترمومتر طبيعياً لقياس إعجاب الجمهور حتى إن بعضهم يتباهى بالملايين على صفحته ويحتفل بالكام مليون فانز على الصفحة وهى مسألة بديهية لعشاق الشهرة والنجاح.

ربنا صرف له الجمهور ونجاح وشهرة فى وقت قياسى مقارنة بأسماء كبيرة حفرت اسمها بعد سنوات وسنوات من الكفاح وإن كان كفاحه مختلفًا بالتأكيد فلكل منا حكايته الخاصة جدا.

رمضان تقريبا اعتاد نشر كل تفاصيله اليومية على صفحته وأخيرا - طبعا - نشر صوره مع سيارة أحلامه كما عبر عنها اللامبورجينى ولديه سيارة أخرى رولز سويس وطبعا لم يسلم من عالم التنظير والتعقيب على السوشيال ميديا بمختلف أنواعه.

أصاب رمضان أو اخطأ بتصرفه ولكن فى النهاية لديه الحرية الكاملة فى اختيار نمط حياته إن كان ممن يسيرون بمنطق (وأما بنعمة ربك فحدث) أو كان يفضل ألا يكشف عن حياته وأسراره واعتبر الأمر خاصًا جدا وإن كنا أيضا ننتهك فى كثير من الأحيان خصوصية من يفضلون هذا المنطق بنشر كل ما هو سرى من علاقات عاطفية وأملاك وخبايا وكواليس.

لكن ما أدهشنى حقا هو الهجوم على رمضان من فكرة لماذا لم يكتف بسيارة واحدة وتبرع بالباقى للفقراء، ولماذا قرر رمضان أن يجرح مشاعر المحتاجين ومن لا يملكون قوت يومهم وليست السيارة ضمن مستوى تطلعاتهم وأحلاهم.

العدالة الاجتماعية الغائبة فى مجتمعنا طبقت فقط بالتنظير على حلم محمد رمضان الذى تخطى حاجز الفقر بأحلامه وموهبته ونسيت كثيرين من رجال أعمال يملكون المليارات وفنانين آخرين تجاوزوا خط الفقر من زمن، عمرو دياب أعلن من سنوات امتلاكه سيارة همر وتامر حسنى، شيرين عبد الوهاب طالما صرحت بأنها من طبقة فقيرة جدا كانت تحمل صاج الكعك على رأسها ليلة العيد، وهى الآن سعيدة بفساتينها من دولشتى آند غابانا التى ظهرت بها فى حلقات برنامج the voice kids فهل أزعجت شيرين جمهورها الفقير الذى لا يجد بطانية فى عز برد الشتا؟ لماذا لم تتبرع بثمن هذه الفساتين لصالح هؤلاء ممن ينامون على الرصيف مثلا! لماذا لا يتبرع عمرو دياب وعادل إمام وغيرهما بأملاكهم للفقراء؟

براد بيت بدأ حياته بتقديم الطلبات فى المطاعم ولم يتوقع أو يراهن على أن يصل لكل هذه النجومية، ثروته تقدر بمليارات أهدى زوجته أنجلينا جولى مؤخرا جزيرة.. طبعا غير السيارات والقصور التى يمتلكها، فى أمريكا (بلد الأحلام) هناك الكثير أيضا من الفقراء لكن لا نعلم عنهم شيئا، لا نعلم قدر معاناتهم ولا نسمع عنهم شيئا إلا نادرا.

إذن دعونا نتحدث وننظر بشأن العدالة الاجتماعية التى نراها ونحن نجلس فى منزلنا تحت التكييف، مصر بالفعل بحاجة لعدالة اجتماعية، العالم كله بحاجة لذلك، لكن العدالة الاجتماعية لا تجبرنى حين أحقق أحلامى بدلا من أن أشترى سيارة أو منزلاً أو أقرر أن أنفذ خطتى لحياتى كما أراها أن أعطى ما أملك للفقراء، ولكنها تعنى أنه كفى الشعوب أن تعانى لصالح أصحاب المليارات فقط، فالفقير من حقه أيضا أن يحقق أحلامه ومن حقه أن يستمتع برفاهيات الحياة كما الأغنياء تماما، على الدولة أن تراعى الفقراء أيضا وتحسن من دخولهم بدلا من انتظار الهبات من أصحاب الثروات.