روسيا تنشر قاذفات وسط مواقع نفط إيرانية.. وغضب أمريكي شديد

عربي ودولي

سفينة - أرشيفية
سفينة - أرشيفية


شنت قاذفات روسية عملاقة انطلاقاً من قاعدة عسكرية إيرانية أمس، غاراتها الأولى على مواقع في شمال سورية استهدفت مواقع «فصائل إسلامية» في حي الراموسة في حلب.

 

وشكل إعلان موسكو نشر قاذفات استراتيجية في قاعدة همدان الإيرانية وسط منابع النفط، وبدء استخدامها في توجيه ضربات في سورية «منعطفاً مهماً ستكون له تداعيات على الوضع في سورية والمنطقة»، بحسب وصف عسكريين وبرلمانيين روس.

 

في أول تعليق أميركي على التحرك العسكري الروسي، قال مسؤولون لشبكة «أسوشيتد برس» أن التحرك «تم بسرعة فائقة ليلاً» وان واشنطن وموسكو تحدثا عن هكذا «احتمال إنما جاء قرار موسكو مفاجئا».

 

وأكد مسؤول عسكري اميركي نقلا عن الحياة اللندنية، أن روسيا «نقلت أربع طائرات من طراز توبوليف ٢٢ الى القاعدة الايرانية مع طائرة شحن محملة بالذخائر قبل ساعات من المهمة» . وأضاف مسؤولون آخرون ان «واشنطن كانت على علم باحتمال قيام روسيا بنقل طائرات الى ايران منذ العام الماضي انما قرار الثلثاء كان مفاجئا».

 

 

وفي بغداد قال الكولونيل الاميركي كريستوفر غارفر للصحافيين ان الروس «أبلغونا بأنهم سيعبرون وقد يكونون في محيط الطائرات الاميركية في العراق او سورية... لم يبلغوننا مسبقاً انما أعطونا الوقت الكافي».

 

 

وأعلنت روسيا أنها نشرت قاذفات ثقيلة من طرازي «توبوليف» و»سوخوي 34» في همدان، وفي وقت لاحق أفادت وزارة الدفاع الروسية أن القاذفات شنت سلسلة غارات انطلاقاً من الأراضي الإيرانية على مواقع في حلب وإدلب ودير الزور، وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن «12 عنصراً على الأقل من الفصائل المقاتلة والإسلامية قضوا في قصف لطائرات حربية روسية على الممر الواصل بين منطقة الكليات وأحياء حلب الشرقية عند الراموسة في الأطراف الجنوبية لحلب، كما قصفت الطائرات الحربية أماكن في الأطراف الغربية للمدينة».

 

 

وأفاد تسارع الأحداث بأن موسكو كانت نشرت القاذفات قبل وقت كاف من الإعلان رسمياً عن ذلك. واللافت أن التطور تزامن مع كشف وزارة الدفاع عن التوصل إلى اتفاق مع طهران وبغداد لتنسيق مرور صواريخ مجنحة روسية في أجواء البلدين عند تنفيذ ضربات صاروخية على مواقع سورية.

ولفت خبراء روس إلى إن نشر قاذفات «توبوليف و «سوخوي 34» في إيران يزيد من فعالية الغارات الروسية في سورية ثلاث مرات ويسهل استهداف مواقع «داعش» في العراق إذا رغبت موسكو بذلك، علماً بأن القاذفات الاستراتيجية الروسية تقلع حالياً من مطار موزدوك في أوسيتيا الشمالية (جنوب روسيا) وتقطع نحو ثلاثة آلاف كلم للوصول إلى أهدافها السورية بينما لا تزيد المسافة من همدان على 700 كلم، وهذا يوفر بالنسبة إلى قاذفات «سوخوي» إمكانية القيام بضربات من دون الحاجة للتزود بالوقود جواً كما جرت العادة.

 

كما لفت عضو مجلس الشيوخ الروسي فيكتور أوزيروف إلى أن استخدام القاعدة الجوية الإيرانية يقلص كثيراً المخاطر المحدقة بالطائرات الروسية في حال حصول الإرهابيين على أسلحة متطورة مضادة، ويزيد من عدد الخيارات المتاحة لروسيا لدى توجيه الضربات، لكن التطور لا يقتصر على زيادة فعالية الضربات في سورية، بل يوحي كما قال لـ «الحياة» خبراء عسكريون بـ «نقلة كبرى لها أهمية زائدة» في ظروف المواجهة الروسية الحالية مع الغرب.

وبدت أهمية التطور من إعلان مجلس الفيديرالية الاستعداد لتوقيع اتفاق ينظم التواجد العسكري الروسي في إيران شبيه بالاتفاق الموقع في وقت سابق مع سورية الذي أسفر عن تملك روسيا قاعدة «حميميم». وبحسب الخبراء فإن تواجد روسيا في قاعدة عسكرية في إيران سيعني «تعزيز الانتشار العسكري الروسي على طول خط المواجهة مع الغرب من قاعدة سيفاستوبول في القرم مروراً بالأراضي البيلاروسية حيث تملك روسيا انتشاراً عسكرياً واسعاً، ثم القاعدة العسكرية الروسية في أرمينيا وصولاً إلى إيران وسورية حيث باتت موسكو تمتلك قاعدتين واحدة جوية في حميميم والأخرى بحرية في طرطوس» علماً بأن وزارة الدفاع الروسية تعمدت أمس، التذكير بأن قاعدتها العسكرية في أرمينيا «تعمل بكفاءة عالية». ما يدخل ضمن «الرد القوي» الروسي الذي لوحت به موسكو أكثر من مرة في مواجهة توسيع الحلف الأطلسي شرقاً، وما تصفه روسيا بانه «تجاهل الغرب لمصالحها».

 

 

وأفاد ديبلوماسي روسي تحدثت إليه «الحياة» أن موافقة طهران على نشر القاذفات يعكس «حجم التعاون غير المسبوق، والاستعداد لتقارب واسع مفتوح زمنياً، خصوصاً مع الحديث عن احتمال توقيع اتفاق ثنائي لتنظيم تواجد القاذفات الروسية». وأشارت أوساط إلى أن التطور يحمل كذلك رسالة روسية جديدة إلى الغرب يتعلق مضمونها بتعزيز الانتشار العسكري الروسي قرب منابع النفط.

في طهران، قال أمين مجلس الأمن الإيراني علي شمخاني إن التعاون بين طهران وموسكو استراتيجي لـ «مكافحة الإرهاب في سورية وأننا نقوم بتبادل القدرات والإمكانات في هذا الشأن»، في إشارة واضحة لموافقة طهران على وضع مطارات إيرانية تحت تصرف روسيا.

وهذه هي المرة الأولى التي تُعلن فيها إيران عن استخدام طائرات عسكرية أجنبية لقواعدها العسكرية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979. كما أنها المرة الأولي التي تسمح لطائرات روسية باستخدام منشآتها العسكرية منذ بداية التدخل الروسي المباشر في سورية في أيلول (سبتمبر) الماضي، في حين سمحت العام الماضي لصواريخ كروز روسية انطلقت من بحر قزوين بعبور الأجواء الإيرانية لقصف أهداف في الأراضي السورية.

 

وقال شمخاني، الذي لم يسم قاعدة همدان، إن التطورات السياسية والأمنية والعسكرية التي تشهدها المنطقة تستوجب استخدام استراتيجية المقاومة الشعبية «كسبيل وحيد للتصدي للتهديدات الإرهابية والحفاظ علي استقلال وأمن البلدان الإسلامية. وأن المنطقة تعاني من فتنة الإرهاب والأفكار المتطرفة لداعش ما يستدعي أكثر من أي وقت مضي الاعتماد على مبدأ المقاومة الشعبية واستثمار تفعيل القوي المحلية من أجل الاستقرار واستتباب الأمن». وأضاف: «التعاون البناء بين إيران وسورية وروسيا وجبهة المقاومة، زاد من صعوبة أوضاع الإرهابيين»، معلناً «بدء عمليات جديدة وموسعة من أجل القضاء الكامل على الإرهابيين». ورأى أن «وقف إطلاق النار مع الجماعات التي ليست لها هوية محددة وتقوم دوماً بتغيير أسمائها للهروب من إدراجها علي لائحة الجماعات الإرهابية غير مجد»، داعياً إلى «ضرورة توجيه الضربات للإرهابيين لمنع استخدامهم المدنيين كدروع بشرية».

 

وفي واشنطن تجاهلت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على ما أعلنته موسكو وطهران.

 

في جنيف، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى أليكسي بورودافكين أن موسكو وواشنطن تبحثان حالياً في التعاون لإدخال المساعدات إلى حلب ومكافحة الإرهاب. وأضاف أن «صيغة التعاون الروسي - الأميركي في حلب ومحيطها تقضي بالتعامل بين الدولتين في إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان المدينة والتفريق بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين، ما سيشكل أرضية لنجاح مفاوضات جنيف، التي تأمل الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة منها قبل نهاية الشهر الجاري».

وأضاف الديبلوماسي أن «العسكريين الروس والأميركيين يجرون حالياً مشاورات مكثفة تتناول المسائل المتعلقة بإجراء عملية معينة في هذا الشأن»، مؤكداً أن «إضفاء الصبغة الرسمية لهذه الاتفاقات سيُسفر عن تهيئة الظروف الأكثر ملاءمة للتنسيق بين موسكو وواشنطن في محاربة الإرهاب في سورية وإحراز تقدم في بحث مسائل تخص تحقيق إصلاحات سياسية في سورية».

 

 

في بكين، قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن قوان يو في مدير مكتب التعاون العسكري الدولي في اللجنة المركزية العسكرية الصينية اجتمع مع وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج في دمشق ونقلت الوكالة عنه قوله: «يرتبط جيشا الصين وسورية تقليدياً بعلاقات ودية ويريد الجيش الصيني مواصلة تعزيز التبادل والتعاون مع الجيش السوري». وأضافت الوكالة من دون إسهاب أن المسؤولين تحدثا أيضاً عن تدريب الأفراد «وتوصلا إلى توافق» في شأن تقديم الجيش الصيني مساعدات إنسانية. وقالت الوكالة إن قوان اجتمع أيضاً مع قائد عسكري روسي في دمشق من دون ذكر تفاصيل.