كريم وزيري يكتب: سباق التسليح والتجريح

مقالات الرأي

كريم وزيري
كريم وزيري


على مدار قرون أدركت الشعوب ، أن الحق بدون قوة تحميه هو حق ضائع ومستباح، وإن كان حقاً إلهياً ، فلابد له من قوة تحيطه وتشمله من كل مستبيح وضال ، وفي ذلك كان عماد أي دولة قوية، جيش نظامي يمتلك من القوة أقصاها ومن الموارد أغناها ، ليفكر كل طاغً ألف مرة أن يناوشها حتي ولو بالألفاظ.

وفي الحقيقة كانت لمصر رؤية استراتيجية جادة منذ ثورة 25 يناير و30 يونيو ، لتطوير قواتها المسلحة وهيكلها النظامي ، وضخ دماء جديدة فيها ، رغم ما كانت تمر به البلاد من عدم استقرار واحتجاجات ، إلا أن قادتها وجدوا أن أفضل رسالة للعالم خلال وقت الثورات ، هي أن مصر لازالت تمتلك جيشاً قوياً قادر علي أن يتصدى لأى عدوان ، وإذا لاحظنا جميع الدول العربية التي طالتها الثورات والاحتجاجات كان لابد في بدايتها أن يتم ضربها عسكرياً اما من دول بعينها أو عن طريق التحالفات الدولية ، وهو أمر لم يكن من المعقول تنفيذه في مصر أياً كانت الظروف أو المقارنات ، فالتفكير في صدام عسكري مع القوات المسلحة المصرية وان كان من تحالف دولي وقتها هو انتحار عسكري بكل المقاييس.

ومن وقتها ومصر لا يمر شهور إلا وتعلم عن صفقة عسكرية جديدة ، أو تحتفي باستلام سلاح يضيف إلي أفرعها الرئيسية قوة ضاربة ، سواء في قواتها الجوية أو البحرية أو البرية أو قوات الدفاع الجوي ، والملاحظ أن كل سلاح ، تضيفه القوات المسلحة لها ، له رؤية ومستقبل ، فإما سلاح يمد لمصر طول ذراعها خارجياً أو يحمي ثروة حقيقية بالقرب أو داخل أراضيها ، مما رفع تصنيفها العالمي وجعلها من أقوي جيوش العالم العشرة وتخطت عدد من الدول التي تجاوزها في ميزانياتها العسكرية السنوية ، ولكن ما بين ذلك وذاك تجد الناقد والمفسر والمحلل لسباق التسليح وخاصةً في تلك الفترة التي كانت تحتاج فيها مصر إلي سيف ودرع يحميها.

فهؤلاء ممن يعترضون علي شراء مصر أسلحة جديدة لتطوير مؤسستها العسكرية، لا يضعون المستقبل أمامهم، وان كان المستقبل بالضرورة في حاجة إلي سلاح ، بل ان المستقبل نفسه قد يكون سلاحاً، ولكن الأمور عند هؤلاء لا تكون بهذه الطريقة ، فالرؤية عند هؤلاء تقتصر علي التجريح والاساءة للقوات المسلحة والتي جنبت هؤلاء المهللون من مصير سوريا وليبيا واليمن ، وجنبت هؤلاء أنفسهم مصير حمل السلاح لحماية العرض ، وتحملت تلك المسئولية في وقت وجهت بعض جيوش العالم أسلحتها ضد شعوبها.

وان نظرنا إلي الأسباب الرئيسية لهؤلاء وجدنا أنهم يرون أن مصر تنفق المليارات علي شراء أسلحة جديدة في حين أنها لا تنتج سلاحاً وتكتفي بما ينتجه جهاز الخدمة الوطنية ، وان كنت اسميه جهلاً حقيقياً فابحث عزيزي القارئ عما تنتجه هيئات وادارات المؤسسة العسكرية وأنظمتها البحثية ، وما تنتجه من مختلف الأسلحة لكافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ، أما الغيرة من جيش حقق الاكتفاء الذاتي لنفسه من خلال جهاز الخدمة الوطنية حتي لا يعول علي قوت المواطنين في الحروب ، فيكفيك شرفاً أن قواتك المسلحة تحتسب ما لا تراه أنت غداً وتحمي ما تنتجه اليوم وتصون ما صنعته البارحة .