فحص حقائب الركاب في "مترو الأنفاق".. تهاون قد يزهق أرواح آلاف الأبرياء.. (تحقيق)

تقارير وحوارات

مرور المواطن دون
مرور المواطن دون التفتيش ربما يسفر عن قتل الأف الأبرياء




مترو الأنفاق، وسيلة المواصلات الأسرع داخل القاهرة والجيزة، يستقلها يومياً ما يقرب من 3 مليون مواطن، للوصول إلى عملهم أو لأغراض أخرى، ويعتبر من أكثر الأماكن التي بها تكدس وازدحام. ويخشى الجميع أن تحدث أي عملية إرهابية تحصد أرواح المواطنين من خلاله، لهذا قررت "الفجر" أن ترصد الإجراءات الأمنية داخل أكثر المحطات التي بها تكدس مواطنين، خاصة بعد أن كشفت الأجهزة الحكومية أجهزت عن وجود أفراد أمن غير مدربين.
 
"رجعت للعسكري عشان يفتشني"

 على محمد مجدي، شاب في أواخر عقده الثالث، يستقل المترو يومياً من اتجاه محطة المرج إلى محطة الشهداء، قال إن التفتيش يكاد يكون   منعدم، وأن البوابات الحديدية الجديدة لا تستخدم ولا يطلب منه إدخال أي حقيبة معه داخلها، للكشف عنها، حتى أنه في بدايات الأمر بعد أن مر من أحد البوابات عاد إلى موظف الأمن المخول بهذه البوابة الإلكترونية وطلب منه تفتيش حقيبته.


"التأمين جيد جدا" 

بينما اعتبر حسين مصطفى، أربعيني، قابلنا في محطة المظلات متوجهاً إلى محطة السادات، يعمل بأحد البنوك في منطقة وسط البلد، قال إن إجراءات التأمين على أكمل وجه، ويجب على الجميع التبليغ عن أي تقصير يلاحظه الموطن من جانب أفراد الأمن، متابعًا: "أنا مشفتش حد مقصر في عمله داخل المترو، لكن اللي يقصر لازم يتحاسب حساب عسير، دي أرواح ناس ياعالم، لو واحد خاين دخل بقنبلة لقدر الله هيروح فيها ناس كتير".


بعد ذلك أخذنا جولة أخرى في محطة العتبة (التبادلية) وجدنا أن أغلب من يدخل المحطة يحمل حقيبة لا يضعها على الجهاز وذلك نتيجة تكدس الدخول إليها، لكن هذا لا يمنع الاهتمام بتنظيم تدفق دخول المواطنين.


موظف سابق بشركة أمن المترو: لا يوجد تأمين

أحمد عبدالله، ترك عمله في شركة الأمن الخاصة المعنية بتأمين المترو من الداخل، يقول لـ"لفجر" إن العمل روتيني لأكبر درجة ممكنة، فهو يعتبر أن الموظف لا يؤدي دوره باتقان لأنه غير مدرب بقدر كافي، بالإضافة إلى عدد ساعات العمل والوقوف لمدة 8 سعات بدون راحة. 

وأضاف إلى "الفجر" :" كنا نتبع شركة أمن خاصة ونعمل براتب 750 جنيه وحوافز 150 مقارنة بالمجهود المطلوب لا يقارن، ولفت إلى أن أغلب زملائه لم يكن منهم أحد مدرب على التعامل مع أي حادث داخل المترو أو حتى التصدي إلى أي خارج عن القانون، قائلاً : "وظيفة أكل عيش وخلاص، محدش بيهتم بمين خارج ومين طالع، عايزين نخلص الشهر ونقبض الفلوس ونخلص".


مدير مكتب مساعد الوزير لشرطة "النقل": نعمل وفقا للإمكانيات 
 
قال الرائد أحمد الرفاعي مدير مكتب اللواء محمد يوسف مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات، إن هناك حالات كثيرة لا يوجد بها تفتيش، وهذا ليس إهمال من جانب شرطة النقل ولكنه يرجع لثقافة المواطنين فمنهم من يرفض المرور من البوابة الإلكترونية والآخر يرفض وضع الحقائب بجهاز الأشعة "إكس راي" وذلك خوفاً من تلفه، وحالات مشابهة لذلك.

وأضاف في تصريحات إلى "الفجر" أن شرطة النقل تعمل حالياً وفقا للإمكانيات المتوفرة، مؤكدًا أن هناك بعض حالات القصور من جانب بعض الأفراد لكن نشاط اللواء محمد يوسف الدائم خلال جولاته الدائمة يعالج أي خلل.

وأكد أن عدد أفراد الأمن الموكلين بتفتيش الحقائب تضاعف خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن هناك شرطة سرية على مدخل كل محطة ترصد أي مشتبه به من الركاب خلال دخولهم المحطة.
 

عكاشة : محطات المترو في أولوية التظيمات الإرهابية


ومن جانبه قال الخبير الأمني خالد عكاشة، إن التظيمات الإرهابية تضع محطات القطارات ومترو الانفاق على رأس أولوياتها لأنها منشآت حيوية وتخدم أكبر عدد من المواطنين، وذلك ليس مقتصر على مصر فقط، مشيرًا إلى أن هذه آلية تستخدمهاالجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم. 

وأضاف في تصريحات لـ "الفجر" أنه يجب التعامل مع هذه المنشآت بقدر كافي من الحيوية والجدية، بالإضافة إلى تجهيزها بالتكنولوجيا الحديثة التي تجعل التفتيش والكشف الفوري على المتفجرات والمتابعة اللصيقة على مدار الـ24 ساعة، فضلاً على تجهيز العناصر البشرية على هذه الأجهزية وليس تعينهم فقط.


وتابع :"يجب تدريب هذه العناصر البشرية بالتعاون بين وزارتي الداخلية والنقل والمواصلات وإعلامهم أن هذا واجب كبير للحافظ على أرواح المواطنين، ويجب أن يتم تقييم الوضع كل فترة،ويتم معالجة أوجه القصور بشكل عاجل". 

المحطات التبادلية والتكدس

في مترو الأنفاق يحدث التكدس على 3 محطات وهما " السادات، الشهداء، العتبة" وذلك لأن هذه المحطات تبادلية يوجد بها خطين أو أكثر، ويرتبط الأزدحام بوجود هذه المحطات في مناطق حيوية بها حركة كثيرة، فعلى سبيل المثال محطة العتبة يوجد فوقها أكثر من سوق سواء للملابس أو للأجهزة الكهربائية، فيحول رواد هذه المناطق أغراضهم لنقلها بواسطة مترو الأنفاق وذلك بالرغم من منع ذلك بحكم قانون مترو النفاق.
 

31 مليون جنيه لبوابات التأمين 

أجهزت "إكس راى"، كلفت الدولة 31.5 مليون جنيه لشراءها وعددها داخل جميع المحطات 120 جهاز، وتستخدم للكشف عن المعادن، وهذا داخل مناقصة للتأمين تخطت ميزانيتها حاجز الـ75 مليون جنيه تضمنت أيضًا كاميرات مراقبة.

والغريب فى الأمر وعلى الرغم من شراء هذه الأجهزة الإلكترونية بملايين الجنيهات، إلا أن عمليات التأمين داخل محطات المترو تتم بشكل تقليدى عن طريق عدم وجود أى إجراء تفتيش ذاتى على أمتعة الركاب من قبل أفراد شرطة النقل والمواصلات وفى الغالب لا يتم التشديد على عمليات الرقابة والتفتيش نهائيا.
 

ووفرت شرطة النقل والمواصلات ما يقرب من 800 خوّلت لهم تأمين المحطات، وزدوتهم بواق من الرصاص بالإضافة للأسلحة متعددة للتصدي إلى أي هجوم، لكن بالرغم من كل ذلك التأمين بحسب يتم بالطرق التقليدية.

 
مترو الأنفاق: التأمين وظيفة شرطة النقل والمواصلات 

وفي هذا السياق علق أحمد عبدالهادي المتحدث الرسمي لهئية مترو الأنفاق، لـ"الفجر" حول تجاهل بعض أفراد الأمن المعنيين بتفتيش أي مواطن أنها مسؤولية شرطة النقل والمواصلات وأن التعاون مع "المترو" يكون في تواجد الأمن داخل المحطة.


3 مليون راكب يوميًا
 
يذكر أن مترو أنفاق القاهرة يعد أول خط مترو يتم تسييره في مصر والوطن العربي وقارة أفريقيا، كما يعد أحد أهم وسائل المواصلات في القاهرة. يبلغ سعر تذكرة استعماله جنيه مصري واحد لكافة المحطات وتظل ثابتة في الأعياد والمناسبات الرسمية. تخصص العربتان في منتصف المترو للسيدات ويمنع استخدام الرجال لاحداهما حتى التاسعة مساءً والأخرى حتى ما بعد التاسعة ولكن يسمح للسيدات باستخدام كافة عربات القطار. وينقل المترو ما يقرب من 3.6 مليون راكب يوميًا.

 

وترجع فكرة إنشاء مترو الأنفاق إلى عهد الملك فؤاد الأول، عندما أرسل إليه عامل مصلحة السكة الحديد المهندس سيد عبد الواحد أول اقتراح لعمل المترو، ولكن اقتراحه تم تجاهله من قبل الملك ليغلق ذلك الملف ويفتح مرة أخرى بعد نجاح ثورة يوليو وتولى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي طلب خبراء من فرنسا لإنشاء المترو، وضع الخبراء الفرنسيون تصورًا خاصًا بإنشاء شبكة من مترو الأنفاق تتكون من خطين : الأول بين باب اللوق وترعة الإسماعيلية بطول 12 كم، والثاني من بولاق أبو العلا إلى القلعة بطول 5 كم، حيث كانت تلك المناطق تمثل آنذاك مواضع الزحام المتوقعة في المستقبل.