تفسير قوله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم "

إسلاميات

تفسير الايه
تفسير الايه


( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما ( 23 ) ) 

( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما ( 24 ) ) 

هذه الآية الكريمة هي آية تحريم المحارم من النسب ، وما يتبعه من الرضاع والمحارم بالصهر ، كما قال ابن أبي حاتم : 

[ ص: 248 ] 

حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان بن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : حرمت عليكم سبع نسبا ، وسبع صهرا ، وقرأ : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ) الآية . 

وحدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : يحرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ، ثم قرأ : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ) فهن النسب . 

وقد استدل جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزاني عليه بعموم قوله تعالى : ( وبناتكم ) ; فإنها بنت فتدخل في العموم ، كما هو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد بن حنبل . وقد حكي عن الشافعي شيء في إباحتها; لأنها ليست بنتا شرعية ، فكما لم تدخل في قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) فإنها لا ترث بالإجماع ، فكذلك لا تدخل في هذه الآية . والله أعلم . 

وقوله : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) أي كما تحرم عليك أمك التي ولدتك ، كذلك يحرم عليك أمك التي أرضعتك; ولهذا روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث مالك بن أنس ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة " ، وفي لفظ لمسلم : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " . 

وقد قال بعض الفقهاء : كما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع إلا في أربع صور . وقال بعضهم : ست صور ، هي مذكورة في كتب الفروع . والتحقيق أنه لا يستثنى شيء من ذلك; لأنه يوجد مثل بعضها في النسب ، وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر ، فلا يرد على الحديث شيء أصلا البتة ، ولله الحمد . 

ثم اختلف الأئمة في عدد الرضعات المحرمة ، فذهب ذاهبون إلى أنه يحرم مجرد الرضاع لعموم هذه الآية . وهذا قول مالك ، ويحكى عن ابن عمر ، وإليه ذهب سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والزهري . 

وقال آخرون : لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لما ثبت في صحيح مسلم ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحرم المصة والمصتان " . 

وقال قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم الفضل قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 249 ] " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ، والمصة ولا المصتان " ، وفي لفظ آخر : " لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان " رواه مسلم . 

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق ابن راهويه ، وأبو عبيد ، وأبو ثور . ويحكى عن علي ، وعائشة ، وأم الفضل ، وابن الزبير ، وسليمان بن يسار ، وسعيد بن جبير ، رحمهم الله . 

وقال آخرون : لا يحرم أقل من خمس رضعات ، لما ثبت في صحيح مسلم من طريق مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان فيما أنزل [ الله ] من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن . ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى لله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن .