رغم دعوات التقشف المستمرة.. بالأرقام.. 42 مليار جنيه نفقات الحكومة.. و271 مليون جنيه مصاريف البرلمان فى عام

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


اشتد السجال بين نواب البرلمان والحكومة، على خلفية إجراءات «التقشف» التى اعلنت الأخيرة عن تبنيها فى ظل قرض صندوق النقد الدولى، لكن المفارقة العجيبة أن القراءة الدقيقة للموازنات الحالية الخاصة بالطرفين تؤكد مظاهر البذخ والإسراف لهما، حيث بلغت نفقات الحكومة 42مليار جنيه، ووصلت مصاريف البرلمان إلى 271 مليون جنيه خلال هذا العام.

المعركة بدأت من تصريحات النائبة بسنت فهمي- عضو لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان- التى حملت مسئولية عجز الموازنة لأجور الموظفين، قائلة: إنهم لا يستحقون الدعم مطالبة الشعب بـ «التقشف»، الأمر الذى دفع بعض النواب للهجوم عليها ووصفها بأنها ليس لديها نظرة فى البعد الاجتماعى.

ودخل على خط المعركة النائب سليمان وهدان - وكيل البرلمان- الذى قال إن الشعب «متقشف بطبعه»، وأن الحكومة هى من يجب أن تبدأ «التقشف»، حيث يظهر على الوزراء مظاهر البذخ فى الاحتفالات والاجتماعات، بالإضافة إلى تعيين كثير من المستشارين فى المصالح الحكومية والهيئات، وهى الدعوة التى أيدها كثير من النواب، مطالبين الحكومة بإعلان خطة تقشف واضحة تعرض على البرلمان.

من ناحية أخرى، ظهرت دعوات من جانب النواب بأن يبدأ البرلمان بتطبيق اجراءات «التقشف» على أعضائه هو الآخر، وفى مقدمتهم رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال، وذلك بتقليل عدد السيارات التى يستخدمها هو ووكيل المجلس، وأن يستبدلوها بسياراتهم الشخصية.

ومن المفارقات العجيبة أن كل تلك الدعوات لا تخرج عن كونها مجرد»تصريحات حنجورية»، ففاتورة التقشف فى مصر يتحملها المواطن وحده، وبالرغم من تردى الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدل التضخم، إلا أن آخر «افتكاسات» الحكومة التى قدمت للبرلمان هى تعديل مشروع قانون انشاء «صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية» لأعضاء الهيئات القضائية الذى فرض 10 جنيهات كرسوم دمغة على جميع الأوراق ويتحملها المواطن البسيط.

ما يؤكد هذه لمفارقات أن دعوات التقشف لا علاقة لها على الاطلاق بنفقات الحكومة أو البرلمان ونوابه، وهو ما تبين من خلال قراءة سريعة للموازنات المخصصة لهم.

البداية مع موازنة البرلمان لهذا العام، الذى تبارى نوابه بدعوة الحكومة للتقشف وتبلغ 977 مليون جنيه بزيادة 221 مليون جنيه عن موازنة العام الماضى، وهذه الزيادة تم إرجاعها إلى ابتلاع الأجور جزءاً كبيراً من الموازنة، حسب تقرير لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، المنوطة بمراجعة حسابات المجلس.

وبلغت مخصصات الباب الاول الخاصة بالأجور والتعويضات 708 ملايين جنيه بزيادة 133 مليوناً و930 ألف جنيه عن موازنة 2015، ذهب منها 36 مليون جنيه مكافآت للنواب بزيادة 15 مليون جنيه، ومليونان و500 ألف جنيه للخبراء بزيادة مليون و800 ألف جنيه، 406 ملايين و193 ألف جنيه بدلات نوعية لمواجهة رواتب تمثيل رئيس المجلس والوكيلين ورؤساء اللجان النوعية ونفقات العضوية، و198 مليوناً و350 ألف جنيه للمزايا العينية الخاصة بتكاليف الخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية للاعضاء والعاملين، بزيادة قدرها 75 مليوناً و450 ألف جنيه.

ويمكن تحليل هذه المخصصات، فى ضوء عدد نواب البرلمان 596 عضواً يحصل الواحد منهم على 150 جنيهاً بدل عن حضور الجلسة الواحدة، والتى تطبع مطبعة المجلس لها 800 مضبطة تتكلف 16 ألف جنيه، ويصرف أكثر من 50 ألف جنيه على الخدمات المعاونة لكل جلسة وهى الخاصة بالتأمين.

ويتقاضى عضو البرلمان مكافأة شهرية ثابتة بقيمة 5 آلاف جنيه نظير عضويته فى البرلمان، حسب قانون مجلس النواب، أما رئيس مجلس النواب فيحصل على مكافأة تساوى ما يتقاضاه رئيس الوزراء، ويحصل كل وكيل للمجلس على مكافأة تعادل راتب الوزير.

ويحصل عضو البرلمان على 100 جنيه بدل حضور اجتماع اللجان النوعية، وذلك فى غير ايام انعقاد الجلسة العامة و75 جنيهاً فى يوم انعقاد الجلسة العامة وأيضا وجبة غذاء بسعر 20 جنيهاً وله حق الاقتراض بحد أقصى 50 ألف جنيه يتم سدادها من مكافأته الشهرية.

أما باب السلع والخدمات الذى يمثل مصروفات البرلمان، قد ارتفعت مخصصاته إلى 271 مليون جنيه مقابل 202 مليون جنيه فى موازنة 2015 بزيادة قدرها 68 مليون جنيه.

وتم تخصيص 621 ألف جنيه لوقود وزيوت سيارات الركوب و406 آلاف جنيه لقطع الغيار ومواد الصيانة، مليون و436 ألف جنيه لأدوات الكتابة والكتب للمجلس بزيادة قدرها 84 ألف جنيه عن العام الماضى، والمبرر هو تزويد مكتبة المجلس بالكتب.

وتكلفت المياه والإنارة الخاصة بالمجلس مليوناً و436 ألف جنيه بزيادة قدرها 185 ألف جنيه، وتم تخصيص مليون ونصف المليون جنيه لنفقات طبع المضابط وتقارير اللجان بزيادة 410 آلاف جنيه عن العام الماضى.

وتم اعتماد 190 مليوناً و387 ألف جنيه بدل اشتراكات السكة الحديد للأعضاء وبدل حضور الجلسات واللجان للنواب والعاملين وقوة حرس المجلس، بزيادة قدرها 54 مليون و487 ألف جنيه عن موازنة العام المالى السابق.

كما رصد المجلس مليوناً و895 ألف جنيه لبند خدمات التليفون والبريد والإنترنت بزيادة قدرها 42 ألف جنيه عن العام الماضى، و11 مليون جنيه لإيجار سيارات نقل العاملين وإيجار جراج التحرير.

وعلى صعيد الحكومة، فإن موازنة الدولة التى وافق عليها مجلس النواب وكانت ترفع فيها الحكومة شعار «شد الحزام والتقشف» بشياكة، خرجت بزيادة عن موازنة العام الماضى فى بند المصروفات.

حيث ارتفعت تقديرات المصروفات عن العام المالى السابق بحوالى 8.3%، وبلغت 974 مليار جنيه و793 مليون جنيه والتى ترجعها الحكومة إلى زيادات الأجور وارتفاع تكلفة خدمة الدين العام والخطة الاستثمارية وصناديق المعاشات.

وبعيداً عن بند الأجور التى دائما ما تتحجج الحكومة بأنها الأزمة الكبرى للموازنة فإن بند مصروفات شراء السلع والخدمات المتعلق بـ«دولاب العمل الحكومى»، ويعبر عن مصاريف الحكومة الفعلية ويتضمن الأغذية والأدوية وتكاليف الانتقالات والطباعة والمياه والإنارة والاتصالات ووقود السيارات والمشغلات، ارتفع إلى 42 مليار جنيه مقارنة 41.4 مليار جنيه فى موازنة 2015/2016.

وارتفعت نفقات الصيانة بنسبة 3.2% ونفقات الطبع 14.6% والأدوية 6.7% وبند مواد أخرى بـ 4.3%، ووقود وزيوت سيارات الركوب 14.3% وبلغت 159 مليون جنيه، والنقل والانتقالات بنسبة 6.7%، وشراء سلع وخدمات للصناديق والحسابات الخاصة بنسبة 7.4% فى الوقت الذى لا تستفيد منه الدولة الا بنسبة 10% من أموالها فقط.

ويبلغ حجم الإنفاق المتوقع للعام المالى 2015/2016 على بند السلع والخدمات 35 مليار جنيه، أى أن الموازنة الجديدة رفعت هذا البند بقيمة 7 مليارات جنيه تقريبا، وحسب خبراء فإن خفض نفقات هذا البند غير الضرورية يمكن أن يوفر للدولة 3 مليارات جنيه سنوياً.

وفى بند الأجور يمكن للدولة أن توفر مبلغ يتراوح ما بين 3 أو 4 مليارات جنيه سنوياً من الغاء نفقات الوظائف غير الضرورية، وتشمل مستشارين وعاملين فى شركات قطاع الأعمال والبنوك العامة والذين يحصلون على مكافآت ومنح، وتقدم النائب عاطف عبدالجواد و70 نائباً بمشروع قانون لمنع العمل فوق سن الستين الذى تمت مناقشته داخل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، ويقدر عدد الذين تم المد لهم فوق سن الستين بـ20 ألف موظف.

وحسب بيانات بند الأجور فى الموازنة الحالية لم يشهد حجم المكافآت الشاملة التى يحصل عليها الخبراء تخفيضا كبيراً، لكن حافظت الحكومة على معدلات انفاقها على هذا البند، وحصل الخبراء المصريون على 43.8 مليون جنيه مقابل 50.4 مليون جنيه خلال العام الماضى، بينما ارتفعت مكافآت الخبراء الاجانب من 14.9 مليون جنيه إلى 15 مليون جنيه.

وحسب خبراء يوفر إلغاء المستشارين العماليين البالغ عددهم 30 شخصاً حوالى 28 مليون جنيه والمستشارين الإعلاميين 76 شخصاً حوالى 150 مليون جنيه ولجان فض المنازعات 120 مليون جنيه، بالإضافة إلى خفض نفقات وظائف المستشارين من خارج الهيئات الوظيفية والادارية والذى يوفر مليار جنيه على الاقل.

وخفضت الحكومة اعتمادات الأجور للحسابات والصناديق الخاصة من 981.5 مليون جنيه إلى 777.5 مليون جنيه، لكن حسب خبراء فإن وقف العمل بالصناديق الخاصة يتيح للدولة فائضاً بقيمة 55 مليار جنيه على الأقل، وعند الانتهاء من تصفية تلك الصناديق يمكن أن توفر 100 مليار جنيه.

وفى بند الدعم بلغت تقديرات الحكومة لدعم تنشيط الصادرات 2.6 مليار جنيه بالإضافة إلى مبلغ 2 مليار جنيه احتياطى عام ليصل المبلغ إلى 4.6 مليار جنيه.

المثير فى الأمر أن الحكومة قامت برفع هذه القيمة إلى 6 مليارات جنيه، وأعلنت وزارة الصناعة أن لديها خطة لرفع هذا الدعم إلى 10 ثم 16 مليار جنيه بخطة أخرى، وذلك بعد أن ضغط اتحاد الصناعات على الحكومة بفكرة أن كل جنيه دعم صادرات يعود بـ 3 دولارات على الدولة فى ظل أزمة العملة الاجنبية التى تعانى منها مصر.

وارتفعت الاعتمادات المخصصة للمصروفات الأخرى فى الموازنة الجديدة بحيث بلغت 58.1 مليار جنيه مقارنة بـ 54.8 مليار جنيه العام الماضى بزيادة 3.3 مليار جنيه بنسبة 6%، وهى مصروفات يجب مراجعتها وتخفيضها لأنها قد توفر للدولة 3 مليارات جنيه.