كاظم الساهر.. "القيصر" الذى انصف المرأة العربية فى أغانيه الرومانسية (بروفايل)

الفجر الفني

بوابة الفجر


الفن هو حالة تعبر عن المشاعر الإنسانية والتجارب الحياتية المختلفة، دون النظر إلى الجنس أو اللون أو المجتمع الذي يؤثر به هذا الفن، فهو لغة عالمية تعمل على توحيد جميع البشر تحت راية واحدة، يتأثرون بها ويأثرون فيها، ولا يوجد خير من "الفن" بجميع أنواعه ليكون سفيرا بين جميع دول العالم، ليعرف كلٌ بعضه، إضافة إلى أهمية الفن العميقة في المجتمع، حيث يعتبر مرآة للواقع الذي ينبعث منه، وكلما كان الفن يتسم بالرقي كلما كان صادرا عن بيئة نقية، ومجتمع ناجح.

 

ومن أهم أنواع الفنون في جميع أنحاء العالم "الغناء" الذي طالما كان له الدور الأبرز والأهم في المجتمعات العربية والأجنبية أيضا، فيمكن لأغنية واحدة لا تتعدى الـ 5 دقائق، أن تنقلك إلى عالم آخر لتعيش فيه بفعل "الخيال"، ولا شك أن وصول الإنسان إلى الكثير من أدوات التكنولوجيا الحديثة، ساهم بشكل كبير في إيصال هذا الفن أسرع إلى الجمهور، وذلك يتجسد في مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع الصور والفيديوهات الشهيرة، التي تعد "الترمومتر" في قياس نجاح وفشل الأعمال الفنية.

 

ويتميز العالم العربي بوجود الكثير من كبار المطربين والمطربات، الذين لا يضعون حدود لطموحاتهم الفنية، ويعلو صوتهم فوق صوت السلم والحرب، ومن هؤلاء، الفنان العراقي كاظم الساهر، الذي انبعث صوته كشعاع أضاء ما أحدثته الحروب من ظلمات في موطنه "العراق"، فاستخدم الكلمات لتكون خير سفير لأحلامه وانكساراته أيضا، فغنى للمرأة ومجّدها ولعب على أوتار قلوب النساء بصوته العذب، وأغنياته التي تعد حالة فنية متكاملة، تأخذك إلى عالمه الخاص، فتسبح في عالم الخيال ولا تملك اختيار الخروج من هذا العالم، دون أن ينتهي من عزف كلماته في أذنيك.

 

وبعد غياب طويل، عاد "القيصر" إلى جمهوره، ليصيب الهدف مرة جديدة، بأغنية نجحت في الوصول إلى مستمعيها من أقصر الطرق، وهي أغنية "عيد العشاق" تلك المعزوفة الفنية الرائعة، التي تقودها مشاعر تتسم بالبساطة والعمق في الوقت ذاته، ولاقت الأغنية والفيديو كليب الخاص بها، منذ طرحه عبر موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" في أغسطس الماضي، ردود أفعال رائعة وعبر الجمهور عن اشتياقه لصوت "القيصر" فحققت الأغنية ما يقرب من 5 ملايين مشاهدا حتى الأن.

 

تعاون كاظم الساهر، مع شركة "روتانا" للصوتيات والمرئيات، في عدد كبير من ألبوماته الغنائية التي تعد الأنجح خلال مشواره الفني، وكان أولهم ألبوم "إغسلي بالبرد" عام 1996، وتوالت ألبوماته الغنائية مرورا بـ: مدرسة الحب، أنا وليلى، حبيبتي والمطر، حافية القدمين، يوميات رجل مهزوم، صور، الرسم بالكلمات، وأخيرا ألبوم "لا تزيديه لوعة" الذي طرحه عام 2011، وقام بتلحين معظم أغنياته التي لاقت نجاحا كبيرا لدى الجمهور.

 

لم تقتصر موهبته الفنية على الغناء، بل امتدت إلى أصابعه التي أجادت تلحين الكثير من الأغنيات الناجحة لنفسه ولمطربي الوطن العربي، ومن ألحانه قصيدة "طوق الياسمين" من كلمات نزار قباني، وغناء الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، واشترك في توزيعها مع المايسترو د.خالد فؤاد، الذي كان قائدا لفرقته الموسيقية لفترة طويلة، ولحن أغنية "سلمتك بإيد الله" للفنان جورج وسوف، كما لحن في عام 1996 ألبوم "ما وحشتكش" للمطربة التونسية لطيفة العرفاوي، وهو ألبوم من كلمات الشاعر الغنائي الراحل عبد الوهاب محمد، وغيرها من الأعمال الفنية الرائعة.

 

اسمه الحقيقي "كاظم بن جبار بن إبراهيم السامرائي"، من مواليد عام 1957، في الموصل بالعراق، قضى طفولته في بيت صغير وسط والده وولدته و7 إخوان هم: عباس، حسن، حسين، علي، محمد، سالم، وإبراهيم، وعانت أسرته من الفقر الشديد مما أدى إلى تحمله المسئولية منذ نعومة أظافره، وتزوج "الساهر" مرة واحدة وهو في سن 19 عام، وحدث الطلاق بعد مدة، ولم يتزوج مرة أخرى، وله ولدان هما "وسام" و"عمر"، وحفيدتان هما "سنا" و"آية".

 

اكتشف موهبته الفنية الفطرية عندما كان في عمر الـ 12 عاما، لكنه اضطر إلى العمل والاجتهاد بسبب فقره، فكان يعتمد على نفسه ويعمل في عطلاته ببيع المثلجات والكتب، كما عمل في أحد المصانع للنسيج إلى أن جمع ثمن أول آلة موسيقية "القيثارة" وكان ثمنها 12 دينارا وقتها، ثم اتجه إلى تعلم العزف على آلة الجيتار ومن ثم العود، ثم التحق بمعهد الدراسات الموسيقية ببغداد، ولحن أول أغنية له بعنوان "أين أنت" بعد عام واحد من دخوله المعهد.

 

 بدأ "الساهر" حياته الفنية من خلال تعاونه مع الشاعر أسعد الغريري عام 1984 حيث أصدر أول ألبوماته بعنوان "شجرة الزيتون"، ثم تعاون مع الشاعر عزيز الرسام ثم مع الشاعر كريم العراقي، في أغنية "المسافر" مقدمة مسلسل "نادية" عام 1987، واتسم تعاونه مع الشاعر السوري الكبير نزار قباني بالتناغم الشديد، وقدما معا عدد كبير من الأغنيات التي وصلت إلى العالمية، مثل "زيديني عشقا" و"مدرسة الحب" اللتان كانا بمثابة إنطلاقة كبيرة لـ "الساهر" ليصبح نجما لامعا في سماء الفن.