"المعلمين" في كشف حساب لوزير التعليم: "بلا رؤية ولا نية حقيقية للإصلاح"

طلاب وجامعات

وزير التعليم الهلالي
وزير التعليم الهلالي الشربيني


أصدرت نقابة المعلمين المستقلة، كشف حساب للدكتور الهلالي الشربيني - وزير التربية والتعليم والتعليم الفني - بعد مرور عام، على توليه وزارة التربية والتعليم.

وقالت النقابة - في بيان لها اليوم -: "نود أن نشير ونؤكد أولًا أننا لسنا ضد أشخاص أبدًا فهذا لم ولن يحدث أبدًا.. ولكننا نتكلم هنا بمنتهى الموضوعية عن طريقة إدارة وزارة هي الأهم والأخطر من بين كل الوزارات في مصر، إذ أن مهمتها الرئيسية هي بناء العقول والشخصية المصرية في أذهان أبناءنا الطلاب، فالمدرسة المصرية دورها الأساسي هو ترسيخ مفاهيم المواطنة والانتماء والولاء للبلد والحفاظ على السلوكيات القويمة وتتبع مسارات التنمية من أجل النهوض بالدولة المصرية في شتى المجالات.. لذلك كان هذا النقد الموضوعي لأداء وزير التعليم خلال العام الماضي ،وكان رصد كشف الحساب بالبيان كالتالي". 

أولا :  فيما يخص مشاكل المعلمين والعاملين بالتعليم.

لم يقم الوزير بحل مشكلة واحدة وعلى رأسها  مشكلة  تدني وتآكل الأجور وعدم التدخل لدى المحافظين والمديريات المالية والتعليمية لتنفيذ أحكام القضاء وفي مقدمتها حكم الاثابة.وعدم وجود مظلة تأمين صحي للعاملين وأسرهم وعدم توفير شروط وظروف عمل مناسبة لهم.

حتى مشكلة المعلمات والمعلمين الذين تم تغريبهم في مسابقة الـ30 ألف معلم، لم يتم حل هذه المشكلة للغالبية العظمى، منهم حتى هذه اللحظة ولم يستطيع الزملاء تسلم عملهم بالرغم من إعلان الوزير عشرات المرات إنه قد انتهى من حلها بالفعل ولكن طبعا التصريحات شيء والفعل شيء آخر.

ثانيا: العملية التعليمية 

بدأ الوزير عهده بمؤتمر صحفي بعد مرور 12 يوم فقط على توليه الوزارة وتحديدا في يوم الخميس الموافق 1 أكتوبر 2016، تحدث خلاله بمنتهى القوة مؤكدة أنه سيعيد الانضباط إلى المدارس وأن التسرب من التعليم قد انتهى عصره، وأن الطلاب حتما سيعودون للمدارس وأن الدروس الخصوصية سيتم القضاء عليها ومع ذلك فإن كل ما سبق من وعود فخامته لم يحدث منها أى شيء على الإطلاق بل على العكس تمامًا فكانت حالات الانفلات موجودة وبقوة وحدثت عدة انتهاكات ضد المعلمين من قبل الطلاب أو أولياء أمورهم تم رصدها في حينها وأيضًا حالات اعتداءات وتجاوزات من بعض المعلمين ضد الطلاب، وظلت نسب الغياب في المدارس كما هي طوال السنوات الماضية، وكانت خطته للقضاء على الدروس الخصوصية هي عن طريق قرار غير دستوري، اسمه الضبطية القضائية ليلاحق به المعلمين كما يتم ملاحقة المجرمين في إشارة واضحة إلى احتقار الدولة للمعلم الذي يسعى لسد احتياجات أسرته والتكسب من خلال مهنته التي سهر الليالي حتى تخرج من كلية التربية ليعمل بها. 

فبدلا من أن توفر له الدولة حياة كريمة، إذ بها تصب غضبها عليه وتحتقره وتهينه، كما لم تفعل حكومة من قبل في من يقومون بتعليم أبناء البلد.

ثالثا: المناهج الدراسية:

بالإضافة إلى عدم حدوث أى تعديل أو تطوير فيها رغم تكليف السيد الرئيس في مطلع شهر يناير 2016 بإنشاء لجنة قومية متخصصة بتطوير المناهج خلال ثلاثة أشهر، ورغم ذلك لم نرى الا تعديل مواقع بعض الدروس ونقلها من الوحدة الأولى إلى الوحدة الثالثة أو حذف درس وإدراج آخر مكانه أو حذف نص أو أبيات شعرية في درس واستبداله بآخر. 

وهو ما يعني عدم استيعاب فكره تطوير المناهج إذ أن كل ما سبق هو تغير في محتوى المقررات الدراسية وليس تطويرًا للمناهج الدراسية التي تتكون من عناصر خرى بجانب المقررات الدراسية الأهداف والمحتوى وطرق التدريس والأنشطة والوسائل التعليمية والتقويم والامتحانات

كل هذا بالإضافة إلى سابقة لم تحدث من قبل وهي: إعلانه قبل امتحانات نهاية العام الماضي، عن أن الوزارة ستحذف دروسًا تخفيفًا على الطلاب وهو كارثة بكل المقاييس إذ أنه يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العبث والعشوائية والارتجالية هم الذين يديرون التعليم المصري 
فإن كانت هذه الدروس غير مهمة ويمكن الاستغناء عنها بحجة التخفيف أو أنها غير ضرورية، فكيف تم وضعها في المقررات الدراسية من الأساس ؟ وكان هذا القرار هو بمثابة إشارة البدأ التي جعلت مجموعة من المواطنين يدعون لتكوين مجموعات "فيسبوكية" عرفت باسم "ثورة أولياء الأمور" ساهمت كثيرا في إثراء حالة الحراك الاجتماعي الباحث عن تطوير والتعليم المصري وتغييره إلى الأحسن وأضعفت كثيرًا من موقف الوزارة أمام الرأي العام.

رابعًا: الامتحانات والتسريبات  

"عهد الغش قد انتهى.. وأن تسريب الامتحانات ينفع يتم في أي عهد".. (جزء من تصريحات الوزير الهلالي الشربيني) بهذه الكلمات القوية والشعارات التي تأكد بعد ذلك أنها جوفاء خالية من أي قدرة على التنفيذ بدأ "الشربيني" بعهده ومسيرته المظفرة. 

ثم فوجئنا بالنتيجة الطبيعية لاستعراض العضلات غير المحسوب فت متسريب الامتحانات ونماذج إجابتها، وكانت أسوأ امتحانات ثانوية عامة حصلت في تاريخ مصر، فتم تأجيل امتحانات (التربية الدينية) وإلغاء امتحانات بعد أن أداها الطلاب (الديناميكا) وتأخرت النتيجة، وكان التحدي صارخًا وغير متكافئ، ومع ذلك نجد الهلالي الشربيني، وكل قيادات وزارته يذكرونا بالممثل في مسرحية محمد صبحي صاحب عبارة (متقدرش)
وكانت خطته التي عرضها أمام نواب البرلمان لمواجهة التسريب هي أنه طالبهم بغلق "فيسبوك" و"تويتر" وأخبرهم بأنه سيطلب من أئمة المساجد بالتأكيد على أن الغش والتسريب حرام.

أيضا المشكلة الأكبر هي أن التحقيقات أدانت شخصيات داخل الوزارة، ومع ذلك كلهم بلا استثناء داخل الديوان حتى هذه اللحظة.

هذه المعالجة الساذجة لمشكلة تسريب الامتحانات هي التي أدت في الواقع إلى استمرار التسريب والغش، ونعتقد ضرورة مثول الوزير أمام جهات تحقيق محايدة للكشف عن مدى مسؤوليته ومستشاريه ومساعديه، بل نرى أن يتسع التحقيق ليشمل الوزراء السابقين مثل د. محمود أبو النصر، ومحب الرافعي، بعد أن كشفت التحقيقات المبدئية عن أن التسريب كان يحدث منذ عدة سنوات.

خامسا : تدريب المعلمين:

قالت الوزارة إنها قامت بتدريب آلاف المعلمين من خلال مشروع "التعليم أولًا" ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الأمر على العملية التعليمية ومستويات الطلاب ونسب النجاح وكل هذا لم يحدث واتضح أن الموضوع  تصريحات للاستهلاك المحلي.

لذلك فعلى الوزير، أن يكشف قدر التلاعب في بند تدريبات المعلمين، ونريد أن نطلع على المخصصات التي تم توجيهها لبند مكافأة التدريبات وأوجه إنفاقها، كم قدر الأموال المكتوبة على الورق بنود مكافآت تدريب يحصل عليها المتدربون؟ كم قدر الأموال التي تم صرفها على بنود لوازم التدريب، ومطابقة ذلك بما تم إنفاقه في الواقع. 

سادسًا: أعباء إضافية على أولياء الأمور 

مؤخرًا إصدار قرار بزيادة المصروفات المدرسية وزيادة أسعار المجموعات الدراسية إلى ٣٥ جنيهًا للمادة، فهل هو بهذا القرار يحارب الدروس أم يزيد من معاناة أولياء الأمور أم يحاول زيادة نسبته القانونية من متحصلات المجموعات.
 
أيضا إعلان إلغاء امتحان "الميد ترم" والتي تراجع عنها، وقال بعد ذلك إنه ليس قرارًا، وإنما هو فقط مقترح تحت الدراسة بعد تزايد الهجوم عليه من جميع أطراف العملية التعليمية المدرس والطالب وولي الأمر، بالإضافة إلى خبراء التعليم والمهتمين بشئونه في مصر.

سابعا : الكتب الدراسية  

طوال الوقت يتم إصدار تصريحات بعدم ربط الكتب بالمصروفات في حين أن القرار الرسمي الصادر مؤخرا، يؤكد عدم أحقية أي طالب لم يسدد المصروفات في استلام الكتب الدراسية أو في ممارسة أي نشاط من الأنشطة المختلفة بالمدرسة.

ناهيك عن كارثة عدم طباعة كل الكتب وعدم وصولها بالطبع للمدارس حتى تاريخ كتابة هذه السطور.

ثامنًا: البنية التحتية:  

لم يتقدم الوزير بخطة محددة توضح المدى الزمني، الذي ستستغرقه الوزارة لحل مشكلة تكدس الفصول، وقلة عدد المدارس، ففي الوقت الذي لدينا عجز حوالي 30 ألف مدرسة حكومية، ويتوقع أن يزيد خلال العشر سنوات المقبلة، إلى 35 ألف مدرسة تقريبًا، ما يتطلب بناء 3500 مدرسة حكومية تقريبًا كل عام لمدة عشر سنوات، يتحدث معالي الوزير عن إنشاء 200 مدرسة، ما يكشف التراخي الذي يصل إلى حد التعمد، في حل هذه المعضلة المحورية، وأنه لا توجد رغبة حقيقية في حل مشكلة التسرب لعدم توفر عنصري الإتاحة والاستيعاب.

ونحن نسمع كثيرًا تصريحات مستمرة عن بناء مدارس وفصول جديدة بينما الحقيقة أن كل ما يتم هو الأمور الروتينية التي تقوم بها هيئة الأبنية التعليمية منذ إنشاءها وهو تجديد وترميم بعض الفصول والمدارس طبقًا للخطط الزمنية التي تضعها الهيئة.
 
واكتفى الوزير، بتوقيع برتوكول لخصصة التعليم المصري، بتمليك أراضي الدولة المخصصة لبناء المدارس لرجال أعمال ومستثمرين، ليقوموا ببناء مدارس يحددون هم فيها المصروفات الدراسية وطرق التدريس وأعضاء هيئة التدريس، وتكتفي الوزارة بالإشراف الفني. 

وهذا الأمر شرحناه أكثر من مرة بأنه لا يعدو كونه خصخصة للتعليم المصري، وانسحاب للدولة من أهم الأدوار المنوطة بها وهو توفير تعليم جيد ومجانيل أبنائها من زهرة شباب الوطن وذخيرتها؛ لمواجهة كل التحديات التي تقف حجر عثرة في طريق تقدم هذا الوطن.

أخيرًا: الخلاصة: 

ليس هناك جديد تحت الشمس.. وزير تعليم يقسم اليمين أمام الرئيس ثم نكتشف أنه لا يختلف عن سابقيه فيتضح الجميع أنه بلا رؤية ولا استرتيجية ولا نية حقيقية للإصلاح فضلًا عن تفجير قضايا خلافية تشعل غضب الرأي العام.