منال لاشين تكتب: الاتصالات تعاقب شركات المحمول

مقالات الرأي



الاتصالات تعاقب شركات المحمول بمنح ترخيص الجيل الرابع لشركات أجنبية مقابل 20 مليار جنيه

■ الحكومة ردت فقط على شائعات محافظ القاهرة فصدق الناس

■ وزيرة لرئيس الحكومة: أزمة أرجوت القمح شو إعلامى وستضر بمصر

■ تفعيل ضريبة القيمة المضافة قبيل إجازة العيد كان خطيئة سياسية واقتصادية

■ محافظ الإسكندرية السابق اتهم وزير التنمية المحلية بتسقيع الأراضى ورحل دون أن نعرف هل اتهامه صحيح وهل رحيله عقاب؟


فى عالم السياسة الحقيقة هو ما يؤمن به الناس، ولو كان للحقيقة ألف وجه، فالوجه الرئيسى لها هو ما يقتنع به المواطنون.

ليس مهما أن يكون المسئول عبقريا وحاصلا على أعلى شهادات من كامبريدج أو هارفرد، ولكن الأهم أن يقنع الناس بذكائه. وتكفى شبهة فساد لكى تدمر مستقبل سياسى لامع. لأن الشبهات فى عالم السياسة لها مفعول الحقيقة وتأثيرها وتوابعها.

ولذلك فالحكومة الناجحة والسياسى الذكى يختار المسئولين بوجه يرضى عنه مواطنوها.

ولكن الحكومة الفاشلة تورط نفسها دوما فى وجوه عليها علامات استفهام أو شبهات فساد. وكأن الدنيا خلت من الأشخاص الذين لا تحوم حولهم الشبهات أو أناس لم يتورطوا عن قصد أو بحسن نية فى ملفات فساد فى الجهات الرقابية وأجهزة التحقيقات.

ولا يحتاج اتهام الحكومة بالغباء السياسى إلى أدلة أو براهين عديدة. يكفى أن تقوم بتحليل حركة المحافظين الأخيرة لتدرك كم الغباء السياسى الذى تتمتع بها الحكومة، أو تلقى نظرة على كام قرار من قرارات الحكومة فتشتم رائحة الغباء السياسى. أو تراقب تعاملها مع الشائعات اليومية. فكما قلت لا يحتاج الأمر لبذل مزيد من الجهد لاكتشاف حقيقة هذه الحكومة.


1- محافظون وفضائح

ربما تكون حركة المحافظين الأخيرة هى الأصغر فى تاريخ تعديلات المحافظين. مجرد خمسة محافظين، تغيير أربعة منهم وتعيين محافظ للقاهرة بدلا من المحافظ السابق الذى تولى وزارة النقل فى آخر تعديل حكومى.

نحن أمام تعديل (محندق) وصغير لا يسبب ارتباكا أو يخلق حالة من التخمة قد تؤدى إلى الوقوع فى الأخطاء.

ولكن ما أن صدرت حركة المحافظين الصغيرة والمحدودة حتى توالى إطلاق شائعات على هذه الحركة.

محافظ العاصمة تم استدعاؤه أمام الكسب غير المشروع وتصالح بعد دفع 4 ملايين جنيه. وبعد صمت حكومى لمدة خمسة أيام تم نفى أن المحافظ تصالح فى الكسب، ولم يتم نفى انه استدعى للكسب غير المشروع. وبالطبع لم يصدق الكثيرون حكاية أنه لم يتصالح أو بالأحرى لم يدفع ملايين الجنيهات للخروج من تحت سيف الكسب غير المشروع. وحتى لو صدقنا الحكومة فهل ضاقت الدنيا وانتهت الكفاءات أو الشخصيات فى مصر حتى نختار رجلا حامت حوله الشبهات محافظا للقاهرة أو العاصمة.

وإذا كانت الحكومة قد نفت حكاية تصالح محافظ القاهرة، فهى لم تنف الشائعات الأخرى حول بقية المحافظين فى حركة المحافظين الأخيرة. ولذلك تحولت الشائعات إلى حقائق، وأصبح تجاهل الحكومة للتعامل مع هذه الشائعات هو أكبر دليل على كونها حقائق، وليست مجرد شائعات.

قيل: إن محافظ الفيوم الجديد الدكتور جمال سامى هو صاحب فضيحة تزوير الشهادات الجامعية فى جامعة عين شمس، وهى الفضيحة التى صك لها الإعلام عنوان (الشهادات المضروبة) ولم ترد الحكومة على هذا الكلام. ومن حق كل مواطن بعد ردها على محافظ القاهرة وتجاهلها محافظ الفيوم بما تردد، أن يتأكد من أن المحافظ هو صاحب فضيحة الشهادات المضروبة بالفعل؟

وقيل أيضا تم اختياره محافظا لمحافظة الفيوم وكان يعمل طبيبا بشريا وأستاذا بكلية الطب. وقيل: إن وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكى بدر اختاره لمجرد أنه صديق شخصى له. وأن محافظة الفيوم محافظة زراعية ولذلك اعتادت أن يأتى المحافظ من خلفية زراعية. ولم يرد الوزير على هذا الكلام ولم ترد الحكومة. فصدق الناس أن الوزير اختار صديقه لمنصب المحافظ.

حتى محافظ القليوبية اللواء عمرو عبدالمنعم لم يسلم من الشائعات. فالرجل كان يشغل منصب الأمين العام لمجلس الوزراء. والرجل تجاوز الستين وأرادوا أن يتخلصوا منه من مجلس الوزراء فلم يجدوا مخرجا للتخلص من الرجل القوى إلا بتعيينه محافظا للقليوبية، وذلك خلفا لمحافظها الذى اختير محافظا للإسكندرية.

بمناسبة محافظة الإسكندرية فقد رحل المحافظ السابق دون أن نعرف هل رحل لمجرد أنه فاشل أو لم يؤد واجبه أم أنه رحل عقابا له لاتهامه لوزير التنمية المحلية بتسقيع الأراضى. فقد تبادل الوزير والمحافظ الاتهامات ومرت أشهر لم تفتح الحكومة فمها بكلمة، لم تكذب أى من الوزير أو المحافظ. فصدق الناس كلاما أو بالأحرى الاتهامات المتبادلة بين الوزير ومحافظه. ولذلك بدا للناس أن عزل محافظ الإسكندرية السابق كان مجرد تصفية حسابات من جانب الوزير، وأنه كان مجرد عقاب على تجرؤه على الوزير واتهامه بتسقيع الأراضى. باختصار صدق الناس أن كلا من المحافظ والوزير متورطين فى قضايا تسقيع الأراضى.

بالمثل صدق الناس أن محافظ الفيوم الجديد متورط فى فضيحة الشهادات المضروبة وتم اختياره رغم هذا التورط لأنه صديق أو أنتيم الوزير.

على بلاطة فشلت الحكومة فى حركة المحافظين المحدودة جدا، وحصدت غضب المواطنين


2- أزمة القيمة المضافة

أزمة القيمة المضافة وجه آخر من أوجه التخبط الحكومى. وهو تخبط دفع ثمنه المواطن من جيبه وأمواله. اختارت الحكومة توقيتا سيئا وغبيا لبدء تطبيق القيمة المضافة. فقبل إجازة العيد مباشرة تم التصديق على الضريبة وأصبحت سارية. وخلال إجازة العيد اكتوى المواطنون بارتفاع الأسعار بحجة القيمة المضافة. ولعل ما حدث فى كروت شحن المحمول أكبر دليل على التخبط. ففى ظل إجازة العيد وغياب الأجهزة الرقابية والموظفون فى الإجازة كانت السوق مفتوحة أمام استغلال المواطن. الكارت أبو عشرة جنيهات بيع بـ15 جنيهاً، وتم تعطيش السوق وظهرت سوق سوداء لكروت الشحن. وبعد عودة الحكومة من الإجازة بدأت مواجهة الأزمة. وبدأت التصريحات تكشف فضيحة حكومية جديدة. فقد تم إقرار الضريبة قبل الاتفاق مع شركات المحمول نهائيا على تحمل جزء من الضريبة. ولست ضد زيادة كروت الشحن من حيث المبدأ. ولكن اختيار توقيت تفعيل القانون كان غاية فى السوء. وترك للتجار أن تسرق المواطنين فى غياب تام للحكومة.

وما حدث فى كروت الشحن تكرر فى سلع أخرى ولكن بصورة أقل، بعض التجار قرروا رفع أسعار بعض السلع الغذائية بحجة ضريبة القيمة المضافة. مرة أخرى حدث ذلك فى إجازة العيد والمسئولون فى الساحل الشمالى. وكل ما فعلوه هو تصريحات صحفية أو تليفزيونية من شاليهات وفيللات الساحل الشمالى. تصريحات للاستهلاك المحلى فقط.

وقد فسر بعض الخبثاء تفعيل قانون ضريبة القيمة المضافة قبل العيد بتفسير خبيث جدا. من وجهة نظرهم أن الناس ستكون مشغولة بالعيد والإجازة ومسافرة فى الساحل، وماحدش واخد باله. وبالطبع هذا تصور ساذج لأن معظم المصريين لا يملكون أموالا للسفر أو حتى الفسح فى العيد. وقد ردد بعض المعارضين ساخرين أن تفعيل الضريبة هو عيدية الحكومة على المواطنين. فاختيار الموعد لتفعيل الضريبة كان خطأ اقتصاديا وسياسيا. وخطأ دفع المصريون ثمنه من أموالهم، والحكومة لم تتحمل وزر خطاياها. وخطأ سياسى ترك فرصة لخصوم النظام أن يسكبوا مزيدا من البنزين على الوضع المشتعل والخطير.


3- سيارة المغتربين

أصعب تفاوض هو التفاوض الذى يجرى بين المواطن وحكومتنا. لأن الحكومة تمثل أنها تتفاوض مع المواطنين. ولكن فى حقيقة الأمر هى تريد فرض آرائها أو تنفيذ أفكارها فقط. ولعل قضية سيارات المصريين المغتربين مثال واضح على هذه الحقيقة. الأزمة لدى المصريين فى الخارج أنهم يدفعون جمارك على سياراتهم التى اشتروها أثناء غربة العمل. وشخصيا أنا مع دفع الجمارك. ولكن الدولة (مزنوقة) الآن فى الدولار. وعرضت على المصريين فى الخارج حل أزمة السيارة مقابل عدة إجراءات. المصريون فى الخارج عرضوا وديعة دولارية لمدة ثلاث سنوات دون فوائد. وبالطبع رفضت الحكومة. وظهر اقتراح آخر بأن تكون مدة الوديعة خمس سنوات يتم تسييل الوديعة بعد العودة. وظهر اقتراح ثالث بأن تكون الوديعة مجرد 5 آلاف دولار ويتم استردادها بالجنيه المصرى

وسوف تستفيد الحكومة من هذا المقترح بتوفير دولارات فى ظل أزمة الشح.

ظهر اقتراح آخر بأن يتم الربط بين الإعفاء وتحويل الراتب فى قنوات شرعية أى البنوك. وهذا الاقتراح لم يلق قبول المصريين فى الخارج. لأن مقدار ما يخسره المواطن من الفارق بين السوق السوداء والبنوك أكبر من فلوس الجمارك.

مرة أخرى أنا شخصيا مع تحويل الدولار عبر البنوك، ومرة ثانية وعاشرة أنا ضد السوق السوداء. ولكن الحكومة تقدم اقتراحات لا يمكن أن تكون أساسا للتفاوض. وآخر اقتراح تقدمت به الحكومة هو إعفاء المصريين فى الخارج من جمارك السيارة، ولكن السيارة المقصودة ليست السيارة التى اشتراها المواطن فى الخليج أو خلال عمله فى الخارج. بل سيارة جديدة من الصناعة المحلية. والنظرة الأولى للاقتراح أنه يشجع الصناعة الوطنية. ولكنه لم يحل أزمة المصريين لأنه يضطرهم بعد انتهاء عقد العمل إلى بيع سياراتهم بتراب الفلوس. ولذلك إعفاء السيارة من الجمارك مقابل وديعة دولارية بدون فوائد هو الاقتراح الأقرب لإنهاء الأزمة.

بالطبع ليس أفضل الاقتراحات، وبالطبع يجب على المصرى ألا ينتظر مقابلا لأنه نفذ القانون وقام بتحويل راتبه من خلال البنوك. وبالطبع كل من يتعامل مع سماسرة السوق السوداء يعرض مصر لانهيار اقتصادى ويهدم البلد الذى سيعود إليها يوما ما. ولكن رغم هذا وذاك فإن الوضع الاقتصادى يحتم على الحكومة أن تتواضع عند تفاوضها مع المصريين، لأنها قد تضطر لقبول ما هو أسوأ من الوديعة. والمفاوض الشاطر يدرك أين يقف، وحجم نفوذه، ومدى قدرته على الضغط على الطرف الآخر. وأزمة الدولار أو بالأحرى الاقتصاد الحالية لا تعطى الحكومة فرصا كثيرة للتفاوض فى هذا الملف. فحل الوديعة يوفر لمصر وفرا دولاريا نحن فى أشد الحاجة إليه. خاصة أن عدد المصريين فى الخارج يقدر بالملايين. وهذا العدد سيزيد من الحجم النهائى للوديعة الدولارية. على الأقل حل الوديعة يمكن أن يجنب مصر الاقتراض من خلال الشهادات الدولارية بفائدة 6%. أو يحل أزمة الحصول على دولارات من قروض صينية وأخرى سعودية.


4- حرب الجيل الرابع

من حين إلى آخر تتصرف الحكومة بذكاء. وحكاية الجيل الرابع من النماذج النادرة للتصرف الذكى السياسى.

وزارة الاتصالات طرحت على شركات المحمول الثلاث خدمات الجيل الرابع. وقدرت الوزارة رسم الخدمة بنحو 11 مليار جنيه للشركات الثلاث. ودخلت شركة الاتصالات الوطنية فى هذه الخدمة لتتمكن لأول مرة من تقديم خدمات المحمول.

ولكن الشركات الثلاث التى تحقق أرباحا خرافية من جيوبنا بدأت فى الضغط على الحكومة لفرض شروطها للحصول على خدمات الجيل الرابع. وذلك فى كافة الإجراءات بدأت من الرسم على الخدمة وطريقة السداد والتسهيلات التى تقدم للشركات حتى تدفع على راحتها.

ولكن الوزارة وسعت دائرة الاختيار وعرضت خدمات الجيل الرابع على شركات عربية وصينية. وقد تلقت الوزارة بالفعل عروضا من الكويت والسعودية والصين. وأرجو ألا تتراجع الوزارة عن موقفها إما أن تدفع شركات المحمول الثلاث رسوم الخدمة دون تدليل أو لتذهب خدمات الجيل الرابع إلى شركات عربية أو أجنبية. فليس من المعقول أن تستمر هذه الشركات فى تحقيق أرباح خرافية من السوق المصرية، ثم تدعى الفقر عند مطالبتها بدفع رسوم. يجب أن تتوقف سياسة تدليل هذه الشركات. ولذلك أؤيد بقوة خطوة إدخال شركات أجنبية لمنح تراخيص الجيل الرابع للمحمول، على الأقل سنحصل على العائد بالدولار. ونساهم فى تخفيض حدة أزمة الدولار


5- خلاف الأرجوت

من بين القضايا التى تبنتها وزارة الزراعة قضية نسبة الأرجوت فى القمح المستورد، فجأة اكتشفت وزارة الزراعة أن النسبة المسموح بها طوال سنوات طويلة تهدد الأمن القومى، وبالطبع نشر خبر رفض مصر شحنة قمح روسى لأن نسبة الأرجوت أكبر مما تسمح به الزراعة أو القواعد المصرية، ولكن ما لم ينشر أن هناك خلافا داخل حكومة المهندس شريف إسماعيل حول هذه القضية خاصة داخل المجموعة الاقتصادية. لأن بعض الوزراء يرون أن القضية مفتعلة وستضر بمصر. وزيرة من المجموعة الاقتصادية قالت لرئيس الحكومة: إننا أمام قضية شو إعلامى وأن القضية ممكن أن تعطل توفير القمح لمصر. المثير أن هذا رأى عدد من كبار رجال الأعمال فى مصر. ولكن قصة الصفقة الروسية لا يمكن فصلها أو عزلها عن ملف العلاقات المصرية الروسية. فمصر غاضبة من تأخر عودة السياحة الروسية. خاصة أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا تميل بقوة لصالح الاقتصاد الروسى. مصر أكبر مستورد قمح من روسيا، وعقدت معها اتفاق محطات الضبعة النووية. وتستورد مصر أسلحة من روسيا.

وترى مصر أن بعض طلبات روسيا لعودة السياحة غير مقبولة، وغير عملية. اعتقد أن موضوع روسيا أكبر من القمح والفراولة. وأنه يحتاج لسياسيين، وليس لاقتصاديين أو رجال سياحة أو مستوردين. فالفجوة تتسع بين مصر وروسيا والعلاقات التى بدأت متينة ومبشرة قوية تحتاج الآن إلى حركة إنقاذ سريع وحاسم.