شيمون بيريز.. الأخطبوط الصهيونى الذى يصارع الموت

العدد الأسبوعي

شيمون بيريز الرئيس
شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي الأسبق - أرشيفية


نجح بدهائه فى الظهور كـ«حمامة سلام» رغم جرائمه الكثيرة فى حق العرب

واحد ممن أسسوا الكيان الصهيونى على أرض فلسطين، وشارك فى أغلب المذابح التى شنتها الدولة العبرية على مدار تاريخها مع العرب، ونجح بدهائه فى الظهور كـ«حمامة سلام» رغم جرائمه الكثيرة التى ارتكبها فى حق أبرياء.. إنه الاخطبوط الصهيونى «شيمون بيريز» الرئيس الإسرائيلى السابق.

«بيريز» الذى يصارع الموت حالياً داخل مستشفى «شيبا تل هاشومير» نظراً لإصابته بجلطة دماغية، كانوا يلقبونه داخل إسرائيل بـ»الخاسر الأكبر» نظراً لخسارته معظم المعارك الانتخابية التى خاضها من أجل الوصول لكرسى رئاسة الحكومة، فطوال تاريخه السياسى الذى امتد لأكثر من 70 عاماً لم يتول المنصب سوى مرتين، الأولى عندما تساوى حزب «المعراخ» الذى كان يتزعمه مع حزب الليكود بزعامة إسحاق شامير»  فى عدد الأصوات خلال انتخابات الكنيست عام 1984، وتقرر وقتها اقتسام  فترة الولاية الممتدة لأربعة أعوام بينهما، وتولى بيريز لاول مرة فى تاريخه المنصب من عام 84 19 وحتى عام 1986 .

المرة الثانية كانت عبارة عن فترة انتقالية بعد اغتيال «إسحاق رابين» فى نوفمبر عام 1995، حيث رأس الحكومة حتى شهر مايو عام 96، وخسر الانتخابات أمام الوافد الجديد على السياسة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

رغم ذلك تدرج «بيريز» فى أغلب المناصب القيادية داخل إسرائيل، حيث تولى رئاسة الدولة، رئاسة الوزراء، نائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، وزير الدفاع، وزير المالية، المدير العام لوزارة الدفاع، زعيم حزب العمل، فضلاً عن كونه مهندس المشروع النووى الإسرائيلى فى «ديمونة» خلال حقبة الخمسينيات عندما كان يمثل الذراع اليمنى لرئيس الوزراء الأول للدولة العبرية «ديفيد بن جوريون «.

كان بيريز البالغ من العمر 93 عاماً من أهم الشخصيات التى تشارك فى اتخاذ القرارات المتعلقة بسياسات الدولة العبرية تجاه المنطقة العربية، ولم ينس له العرب سجله الحافل بالكثير من الجرائم التى شارك فيها، لعل أبرزها العدوان الثلاثى على مصر 1965، فضلاً عن أنه كان شريكاً أصيلاً لشارون فى المذابح التى ارتكبت ضد الفلسطينيين فى انتفاضة الأقصى.

عاصر «بيريز» أغلب الرؤساء المصريين، وكان دائماً ما يبدى مشاعر الحب والصداقة تجاه المسئولين المصريين، رغم كونه «حرباء» قادرة على التلون فى المواقف المختلفة، حيث روى فى مذكراته قبل عامين الدور الذى لعبه فى إتمام إتفاقية «كامب ديفيد»، فكان وقتها يتزعم صفوف المعارضة الإسرائيلية، وأوضح  كيف تشكك الوفد الإسرائيلى فى نوايا الرئيس السادات بعد اعتباره من المؤيدين للنازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وحاول رئيس الوزراء وقتها «مناحم بيجن « اللعب على هذه الورقة لإفشال المفاوضات، إلا أن حركة المعارضة وقفت له بالمرصاد من أجل إتمام عملية التفاوض.

وروى أن بيجن أراد أن يلقى بملف المفاوضات إليه بعد أن أعلن للسادات رفضه التام لإخلاء المستوطنات الموجودة فى سيناء، وقال للسادات نصاً: «لديك صديق فى المعارضة يدعى شمعون بيريز، سبق لك أن حادثته مرتين إذهب إليه.

وتابع بيريز أن بيجن قال للسادات إن هناك مخاوف داخل إسرائيل من أن يأتى زعيم بعده يقنع مرة أخرى المصريين بإلقاء إسرائيل فى البحر، فرد عليه السادات، قائلاً: «فى المقابل من الممكن أن يأتى شارون محلك وهو من دعاة الحرب».

 أما علاقة «بيريز» بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، فقد شهدت بعداً آخر إذ تمت الاستعانة بمبارك شخصياً – حسب مزاعم إسرائيلية- لترجيح كفة «بيريز» فى الانتخابات أمام المرشح اليمينى إسحاق شامير عام 1988، الذى كان يتبنى مواقف متشددة ضد الفلسطينيين فى ذلك الوقت ووقتها أيقن «بيريز» وأعوانه أن الطريقة الوحيدة لإسقاط شامير هى الاستعانة بمصر.

وكشفت وثائق نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قبل ثلاثة أعوام أنه فى يوم 22 يناير 1988، التقى سراً كلاً من أسامة الباز مستشار مبارك  مع مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية «أبراهام تامير»، ودوّن «تامير» فى تقريره أمام بيريز ملخص  اللقاء وجاء كالتالى»إن الدافع المشترك بيننا وبينهم هو أن انتصار حزب «المعراخ» الذى كان عبارة عن ائتلاف بين حزب العمل وحزب العمال المتحدين» على حزب الليكود هو شرط لتقدم السلام ولكن مع حكومة الليكود لن يكون هناك سلام».

واستعرض «أبراهام تامير» المبررات التى استخدمها لإقناع أسامة الباز، حيث قال له خلال اللقاء «إن استمرار الجمود السياسى حتى موعد الانتخابات سيمثل تربة خصبة ومرتعاً لليمين المتطرف الذى سيردد أنه قد نجح فى منع «شمعون بيريز» من بيع أرض إسرائيل، وقال له أيضاً: «عليكم أن تستبعدوا من مخيلتكم امكانية التعامل مع حكومة الليكود وخصوصاً فى مسألة إيجاد حل لأزمة قطاع غزة والضفه الغربية».

وأكد تامير للباز «أن بيريز هو الزعيم الذى يلقى قبولاً لدى الجميع ولا يوجد أحد مثله فهو يقاتل من أجل البدء فى التفاوض، ويجب مساعدته بقوة حتى ولو عن طريق الدعاية له التى ستكون بمثابه الدعامة الأساسية لإقامة المؤتمر الدولى المفتوح غير أنه ليس من الممكن إقامة هذا المؤتمر، قبل أن نربح الانتخابات، خاصة أن النتائج النهائية ستكون هى الحاسمة والمحددة لمسيرة السلام وإذا لم ينجح المعراخ، فلن تكون هناك مسيرة سلام أو حتى مؤتمر دولى».

وفى نهاية شهر يناير سافر مبارك فى زيارة رسمية لواشنطن، وكان  متواجداً وقتها مستشار بيريز الخاص «نمرود نوفيك»، وكاتم أسراره «ستيف كوهين» وهو يهودى كندى ومحاضر فى شئون الشرق الأوسط.

حاول نوفيك وكوهين إقناع الباز خلال لقائهما به بعدم تأجيل المبادرة الأمريكية التى تقضى بعقد لقاء دولى يقود إلى المفاوضات بين إسرائيل والدول العربية، وأكدوا له أن أى رد سلبى من جانب مبارك أو الملك حسين سيضع «شامير» فى موقف إيجابى، والطرف العربى فى وضعية الرافض للسلام وليس شامير.

زعم « بيريز» أن مبارك كان يرى فيه الشريك الأنسب والأوحد لتحقيق السلام، واستمرت الاتصالات بين مكتبى بيريز ومبارك، حيث سافر «نمرود نوفيك» إلى روما لمقابلة أسامة الباز وزعم أن الباز قال له: «سنواصل العمل لإنجاح حزب المعراخ باعتباره الشريك الوحيد للسلام، ولا أحبذ أن نتحادث هاتفياً».

«صديقى العزيز بيريز» .. تلك العبارة الشهيرة التى وردت فى خطاب الرئيس المعزول محمد مرسى الذى أرسله للرئيس الإسرائيلى السابق لقبول أوراق اعتماد السفير عاطف سالم، وأثارت موجة من الجدل فى مصر، وبعدها أنكر مرسى إرساله للخطاب، إلا أن « بيريز» أكد عدم دهشته من ذلك بسبب حالة الغضب التى سادت مصر نتيجة هذا الخطاب.

وكان «بيريز»هو من سبق وأرسل إلى مرسى رسالة تهنئة فور نجاحه فى الانتخابات، تمنى فيها استمرار العلاقات الدافئة بين البلدين، وذكر نصاً فى خطابه «إننا فى إسرائيل نهنئكم بقيام الانتخابات ونتمنى لمصر تحت قيادتكم التصدى للتحديات المعقدة التى تواجه الشعب المصرى».