العرب اللندنية: الأيام المقبلة ستشهد ولادة جماعة جديدة للإخوان

أخبار مصر

مرسي وأعوانه - أرشيفية
مرسي وأعوانه - أرشيفية


 

كشفت مصادر مقرّبة من جماعة الإخوان، لصحيفة العرب اللندنية، أن المراجعات الفكرية التي تجريها الجماعة وصلت إلى مراحلها النهائية وسيتم الإعلان عنها قريبا، وأن راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية نصّ بالتخلي صراحة عن فكرة تطبيق الشريعة والخلافة. وأشارت المصادر إلى أن الأمور داخل الجماعة تتجه نحو التوافق على تنظيم جديد للانتخابات الداخلية .

 

وكان رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، قد كشف أن جماعة الإخوان بمصر في طريقها إلى اختيار قيادة جديدة، وأن خلافات وصراعات الجماعة ستختفي فور إنجاز هذه الخطوة التي يصفها بعضهم بـ“الجريئة”.

 

وقال ولد الددو في حلقة الأربعاء من برنامج “بلا حدود”، الذي يبث على شاشة قناة الجزيرة القطرية ذات التوجه المساند للإخوان المسلمين، “إن القائم بأعمال مرشد الجماعة محمود عزت فوّض صلاحياته لإبراهيم منير عضو التنظيم الدولي والمقيم في لندن”.

 

لكن جماعة الإخوان نفت صحة هذه التصريحات، وهو ما اعتبره مراقبون دليلا جديدا على حجم التخبّط والخلاف داخل الجماعة، في ظل تكرار بيانات النفي التي أصدرتها الجماعة خلال الأيام الماضية .

 

ويتمتع ولد الددو بمكانة كبيرة في نفوس شباب الإخوان ومناصريهم، لكونه أحد قيادات مجلس علماء المسلمين الذي يترأسه يوسف القرضاوي.

 

وتشهد الجماعة خلافات حادة تصاعدت في الآونة الأخيرة، بين القيادات التاريخية للجماعة وجيل الشباب، في طريقة التعامل مع النظام، والذي أطاح بمحمد مرسي الإخواني.

 

 

وقال مراقبون إن الخلافات الراهنة هي الأضخم في مسيرة الجماعة منذ تأسيسها في عشرينات القرن الماضي على يد حسن البنّا سنة 1928، وسوف تكون لها تأثيرات شديدة على مستقبل الجماعة .

 

وكشفت المصادر أن المراجعات التي عكفت عليها قيادات التنظيم الدولي للجماعة خلال الفترة الماضية، صيغت بشكل نهائي بعد إدراج الملاحظات التي أوردها الإخوان داخل مصر.

 

وأكدت أن التنظيم سينتقل قريبا لجمع صفه الداخلي عبر انتخابات بقوائم ونظام جديد.

 

ونشرت العرب نهاية يوليو الماضي، ملامح من مسودات المراجعات الفكرية للإخوان المعروضة على البعض من العلماء المعروفين في العالم العربي، للتحكيم في البعض من القضايا التنظيمية والفقهية والفكرية للإخوان.

 

وتتضمن المسودة الرئيسية “عدة محاور بشأن قضايا تؤكد ضرورة الفصل بين السياسي والدعوي، وتطبيق الشريعة والمواطنة، والموقف من العدالة الانتقالية، كما تتضمن أيضا الموقف من الديمقراطية والمشاركة السياسية‏‏”.

 

وأكدت المصادر أن راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، قدّمت له الورقة السياسية الخاصة بالجماعة وحزبها (الحرية والعدالة المنحل) وتشمل نظم التنظير والممارسة السياسية، ونظرة الإخوان إلى مسائل مثل المواطنة والأقباط والشريعة والسياسة والعلمانية والتحالفات السياسية والعديد من القضايا الراهنة والعالقة.

 

وطالب الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس، إخوان مصر بالتمسك بأولوية الحرية والديمقراطية، وطلب من التنظيم المصري التخلي عن فكرة الخلافة وتطبيق الشريعة.

 

كما عرضت المراجعات على القيادي الإخواني الليبي محمد علي الصلابي، الذي ركز في ملاحظاته على الدعوة، كما كان له دور في التوفيق بين المتخاصمين تنظيميا.

 

وأشارت المصادر إلى أن هناك شخصية مغربية تحفظت على ذكر اسمها لعبت دورا مهمّا في المراجعات الإخوانية، وقدمت ملاحظات في الورقة السياسية والمجال الفقهي وغير ذلك من القضايا الشائكة.

 

وانصبت الملاحظات على أولويات الحركات الإسلامية حاليا، وركّزت على الديمقراطية بوصفها مدخلا إسلاميا لتحقيق العدل والحرية باعتبارهما عند فقهاء المقاصد، يشكلان الهدف والوسيلة من تطبيق الشريعة.

 

وفي ما يخص تبني موضوع الخلافة الإسلامية فقد تم التشكيك في هذا الأمر من طرف العالم المغربي بالرجوع إلى السنّة والتاريخ وطلب ألا ترد مطلقا في أي ورقة للتنظيم. أما المواطنة فكانت الملاحظات متقاربة جدا مع ما قاله الغنوشي، مشددا على ضرورة ألا يكون هناك فرق بين قبطي ومسلم، ما لم ترد في الدستور فوارق معيّنة، بمعنى أن يكون الدستور هو الحاكم.

 

ويرى متابعون للشأن الإسلامي أن هزائم التنظيم المتتالية والمخاطر التي تعرض لها، بسبب ثبات النظام المصري واستمراريته، وإعادة إنتاج ظاهرة العودة إلى العمل السري وممارسة العنف وانجرار البعض للتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كلها عوامل أثّرت سلبا على جماهيرية التنظيم وقواعده في بلاد عربية وإسلامية كثيرة.

 

وبحسب خبراء ومراقبين، فإن الجماعة أدركت أنها فى مأزق، ولا بد لها من مخرج وتصحيح العلاقات مع قواعدها قبل فوات الأوان و“قبل أن يقع الفأس بالرأس”، وفق التعبير العامي الدارج في العالم العربي .

 

ويرى ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن اتساع الفجوة الأيديولوجية بين الإخوان والتنظيمات الحليفة لها، وسقوط المشتركات الاستراتيجية بين الإسلاميين ومعارضيهم من العلمانيين والقوميين والليبراليين واليساريين والأقباط وغيرهم، ربما كان دافعا لجماعة الإخوان المسلمين لإعادة تقديم نفسها.

 

وأوضح فرغلي لـ“العرب” أن استمرار النظام المصري الحالي في هز قناعات عدد كبير من عناصر التنظيم في سلامة المنهج، هو أمر زحزح أركان الجماعة العقائدية واضطرها لإعادة النظر في أمور كثيرة.

 

وقال إن الجماعة تسعى حاليا إلى التغير والمراجعة والتموضع والتموقع بشكل جديد، وخلق صورة مغايرة تستطيع من خلالها الاستمرار والعودة إلى المشهد السياسي.

 

وحول مستقبل الجماعة في ضوء هذه المستجدات توقع فرغلي أن تشهد الأيام المقبلة ولادة جماعة جديدة للإخوان مختلفة عن النظرة الراسخة في نفوس المصريين عن الجماعة القديمة.