دراما مركب رشيد.. أرواح غرقت بحثا عن سراب الهجرة.. القصة الكاملة

تقارير وحوارات

غرق مركب رشيد - أرشيفية
غرق مركب رشيد - أرشيفية


  


خيمت حالة من الحزن على الشارع المصري عقب وقوع حادث غرق مركب في سواحل رشيد بمحافظة البحيرة، فجر الأربعاء الماضي، ما أدى إلى وفاة 202 مصريًا بحسب آخر احصائيات وزارة الصحة، لتستمر هذه الحالة لما يقرب من أسبوع، لانتظار انتشال بقية الجثث بالإضافة إلى الناجين الذين رووا تفاصيل مأساتهم. 
 

وفي السطور التالية ترصد "الفجر" القصة الكاملة لأحداث مركب رشيد الغارق.
 

أولى صافرات الإنذار
ما إن نادى المؤذن بالفجر، وتلألأ الجو في ساعاته الأولى، كانت منطقة رشيد بالبحيرة، على موعد مع كارثة المركب المسافرة بالشباب إلى الخارج، حيث أكدت أولى الأخبار أن في الساعات الأولى من صباح  يوم الأربعاء 21 سبتمبر، وقع على بعد 12 كيلو من شاطئ "مطوبس - رشيد"، حادث غرق مركب هجرة غير شرعية، وكان  المركب يستقل نحو 300 مهاجر غير شرعي كانوا من جنسيات متعدد، حسبما أكد محافظ البحيرة الدكتور محمد سلطان.


 
الدفع بـ 15 سيارة إسعاف وحالة من التأهب القصوى
كانت هذه هي الخطوات الأولى بعد حدوث الكارثة، والتي أكدها أيضا محافظ البحيرة، حيث تم الدفع بـ 15 سيارة إسعاف على شاطئ برج رشيد، لنقل المصابين وجثث الضحايا فور انتشالهم من جانب قوات حرس الحدود والبحرية،  فضلا عن رفع درجة الاستعداد القصوى بكافة المستشفيات على مستوى المحافظة.

 

انتشال جثث وإنقاذ آخرين
كما أكد أيضا محافظ البحيرة، آنذاك أن مستشفيات المحافظة استقبلت نحو 29 جثة ، و8 مصابين حالتهم مستقرة، فيما تمكنت  القوات البحرية وحرس الحدود، من إنقاذ نحو 150 مهاجرًا، ولم تتوقف الأعداد عند هذا الرقم، فمع امتداد الأحداث، وصل أعداد القتلى إلى 168 شابا ، ممن كانوا يستقلون المركب، حسبما أعلنت وزارة الصحة منذ أيام .

 
مجهودات الأهالي في الحادث
ولم يغب مشهد تحركات الأهالي، في خضم الأحداث الجارية، حيث أكد بعض أهالي الغارقين، أنهم تلقوا اتصالات من ذويهم حال غرقهم، مما أدى إلى تحرك الكثير من المواطنين، ليتجهوا بالتعاون مع القوات الجوية والقوات البحرية المصرية إلى رشيد وإنقاذ أكثر من 160 شخص بينهم 117 مصري و 43 من جنسيات أجنبية.
 


من هم أصحاب المركب ؟ ومن المسئول؟
قال اللواء علاء الدين شوقي مدير أمن البحيرة إن المركب الغارقة أمام سواحل رشيد  ملك "حسن.ح.ر" و"محمد.م.ا" المقيمان بمحافظة دمياط،  والتي  يستخدمونها في الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية إلى دولة إيطاليا، موضحًا أنهما قاما بتحميل حمولة زائدة للأفراد، عن طريق  نقلهم بمراكب صيد صغيرة، بمنطقة برج مغيزل ومطوبس ما أدى إلى غرق المركب.


وتحدث الناجون برواية أكثر توضيحًا حيث أكدوا أنه أجريت الاتفاقات على هذه الهجرة من خلال اتصالات هاتفية مع 4 سماسرة من منطقة النواصرة التابعة لقرية الجزيرة الخضراء بمطوبس، هم الذين نظموا هذه الرحلة، وكانوا أيضا طاقم المركب الذي غرق، ولكنهم نجوا وفروا هاربين.

وتبين بعد ذلك أن صاحب المركب يدعى محمد الجندي، وأسماء السماسرة: " "رمزى.أ.س.ا، زايد.ا.م.ا، شعبان.م.ا، السيد.ع.ا - شهرته حمادة الهادي، يوسف.ع.ح - شهرته رضا حنجل".



سبب الغرق
أكد الناجون من المركب أن تشاجر المهاجرين عليها هو السبب في غرقها. ويروي الناجون القصة بأن هناك مركبين كانا يقلان مهاجرين غير شرعيين وعند الكيلو 23 مكان الالتقاء أجبر السماسرة بنقل المصريين من السفينة التى تقلهم إلى أخرى بها أجانب من ذوي الجنسيات المختلفة ، إلا أن هؤلاء الأجانب رفضوا استقلال المصريين سفينتهم نظرا لارتفاع الحمولة وهو ما قد يعرضهم للخطر ودخل المصريون والأجانب في مشاجرات عنيفة في عرض البحر ونجح المصريون في نهاية المشاجرات في استقلال سفينة الأجانب ليبلغ العدد أكثر من 250 شخصا . 

وأضافوا:" انه فى تمام الساعة الخامسة من فجر الأربعاء "مالت" السفينة إلى أسفل وبدأت المياه تملؤها وهو ما أدى إلى غرقها بالكامل".

 
شهادات الناجين
كانت شهادات الناجين من الحادث حاضرة وبقوة، حيث احتوت على الكثير من الرسائل الغريبة والمؤلمة، فالبعض منهم أكد أن ما فعله كان بسبب احتياجه للمال، ومنهم الشاب أحمد درويش، الذي قال، إن محاولة سفره على مركب غير شرعية كانت بسبب حاجته للمال، وآخر يروي مأساته بفقد زوجته وأولاده فيقول"يا ريتني ما نجيت .. ذكرى زوجتي وابني لن تفارقني.. أنا السبب في موتهم".


وينقل آخر مشهدًا من أفظع المشاهد فيقول: "المركب كان عليها أطفال كتير، وأنا شوفت العديد منهم على وش المياه ومكناش عارفين نعملهم حاجة" .

ويستمر الناجون في الإدلاء بشهاداتهم حيث كشف شاب آخر عن سبب سفره فيقول " قررت الهجرة لأن لو جوازي هيتكلف 150 ألف جنيه هبقى محتاج 50 سنة عشان أتجوز".


وأكد البعض أيضا أن السبب في غرق المركب هو الحمولة الزائدة التي كانت على المركب المتهالك، حيث كان يتواجد به أطفال ونساء ورجال كثر.


كشف عورة تقصصير الحكومة
كان من ضمن المشاهد البارزة كثيرًا، حيث لم تتفاعل الحكومة مع وقوع الكارثة، كما ينبغي، لتتحرك بعد حدوث الكارثة بثلاث أيام، وهو ما كان محل نقد شديد لها، خاصة من قبل العديد من أطراف مجلس النواب الذي أكد أن الحكومة من ضمن الأطراف التي تسببت في وقوع الحادث، فمن ناحية تتخذ إجراءات عدة تتسبب في تضييق عيش المواطن، فضلا عن تقصيرها الكبير في متابعة الحادث والتعاطي معه.


انتشال المركب من البحر
وأعلن اليوم الدكتور محمد سلطان محافظ البحيرة عن إنتشال مركب الهجرة غير الشرعية، كما أعلنت وزارة الصحة عن الحصيلة النهائية لعدد الوفيات إلى 202 حالة.