«برهامى» يعتزل العمل السياسى ويرحل عن الدعوة السلفية

العدد الأسبوعي

ياسر برهامى - أرشيفية
ياسر برهامى - أرشيفية


شباب السلفيين حصلوا على تقارير كتبها برهامى للأمن تتهمهم بالاتصال بداعش والقاعدة

■ استبعاد رجال نائب رئيس الدعوة من حزب النور و«المقدم» يدير الأمور


1- قصة اعتزال ياسر برهامى

فى البداية كانت الرسالة المسربة من مجلس إدارة الدعوة السلفية، بمثابة لغز كبير، لأن جميع المعطيات تدل على أن برهامى لن يترك الدعوة أو حزبها السلفى بسهولة، خصوصاً أنه خاض غمار معارك شرسة وكبيرة منذ تأسيس الدعوة فى السبعينيات من القرن الماضى وحتى الآن، للحفاظ على هذا الكيان من التجميد، بالإضافة للمعارك التى خاضها منذ تأسيس الحزب إلى اليوم.

وطيلة هذه السنوات الطويلة، لم يتراجع برهامى لحظة واحدة رغم جميع المحاولات التى خاضها خصومه لإقصائه والتى انتهت جميعها بالفشل، رغم أن هذه المعارك كانت مع أبناء التيار الإسلامى، وأحياناً مع أبناء وقيادات الدعوة نفسها، لذا بحثت «الفجر» وراء المعلومة المدهشة للتأكد من حقيقتها وهدفها وسر توقيتها الذى يأتى وسط صفقات يعقدها برهامى بين أجهزة الأمن وتنظيمات الإسلام السياسى المختلفة وآخرها مع الداعية محمد حسان، للتمهيد لعودة الإسلاميين الهاربين إلى مصر.

قيادات فى الدعوة، قالت لـ«الفجر» إن برهامى بات يعلم أنه مغضوب عليه من جهات ما، ويخشى على نفسه من مصير محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، الموجود فى السجن والذى يواجه أحكاماً بالإعدام، والسجن المؤبد، لذا فضل العزلة والاعتزال، خصوصا أنه يتعرض منذ فترة كبيرة للضغط المتواصل عليه من جانب قيادات الدعوة غير الراضية تماماً عما وصلت إليه الأمور داخل الدعوة والحزب، بالإضافة لانشقاق صف الدعوة بشكل كبير عليه خصوصاً بعد انقلاب عدد كبير من القيادات على برهامى، بخلاف عودة محمد عبد المقصود، المحتملة والقريبة للدعوة والتى يمهد لها تلاميذه من أبناء الدعوة والذين يعتبرونه الوريث الشرعى للدعوة وليس برهامى.


2- التكتل الجديد فى النور

ويعتبر برهامى الجيل الثانى من أبناء الدعوة السلفية، عبئا ثقيلاً عليه، والذين يتزعمهم محمد جويلى رئيس الدعوة السلفية بمحافظة مرسى مطروح، ومعه عدد كبير من قيادات جيله منهم محمد حجاج وسامى الدوانس وياسر الجمل وإسلام المهدى وفرحات رمضان، وهى أسماء يجب تذكرها جيداً حيث يقودون حملة شرسة وقوية ضد برهامى فى معظم المحافظات التى يحظى فيها بشعبية وتأييد خاصة كفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية التى تعتبر عاصمة الدعوة وأهم مناطق وجودها.

جويلى، طرد برهامى من محافظة مرسى مطروح، وأصدر تعليمات بحرمان الأخير من الخطابة فى المساجد التابعة للدعوة فى المحافظة ومن دخول المنطقة من الأصل، وهو الأمر المتوقع أن يتكرر مع كل جولة لبرهامى فى محافظة من المحافظات التى أعلنت انشقاقها عن الدعوة أو بصدد الإعلان عن ذلك فى الفترة المقبلة خاصة أن هؤلاء الشباب أعلنوا عزمهم على إقصاء برهامى تماماً خلال الفترة المقبلة.

هذا التكتل وتلك الأسماء التى كشفت عنها « الفجر» وضعت برهامى هدفاً خصوصاً بعدما وصلت مستندات تؤكد أن برهامى قدم تقارير لأحد أجهزة الأمن تحمل معلومات تفصيلية عنهم وتتهمهم بأنهم لا ينتمون للفكر السلفى ولكنهم يحملون فى عقيدتهم فكراً تكفيرياً وجهادياً، وأن هناك اتصالات بينهم وبين القيادات الكبرى فى تنظيم داعش وبعضهم على صلة بتنظيم القاعدة، وكانت تلك المعلومات هى التى جعلتهم يخططون للتخلص من برهامى بشكل نهائى ولا رجعة فيه.


3- إسماعيل المقدم يتولى زمام الدعوة السلفية

وأرسلت مجموعة جويلى رسالة واضحة لمجلس إدارة الدعوة وعلى رأسهم محمد إسماعيل المقدم، أن مكانة برهامى وسمعته أصبحت على المحك، الأمر الذى دفع المقدم لتولى زمام الدعوة من الباطن وإن لم يتم إعلان الأمر، حيث يقوم بإدارة الدعوة فى سرية حتى تستقر الأمور، وتنتقل الدعوة برمتها فى يده، خاصة أنه تم إجباره على العودة مرة أخرى للعمل الدعوى وتيسير أمور الدعوة بعد أن كان قد اعتزل العمل مؤقتاً وتجنب جميع الصراعات فى السابق وفى أكثر من معركة كانت العزلة هى الأقرب لقلب المقدم، بدلاً من خوض المعارك.

مصادرنا أكدت أن المقدم، لن يتراجع عن مواقفه ولكنه سيترك إدارة الحزب لقياداته نفسها، كما سيترك أمر إدارة الدعوة لمجلس إدارتها، ولكنه بات يعلم جيداً أن عمر برهامى السياسى والدعوى انتهى، وأن عليه التدخل لإنقاذ الموقف والحفاظ على الدعوة والكيان الحزبى، وبات يسير أمور الدعوة من عقد اجتماعات مجلس الإدارة والاجتماع مع رؤساء مجالس إدارة الدعوة فى المحافظات وتيسير أمورها وعقد لقاءات موسعة مع قيادات شابة بعينها، وكل تلك الأنشطة كانت من مهام برهامى وحده.

ولكن انتقال الأمور كلها وبتلك الكيفية فى الوقت الراهن تؤكد أن هناك تغييرا جذريا فى مستقبل الدعوة السلفية والتى تستعد لمرحلة ما بعد برهامى، خصوصا أنه ليس هناك خلاف نهائى بين أبناء الدعوة السلفية على شخصية المقدم، حتى تلاميذ سعيد عبد العظيم.


4- مستقبل حزب النور

والمعروف عن المقدم أنه لا يفضل الدخول فى معترك الحياة السياسية، ومواقفه السابقة من حزب النور الذراع السياسية للدعوة لن تتغير فى الفترة المقبلة، خصوصا أنه سجل اعتراضات كثيرة على سياسات الحزب ولكن برهامى كان يبررها ويمررها.

وتبدو تلك المعضلة الحقيقة التى يواجهها المقدم فى المرحلة المقبلة رغبة قيادات الجيل الثانى من الدعوة السلفية فى الحصول على ترضيات مناسبة لهم بتولى مناصب قيادية فى الدعوة السلفية وحزبها، لأن أغلبهم بات لديه عقيدة أن وقت التغيير حان ويجب ضخ دماء جديدة فى شريان الدعوة السلفية والحزب، وأن المقدم هو الشخص المسئول عن إحداث هذه النقلة وتسليم القيادة من الأجيال الحالية للجيل الثانى، خصوصا أن برهامى تعامل معهم فى الفترات الأخيرة بالمسكنات والترضيات بأنهم سيكون لهم نصيب الأسد فى انتخابات المحليات القادمة، وأن الدعوة والحزب سيدفعان بهم للانتخابات لكن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.

وبات على المقدم أن يصلح ما أفسده برهامى فى حزب النور أيضا بالنسبة للشباب وفى نفس الوقت هناك معضلة أخرى هى تضييق الدولة على الحزب فى الانتخابات المحلية القادمة حيث لن تكون هناك فرصة كبيرة لوجود شباب الحزب فى المجالس المحلية، وإن كانوا سيحصلون على نصيب وفقاً لاتفاقات بين برهامى وقيادات من جهاز الأمن الوطنى، يعلم بها مجلس إدارة الدعوة.

وأمام المقدم حل آخر سيرضى جميع الأطراف، ووفقاً لمصادرنا فإنه لن يتدخل فى سياسة الحزب وسيترك مجلس رئاسة الحزب يدير أموره بالكيفية التى يراها وسيكون لمجلس إدارة الدعوة الإشراف على تلك القيادات مع تصعيد عدد من الشباب فى أمانات الحزب فى المحافظات وأن القرار لن يكون فرديا من المقدم.

وتدور فى كواليس الدعوة أحاديث عن أن اعتزال برهامى لن يكون الأخير ولكنه سيكون مقدمة لاعتزال آخرين منهم عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة، وأشرف ثابت ونادر بكار، القياديين بالحزب، خصوصاً أنهم جميعاً فى مركب واحد مع برهامى، كما أنهم جميعاً لم يحركوا ساكناً مع نقل صلاحيات برهامى للمقدم فى الدعوة السلفية والتزموا الصمت وظهروا فى اللقاءات الأخيرة التى عقدها المقدم.