الحكومة تطارد 3 ملايين طبيب ومحام ومحاسب لتحصيل «القيمة المضافة»

العدد الأسبوعي

شريف إسماعيل، رئيس
شريف إسماعيل، رئيس الوزراء بمجلس النواب - أرشيفية


ارتفاع أسعار الكشف والأتعاب وتكاليف خدمات مكاتب المحاسبة والهندسة وعمولات الخبراء والشركات الاستشارية

زيادة تكلفة حجز الفنادق وتذاكر السفر والشراء عبر الإنترنت.. والمواطن سيساعد فئات كثيرة على التهرب


ارتفعت أسعار جميع الخدمات التى يقدمها الأطباء والمحامون والمهندسون وغيرها بعد صدور قانون ضريبة القيمة المضافة، بجانب الخدمات الـ17 التى كانت خاضعة لقانون ضريبة المبيعات، رغم أن مصلحة الضرائب كانت عاجزة على مدار السنوات الماضية على تحصيل الضرائب من هذه الفئات بسبب قصورها فى حصر قيمة الضرائب المستحقة عليهم وعدم وجود مستندات تكشف حقيقة الدخل.

التوسع فى إخضاع الخدمات للضريبة الجديدة شمل لأول مرة خدمات النقل السياحى بنسبة 5%، والخدمات المهنية والاستشارية، والإنترنت المنزلى والتى أعفاها القانون لمدة سنة واحدة، فضلاً عن الخدمات الإلكترونية بنسبة 13 %.

ووفقا لورقة عمل للدكتور عبد المنعم لطفى، مدرس الاقتصاد والمالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، عن الضريبة، صدرت فى مارس الماضى، فإن ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ لضريبة المبيعات ﻻ ﻳﻔﺮﺽ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻭﺍﺳﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﻹﻋﻼﻧﺎﺕ، ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﺎﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻓﻴﻦ، ﺍﻟﻤﺨﺮﺟﻴﻦ، ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻴﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، وتقارن الدراسة بين ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟخاضعة للضريبة فى مصر وغيرها من الدول فتشير إلى أنها تصل فى بعضها لـ179 خدمة مثل المكسيك وجزر هاواى الأمريكية وهو ما يعكس ضيق حيز المجتمع الضريبى فى مصر.


1- الخدمات المهنية

وحسب القانون، توجد الخدمات المهنية والاستشارية فى جدول السلع رقم 1 والذى يخضع لمعاملة ضريبية استثنائية فيما يعرف بضريبة الجدول والتى لا ترتبط بحد التسجيل، حيث تخضع لضريبة بنسبة 10% من القيمة المدفوعة مقابل الخدمة وتم استثناء خدمات الحرفيين منها.

وعلى سبيل المثال لو حصل شخص على رسم هندسى من أحد مكاتب الاستشارات الهندسية فإن سعر الرسم سيرتفع بنسبة 10% مع تطبيق الضريبة، لكن هناك مخاوف كبيرة من عدم قدرة مصلحة الضرائب على حصر عمليات تقديم الخدمات التى تتم بالفعل، خاصة مع تهرب كثير من أصحاب المهن الحرة غير التجارية، من ضريبة الدخل والتى لا تتجاوز حصيلتها نصف مليار جنيه سنوياً.

وهناك تساؤلات عديدة حول قدرة المصلحة على إخضاع المهن الحرة للضريبة، فهل ستتفرغ لمطاردة نحو 3 ملايين مهنى، منهم 35 ألف محاسب مسجل بنقابة التجاريين و400 ألف محام مسجل بنقابة المحامين و 500 ألف طبيب مسجل بنقابة الأطباء، وغيرها من المهن كالممثلين والمقرئين والمرشدين السياحيين والمدرسين، خاصة أن المصلحة ليس لديها من الإمكانيات البشرية أو التكنولوجية لإلزامهم بالدفع.

ووفق خبراء فإن القانون لم يحدد بشكل واضح ما هى المهن أو الخدمات المهنية التى ستخضع للضريبة وهو ما معناه أن كل من يؤدى مهنة لاتستعين بآلات أو معدات أو مسجل فى نقابة خاضع لها على سبيل المثال قراء القرآن.

ويوجد جدل حول خضوع عدة مهن للقانون على رأسها الأطباء، وذلك بعد أن تم إعفاء الخدمات الصحية من الضريبة، وهو الأمر الذى أثار التباساً حول إخضاعهم للضريبة من عدمه فهم مقدمو الخدمة الصحية، ومن المقرر أن توضح اللائحة التنفيذية للقانون الأمر وماهية الخدمات الصحية المعفاة وهل تشمل عمليات التجميل واللياقة البدنية أم لا، وإذا تم تفسير الخدمات الصحية على أنها المقدمة داخل المستشفيات فقط، فهذا معناه أن كشف الأطباء فى العيادات الخاصة سيخضع للضريبة.

وبالإضافة إلى الأطباء، هناك جدل حول خضوع خدمات الموظفين فى الجهاز الإدارى للدولة وأيضاً المدرسين فهناك من يرى أن مايقدمونه من خدمات هو وظيفتهم الأساسية فلا يجب التعامل معها باعتبارها خدمة وهناك من يرى أن الخدمات التى يقدمونها يجب أن تخضع للضريبة خاصة المعلمين الذين يتربحون من الدروس الخصوصية.

وهناك عدة مهن غير مطالبين بالضريبة على رأسهم الصيادلة ووكلاء الفنانين ومتعهدى إقامة الحفلات، حيث تتم محاسبتهم باعتبارهم يمارسون نشاطاً تجارياً وليس مزاولى مهنة، بالإضافة إلى الصحفيين والإعلاميين والأدباء والكتاب والفنانين التشكيليين والمؤلفين والمنتجين الفنيين فى السينما والإذاعة والمسرح والتليفزيون بعد إعفاء الخدمات التى يقدمونها وفقاً للقانون.

وحسب خبراء فإن مستهلكى الخدمة أو المستفيدين منها، أى المواطنين هم من سيتحملون الضريبة بشكل أساسى، ولذلك يتوقع حدوث زيادة فى أتعاب الخدمات الخاصة مثل عيادات الأطباء ومكاتب المحاماة ومكاتب المحاسبة والمكاتب الهندسية وجميع الخدمات الاستشارية بنسبة 10% وبالتالى انخفاض فى عدد المستفيدين من هذه الخدمات.

ورصدت غرفة الشرقية التجارية من خلال ترمومتر الخدمات الخاص بها خلال ستة أشهر خلال العام الحالى، ارتفاع أتعاب الأطباء بنسبة 9% مقارنة ببداية العام، وبنسبة 27% مقارنة بيناير 2015 بسبب التضخم وانخفاض قيمة الجنيه.


2- الدفاتر والفواتير

نعود إلى دراسة عبد المنعم لطفى، لتناول نقطة أخرى وهى كيفية تعامل وزارة المالية مع إخضاع الخدمات المهنية والاستشارية للضريبة، للمرة الأولى، حيث تؤكد أن أسلوب الفاتورة هو المناسب لمصر وللنظم التى تستخدم أكثر من سعر للضريبة، حيث طبقت هذا النظام من خلال ضريبة المبيعات، حيث يسهل هذا النظام للإدارة الضريبية إجراء عمليات الفحص ومكافحة التهرب الضريبى.

وزارة المالية من ناحيتها تجهز لإصدار فواتير جديدة لتحصيل الضريبة من أصحاب المهن الحرة خاصة أنها ضريبة مستندية لا يمكن تحصيلها وتقييمها إلا من خلال فاتورة، ووفقا لخبراء فإن الوزارة كانت تدرس إصدار نموذج فاتورة يتم تعميمه لكن صعوبة الفكرة وعدم تطبيقها فى دول كثيرة أوقف الأمر.

ووفق ورقة العمل، فإنه يجب أن يتوازى تطبيق قانون القيمة المضافة مع تطبيق عدد من الإصلاحات الضريبية أهمها تفعيل دور إدارات المراجعة والفحص الضريبى والمعلومات، وأيضا إتمام الدمج بين الضرائب على الدخل وضرائب المبيعات وتبادل المعلومات فيما بينهما لمنع التهرب الضريبى.

وحسب خبراء فإنه لا توجد معلومات كاملة لدى مصلحة الضرائب عن أصحاب المهن الحرة فى مصر لكن تطبيق الضريبة عليهم سيساعد المصلحة فى حصر الجزء الأكبر من المهنيين ومحاربة تهربهم من الضريبة العامة وضريبة الدخل لأنه سيتم تطبيق عقوبة التهرب على الممتنع عن التسجيل بعد شهر من سريان القانون.

وتنقسم الخدمات المهنية إلى نوعين: خدمات تقدم إلى أفراد وأخرى للشركات، وتكون فرص التهرب أكبر فى النوع الأول مقارنة بالثانى حيث تضطر الشركات لتوثيق الخدمات التى تحصل عليها من المهنيين لأنها تضعها تحت بند التكاليف وتخصمها من دخلها ما يقلل من ضريبة الدخل المفروضة عليها سنوياً، لكن الخدمة المقدمة للأفراد لاتسجلها مكاتب المهنيين فى إقراراتها عن ضريبة الدخل ويتم إدراج قيمة خدماتهم كرقم إجمالى.

وأوضح خبراء أن من أكبر المشكلات التى ستواجه المصلحة فى تطبيق الضريبة على الخدمات هى عدم حرص المستفيد أو المواطن على الحصول على فاتورة للخدمة التى حصل عليها لأن ضريبة الجدول لا يتم خصمها من تكاليف الدخل الخاص به وبالتالى لن تقلل ضريبة الدخل التى يدفعها، لكن إذا كان مستفيداً سيحرص على التعامل بالفاتورة، وهنا فإن أصحاب المهن الحرة والمواطن لا مصلحة لهما فى وجود فواتير.

الأمر الأكثر صعوبة هو ضرورة وجود فواتير صحيحة وكاملة وليس مجرد فواتير فقط وإلزام الممولين بالدفاتر حيث يجب أن تتضمن الفاتورة اسم الممول ورقمه الضريبى أو رقم بطاقته فى حالة الاقتصاد غير الرسمى، لتظهر جميع التعاملات لدى مصلحة الضرائب.

وأكد خبراء أن مصلحة الضرائب لن تستطيع أن توقف مأمور ضرائب على كل باب لكن وجود نظام ضريبى واضح، سيكون قادراً على ضبط المنظومة وهو الأمر الذى قطعت وزارة المالية ومصلحة الضرائب شوطاً فيه فلن يتغير الأمر بين يوم وليلة ويجب البدء فى التطبيق اليوم حتى تتحسن الحصيلة عاماً بعد عام.


3- شركات البورصة

من ناحية أخرى تخضع شركات الخدمات المقيدة فى البورصة المصرية، للضريبة للمرة الأولى على عكس الوضع فى قانون ضريبة المبيعات، حيث تقدم خدمة وذلك رغم إعفاء الخدمات المالية غير المصرفية من ضريبة القيمة المضافة بشكل عام.

ومن المتوقع أن ترفع تلك الشركات قيمة الرسوم التى تتقاضاها مقابل الخدمات التى تقدمها، وهو ما يرفع تكلفة الخدمة على المستفيد ويؤدى لانخفاض الطلب على هذه الخدمات أو أن تتحمل الشركات جزءاً من الضريبة فتقل هوامش أرباحها.


الخدمات الاستشارية

تخضع الشركات التى تقدم الاستشارات لأول مرة لضريبة بنسبة 10% وأيضاً المستشارون والخبراء الأفراد، وتقدم شركات الاستشارات خدمات محددة لصالح شركات أو أفراد بمصر مقابل الحصول على عمولات معينة مثل إعداد دراسات الجدوى.

ويوجد حوالى 47 شركة مقيدة فى هيئة الرقابة المالية لتقديم الاستشارات المالية وشركات أخرى مؤسسة وفق قانون هيئة الاستثمار، بالإضافة إلى شركات الاستشارات الهندسية والطبية والقانونية.

وهناك مخاوف من لجوء بعض تلك الشركات لتخفيض العمالة لتؤدى الضريبة الجديدة بجانب ضريبة الدخل التى تسددها سنوياً خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية أو أن تلجأ إلى الخروج من السوق نهائياً.

وبذلك فإن خدمات تقييم المشروعات وعمليات الاستحواذ ومساعدة الشركات فى الحصول على عروض تمويل، وإعادة هيكلتها المالية والإدارية وتقديم دراسات الجدوى، سترتفع بنسبة 10% وهو ما سيؤثر على شريحة من الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم التى كانت تستفيد من هذه الخدمات.


الخدمات الإلكترونية

أما الخدمات الإلكترونية التى تخضع لضريبة قيمة مضافة بنسبة 13%، مع ملاحظة أنها لم تكن خاضعة لضريبة المبيعات، فهناك صعوبة ستواجه مصلحة الضرائب، حيث يجب حصر الخدمات التى تقدم إلكترونياً داخل مصر أياً كان مقر الشركة بالداخل أو الخارج، مثل الشركات التى تقوم بحجز الفنادق وتذاكر السفر، عبر وسيط إلكترونى، وستحدد اللائحة التنفيذية للقانون آليات لتحديد تلك الخدمات.