السويدى .. زعيم بفلوسه

العدد الأسبوعي

محمد السويدي - أرشيفية
محمد السويدي - أرشيفية


■ يمثل الشعب كنائب والحكومة كرئيس لاتحاد الصناعات ورجال الأعمال كمستثمر

■ رئيس ائتلاف «دعم مصر» يخالف الدستور ولائحة «النواب» ويجمع عدة مناصب ولا يزال يدير شركاته


كان الراحل اللواء سامح سيف اليزل، هو الماكينة التنظيمية، التى استطاعت تشكيل قائمة فى حب مصر، التى استطاعت الاستحواذ على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وبعدها استطاع الرجل صاحب التاريخ العسكرى الطويل بداية من عمله ضابطاً بالقوات المسلحة، إلى العمل بجهاز المخابرات العامة، وعمله محللاً سياسياً محترفاً، تشكيل ائتلاف دعم مصر، الذى يشكل قلب المؤسسة النيابية.

هذه المقدمة لا غنى عنها عند الحديث عن رجل الأعمال محمد السويدى، الذى يشكل الآلة التمويلية الضخمة التى مكنت سيف اليزل من تكوين أغلبية فى البرلمان تدعم الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى لولا نقود السويدى لم تكن لتنجح أو تستمر.

تحتل عائلة السويدى المركز الثالث بقائمة أثرياء مصر بثروة تقدر بـ262.8 مليون دولار، ويمتلك السويدى 17% من أسهم مجموعة السويدى للكهرباء، أكبر شركات الكابلات الكهربائية فى مصر والشرق الأوسط.

فاز السويدى برئاسة ائتلاف دعم مصر، بالتزكية، رغم أن جميع المعلومات التى تسربت من الائتلاف خلت من اسمه كمرشح محتمل، والأمر بسيط حيث صدرت تعليمات واضحة لجميع الأعضاء والراغبين فى الترشح لرئاسة الائتلاف بالانسحاب من أمام السويدى، بالتزامن مع مرور الائتلاف بأزمة مالية وعجزه عن الوفاء بالتزاماته.

وتولى السويدى رئاسة ائتلاف دعم مصر، أعاد إلى الأذهان بوضوح شديد قضية سيطرة رجال الأعمال على البرلمان، وتعارض مصالحهم مع مصالح الشعب، لأن السويدى تولى منذ إبريل الماضى، خلال دور الانعقاد الأول لمجلس النواب منصب رئيس لجنة الصناعة، رغم أنه يتولى فى الوقت نفسه منصب رئيس اتحاد الصناعات وهو الأمر الذى اعترض عليه بعض النواب والمحللين، لكن السويدى برر ذلك بأن المنصب هو عمل تطوعى لا يتقاضى عنه أجراً.

ومنصب رئيس اتحاد الصناعات فتح على السويدى، نيران تعارض المصالح ليس فقط بالاعتراض الشفوى، ولكن بطعن كانت تنظره لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، قدمه أحد منافسيه الذى رفض ترشحه فى الانتخابات الأخيرة لاتحاد الصناعات، لأن المادة 103 من الدستور تنص على تفرغ عضو البرلمان لمنصبه بشكل تام.

لكن القضية لم تقف عند التفرغ، فالسويدى يملك بيزنس خاصا، ويعتبر ممثلاً لرجال الصناعة والأعمال لدى الحكومة وهو أيضاً عضو فى مجلس النواب، ممثل للشعب ويراقب أداء الحكومة التى قامت بتعيينه فى منصبه فى اتحاد الصناعات، مؤخراً، حيث ينص قانون اتحاد الصناعات على أن يختار وزير الصناعة رئيساً للاتحاد ووكيلين من بين 7 أعضاء مرشحين.

التعارض الواضح فى المنصب الأخير حيث أصبح السويدى ممثلا للحكومة، بعد أن ترأس ائتلاف دعم مصر الداعم للدولة والمدعوم منها، منذ تشكيل قائمة فى حب مصر، صاحب الكلمة الفصل فى البرلمان وصاحب الأغلبية حيث يقترب عدد أعضائه من 400 عضو ويضم الأحزاب الكبرى ومستقلين.

ينفى السويدى عن نفسه فكرة أنه المتحدث باسم الحكومة داخل البرلمان، وأنه واحد من رجالها، فرجل الأعمال الذكى، يستخدم نفس منطق زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى المعارضة، حيث قال إنه يجب على الحكومة أن تخشى وتعمل ألف حساب لدعم مصر غير المنحاز للحكومة بدليل رفض الائتلاف بعض القوانين التى قدمتها واستجوابات ضد وزرائها لأن انحياز الائتلاف الأول والأخير للمواطن.

الدعم الواضح الذى يحصل عليه السويدى من جانب رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال، كشفه بيان رسمى خلال فترة إجازة المجلس من المستشار أحمد سعد الدين، الأمين العام للبرلمان فى 17 سبتمبر الماضى، والذى أكد فيه عدم وجود تعارض مصالح بين رئاسة أو عضوية مجالس إدارة اتحاد الصناعات وبين عضوية البرلمان رغم أن تعارض المصالح لم يقتصر على السويدى، وإنما يشاركه فيه نواب آخرون، على رأسهم أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام، الذى يترأس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى.

بيان الأمين العام للمجلس أكد أن عضوية مجلس إدارة الاتحادات والشركات لا تعد تعييناً بالوظائف العامة بالحكومة، والتى يحظر قانون مجلس النواب الجمع بينها لأنها أعمال تطوعية تمثل مجتمع الصناع لدى السلطات العامة، ويمكن قراءة هذا البيان ضمن المعركة الحامية بين النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان المستقيل ورئيس البرلمان.

فبعد صدور البيان، طلب السادات من عبد العال تطبيق مواد لائحة المجلس فيما يخص تعارض المصالح خاصة على أصحاب البيزنس الخاص، مؤكداً ضرورة حسم هذا الملف لتجنب تعارض المصالح بالبرلمان قبل بدء الترشح لرئاسة اللجان النوعية فى دور الانعقاد الثانى.

ورغم غياب السويدى عن عدد كبير من فعاليات واجتماعات وجلسات لجنة الصناعة بالمجلس خلال دور الانعقاد الأول، نظراً لانشغاله وعدم تفرغه، إلا أنه من غير المتوقع أن يتغير الحال كثيراً فى دور الانعقاد الثانى، حيث ينتظر السويدى تزكية ثانية على رئاسة اللجنة فى إطار انتخابات اللجان النوعية المقررة فى 16 أكتوبر الجارى حيث لم يعلن أى من أعضاء اللجنة عزمه منافسة السويدى رغم إعلانه رغبته التفرغ لمهام رئاسة ائتلاف دعم مصر.

وبالإضافة إلى مهام رئاسة دعم مصر التى يحملها السويدى على عاتقه، يتولى الرجل رئاسة مجلس إدارة شركة السويدى للحلول الكهربائية، ونائب رئيس مجلس الإدارة ومساهم فى شركة السويدى إلكتريك بمصر وإفريقيا وأوروبا والهند، كما أنه مساهم بشركة مترو غاز للصناعات والقياسات متعدد التقنيات، وهو عضو بعدة مجالس إدارات، منها مجلس إدارة مرفق الكهرباء بمصر والهيئة التنظيمية لحماية العملاء، ومجلس إدارة بيت الزكاة وعضو بلجنته التنفيذية وبمجلس إدارة الهيئة الوطنية للتعليم والاعتماد الأكاديمى والجودة وعضو مجلس إدارة شركة أيادى للاستثمار والتنمية.

وتؤكد تلك المناصب استحالة تفرغ السويدى لعضوية البرلمان، لأنه يباشر شركاته ولا يوجد ما يؤكد أنه خضع للمادة 374 من لائحة المجلس والتى تلزم بفصل ملكية النواب فى الشركات التى يمتلكون بها حصصا أو أسهما خلال مدة لا تجاوز 120 يوماً من أدائهم لليمين وعدم إدارتها من قبل النائب أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة طوال مدة العضوية رغم تصريحه بأنه قام بهذا الإجراء.