السندات السعودية والمراهنة الرابحة.. 17.5 مليار دولار جني أولي والاحتياطي في أمان

السعودية

سندات - أرشيفية
سندات - أرشيفية


جنت السعودية 17.5 مليار دولار من إصدارها للسندات السيادية، متفوقة بذلك على بيع سندات الأرجنتين في وقت سابق من هذا العام لتصبح أكبر مصدر لسندات الديون في الأسواق الناشئة.

                                                                                 

نجاح بكل وضوح

وقام المستثمرون بوضع طلبات بقيمة 76 مليار دولار، وهو ما مكّن المملكة من زيادة المبلغ المُقترض وتجاوز رقم 16.5 مليار دولار الخاص بالأرجنتين؛ حيث اصطفّ المشترون بحثاً عن العائدات، وقال رئيس الدخل الثابت في الأسواق الناشئة في "ستاندرد لايف إنفستمنتس" ريتشارد هاوس: "هذا يُعد بمثابة نجاح لهذا البلد بكل وضوح".

 

جزء من الخطة

ووفق ما كتبه سايمون كير وإلين مور في "فاينانشيال تايمز" يُعدّ دخول السعودية للأسواق العالمية جزءاً من خطة أوسع لتحويل اقتصاد البلاد بعيداً عن الاعتماد على النفط؛ إذ انخفضت أسعار النفط لنصف ما كانت عليه قبل عامين، ومن المتوقع أن يبشر بيع السندات هذا بالعديد من الصفقات الجيدة، بما في ذلك أكبر طرح عام في العالم لشركة النفط الحكومية "أرامكو".

 

لاعب أساسي

وقالت كبيرة الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري، مونيكا مالك: "هذه لحظة كبيرة بالنسبة للمملكة، فحتى هذا العام لم تمتلك ديوناً سيادية خارجية". وأضافت: "كان لزاماً عليهم أن يُصدروا سندات دين؛ نظراً لظروف شُحّ السيولة المحلية وكثرة الضغوط على مصادر التمويل المحلية، ونحن نتوقع أن نرى مزيداً من الإصدارات، قد أصبحت السعودية لاعباً أساسياً في أسواق الدَّيْن العالمية".

 

أقلّ من المتوقع

وأضافت: يعكس سجلّ الطلبيات الذي تجاوز المليارات من الدولارات تزايد الطلب على الديون التي تُصدرها الأسواق الناشئة هذا العام؛ حيث لا تزال أسعار الفائدة في البلدان المتقدمة في مستويات منخفضة لم تشهدها من قبل، وقد قامت كل من الأرجنتين، وقطر، والمكسيك بعمليات بيع سندات كبيرة، وسمح ارتفاع الطلب للمملكة بتضييق هامش التسعير، وتألفت عملية البيع من ثلاث شرائح آجلة من 5 و10 و30 عاماً، والتي عُرضت للبيع بعائد تصل نسبته إلى 2.60%، 3.41%، و4.63 على التوالي، وهو أقل بقليل مما كان متوقعاً.

 

استثمار جذاب

 

وأضاف تقرير"فاينانشيال تايمز": "تعدّ السعودية استثماراً جذاباً، ولكن لأكون أكثر صدقاً، أغلب سندات الأسواق الناشئة هذا العام ناجحة، فلا يزال المستثمرون متعطشين للعائدات".

 

ووفقاً لأحد المستثمرين، كان المشترون الآسيويون مسؤولين عن جزء كبير من الطلبات، بالإضافة لمستثمرين مثل صناديق التقاعد، وشركات التأمين المعروفة، والتي عُرف عنها اهتمامها بشراء سندات السعودية طويلة الأجل.

 

وذكر أحد المستثمرين أن الإصدار كان عند مستوى سعري معقول، وسيحفز الاهتمام في السندات المتوقعة مستقبلاً، وقال: "إن السعودية ليست سوى شركة نفط كبيرة، لذا سيكون هناك مديرون يُغيّرون من أهدافهم للحصول على عوائد من السندات السعودية".

 

تصنيف أعلى

وكانت السندات قد بيعت بقرابة 40 نقطة أساس فوق من الديون التي أصدرتها الدولة المجاورة قطر، والتي تحمل تصنيفاً ائتمانياً أعلى، ونحو 100 نقطة أساس أوسع من السندات المُباعة عبر شركات النفط "بريتيش بتروليوم" وشركة "شل".

 

وقد ذكر مُضيفاً أن السعودية قد تُضطر إلى تبني عهد جديد وبقدر أكبر من الشفافية؛ حيث إن المستثمرين يُمعنون من النظر في الوضع المالي والبرنامج الإصلاحي.

 

ضبط الأوضاع

وقالت كبيرة الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري: "سوف يرغب حملة السندات أن يروا السعودية مستمرة في ضبط الأوضاع المالية؛ فهم لا يرغبون فقط في رؤية ارتفاع مستويات الديون".

 

التباطؤ والنمو

ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد السعودي تباطؤاً هذا العام؛ حيث إن أسعار النفط مستمرة في هبوطها، والمملكة تُشارك في حرب مكلفة في اليمن، وكان صندوق النقد الدولي قد تنبّأ بأن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 1.2% مما كان عليه عام 2015م 3.5%.

 

وقد رحّب الصندوق برؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تقنين المصروفات، ورفع العوائد غير النفطية من المجالات الجديدة ودعم القطاع الخاص.

 

إصدار مهم

وقال مدير عام الصندوق لمنطقة الشرق الأوسط في دبي مسعود أحمد، أمس الأربعاء: "إن هذا الإصدار مهم؛ لأن السعودية سوف تكون موجودة في السوق لعدة أعوام، لذا هم في حاجة لأن يطرحوا خطة قابلة للتنبؤ حول توجههم"، مضيفاً: "كما يحتاجون إلى خطة تعزيز مالي موثوق بها، والذي يعني أنهم في حاجة إلى إظهار أن لديهم خطة لخفض احتياجاتهم المالية".

 

الهبوط والاستئناف

وفي إطار استعراضها أمام المستثمرين المحتملين في السندات، قد أقرّت وزارة المالية السعودية بالأضرار التي لحقت باقتصاد بلادها؛ جراء هبوط أسعار النفط، الأمر الذي قاد الحكومة إلى استئناف إصدار سندات مقومة بالعملة المحلية العام الماضي لأول مرة منذ عقدٍ من الزمان تقريباً.

 

وتواجه المملكة عجزاً في الميزانية مقداره 13% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وذلك أقل من العام الماضي الذي بلغ 16%، بينما يتجه خفض المصروفات من المشاريع الكبرى إلى أجور القطاع العام، ومن المتوقع أن يصل العجز العام المقبل إلى 9.5%.

 

الدين بديل الاحتياطي

كما يُتوقع أن تكون الديون الحكومية عند نسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى 20% بحلول العام 2017م، بينما تعتمد الدولة على الاقتراض بدلاً من اللجوء إلى الاحتياطات المالية لسدّ العجز.

 

وعلى الرغم من أن أسعار النفط قد تعافت من انخفاض لم تصل إليه منذ عقد مضى بقيمة 30 دولاراً للبرميل، إلا أنهم كافحوا من أجل إبقاء الأسعار فوق 50 دولاراً للبرميل.

 

رفع الأسعار

وقد ذكر وزير الطاقة خالد الفالح متحدثاً في مؤتمر المال والطاقة الذي أُقيم في لندن، أمس الأربعاء، أن أسواق النفط قد شارفت على الانتهاء من الكساد الاقتصادي، وأن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لتضييق الإمدادات ورفع الأسعار.

 

يشار إلى أن عملية بيع السندات السعودية، أمس الأربعاء، تولتها كلّ من: مجموعة سيتي بانك وإتش إس بي سي وجي بي مورجان، بينما شارك في الإصدار كلّ من: بنك الصين، وبنك دويتشه، وبي إن بي باريباس، وقولدمان ساشيه، ومورغان ستانلي، وميتسوبيشي يو إف جي، وإن سي بي المالية نقلًا عن صحيفة سبق.