لغز عصابة سرقة الآثار بالإسكندرية ما زال غامضًا والأرض ليس لها صاحب

منوعات

سرقة الآثار بالإسكندرية
سرقة الآثار بالإسكندرية


كنت شاهدة عيان على عمليات التنقيب التى شغلت الإيليت والمثقفين ورجال الأمن!

ربما تكون السطور التالية حديث الجميع من مجتمع الإيليت مرورا بالمهتمين بالأمن، وصولا إلى أهل الدين، لأن الموضوع وصل لخطبة الجمعة الماضية فى تلك البقعة التى سنشير إليها.

الحديث -التالى- عام بمذاق التجربة الخاصة، لكنه من أخطر الأمور والقضايا بمصر والإسكندرية بصفة خاصة، ولن أطيل فى المقدمة وسنسرد التفاصيل باختصار.

«1»

أثناء ثورة يناير لاحظت من شرفة منزلى الذى يطل على مجموعة من الفيللات محاطة بالأشجار يتوسطها بالضبط قطعة أرض فضاء خالية، هذه الأرض التى يعد موقعها مميزا يحيط بها سور ومكتوب عليها بحدة «ليست للبيع» وهذه العبارة لا تعنى كما نعتاد أنها للبيع بل صاحبها الذى كتبها يقصد ذلك، ولهذه الأرض حارس مقيم مع زوجته على ملامح وجهيهما قهر الزمن - وجهة نظر.

المهم قبل ثورة يناير بفترة، لاحظت مجموعة من الأشخاص يرتدون عباءات ويقومون بالحفر فى جانب الأرض ومعهم فئوس وسلم مجدول وأنوار وما إن لاحظوا أنى أنظر إليهم حتى رمقونى بنظرة كأنها تهديد معرفش أو خوف منى لا أدرى المهم قاموا على الفور بإنهاء ما يقومون به وانتهى الأمر.

وفى الصباح وجدت مكان ما يحفرونه ليلا زرعاً وخضرة، تعجبت وأخذت أراجع نفسى يمكن اختلط علىَّ الأمر أو أنه كان حلما أو كابوسا وجاء الليل ليتكرر ذلك المشهد حتى مر أسبوع على هذه الحالة.

إذا الموضوع أحد أمرين إما أنهم يحضرون لتخبئة أسلحة أو مخدرات أو البحث عن آثار وفى كل الأحوال يبدو أنهم منظمون ومخططون ولا يعنيهم أن يراهم أحد وكأن الأمر خلفه من سيصفى الذى سينطق أو يتحدث، تحدثت إلى المحيطين بى فى الأمر وأخذت أفكر بينى وبين نفسى أبلغ أم لا حتى قامت الثورة وزاد العنف والهرج والمرج وأصبح هؤلاء يعملون بالنهار والليل وزادوا فى الأمر بإحاطة الحفرة العميقة بشادر من الأكياس البلاستيك عينى عينك يعنى لو قررت الإبلاغ ممكن يحدث ما لا يحمد عقباه.

ومرت الأيام والشهور وهم على هذه الحالة، وحارس الأرض وزوجته التي تقف فى طابور الخبز المدعم لتقوم ببيعه لسكان العمارات المجاورة بجنيه زيادة كأنهم هؤلاء لا يجدون قوت يومهم ويعطف عليهم كل من بالشارع رايح جاى، حتى قررت بينى وبين نفسى أن أبلغ كان ذلك قبل تنصيب الرئيس السيسى بكام يوم إلى أن جاء يوم تنصيب الرئيس ليحدث ما يجعلنى أصرف نظر عن الإبلاغ نهائيا وأكتفى بالمشاهدة من شرفة المنزل والتحدث والتندر خاصة أنى أصبحت موقنة أن ذلك يتم بحثا عن الآثار خاصة بعد ذهابى مع رئيس مباحث الآثار السياحية قبل شهور لرؤية موقع بمنطقة الورديان غرب الإسكندرية لأشقاء كانوا يحفرون داخل منزلهم لمدة «3» سنوات.

نفس السيناريو وموضوع طويل ليس مجاله الآن انتهى بالقبض على الأشقاء الثلاثة مع أول قطعة آثار أخرجوها من الحفرة التى أخذت سنوات من الحفر والتجهيز وشفط المياه وذلك عندما أبلغ الجيران عنهم لأنهم لم يشاركوهم الوليمة والتى تبين أنها كانت الجبانة الغربية التي كان يبحث عنها علماء الآثار منذ عشرات السنين قبل أن تظهر تحت منزل عشوائى مكون من حجرة وصالة أرشدهم إليها شيخ مغربى.. الموضوع كبير.

ما علينا نرجع للأرض المجاورة لمنزلى فى يوم تنصيب السيسى - كان يوجد بالشارع الأمامى لمنزلى - وكل هذه مصادفات غريبة عمال يحفرون مكان فيللا لبناء عمارة، العمال وجدوا علامات تدل على وجود آثار وأخرجوا عمودا فقرروا الحفر خفية بالليل بعيدا عن الأعين، المهم مرت سيارة نجدة تابعة لقسم سيدى جابر سألوا العمال بتعملوا إيه بالليل وإيه الكشافات دى مفيش يا باشا وأخذوا اللى.... ومشيوا... ثانى يوم سيارة نجدة أخرى.. ومشيوا ثالث يوم سيارة نجدة بتعملوا إيه مفيش طب هاتوا لأ مش موافقين قوم النوبتجى أبلغ على اللاسلكى الذى يسمعه كل ضباط المديرية الحق آثار وحفر، قوم المأمور نزل يجرى «.....» يمسك الولاد التى تحفر قوم الولاد اتقبض عليهم قوم الولاد هربوا بعد ذلك من القسم واقعة شهيرة جدا ومعروفة للكافة وتم اتهام أسماء كبيرة فيها فى أمن الإسكندرية وقتها أن هؤلاء العمال كانوا فى حمايتهم يا خرابى خاصة بعد حصول أحد الضباط الشرفاء بالقسم على فيديوهات أوصلها لمسئولى داخلية القاهرة تدين البعض فى الفيديوهات.

وخرج هؤلاء من أمن الإسكندرية، لكن الواقعة أعطت لى إشارات أن بجاحة هؤلاء الذين يحفرون لم تأت من فراغ وبدأت السيناريوهات تتداخل فى رأسى انتهت مع الأسف بجملة «أصرف نظر» حتى كان صباح الأربعاء الماضى إذ بسيارات الأمن والشرطة داخل الأرض المهجورة وتملأ الشارع فيه إيه؟ أبدا ولد نزل بيارة صرف صحى داخل الأرض ولم يطلع، ناس بتقول مقتول وناس بتقول نزل ولم يطلع؟ دخلت لأول مرة الأرض التى شغلت بالى سنوات دون خوف أسأل الضباط، طبعا ليس لديهم إجابة إلا البحث عن الشاب المفقود وبسيارة البوليس فتاتان وشابان مقبوض عليهم، أين خفير الأرض وزوجته؟ لقد فرا هاربين بمجرد قدوم البوليس، إذن من الذى أبلغ عن الشاب؟ الإجابة أصدقاؤه الذين كانوا معه أبلغوا النجدة أنه نزل بيارة الصرف ولم يخرج منذ متى؟ من السادسة صباحا.. لأ بقى!!.

المهم يا سادة لادى بيارة صرف ولا يحزنون. إزاى داخل أرض فضاء وليه؟ المهم ظلت قوات الحماية المدنية حتى السادسة والنصف مساء ذلك اليوم يحفرون كامل الأرض ليكتشفوا أن الحديقة المزروعة الموجودة حديقة وهمية وتحتها حفر وسراديب وأعمدة يا خبر أسود، المهم الولد طلع من تحت جثة هامدة وسبحان الذى يدبر الأمر هذا الشاب «37» سنة كان من بين المجموعة التى تم القبض عليها، انزلوه فجر ذلك اليوم لاستكمال الحفر فانهالت عليه الرمال فأراد الله أن يجعل بأيديهم لابيد آخر وله فى ذلك حكمة، أخذوا هواتف المقبوض عليهم ليجدوا على أحد الهواتف صورة ذلك الشاب الذى خرج جثة هامدة داخل سرداب تحت هذه الأرض ملتقطا له صورا بجوار «زلعتين» وصورا أخرى لبعض الزلع الرومانية وهم داخل المكان!

تحولوا للنيابة وأخذوا أربعة فى خمسة عشر يوما لكن ليس هذا هو الموضوع الموضوع كبير، الأرض دى ملك مين؟ هل كان هؤلاء الشبان يحفرون مع الخفير دون علم صاحبها؟.

«2»

■ 4 أشخاص استولوا على الأرض بعقود «مضروبة» وصاحبتها الحقيقية يونانية !

إجابة السؤال في الحقيقة مقبضة، لأن تلك الأرض ملك لسيدة يونانية تركت مصر منذ سنوات لليونان لا يعلم أحد حتى كتابة هذه السطور هل لازالت على قيد الحياة أم لا، فقام أربعة مع الأسف من تايكونات الإسكندرية المتخصصين فى سرقة الأراضى وضرب الأوراق كل واحد ضرب ورقة تثبت أن الأرض تخصه، وعندما تم استدعاء بعضهم للقسم أقروا أن الأرض ليست ملكهم، خلاص أصبحت شبهة آثار وحفر وواحد ميت أو قتيل، يعنى رسمى فى المحاضر أقروا أنها لاتتبعهم، أوقفوا على الأرض عسكرى لا بيهش ولا بينش، وظهر أن الخفير وزوجته كانا يأخذان الآثار التى تخرج من الأرض فى السنوات الماضية فى «قفة» زى الغلابة مغطاة بشوية عيش ويتوجهان للصعيد لتصريفها يا الله ولا أفلام عادل أدهم والمصحف، ما علينا الأرض الآن ليس لها صاحب، الأرض الآن مثلها مثل عشرات الأراضى بالإسكندرية غارقة فى الآثار ولا شفت صريخ ابن يومين جاء وعاين ووضع الأرض فى حوزة وزارة الآثار مفيش حاجة من دى.

النكتة أن يوم الجمعة الماضى قام خطيب المسجد وهو مستشار جليل بالشارع يخطب فى الناس عن حرمانية سرقة أراضى الدولة وحاجات الدولة وكل ما لا يمت له بصلة، المهم بدون دخول فى تفاصيل الكان يعلم مثلما أعلم أن تلك الأرض يتم الحفر فيها ويخرجون آثارا منها منذ سنين وكل الشارع والشوارع المجاورة عن بكرة أبيها ترى وتسمع ليه يا سيادة المستشار لم تبلغ! وأنا قبلك بالمناسبة وتأتى الأسئلة ما مصير تلك الأرض؟ من كان ينفق على هؤلاء الشباب ويحضر لهم الأدوات؟ من بلغهم أن تلك الأرض بها آثار؟ ما مصير الحارس وزوجته الأحرار حتى الآن؟ وما مصير الآثار التى خرجت منذ سنوات؟ الموضوع جد خطير. الإسكندرية تعيش على بحر من الآثار والكل يعلم ذلك لكن خلينا فى الحالى ماذا ستصنع الدولة تجاه هذه الأرض التى هى مستودع آثار وليس لها صاحب وكأرض تساوى «70» مليون جنيه أفيدونا أفادكم الله وهل ستظل الأرض هكذا بعسكرى نفر طوال العمر، وهل روح هذا الشاب الذى غادر الحياة فى رقابنا وقتلناه بصمتنا!

بالمناسبة مصر تعلم كلها أن كل مكان فيها يتم الحفر فيه بغية إيجاد قطعة آثار تحول حياة الفقير لثرى مثلما حدث مع أسماء كبيرة جدا وقرى فى ريف مصر ليست بالصعيد وإنما بالدلتا تبدل حال أهلها لثراء فاحش رأيته بعينى من الآثار، البلد بتتآكل، هذه السطور لخصتها لأن التفاصيل موجعة.

أتذكر فى تسعينيات القرن الماضى أجريت حوارا مع المرحوم صفاء عامر حول مسلسله «حلم الجنوبى» وقتها لصلاح السعدنى وسيمون تدور حول مدرس تاريخ يبحث عن قبر الإسكندر الأكبر ويعتقد أنه فى مكان ما بالإسكندرية فقرر ترك الصعيد والتدريس لإهداء البشرية قبر الإسكندر وقتها سألت المؤلف داخل فيللته بسموحة لماذا كتبت هذا المسلسل ومن الذى أوحى لك به فرد أنه كان وكيل نيابة فى السبعينيات قبل أن يترك عمله بها وكان يحقق فى قضية اختفاء عامل كان يعمل مع مقاول فى شارع كلية الهندسة الشهير الذى يربط كوبرى الجامعة بشارع أبوقير بالإسكندرية، المهم اكتشفوا عندما ضيقوا الخناق على المقاول أن هذا العامل ومعه آخرون كانوا يحفرون بالشارع فإذا بسراديب ومدينة من المرمر والرخام تحت الأرض، خرجوا فأبلغوا المقاول وأخذوه ليشاهد بنفسه، المهم خشى المقاول أنه لو أبلغ بذلك تضيع منه المقاولة وتذهب المنطقة لهيئة الآثار قوم فكر ينزل العامل ويغلق عليه ويردم الحفرة حتى لا يفشى السر كان ذلك هو تفكيره الذى مصادفة أودى بحياة ذلك العامل وكان ذنب العامل فى رقبة المقاول وسؤالى وفاة الشاب المجاور لنا فى رقبة من؟ نحن الذين رأيناه وأخرسنا الخوف أم الجهل والفقر أم ما شاهده حوله وسمعه من روايات عن ناس كانت مش لاقية لقمة وفجأة تعيش فى قصور من الآثار ذنبه فى رقبة مين؟!