في ذكرى ميلاده..تعرف على صديق الإخوان ومحامي المعتقلين "مكرم عبيد"

تقارير وحوارات

مكرم عبيد
مكرم عبيد



"مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا"..بهذه المقولة وغيرها من المقولات الشهيرة خلّد السياسي والمفكر "مكرم عبيد" إسمه وسط أعظم سياسيين مصر، الذين استطاعوا بفكرهم ووطنيتهم انتشال مصر من الظلام للنور.

ففي مثل هذا اليوم الـ25 من أكتوبر ولد السياسي الوطني "مكرم عبيد" المُلقب بالمحامي البارع وفارس الوحدة الوطنية، الذي استطاع بمقولاته الشهيرة ترك تاريخ زاخر من الوطنية تعلم منها الكثيرين.

وإحياءً لذكرى ميلاده، تستعرض "الفجر" جزء من التاريخ المُشرف للباشا "مكرم عبيد" خلال السطور التالية.


قبطي الديانة.. ولكن!
ولد وليم مكرم عبيد في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر عام 1889 بمحافظة قنا، لعائلة من أشهر العائلات القبطية وأغناها فى صعيد مصر، تربى على حب الغير وعدم التعصب، وكان ينتقي أصدقائه من المسلمين، كما كان في مرافعاته يستعين بآيات القرآن، وعند سؤاله قال: "إننى كما أقرأ الإنجيل أقرأ القرآن واستشهد بآياته بل واتعظ بعظاته لأننى أؤمن بالواحد الديان سبحانه فى كمال علمه وصفاته".

هذا سبب تخليه عن اسم "وليم"
تخلى عبيد عن اسمه "وليم" وقام بشطبه بسبب موقفه المعادي للاحتلال البريطاني، واختير سكرتيرًا خاصًا للمستشار القانوني الإنجليزى خلال مُدة الحرب العالمية الأولى، ولكنه لم يبق كثيرًا في هذا المنصب، حيث استغنى عنه بسبب كتابته مذكرة معارضة للمستشار الإنجليزى شارحًا فيها صعوبة التوفيق بين منصبه الحكومي وشعوره الوطني، وأبهرت تلك المذكرة المستشار البريطاني، وتضمنت مطالب الأمة المصرية وحقوقها ضد الاحتلال.

فارس الوحدة الوطنية
لقب عبيد بفارس الوحدة الوطنية لكثرة مواقفه التي كان يغلب فيها المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية وله عدة مقولات تعبر عن هذا منها :"اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين".


محامي المعتقلين
اشتغل مكرم باشا بالمحاماة، وكرس وقته للدفاع عن المقبوض عليهم في تهم سياسية ومن لاحقه البوليس السياسي، ولا زالت أصداء مرافعاته معروفة في تاريخ المحاماة في مصر حيث كان يعتمد في دفاعه على التحليل المنطقي لدوافع الجريمة، وكان يستشهد بالقرآن في مرافعاته كثيرا، اُختير نقيباً للمحامين ثلاث مرات وكان هو الذي قام بالدفاع عن عباس العقاد حين اتهم بسب الذات الملكية.

الأستاذ
لقب "عبيد" بالأستاذ نكراً لمرافعاته التي ما زالت تُدرس في الجامعات حتى الآن والتي كانت تجمع بين الدبلوماسية والصرامة والطرافة، ليقول في واحدة منها لممثل النيابة، إتلهي، وحينما يتهمه المدعي بالإهانة، فيقول: إنه كان يقصد، إتلو هي، أي إقرأ علينا تلك العريضة، وفى إحدى مرافعاته عندما أراد أن يسفه ماجاء على لسان رجال الشرطه فى أحد المحاضر يقول: "إن البوليس أداة اتهام مأموريته كشف الجريمة بل تصل به الحده في بعض الأحيان إلى أن يكتشف الجريمة إذا لم يكشفها وأن يوجدها إذا لم يجدها".

وفى قضية أخرى يريد أن يخفف العقاب على موكله فيقول: "يجب ألا تجرى العقوبة على الجاني فتميت فيه كل شعور إنساني بدلا من أن تحييه وتهدمه بدلا من أن تبنيه لأن العقوبة في ذاتها شر لمعالجة شر أعظم الغرض منها النفع للمجتمع والجاني بحيث لاتجني عليه كما جنى هو نفسه على المجني عليه وبذلك يتحقق قوله تعالى "ولكم فى القصاص حياة ياأولى الألباب".

صديق الإخوان
استطاع مكرم عبيد باشا أن يكون علاقة خاصة الشكل مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان الرجل الوحيد الذي شارك في جنازة مؤسس الإخوان الشيخ حسن البنا، بعد أن منع "البوليس السياسي" في هذا الوقت أن يقترب أي رجل من منزل البنا وإلا تعرض للاعتقال باستثناء مكرم عبيد نظرًا لمنصبه الحكومي.

بعد ثلاث سنوات من رحيل البنا طلبت مجلة الدعوة التي أسسها بعض أعضاء جماعة الإخوان من عبيد أن يكتب مقالًا بسيطًا عنه وهي المقالة التي كتب فيها عبيد: "فإذا كنتم أيها الإخوان المسلمون، قد فقدتم الحاكم الأكبر، الخالد الذكر، فحسبكم أن تذكروا أن هذا الرجل الذي أسلم وجهه لله حنيفًا، قد أسلم روحه للوطن عفيفًا، حسبكم أن تذكروه حيًّا في مجده، كلما ذكرتموه ميتًا في لحده… ما من شك أن فضيلة الشيخ حسن البنا هو حى لدينا جميعًا في ذكراه، بل كيف لا يحيا ويخلد في حياته رجل استوحى في الدين هدى ربه، ففى ذكره حياة له ولكم، ومن ذا الذي يقول بهذا هو مكرم عبيد صديقه المسيحى الذي عرف في أخيه المسلم الكريم الصدق والصداقة معًا، ولئن ذكرت فكيف لا أذكر كم تزاورنا وتآزرنا إبان حياته، ولئن شهدت فكيف لا أشهد بفضله بعد مماته، وما هي إلا شهادة صدق أُشْهد عليها ربى؛ إذ ينطق بها لسانى من وحى قلبى".

ويضيف: "أي نعم، فأنتم إخوانى أيها الإخوان المسلمون أنتم إخوانى وطنًا وجنسًا، بل إخوانى نفسًا وحسًا، بل أنتم لى إخوان ما أقربكم إخوانًا؛ لأنكم في الوطنية إخوانى إيمانًا، ولما كانت الوطنية من الإيمان فنحن إذن إخوان في الله الواحد المنان".


صديق سعد زغلول
كانت علاقة عبيد بزعيم الأمة سعد زغلول علاقة فريدة من نوعها كان لها ابرز التاثير فى شخصيته ومن أهم مراحل حياته، حيث أصبح الناطق بلسانه إلى حد أنه عرف بــ"ابن سعد" خاصة بعدما نفى سعد زغلول إلى جزيرة سيشل، حيث ثار مكرم عبيد وقام بإلقاء الخطب والمقالات، مما تسبب في القبض عليه ونفيه هو الآخر، حتى أنه قال في إحدى خطبه: "ليس في الأمة من يمكنه أن يقول أنا الأمة إلا سعد، ومهما يكن من الأمر فسعد هو سعد فاوض أو لم يفاوض"، كذلك في ذكرى وفاة سعد زغلول قال: "إنه لم يتخذ أي منا من ذكراه عبرة فيجاهد في سبيل وطنه كان هو الحي الميت وحق لى أن أقول: أيها الميت الحى، أنت سعد! أيها الحى الميت.. أنت عبد!".


عدو مصطفى النحاس
كتب مكرم عبيد الكتاب الأسود بعد فصله من حزب الوفد ليذكر فيه وقائع الفساد الذي كان يسيطر على الوزاره الوفديه،مستعرضا الاختلاسات التي كانت في الوزاره الوفديه وانتشار الرشوه والمحسوبيه فسمى عصر وزارة الوفد بالعصر الأسود.

وقد وجه الكتاب الأسود الاتهام إلى النحاس باشا بثلاثين واقعة منها بيع منزل كان استأجره بالإسكندرية بمبلغ ٥٠٠ جنيه وشراؤه ٨٠ فدانًا من فؤاد سراج الدين وزير داخليته باسم حرمه بثمن أقل من الثمن الحقيقى.. هذا إلى جانب شراء النحاس سيارة موديل كوتسيكا بمبلغ ١٥٠٠ جنيه، في حين أنها كانت معروضة بـ٣٠٠٠ جنيه، ونشر الموضوع بأكمله في جريدة الأهرام يوم ٢٤ مايو ١٩٤٣.


نصير العمال
كان لعبيد العديد من الآثار الإيجابية أثناء توليه وزارة المالية، حيث يعتبر هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها كذلك فإنه أول من وضع فكرة "الحد الأدنى لأجور العمال في مصر"، وتوازن الأجور مع الأسعار، كما أنه عمل على توفير العلاج الطبى والتأمين الاجتماعي للعمال، وترتب على ذلك انصاف العمال والموظفين والطبقات الكادحة، وبالإضافة إلى ذلك فإنها يعتبر واضع نظام التسليف العقارى الوطنى وفكرة الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، كما كان يقرن معنى الوطنية بتمصير ملكية الأراضي الزراعية ونزعها من الأجانب.