مسؤول سابق بالدفاع الإسرائيلية: سيناريو حرب قادمة بين مصر وإسرائيل

العدو الصهيوني

نصر أكتوبر - أرشيفية
نصر أكتوبر - أرشيفية


 

 

نشرت صحيفة العرب اللندنية، مقالا تحت عنوان :" سيناريو حرب قادمة بين مصر وإسرائيل: سيناء أرض ميعاد"، للكاتب الروائي سعد القرش، يتحدث عن كتاب الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل، جاء فيه: لا أتذكر من قال إن “العرب لا يقرأون”، وإن كنا ننسب المقولة إلى الجنرال موشي ديان، وزير الحرب الإسرائيلي، في تصريح شهير عن حرب قادمة ستدمر فيها إسرائيل الطائرات العربية في مرابضها، بضربة خاطفة، تحسم الحرب مبكرا وتتحكم في السماء. وقد نفذت إسرائيل هذا السيناريو المعلن، حرفيا، في الخامس من يونيو 1967، اعتمادا على أن العرب لا يقرأون.

 

وتابع الكاتب:  أستدعي مقولة ديان لتفسير صمت أحاط بكتاب “الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل”، بعد عامين على صدوره في لندن، ومرور أشهر على نشر ترجمته العربية في القاهرة. كما أستدعي دعوة شمعون بيريز للفرنسيين “لمواجهة عدو عربي واحد”، ففي كتاب “ستون عاما من الصراع في الشرق الأوسط: شهادات للتاريخ” يقول بيريز لأندريه فيرساي إنه قابل جميع زعماء الأحزاب في فرنسا عام 1954، لإقناعهم ببناء المفاعل النووي في ديمونة، وإنه “مع حرب الجزائر تكاتفت جهودنا لمواجهة عدو عربي واحد”.

 

 

وليس هذا المقال مخصصا لاستدعاء مقولات من الماضي، وإنما يتعلق بمستقبل لن تكون تفاصيله الكارثية مفاجئة لأحد، باستثناء من لا يقرأون، ومن خدعهم أنور السادات بإعلانه، من طرف واحد، أن “أكتوبر 1973 هي آخر الحروب”. لهؤلاء يقول إيهود إيلام في السطر الأول من كتابه “الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل” إن هذه الحرب ستكون “حاشدة مكثفة بين مصر وإسرائيل وحدهما”، بعد التدهور العربي الشامل؛ ففي سوريا حرب أهلية، وفي العراق تعجز الدولة عن الحفاظ على وحدتها، ولدى الأردن مشكلاته الخاصة، أما الخليج فمشغول بإيران.

 

ويسجل إيهود إيلام، مؤلف الكتاب الذي ترجمته الدكتورة فاطمة نصر، أنه كان مجندا في فرقة الأسلحة المضادة للطائرات، وبعد الماجستير والدكتوراه ظل مشاركا أكاديميا وعمليا في دراسة “الاستراتيجية القومية والمبدأ العسكري لإسرائيل”، وعمل بضع سنوات في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو حاليا يقيم في الولايات المتحدة.

 

 بقراءة المشهد العربي الحالي، يسهل الاعتراف بأن إسرائيل لن تبدد طاقتها في خوض حروب على عدة جبهات، وأن سيناء ستكون مسرح الحرب القادمة. وفقا لاتفاقية 1979 “تم نزع سلاح القوات الموجودة في معظم سيناء، وأصبح بإمكان مصر نشر فرقة عسكرية واحدة من المشاة.. في مساحة تمتد على مسافة 55 كيلومترا من قناة السويس”.

 

الحروب القادمة

 

في الحروب السابقة كانت القوات الإسرائيلية تسعى إلى القضاء على الوحدات العسكرية العربية والاستيلاء على مناطق حيوية، ففي حرب 1956 استولت على سيناء وانهارت أمامها ثلاث فرق مصرية، وفي حرب 1967 فقدت مصر سيناء ونحو 80 بالمئة من قواتها هناك. وفي الحرب القادمة ستستولي إسرائيل على أجزاء من سيناء “قد تستخدم كمنصات للهجوم على إسرائيل بواسطة قوات من أفراد حرب العصابات أو من مجموعات إرهابية، وسيعمل الجيش المصري على حماية أرضه، الأمر الذي سيجبر قوات الدفاع الإسرائيلية على تدمير الوحدات المصرية أو إجبارها على التقهقر. وبعد تلك الحرب الحاشدة المكثفة، قد تقوم إسرائيل باحتلال البعض من المناطق في سيناء، وذلك لحاجتها إلى إضافة عمق للنقب”.

 

وفي الحرب القادمة، كما يذكر المؤلف، فإن إسرائيل “أثناء غزوها لسيناء لن تصادف في طريقها تحصينات كتلك التي كانت موجودة في حربي 1956 و1967، ومن ثم لن يعيق شيء طريقها، وستقوم قوات الدفاع الإسرائيلية بتفكيك أي بنى أساسية يكون الجيش المصري قد بدأ في إقامتها هناك. أما القوات المصرية فبإمكانها أن تحاول منعها أو أن تنسحب. وستحاول إسرائيل الحيلولة دون هروب الجنود المصريين، لأنهم قد يظهرون مرة أخرى لدى الحدود الإسرائيلية، ولهذا السبب ستكون الأولوية هي القضاء على الوحدات المصرية المتحركة مع إمكانية تأخير تدمير البنية الأساسية العسكرية بسيناء إلى وقت لاحق.

 

 

مستقبل لن تكون تفاصيله الكارثية مفاجئة

 

ولن تهدف قوات الدفاع الإسرائيلية إلى تفجير المركبات والمعدات المصرية أو الاستيلاء عليها فقط، بل أيضا إلى إحباط معنويات الجنود المصريين، بحيث لا يرغب الناجون منهم في مواجهة قوات الدفاع الإسرائيلية مرة أخرى، وقد يقوم هؤلاء الجنود بنشر مشاعرهم تلك بين زملائهم بما يخدم أهداف إسرائيل الرئيسية: عقاب المصريين على اختراقهم سيناء منزوعة السلاح، وردع مصر كي لا تفعل ذلك مرة أخرى سوف تبذل قوات الدفاع الإسرائيلية أقصى جهدها من أجل سحق القوات المصرية في سيناء”.

 

ويعطي المؤلف منتجع شرم الشيخ، الجنوبي الذي يبعد عن حدود فلسطين التاريخية بنحو 200 كيلومتر أهمية استثنائية لأنه “أحد أهم الأهداف، فهذا الميناء بالغ الأهمية للتحكم في مضايق تيران، منفذ إسرائيل الوحيد إلى البحر الأحمر، وأقصر طرقها إلى آسيا”. وفي عامي 1956 و1967 استولت إسرائيل بسهولة وسرعة خاطفة على ميناء شرم الشـيخ.

 

 وفي الحرب القادمة، سيكون الاستيلاء على شرم الشيخ “مشكلة وبخاصة إذا بدأ الجيش المصري القتال، ذلك لأن القواعد المصرية شديدة القرب من شرم الشيخ، مما سينجم عنه قتال طويل مضن حول الميناء”. ولا يستبعد المؤلف أن تحاول مصر، تدريجيا، تقويض عملية نزع السلاح في سيناء، وربما لا يعترض المجتمع الدولي كأمر واقع، وهذا ما تخشاه إسرائيل.

 

المواجهة في سيناء

 

مصر ما بعد حسني مبارك، ورغم حالة يصفها المؤلف بعدم اليقين، إلا أنها تظل “التحدي الرئيسي في أي حرب حاشدة مكثفة”، وفي حالتي عدم اليقين أو الاستقرار، فإن أحد أهم الدروس التي تعلمتها إسرائيل من حرب 1973، ألا تقيّم الطرف الآخر انطلاقا من نياته، “وإنما على أساس قدراته. قد لا تسعى مصر إلى مواجهة مع إسرائيل، لكن إن حدثت وبما أن لمصر جيشا قويا، فعلى قوات الدفاع الإسرائيلية أن تكون مستعدة لهزيمته، لأنها لو لم تكن كذلك، فقد يغري هذا مصر باختبار قوة إسرائيل. سيكون نجاح مصر في نشر قوات لها بسيناء من دون رد مناسب من جانب إسرائيل، ناهيك عن ثباتها في مواقعها ضد الهجمات الإسرائيلية، ضربة هائلة لإسرائيل”.

 

لا يعتبر المؤلف سيناء أرضا مصرية تماما ما دامت القاهرة لا تبسط سيادتها الكاملة عليها بقوة السلاح، ويرجح أن الجيش المصري سيحرص “على عدم شن هجوم ضخم في سيناء، وبخاصة إذا كانت قوات الدفاع الإسرائيلية مستعدة له”، ولكن الرأي العام المصري سيدعو الجيش إلى القضاء على الوجود الإسرائيلي في سيناء، وهناك دول أخرى ستضغط على مصر لمواجهة الإسرائيليين، أيا كانت النتائج، “بما في ذلك هزيمة مصر”، وسترغب دول مثل إيران في هذه النتيجة لتنافسها مع مصر.

 

 

وينقل الكتاب قول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري في أكتوبر 2012، بعد إجراء أحد التدريبات في سيناء، إن التدريب يهدف إلى التعامل مع “أي تهديد لسيناء أو لمصر عامة”. ويعلق بأن السيسي كان يقصد إسرائيل. ويرد عليه بتصريح لجنرال متقاعد بأن “مصر عدو محتمل”، وقول عوزي ديان، الرئيس السابق لمجلس الأمن الوطني في نهاية يونيو 2013، “إن السلام مع مصر يقوم على أساس جعل سيناء منطقة منزوعة السلاح، أي خالية من الجيش المصري والإرهاب”.

 

 

ولن تعدم إسرائيل مبررا لبدء حرب ستندلع “لأسباب متنوعة، قد يكون بعضها وشيكا في أعقاب حالة من عدم الاستقرار في مصر. وقد لا تحصل إسرائيل على إنذار استراتيجي، أي تحذير من أن مصر تدرس بدء حرب”، ولا يستبعد المؤلف هزيمة إسرائيل، إلا أن مصر في هذه الحالة لن تحاول “الاستيلاء على أراض داخل إسرائيل، وستكتفي تماما بالتحكم الكامل في سيناء إلى جانب المزايا الأخرى لذلك النصر. ستكون مصر، مدركة تماما كما في العام 1973 لامتلاك إسرائيل أسلحة نووية، ونظرا إلى ترسانتها الهائلة من تلك الأسلحة، سيكون بإمكان إسرائيل رسم خط في الرمال بمكان ما في صحراء النقب، وإذا تقدمت القوات المصرية نحو شمالي النقب باتجاه مدينة ديمونة حيث يوجد المفاعل النووي، فقد تقوم إسرائيل بقصف الوحدات المصرية بقنبلة نووية.

 

إن هزيمة إسرائيل في حرب حاشدة مكثفة لن ينجم عنها تعرض وجودها ذاته للخطر على الفور، لكنها ستكون ضربة قاصمة لقدرتها على الردع ولسمعتها، وقد يقتنع أناس كثيرون بأن بلدهم لم يعد آمنا للعيش فيه، أي أنها ربما تكون النهاية بالنسبة إلى إسرائيل”.

 

ستكون الحرب القادمة، كما يخلص المؤلف، “وقائية على غرار حرب 1956″ أو بتوجيه “ضربة استباقية كما حدث في العام 1967″. ولا عزاء لمهزومين يتعلقون بأذيال سلام مهترئ تبيّن للمفاوض المصري زيفه في محادثات كامب ديفيد قبل أشهر من توقيع معاهدة ما سمي بالسلام عام 1979، على حد تعبيره.