الحكومة تؤدب المحتكرين بـ«تحديد هامش الربح»

العدد الأسبوعي

طوابير أمام المجمعات
طوابير أمام المجمعات الاستهلاكية


منظمات التجار تدعو لاجتماعات طارئة لإعلان الرفض

■ «حماية المستهلك» يدرس التجارب الدولية الناجحة فى مواجهة انفلات الأسعار 
■ أعضاء بـ«النواب» يجهزون مشروعات قوانين لحبس حيتان السوق وتغريمهم

تعتبر الحكومة المحتكرين، الغول الذى سيتسبب فى انفجار غضب المواطنين ضدها، ورغم محاولات الحكومة المتعددة لإصلاح منظومة التموين وتوسيع منافذ السلع لتوفيرها بشكل أكبر، إلا أن تلك الجهود تبددت بسبب إحكام التجار سيطرتهم على السوق والتى أدت لزيادات غير مبررة فى جميع أسعار السلع.

الحكومة بدت عاجزة أمام أباطرة السوق، واكتفت بمناشدتهم تقليل الأرباح التى يحققونها على حساب المواطن، وشعبية الوزارة، لكن النتيجة كانت صفراً وزادت الأزمة يوماً بعد يوم، فلجأت الحكومة إلى اتخاذ قرارات حاسمة هذة المرة، أولها تشكيل لجنة لتحديد هامش ربح المنتجات والسلع الأساسية مدفوعة ليس بالأسباب الحالية للأزمة فقط ولكن بسبب تخوفات من آثار القرارات القادمة التى سيتم اتخاذها للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، وأهمها خفض دعم المواد البترولية وتغيير سعر صرف الجنيه ما سيترتب عليه ارتفاعات جديدة فى أسعار جميع المنتجات والسلع.

1- 3 أزمات تواجه اللجنة

اللجنة التى شكلها مجلس الوزراء مؤخراً، تواجه 3 أزمات فى ضبط هوامش الأرباح فى السوق مع الشركات والتجار والصناع، ونقل توصياتها لرئيس الجمهورية، أولها رفض الجهات الممثلة للقطاع الخاص فى اللجنة، وهى الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات، لمسألة تحديد هوامش الربح.

وشن التجار والصناع حملة شديدة ضد القرار واعتبروه عودة للتسعيرة الجبرية ووصفوه بأنه غير قانونى ويهدد الاستثمار، لكن الحكومة اتجهت لاستخدام جميع الإجراءات التى تنص عليها القوانين الخاصة بالسلع لمقاومة الارتفاعات الجنونية للأسعار وأهمها المادة 10 من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والتى تنص على أنه فى حال وجود سعر مبالغ فيه بالأسواق لأى سلعة فمن حق الدولة التدخل ووضع تسعيرة مؤقتة لضبط السوق.

وأعلنت غرفة الجيزة التجارية، ثانى أكبر غرفة، رفضها القرار الذى وصفته بأنه عودة للخلف فى مسيرة الاقتصاد، ويفجر أزمة طاحنة فى الشارع التجارى خلال الفترة المقبلة، متوقعة حدوث ندرة فى السلع وخلق سوق سوداء.

والغرفة قالت إن الحكومة لديها كثير من الآليات لضبط الأسواق، منها المنع المؤقت لاستيراد بعض السلع وفتح المجال للتوسع فى استيراد السلع الأساسية والتدخل التشريعى لتفعيل دور الغرف التجارية فى مراقبة ومتابعة الأسواق.

أما اتحاد الصناعات فدعا لاجتماع طارئ وعاجل لمجلس إدارته لبحث القرار، بينما بادرت غرف صناعية بتجهيز خطابات لإعلان الرفض وأخرى دعت لاجتماعات عاجلة لمناقشة القرار الذى اعتبروه مخالفاً لآليات السوق الحر وقانون حوافز الاستثمار.

وتواجه اللجنة أزمة ثانية بسبب عدم وجود آليات واضحة لكيفية تحديد هامش الربح، وأخيراً

لم يحدد القرار الوزارى بتشكيل اللجنة ما هى السلع الأساسية التى سيتم تحديد هامش ربح لها، كما لم يوضح القرار كيفية التعامل مع السلع المستوردة التى تخضع لسعر الدولار والجمارك المتغيرة.

من جانبه يقول رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز، عضو مجلس إدارة غرفة الحبوب، باتحاد الصناعات لـ»الفجر»، إن القرار جيد إذا تم تطبيقه على المنتجات المصنعة محلياً ولكن تحديد هامش ربح للسلع المستوردة سيكون صعباً، لأن مصر تستورد 70% من المواد الغذائية، منها 80% من الفول، و100% من العدس وغيرهما وهو مايرتبط بالأسعار العالمية من ناحية، وسعر الدولار فى السوق المصرية من ناحية أخرى.

ويشير شحاتة إلى أن السلع المصنعة محلياً تواجه أيضاً نفس المشكلة لصعوبة فى توفير الخامات المستوردة ما يخلق حالة من عدم ثبات تكاليف الإنتاج، موضحاً أن تحديد هامش الربح سيكون مختلفاً إذا حصل المستورد على الدولار بالسعر الرسمى وليس من خلال السوق السوداء التى يتغير فيها السعر يومياً.

ويرى شحاتة أن السوق تحكمه العرض والطلب، والأفضل أن تراقب الدولة الأسواق بدلاً من محاولة التحكم فى الأسعار، مؤكداً أنه لن يستطيع أحد الحكم على القرار إلا بعد معرفة كيفية تطبيقه لأن فرض هامش ربح على السلع المستوردة فى ظل أزمة نقص الدولار سيؤدى لامتناع التجار عن استيرادها ما سيخلق عجزاً فيها.

ويشير أسامة جعفر، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، إلى أن القرار غير صالح للتنفيذ إلا فى الدول ذات الاقتصاديات الاشتراكية فقط، أو فى حال استيراد الدولة لجميع المواد الغذائية، لكن السوق فى مصر حر، من رابع المستحيلات تطبيق القرار فى ظل وجود 3 أسعار للدولار.

ويضيف جعفر: إن 88% من السلع الموجودة فى السوق مستوردة وتخضع لجمارك تتغير قيمتها ولذلك يصعب وضع هامش ثابت للربح، ولكن يمكن تطبيق القرار على السلع التى تستوردها الدولة وهى اللحوم والدواجن والزيوت والقمح.

3- سياسات التسعير

ومن جانبه كشف اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، عضو لجنة تحديد هامش الربح، لـ»الفجر» إن الجهاز يدرس مختلف تجارب دول العالم حتى يستطيع تقديم وجهة نظره داخل اللجنة عن أهم التجارب الناجحة التى تم تطبيقها، وذلك فى دول أمريكا الجنوبية وآسيا وما هى الوسائل التى استخدمتها تلك الدول لمواجهة أزمات الأسعار فى فترات معينة.

وقال يعقوب رداً على اعتراضات القطاع الخاص، إنه من الضرورى أن يتفهم التجار والصناع أن القرار صادر فى ظروف استثنائية ولمصلحتهم أيضاً وليس لمصلحة الحكومة وحدها، لأنهم سيتضررون إذا تعرضت الدولة لأزمة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة زعيمة الاقتصاد الحر فى العالم، لجأت لتوزيع السلع بالكوبونات، عند زيادة سعر البترول فى سبعينيات القرن الماضى، رغم أن هذه الخطوة ضد التنافسية.

ويؤكد النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، لـ»الفجر»، أن هناك حالة من عدم الفهم من جانب القطاع الخاص للقرار، لأنهم يعتقدون أن الحكومة ستتدخل فى السعر، وهو أمر غير صحيح لأنها تهدف لخفض الربح لدى التاجر الصغير وليس لدى تاجر الجملة.

ويرى عمر أن القرار إيجابى ويسهم فى ضبط الأسعار خاصة بالنسبة للأساسية منها لتخفيف ارتفاعات الأسعار الناتجة عن مبالغة التجار فى نسبة الربح، على أن تتم مراجعة جداول هوامش الربح كل 3 أشهر، مؤكداً أن المعترضين على القرار هم المستفيدون من حالة الفوضى الموجودة فى السوق.

وقال رضا لاشين، الخبير الاقتصادى، إن نظم التسعير من أهم الأولويات فى السياسات الاقتصادية فى مختلف دول العالم، مشدداً على أهمية وضع هوامش ربح عادلة ومرنة تحقق مصلحة التجار والمنتجين والمواطن وتكون بعيدة عن السياسات الاحتكارية التجارية الموجودة بـ70% من السوق والتى تتيح لشركات ومستوردين معدودين التحكم فى أسعار المنتجات والخدمات.

3- 3 قوانين جديدة

وفى مجلس النواب طالب أعضاء البرلمان الحكومة باستخدام سلطاتها لإنهاء فوضى السوق، واقترح النائب خالد عبدالعزيز شعبان، عضو لجنة القوى العاملة، خلال دور الانعقاد الأول، ضرورة فرض تسعيرة جبرية للحد من جشع التجار، ولذا لقى قرار تشكيل لجنة هامش االربح تأييداً من جانب النواب الذين نصحوا الحكومة بالقيام بتجربة شراء طن لأى سلعة من مصدرها وحساب تكلفة النقل والتوصيل للمستهلك على أن يتم تحديد سعر السلعة الاسترشادى بهامش ربح معقول مع إحكام الرقابة على السوق بحملات تموينية موسعة.

وخلال الأيام القليلة الماضية أعلن محمد على مصيلحى، وزير التموين أنه سيتم وضع تسعيرة استرشادية للخضار والفاكهة أسبوعياً من أسواق الجملة بالعبور وأكتوبر، وتقدم النائب محمد إسماعيل عن دائرة بولاق الدكرور، عضو لجنة الإسكان باقتراح مشروع قانون لضبط الأسعار تضمن وضع تسعيرة محددة لبيع السلع وتغريم وحبس التجار الذين يخزنون السلع.

وتجهز النائبة دينا عبدالعزيز، عضو لجنة الإدارة المحلية، مشروع قانون لمنع التلاعب بالسلع الاستراتيجية ويتضمن عقوبات مغلظة تمنع الاستغلال فى سلع الزيت والسكر والأرز.

ويعكف النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، على إعداد مشروع قانون لتحديد نسب الربح ليتم تقديمه للمجلس خلال الأيام المقبلة، وقال عمر لـ»الفجر»، إن القانون لن يتدخل فى السعر الأساسى للمنتجات ولكنه يحدد نسب الربح فى جميع حلقات التداول ويتضمن تحديد النسبة سواء للمصنع أو المستورد منذ شراء السلعة حتى وصولها للمواطن، مشيراً إلى أنه إذا كانت السلعة غير قابلة للتلف سيكون هامش الربح فيها 30%، أما القابلة للتلف 50%، و20% للسلع المستوردة و10% للمستوردة من السلع الترفيهية وذلك للحد من الاستيراد.