أحمد شوبير يكتب: أشتاتا أشتوت

الفجر الرياضي



■ العالم كله يتعامل مع الكرة والرياضة من منظور علمى واقتصادى.. ومازال عندنا من يبحث عن شمهورش فى علبة زبادى..


■ بثقافات العصر.. دنيا الكرة تجرى بأقصى سرعة للأمام.. وبثقافة العفاريت.. سنرجع نحن بنفس السرعة إلى الخلف

 ■ من يتصدى لإعلانات الدجالين والمشعوذين والنصابين التى تتصدر بعض الصحف والمجلات.. وتطل بوجه الشيطان عبر بعض الشاشات

تمر أجواؤنا الكروية فى هذه الاونة بأخطر مطبات حياتها التى وإن تركناها دون بتر فورى واستئصال جذرى فلربما عادت بنا للخلف سنوات وسنوات.. العالم من حولنا يجرى وبأقصى سرعة.. يبتكرون ويتابعون ويجددون فى علوم كرة القدم وأبحاثها ودراساتها وكيفية تحويلها إلى صناعة صارت رقما صعبا فى الميزانيات الاقتصادية لبعض الدول.. ونحن – وفى القرن الحادى والعشرين – نتكلم عن السحر والشعوذة والعفاريت.. وحابس حابس عفريت كابس.. وميه حمرا وميه بيضا.. وأعمال وفك أعمال.. وربط وحل.. والحال بقى أحوال.. ألهذه الدرجة وصل بنا قطار أفكارنا.. ألهذا الحد صرنا نلهث خلف خيالات وضلالات لن نجنى من ورائها سوى كل تراجع وتدهور وانهيار.. ابهذه السذاجة نكذب ونصدق الكذبة بل ونقاتل لنثبت انها حقيقة وعى جماهير بل شعب بالملايين ليصدق ويعيش الكذبة على انها واقع عليه أن يتعامل معه.. هل كان صالح سليم ساحرا؟ هل كان محمد لطيف دجالا.. ؟ هل كان حلمى زامورا يرتاد اوكار السحرة والمشعوذين؟ هل كان التتش يعتاد التردد على اماكن المباخر والمبخرين والتنجيم والمنجمين؟ هل كان الخطيب مشعوذا ملعوذا على عبارات شمهورش وجاميكا راقصا؟.. الاجابة الصادمة.. نعم.. لقد كانوا جميعا سحرة.. لكن ما يصدم اكثر الحقيقة التى لا تقبل شكا واليقين الذى لا يحتمل ضلالا.. انهم كانوا سحرة بفنهم.. بمتعة ادائهم.. باخلاصهم.. بتفانيهم وعشقهم لعملهم.. والاهم.. انهم كانوا يحترمون ويقدرون عقول وافكار جماهيرهم.. لم يعبثوا مرة بفكرة.. لم يبتدعوا مرة بدعة.. لم يكذبوا مرة كذبة.. لم يرجعوا نجاحا اصابوه أو تعثرا اجترحوه لمشعوذين وسحرة.. كيف حصد الأهلى والزمالك والإسماعيلى والاتحاد والمصرى والأوليمبى والترسانة وغيرهم بطولات.. وكيف تسيد منتخب مصر القارة بطولاتا وأداءا وريادة؟ كيف أبهر الزمالك الجميع فى الشوط الثانى من النهائى الإفريقى بكل رجولة وحماس وتفان رغم خسارته؟.. قاموس الكرة لا يعرف سوى مفردات العلم والدراسة والاجتهاد.. والموهبة والفن.. والتوفيق وعدم التوفيق.. ولنرى نحن أشباحا.. ولنصدق عرافا.. ولنعلن تشكيل فرقنا الكروية والرياضية فى كل مباراة ومناسبة.. شمهورش فى حراسة المرمى.. ورباعى الدفاع شمروش وصربوش وفندوش وفنكوش.. ارتكاز حابس ومعاه كابس.. ادامهم دونو ومجنونو وهبلونو.. وراس حربة هيجرسونو!!!! تاركين العالم فى واد.. ومتراجعين نحن إلى واد آخر ليس له أى علاقة بدنيا العلم والتقدم والوثبات والقفزات.. ما يذهلنى ويخيفنى أكثر وأكثر أن اجد إعلانات العرافين والمشعوذين والمنجمين والكذابين والنصابين تتصدر صفحات بعض الصحف والمجلات وشاشات بعض القنوات دون رقيب أو حسيب.. دون معقب أو حتى مجرد تعقيب.. يصدرون أوهاما للناس بجلب الحبيب وحياة الطيب وتغيير النصيب وتزويج العانس وإعادة المطلقات.. وبلح الشام يجلبوه من اليمن.. ومن يذهب إليهم لا تصيبه نوائب زمن.. هل هذا مقبول؟.. هل هذا معقول؟

الظاهرة خطيرة والأمر أمر من المر.. ولا بد من وقفة حقيقية وتصد فعلى لهذه الظاهرة المفزعة التى حتما ستعود بنا إلى عصور الجهل والفقر والمرض والتخلف والتراجع والترهل فى وقت يجرى فيه العالم من حولنا بكل رشاقة لمواصلة المشوار الطويل والماراثون السريع علما وتعليما وفكرا وتفكيرا وعملا واجتهادا..

اللهم إنى قد بلغت.. اللهم فاشهد!