أحمد شوبير يكتب: حكايتى مع صالح سليم

الفجر الرياضي



1980
نجح صالح سليم فى الانتخابات وشعرت وقتها بحزن كبير لأنى كنت أساند الفريق مرتجى

1982
تولى الجوهرى الفريق الأول واقتنع صالح سليم برأى المدير الفنى بالإبقاء علىَّ رغم محاولات البعض إبعادى بداعى الإصابة

1994
كنت كابتن الفريق وحاولت مع آلان هاريس رفع الإيقاف عن حسام حسن بعد واقعة الفانلة لحاجتنا إليه.. وبالطبع رفض

1997
رغم علاقتى القوية بصالح سليم فقد رفض التدخل فى عمل الجهاز الفنى وقال لى إن قرار اعتزالى أو استمرارى فى يد الجهاز الفنى فقط


لم تكن بدايات ولا نهايات حكايتى مع صالح سليم سعيدة على الإطلاق فأنا أعتبر نفسى أحد أبناء الفريق مرتجى رئيس النادى الأسبق عليه رحمة الله وتلك لها قصة فقد كنت ناشئا بنادى زيوت طنطا وذهبت إلى النادى الأهلى فى اختبارات حراس المرمى ونجحت فيها وطلب هيديكوتى المدرب المجرى الشهير الراحل للأهلى سرعة ضمى للأهلى لما علم أننى ألعب فى ناد آخر، ووقتها لم يكن هناك ما يسمى الاحتراف فكان لا بد من الحصول على الاستغناء الخاص بى من نادى زيوت طنطا وعبثا حاول عم عبده البقال كشاف الأهلى الراحل الشهير الحصول على الاستغناء من مسئولى زيوت طنطا لكن باءت كل محاولاته بالفشل وسلمت أمرى لله وانقطعت عن الذهاب للأهلى تماما إلى أن فوجئت فى أحد الأيام بعم عبده البقال ينادى علىّ ويطلب منى سرعة النزول فجريت إليه بالبجامة فى الشارع مستغربا وإيه الجديد ففاجأنى بأن الفريق مرتجى رئيس الأهلى ووكيله كمال بك حافظ ينتظراننى فى السيارة، ولم أصدق وفى ثوانٍ كنت أغير ملابسى وأتوجه معهم إلى منزل رئيس نادى زيوت طنطا، وظللنا أكثر من 7 ساعات كاملة إلى أن نجحوا فى الحصول على الاستغناء ومن يومها لم أترك الأهلى لحظة حتى اليوم، لذلك فأنا أدين بالولاء الكامل للراحل الفريق مرتجى، وكم كانت فرحتى عندما نجح الفريق مرتجى فى الانتخابات أمام صالح سليم، لذلك عندما تكررت الانتخابات مرة أخرى وجدت نفسى مساندا بقوة للفريق مرتجى، وكم كان حزنى عندما سقط الرجل أمام صالح سليم وظننت أنها آخر الدنيا فقد كان صالح سليم أول رئيس ناد تقريبا لاعب سابق للكرة، ولم أكن أعرفه على الإطلاق يعنى رأيته مرات قليلة إلا أن انتخابه رئيسا للنادى جعل هناك علاقة بينى وبينه يعنى لاعب ورئيس للنادى، والحقيقة أن العلاقة بدأت ممتازة فقد كان هناك تقرير طبى يوصى بعدم قيدى فى الفريق الأول نظرا لإصابة قديمة لحقت بى، لكن شاء حسن حظى أن يتولى الجوهرى مسئولية تدريب الفريق الأول وصمم على أن يشاهدنى، ويبدو أن أحد مدربى الناشئين طلب منه ذلك، وبالفعل تدربت مع الجوهرى أكثر من مرة فما كان منه إلا أن اصطحبنى من يدى وذهب بى إلى صالح سليم طالبا منه قيدى فى الفريق الأول وعدم الأخذ بالتقرير الطبى، فقال له انت حر فريقك وتفعل ما تشاء.. وتم قيدى بالفريق الأول وكانت المفاجأة أن صالح سليم دائم السؤال عنى وكنت أعرف ذلك من الجوهرى ودائما يقول لى بيض وجهى أمام الكابتن صالح لذلك كنت أنتحر فى التدريبات لأثبت لهما أننى على قدر هذه الثقة، ولكن الغريب أن ولائى ظل كما هو للفريق مرتجى فكنت أحرص على السؤال عنه وزيارته أحيانا لو استطعت وكانت السيدة الفاضلة حرمه الحاجة إحسان بمثابة الأم الروحية لى بل ولكل اللاعبين، لذلك لم أستطع أبدا أن أخرج من عباءة الفريق مرتجى لكن جاءت لحظة فارقة فى علاقتى بالكابتن صالح وهى نهائى كأس إفريقيا للأندية أمام كانون ياوندى بالكاميرون وكان الكابتن صالح رئيسا للبعثة ويومها وفقنى الله وصديت ضربتى جزاء وفوجئت بعد المباراة بإدارى الفريق عزيز مبروك عليه رحمة الله يطلب منى التوجه لغرفة الكابتن صالح وبالفعل ذهبت إليه وكان يجلس معه الراحل عبدالمجيد نعمان الصحفى الكبير، فأشاد الرجل بى إشادة كبيرة ويومها عرف اللاعبون بما حدث فكنت حديث البعثة وظن الجميع أننى سأكون أحد المقربين من الرجل ولكن للأسف لم أستغل الفرصة، واستمرت العلاقة بيننا رئيس النادى ولاعب بالفريق، والحقيقة ان الرجل لم يكن له مقربون على الإطلاق فهو رئيس محترم وقوى جدا للنادى يتعامل مع الجميع بنفس الأسلوب.. احترام وقوة وهيبة شديدة جدا.. لكن الغريب أنه كان شديد التواضع وما لا يعرفه الكثيرون أن صالح سليم كان خفيف الظل جدا جدا، وكنا ننتظر دائما اجتماعاته مع اللاعبين لنستمع إلى نصائحه وتوجيهاته، والغريب أن نصائحه لم تكن تتغير أبدا فكانت دائما الطاعة العمياء للحكام وتنفيذ تعليمات المدرب وهدوء الأعصاب حتى اللحظات الأخيرة وعدم العصبية أبدا وإننا أفضل فريق فى مصر ولا يمكن لأحد أن يكسبنا أبدا لو اتبعنا هذه التعليمات البسيطة. والغريب جدا أن صالح سليم بكل هذه المكانة والقيمة والاسم الكبير فى عالم كرة القدم لم يكن يتكلم أبدا فى طريقة اللعب أو تكتيك كرة القدم ولما كنا نسأله النصيحة كان يقول ماليش دعوة أنا هنا فقط رئيس للنادى وليس لى أى علاقة بالجانب الفنى.. عندكم المدرب بتاعكم اسألوه.

والحقيقة أن صالح سليم كان جريئا جدا فقد فاجأ مصر كلها بالتعاقد مع المدرب المجرى هيديكوتى وكان أحد أهم نجوم المجر فى عصرها الذهبى فساهم فى نقل الكرة المصرية إلى عصر جديد من التكتيك، وبعدها فاجأ الجميع مرة أخرى بالتعاقد مع دون ريفى مدرب منتخب إنجلترا السابق فكان نقلة نوعية فى عالم التدريب فى مصر، ولكن الغريب أنه بعد رحيل دون ريفى فجأة لأسباب صحية عاد وفاجأ الجميع بإعلان الكابتن محمود السايس مدرب فريق 13 سنة مدربا للنادى الأهلى، وهو الأمر الذى اندهش له الكثيرون ولكن كانت له قناعاته وبالفعل فزنا ببطولة الدورى وكأس إفريقيا معه ولكن بعد فترة عاد وتعاقد مع مدرب إنجليزى اسمه جيف يانكر وللأسف كان ضعيفا جدا فلم يتوان عن إقالته ويعترف بأنه أخطأ بالتعاقد معه وحل محله المدرب المصرى أنور سلامة.

ثم عاد صالح سليم وتعاقد مع الألمانى ديتريش فايتسا والذى كان فاتحة خير على الكرة المصرية فغير تماما من طرق اللعب وكان من أهم أسباب وصول مصر لكأس العالم، كما أن صالح سليم هو الذى أحضر الجوهرى من السعودية لتولى تدريب النادى الأهلى وراهن عليه بشدة وكسب الرهان، فقد فاز الأهلى لأول مرة فى تاريخه بالبطولة الإفريقية لأندية أبطال الدورى وببطولة الدورى وبطولة الكأس وكان عاشقا للجوهرى، ثم حدث خلاف عنيف بين الاثنين ومن يومها لم يدرب الجوهرى الأهلى مرة أخرى حتى رحل الاثنان بل رفض تماما أى محاولة للصلح معه فقد كان عنيفا جدا فى خصامه ولا يمكن له أبدا أن يسامح من أخطأ من وجهة نظره فى حقه أو حق النادى الأهلى، ولا أنسى يوما عندما كانت هناك ندوة انتخابية لصالح سليم وكنت حاضرا فيها ويومها وقف أحد الأعضاء قائلا له اننا انتخبناك رئيسا للنادى الأهلى لتتواجد بيننا ولكنك تقضى معظم وقتك فى لندن لذلك لن أعطى لك صوتى أنا والكثيرين من أعضاء النادى الأهلى، وكانت حقيقة أن الرجل يقضى وقتا طويلا فى لندن وتوقعنا جميعا أن يبادر صالح سليم بإعلان أسباب سفره وتغيبه الكثير عن الأهلى إلا أن المفاجأة كانت فى اجابته بأننى سأظل على نفس الطريقة بل إن تواجدى فى الخارج قد يزيد هذه المرة وان الأهلى نادى مؤسسات وليس شخصا واحدا فقط وان هناك إدارات تدير النادى وأعضاء مجلس إدارة ومجلس إدارة على أعلى مستوى وأن نظامه وطريقته لن تتغير فى حال نجاحه مرة أخرى والغريب أن هذه الندوة كانت من أهم أسباب اكتساح الرجل للانتخابات من جديد.

ثم مرة أخرى فاجأنا جميعا صالح سليم بإعلان عدم خوضه لانتخابات الأهلى مع نهاية فترة ولايته ورشح الراحل كمال حافظ ليكون رئيسا بدلا منه ورغم المحاولات المستميتة التى بذلها الجميع معه للترشح إلا أنه رفض تماما وصمم على موقفه، ولكن حدث ورسب كمال حافظ فى الانتخابات ونجح الكابتن عبده صالح الوحش لكن نجح معه كل رجال صالح سليم لذلك لم يكن المجلس متناغما وحدثت مشاكل عديدة إلى أن نجح حسن حمدى فى إقناع صالح بالعودة والترشح مرة أخرى فظل رئيسا للأهلى حتى انتقل إلى رحمة الله..

ولصالح سليم مواقف عديدة تتعجب تماما عندما تسمعها فقد كنا متصدرين بطولة الدورى العام بفارق كبير عن النادى الإسماعيلى وكان حسام حسن هو نجم الفريق الأول وهدافه ولكن جاءت مباراة بين الأهلى والمصرى ويومها تم طرد حسام من المباراة من الحكم فما كان منه إلا أن خلع الفانلة وألقاها على الأرض وقبل أن يصل إلى غرفة الملابس كان قراره بايقاف حسام حسن حتى نهاية الموسم، وكنت قد أصبحت كابتن الفريق فطلب منى المدرب آلان هاريس بعد فترة أن أذهب معه إلى الكابتن صالح نرجوه فى رفع الإيقاف عن حسام والاكتفاء بالفترة السابقة خصوصا أن النتائج ساءت كثيرا وأصبحنا مهددين بخسارة اللقب، وبالفعل طلبت من مدير النادى الاجتماع مع الكابتن صالح برفقة المدرب آلان هاريس وكانت المقابلة رائعة لكن ما إن طلب المدرب رفع الايقاف عن حسام حتى انتفض صالح سليم وأعلن انتهاء المقابلة وقال للرجل بالحرف الواحد: لو مش عاجبك امشى والنادى حيكمل بأى مدرب. وانصاع هاريس ويومها فزنا بالدورى والكأس وبطولة افرييقيا أيضا.

وأيضا لا أنسى يوم أن طلب منى الإعلامى الكبير حامد عزالدين إجراء لقاء صحفى لمجلة الأهلى مع الكابتن صالح سليم لعلمه بميولى الإعلامية وبالفعل توجهت إليه وسألته عن قصته الشهيرة مع ميمى عبدالحميد وكيف أنه ضربه فى مباراة الأهلى والترسانة وطرده من الملعب فكانت المفاجأة فى قصة مختلفة تماما فقد حكى لى وهذا موثق فى مجلة الأهلى أن ميمى عبدالحميد كان يلعب الكرة مباشرة إلى رفعت الفناجيلى فطلبت منه أن يلعب الكرة لى أولا وكنا فى أسوأ حالاتنا ففوجئت بميمى يغضب ويترك الملعب متجها إلى الخارج وجريت خلفه محاولا إثناءه عن الخروج من الملعب ولكنه رفض بشدة ولعبنا ناقصين لأنه لم يكن أيامها هناك تغيير واضطررت للعب مكانه ويومها (هرانى) محمود حسن وفاز الترسانة على الأهلى بخماسية ولكن وكما يقول صالح لم يكن هناك تليفزيون فاجتهد الجميع وكتب روايات خاطئة وللأسف صدقها الناس ولقد عدت بالفعل للكابتن ميمى عبدالحميد فأكد لى رواية صالح سليم بالضبط بل كانت المفاجأة عندما قال لى إن صالح سليم زاره فى المنزل وأقنعه بالعودة للفريق.

ولصالح سليم موقف عنيف معى أنا شخصيا فقد كنا فى مباراة ضد الأوليمبى بالإسكندرية وحدث خلاف بينى وبين زميل لى بالملعب وجلست على الأرض لمدة دقيقة واحدة مدعيا الإصابة ورافضا اللعب احتجاجا على ما يدور من زميلى ضدى، وانتهت الأزمة واكملت المباراة ولكن فور عودتنا إلى القاهرة فوجئت بمدير الكرة صلاح حسنى يبلغنى بقرار إيقافى لنهاية الموسم وتغريمى مبلغا ماليا كبيراً وكنت الحارس الأول للأهلى والمنتخب الوطنى فى هذا الوقت، ويبدو أن البعض كان سعيدا جدا بهذا الموقف وأخذ ينفخ فى النار لدى الرجل فاستشاط غضبا منى وبعد محاولات مضنية قابلته فى مكتبه فى تمام الساعة 7 صباحا وشرحت له الموقف بوضوح وأن هناك من يحاول الوقيعة بينى وبينه فطلب من حسن حمدى نائب الرئيس التحقيق فى كل ما ذكرته له وهو غير مقتنع على الإطلاق ولما ظهرت براءتى من كل ما نسب إلى كان قراره الأكثر عنفا بعودتى إلى الفريق وعزل مدير الكرة لكنه أبقى على الغرامة المالية وكنت قد ابتعدت عن الفريق لمدة 3 مباريات للايقاف وأذكر أن المهندس إبراهيم المعلم وتيسير الهوارى هما اللذان قادا عملية إيضاح الصورة للكابتن صالح لذلك لم يتوان فى إعادتى للفريق وكنا على أبواب كأس مصر فطلب منى أن يكون الفوز بكأس مصر هو خير رد اعتبار لى ولجماهير الأهلى خصوصا أننا خسرنا بطولة الدورى العام وبالفعل كان توفيق الله معنا وفزنا بالكأس بل وفزنا أيضا ببطولة إفريقيا وكنت قد طلبت منه زيارتنا فى حالة الفوز بالبطولة ولأول مرة أحدثه تليفونيا وكان ذلك فى تمام الساعة 7 صباحا فى مكتبه بشارع 26 يوليو حيث كان يحلو له أن يقول مكتبى فى بولاق والغريب أنه دعانى لزيارته ويومها وجدت لأول مرة جهاز كمبيوتر ولم أكن أعرف عنه شيئا وسألته عنه فقال لى بالحرف الواحد ده المستقبل ولو مصر مالحقتش نفسها وكل واحد فى البلد أصبح لديه كمبيوتر فعليه العوض ومنه العوض فى البلد واندهشت كثيرا ولكن سبحان الله فما هى إلا سنوات قليلة وتحقق ما قاله بالحرف صالح سليم ولا أنسى يومها وأنا أتكلم معه كلمة جميلة وهو يصافحنى بقوله «ازيك يا سبع البرمبة» وظننته يسخر منى ولكن فوجئت به يشيد بى وبأدائى ويثنى على الفريق بأكمله ويطلب منى إسعاد الجماهير الأهلاوية مشيدا بما حققناه من انتصارات فى الفترة الأخيرة ولما تجرأت وطلبت منه زيادة المكافآت رفض تماما وقال إن هناك لوائح ولا بد أن تحترم وأنه لا يمكنه أبدا أن يفعل ذلك، فما كان من تيسير الهوارى إلا أن تطوع ودفع مبلغا محترما كمكافأة للاعبين بعد استئذان الكابتن صالح وهو ما لم يرفضه حيث قال ان هذا تقدير من محبى النادى وليس لديه مانع على الإطلاق.

ورغم شدة وقوة صالح سليم إلا أنه كان يستمع للصغير قبل الكبير وأذكر يوما أن أحد عمال النادى قابله أثناء دخوله للجمانيزيوم لعمل جلسة علاج طبيعى الخاصة بالفريق الأول وكان اسمه حمدتو واشتكى له من الظلم الواقع عليه بخصوص راتبه وحوافزه فما كان منه إلا أن استدعى المسئول ليستفسر منه عن هذا الظلم معنفا إياه ولكن اتضح أن العامل كذب على الكابتن صالح فأمر بنقله فورا لأنه كذب عليه،

وأذكر أيضا أنه كانت هناك انتخابات لاتحاد الكرة وسألته لماذا لا تترشح للانتخابات خاصة أن نجاحه مضمون فأجاب دون تردد عندما يتم نسف هذا المبنى بكل موظفيه ويعطوننى كافة الصلاحيات دون تدخل من أحد حتى من رئيس الجمهورية أفكر بعدها فى خوض انتخابات اتحاد الكرة، وأعلن يومها بوضوح تأييد الأهلى لحرب الدهشورى على الرغم من أن أحد أبناء الأهلى كان مرشحا ضده، ولما سألناه فى اجتماع لماذا حرب؟ قال لأنه الأفضل لقيادة الكرة المصرية وليس معنى أن أحد أبناء الأهلى مرشح أن نقف بجواره وهو لا يصلح من وجهة نظره لإدارة الكرة المصرية إلا أن الموقف الأكثر دهشة هو موقفه من محمد حسن حلمى رئيس الزمالك الأسبق عليه رحمة الله عندما ترشح لرئاسة اتحاد الكرة وكان أمامه منافس من خارج الوسط الرياضى فأعلن بصراحة ومن خلال مؤتمر صحفى مساندة الأهلى الكاملة لحسن حلمى بل وطالب الأندية بمساندته لأنه الأقدر لخدمة الكرة المصرية فى الوقت الذى كان نادى الزمالك يقف ضد الرجل بكل قوة، والغريب أن صالح سليم قال إنه يعلم أن حسن حلمى لن ينجح ولكن مبادئ الأهلى تحتم عليه أن يقف بجوار من يراه صالحا لإدارة الكرة المصرية.

ومواقف صالح سليم القوية عديدة ومتنوعة فأذكر مثلا بداية اكتشافه لإصابته بمرض السرطان اللعين ويومها كان فى لندن وقد حكى لى عدلى القيعى أحد أهم المقربين من المايسترو كما يحب أن يطلق عليه هذا الموقف أنه أجرى تحاليل وأشعات وطلب منه الطبيب تليفونيا أن يتوجه إليه ليلا ضرورى جدا لأن الأمر خطير فاستفسر منه صالح سليم عن نتيجة التحاليل وكعادة الإنجليز فى الصراحة المطلقة صارحه بأنه مصاب بسرطان البنكرياس ولابد من رؤيته اليوم لوضع برنامج العلاج، فكانت المفاجأة عندما طالبه صالح بتأجيل الموعد لليوم التالى ولما استفسر منه الطبيب عن السبب قال له انه واعد حفيدته بالذهاب للسينما ليلا وأنه لا يستطيع أبدا أن يخلف موعده معها وانصاع الطبيب لرغبة صالح سليم.

ولعل آخر ما أختم به حكايتى مع صالح سليم هى قصة اعتزالى فقد كنت أواجه معاملة سيئة من الجهاز الفنى والإدارى للفريق الأول حيث أصبت فى إحدى المباريات وأجريت جراحة فى كتفى عادية جدا إلا أن بعض أعضاء الجهاز الفنى والإدارى كانوا يتربصون بى فطلبت مقابلة الكابتن صالح ووقتها كانت العلاقة بينى وبينه أكثر من رائعة لأننى قدمت عدة مواسم رائعة وساهمت مع زملائى فى الفوز تقريبا بكل البطولات لذلك وافق الرجل على مقابلتى فورا وذهبت إليه وشكوت سوء المعاملة من الجهاز الفنى وانتظرت منه أن يقف بجوارى ويكون له موقف قوى معى إلا أن إجابته فاجأتنى عندما طلب منى أن أضع نفسى تحت أمر الجهاز الفنى وأن الرأى الأول والأخير سيكون لهم إن أرادوا استمرارى أو اعتزالى وأن الأمر بيدى لو أردت الاستمرار فعلى أن أثبت ذلك فى الملعب لأنه الفيصل الوحيد فى الأمر ولما حاولت شرح الأمر له بأن الجهاز يرفض تماما ذلك بل وأن هناك تعنتا شديدا ضدى ذكرنى بموقفه من الرباعى الشهير طاهر أبوزيد وربيع ياسين وعلاء ميهوب ومحمود صالح وكانوا أهم 4 لاعبين فى الفريق ولكن الجهاز الفنى طلب استبعادهم من الفريق وطلبوا منه هو شخصيا أن يبلغهم بذلك ففعل ما طلبه منه الجهاز الفنى على الرغم ــ على حد قوله ــ من أنه كان يرى أن هناك منهم من يستحق إعطاءه فرصة أخرى لذلك لن يتدخل أبدا فى هذا الأمر وهو ما أغضبنى بشدة وخرجت من مكتبه مصمما على إعلان اعتزالى رغم طلبه منى أن أتدرب وأنسى كل هذا الكلام وأننى قادر على العودة مرة أخرى ولكن صممت على إعلان اعتزالى ورغم أننى كنت من القلائل جدا الذين حضر اعتزالهم صالح سليم إلا أننى ظللت لفترة ليست بالقصيرة حزينا وغاضبا منه وظلت علاقتى به شبه مقطوعة حتى رحيله على الرغم من أن أحد أصدقائه قابلنى فى النادى الأهلى وقال لى إنه كان جالسا مع الكابتن صالح وأنه أثنى جدا علىَّ وعلى صراحتى الواضحة فى الإعلام وأنه سعيد بوجودى كابن من أبناء الأهلى فى هذا المجال ولكن بكل أسف لم أسع لمقابلته أو لقائه.

ورحل صالح سليم بعد معاناة مع المرض واكتشفت فيما بعد أنه كان على حق فلولاه ما خرجت من الملعب مرفوع الرأس وما تمكنت من إثبات وجودى فى العمل الإعلامى والإدارى ولكن قلة الخبرة واندفاع الشباب كانا الغالبين على فكرى وقتها.. صالح سليم رئيس من الصعب أن يتكرر فى الرياضة المصرية.