صناعة "الأختام اليدوية" حرفة الآباء والأجداد تفتح بيوت الشباب في سوهاج (صور)

محافظات

صناعة الأختام اليدوية
صناعة الأختام اليدوية بسوهاج


صناعة الأختام اليدوية حرفة صعبة للغاية، خاصة أنها تحتاج إلى كتابة عكسية ليظهر الاسم معتدلًا على الورق أو في المرآة، وبإصرار عجيب يقبض صانع الأختام بيديه علي قطعة مستديرة من النحاس لا يتجاوز قطرها 2 سنتيمتر وقطعة خشبية يطلق عليها "الملزمة"، وأخرى من الصلب يطلق عليها "القلم".

أمام مكتب بريد مدينة طهطا الرئيسي الذي يخدم قرى مركز ومدينة طهطا نظرًا لاحتوائه علي خدمة الحوالات الفورية دون غيره من مكاتب البريد المنتشرة في قرى المركز، إنه "علاء السيد محمد عبد الباسط - 30 عامًا" حاصل على بكالوريوس "تربية رياضية" بتقدير عام جيد جدًا دفعة 2007م وبتقدير امتياز في الفرقة الرابعة، ويقيم بمدينة طهطا، وعمل بالحصة في إحدى مدارس قرى مركز طهطا بمبلغ 107 جنيه في الشهر بعد تخرجه بسنوات ثم تركها لعدم كفايتها له ولمتطلبات حياته المعيشية، متزوج ولديه ولدين.

وأضاف: "عايز أربي أولادي وأعلمهم واسترهم بالحلال"، هكذا بدأ الشاب الثلاثيني حديثه مع " البديل " بعبارات موجزة اختصرت بين حروفها هموم جيل كامل من أقرانه، واصفًا مهنته بأنها ميراث الأباء والأجداد الخالد، الذي لا يرغب أن يفرط فيه بأي حال من الأحوال علي الإطلاق، ويعتزم أن يعلمها لأولاده بجانب شهاداتهم العلمية التي يحصلون عليها في المستقبل حرصًا عليهم من نوبات الزمن.

ويحكي صانع الأختام الماهر عن جده وأبيه متذكر وهو فتى صغير كيف كان التزاحم والإقبال عليهم من مواطني القرى والنجوع بل والمراكز المجاورة رغبة منهم في الحصول على ما يثبت هويتهم في توقيعات البيع والشراء والمعاملات المختلفة من صرف حوالات بريدية أو بنكية أو معاشات، وكيف كان جده وأبيه لا يفقدان ابتسامتهما في وجه زبائنهما رغم مشقة العمل وحاجته الملحة للتركيز المستمر.

ويرى "علاء" أن ارتفاع نسب التعليم بين الشباب والفتيات من الجنسين وظهور الأختام الحديثة التي يتم صناعتها من البلاستيك باستخدام الكمبيوتر والأدوات الحديثة عوامل ألقت بظلالها علي نسبة المقبلين علي حرفته التي باتت تعاني كساد ملحوظ يظهر واضحًا في جلوسه وحيدًا أمام مكتب البريد في انتظار المقبلين عليه، بعد أن كان مكانه ومكان أبيه من قبلهِ قِبلَة لجميع الراغبين في الحصول على أختام.

وعن أسعار الختم يؤكد علاء أن سعر الختم ليس تسعيرة جبرية إنما هو بالتراضي مع الزبون موضحًا أن سعره لا يزيد علي 15 جنيها، ويستعين "علاء" بالمواد الخام اللازمة لحرفته من إحدى المكتبات بمركز جرجا جوب محافظة سوهاج بعد أن كان يأتي بها من حارة اليهود بالقاهرة.

ولا يدخر "علاء" جهدًا في الاعتناء بأدواته البسيطة والقيام في أوقات مبكرة من اليوم لاستقبال زبائنه وحتى الساعة الثالثة عصرًا مع انتهاء العمل بمكتب البريد الذي يجلس أمامه في انتظار رجل مسن أو سيدة أو شاب أو فتاة ممن يطلبون بضاعته التي تسمح له ولأسرته بحياة بسيطة متواضعة، رغم ما يتعرض له من مخاطر وإصابات في يديه جراء هذه الحرفة، متمنيًا أن يأتي عليه الصباح ذات يوم وقد حصل علي وظيفة تضمن له أداء رسالته مع أطفاله الصغار.