«يوم للستات» العيوب ممكن أن تتواجد فى فيلم جيد

العدد الأسبوعي

لقطة من فيلم يوم
لقطة من فيلم "يوم للستات"


الفيلم رسم الشخصيات كأنها روبوتات دون إنسانية

رغم المشاكل والعيوب الموجودة فى فيلم «يوم للستات» إلا أنه يظل رغم ذلك تجربة مميزة لكاملة أبو ذكرى وإلهام شاهين ليس فقط بسبب وجهة النظر النسائية البحتة التى تطغى على الفيلم لكن أيضًا بسبب طول فترة تصويره والإعداد له والمشاكل الإنتاجية التى صاحبت هذه الفترة والتى تنعكس بشكل أو بآخر على حال السينما المصرية، فالمشاكل التى تركزت فى نصف الفيلم الأول فى النهاية يمكن علاجها بإعادة المونتاج، لكنها لا تتعلق بجودة الصورة أو السيناريو الذى يعتمد على فكرة مبهرة تكشف الكثير من المشاكل التى تتعلق بوضع المرأة فى المجتمع المصرى وموقف المد الدينى منها.

الفكرة تتركز على حمام سباحة افتتح مؤخرًا فى ساحة شعبية، تقرر أن يكون يوم الأحد من كل أسبوع مخصصًا فقط للسيدات، بعد أن انتزعت عزة «ناهد السباعى» هذا الحق بقوة فى مشهد البداية بنزولها حمام السباحة ومزاحمتها للشباب الذين اعترضوا ليأتى القرار من كابتن بهجت (إياد نصار) المشهد بالطبع تأسيسى لطريقة سير الفيلم ككل، أن للسيدات الصوت الأعلى حتى لو ظن الرجال العكس، فمحاولاتهم لمنع السيدات من الذهاب لحمام السباحة تلاها انتقام واضح وقوى من السيدات كما أن المشاجرة الكبيرة مع الشباب فى الحارة حركتها سيدة دفاعًا عن قاعدة وشكل أخلاقى يركز على احترام المرأة كفرد فى المجتمع المصرى لكن هذه القاعدة تراجعت كثيرًا بسبب التغيرات التى شهدها نفس المجتمع ونتج عنها الكثير من الممارسات على رأسها التحرش.

فكرة التركيز على حمام السباحة كوسيلة للهرب من الضغوط النفسية والابتعاد عن المجتمع والجلوس لساعات وسط بيئة مليئة بالسيدات جعلت التركيز على المشاكل التى تواجهها المرأة أكثر وضوحًا، فعلى حمام السباحة لا أحكام مطلقة أو مسبقة، الكل فى الهم واحد كبيرة كانت أو صغيرة، والجميع داعمون لبعضهم البعض، مهما كانت الفكرة عنهم فى المجتمع الصغير الذى تمثله الحارة والتى يسكنها معظمهم شامية «إلهام شاهين» أكثر ما يمثل ذلك فعلى الرغم من الصورة السلبية عنها فى الحارة لكونها موديل للرسامين منذ سنوات مراهقتها الأولى وعدم زواجها والنظرة التى ربما تستنكر تصرفاتها، على حمام السباحة الوضع مختلف هناك الفضول والتعاطف والدعم.

الشخصيات الثلاث الرئيسية فى الفيلم عزة وشامية وليلى (نيللى كريم) يقابلهن شخصيات ذكورية يتمثلون فى إبراهيم (أحمد داود) وأحمد (محمود حميدة) وبهجت، الثلاثة يحملن مشاعر حب للأطراف المقابلة لكن العديد من الظروف منعت وتمنع تحول هذه العلاقات لشكل رسمى، فى النصف الأول من الفيلم التركيز على الشخصيات النسائية كان أكثر وبلغ حدًا من التوسع فى عرضه لدرجة أن التشبع بالشخصيات تخطى الحد المطلوب الأمر الذى تسبب فى الملل وأفقد الشخصيات النسائية التعاطف المفروض، وفى المقابل تأخر تعريف شخصيات الرجل كثيرًا ليفقدوا أيضًا عنصر التعاطف معهم منذ البداية حيث رسم الفيلم الشخصيات كأنها روبوتات دون ردود أفعال إنسانية تقربهم من المشاهد.

خلافًا لهذه النقطة توجد النهايات الناقصة للخطوط الدرامية الثرية التى ركز عليها الفيلم فى النصف الأول وانتهى الأمر بغيابها فجأة فى النصف الثانى، شخصية أحمد الفيشاوى لم تحظ بالقدر الكافى من القرب والتواصل مع الجمهور كأنه زرع شيطانى بلا اسم مهمته التنغيص على حياة أخته ليلى وأبيه على «فاروق الفيشاوى» أو محاولة التنفيس عن كبته الجنسى بالتحرش والاحتماء بمظهر المتدين، خروجه من الحارة منطقى وطبيعى لكن عدم عودته هو شيء غير منطقى بالمرة، كذلك الحال مع إبراهيم الذى فقدناه فجأه على الرغم من عذوبة الشخصية وقدرتها على التواصل مع المشاهد.

بهجت وليلى مصير غامض آخر، نعرف أن ليلى تتحسن وتنسى مشكلة فقدانها لزوجها وابنها فى حادث غرق العبارة، لكن بهجت جزء مهم وأساسى فى تحسنها فأين ذهب؟ ليس من المنطقى الاستخفاف بشخصيات الرجال فى البناء الدرامى للفيلم على حساب الشخصيات النسائية لمجرد أن الفيلم يدافع عن حقوق المرأة فالتأثير كبير وليس من الطبيعى أن يدافع فيلم عن المرأة وشكلها ودورها فى المجتمع وهو فى نفس الوقت يقدم عكس ما ينادى به بغياب تأثير الجنس الآخر على الرغم من أهميته.