طارق الشناوي يكتب: زعماء وفنانون.. غرام وانتقام وأشياء أخرى!

الفجر الفني

بوابة الفجر


باب أزماني التي احتفل بزفافه عليها بعد قصة حب جمعتهما يناير 2015.

 

كان لدى الموسيقار محمود الشريف أكثر من رسالة غرام بخط يد أم كلثوم ظل محتفظا بها، ومن بينها ورقة كتبت فيها أغنية "شمس الأصيل"، تأليف بيرم التونسى، حيث كانت هى اللقاء الأول الفنى بينهما، أقصد كانت من المفروض أن تُصبح هى التتويج الرسمى لتلك العلاقة بعد إعلان الخطبة عام 1946، ولكن بعد أسبوع واحد، وفى أعقاب فسخ الخطوبة، توقف المشروع وأسندت أم كلثوم اللحن إلى رياض السنباطى، وسألت الشريف عن مصير لحنه "شمس الأصيل"؟ أجابنى: ألقيت الشريط من البلكونة حيث كان يسكن بالدور التاسع عمارة "استراند" فى باب اللوق.

 

أكثر من ذلك لم تلتق به أم كلثوم فنيا، برغم أنها فى عام 56 قالت إن لحنه "الله أكبر" أفضل نشيد وطنى، إلا أنه فى 67 وفى أعقاب الهزيمة قال الشريف على صفحات الجرائد "الحشيش وأغانى أم كلثوم هى سر النكسة". كانت أم كلثوم تتعمد ألا تلتقى بأنغامه ومع سبق الإصرار خوفا من أن يتذكر الناس قصتهما العاطفية، برغم محاولات عازف الكمان أحمد الحفناوى الذى كان صديقا للطرفين، أكثر من ذلك زوج أم كلثوم طبيب الأمراض الجلدية حسن الحفناوى، كان أساسا صديقا للشريف وهو الذى قدمه لأم كلثوم، ولم يكن لديه مانع فى أن تلتقى بألحانه، إلا أن أم كلثوم بتركيبتها المحافظة كانت ترفض، وعندما سألت الشريف هل ندم لأن أم كلثوم لم تغن على أوتار عوده؟ أجابنى بكل كبرياء، لم أكن أريد أن أصبح مجرد ملحن يقف فى الطابور.

 

ولا أتصورها الحقيقة، ولكن دعونا نتناول هذا السؤال الشائك الحكايات العاطفية وهل يجوز نشرها بعد الرحيل؟

 

قرأنا قبل أسابيع الرسائل العاطفية لفرانسوا ميتران والتى نشرتها مؤخرا عشيقته وأم ابنته _الطبيعية _ هذا التعبير طبيعية هو الذى تفضله ابنته، أثارت الرسائل العديد من مشاعر الإعجاب بالرجل، الكل فى فرنسا شعر أنه كان يحكمهم رئيس راقٍ فى أحاسيسه.

 

الرسائل نشرتها السيدة ((آن بانجو)) بعد رحيل كاتبها بعشرين عاما، أخذت منعطفا آخر فلقد كانت هى الحب الحقيقى، قصر ((الإليزيه)) صار مرتعا لقصص الحب والعشق والخيانة، الرئيس الحالى هولاند له باع طويل فى هذا الشأن، فلقد تميز بتعدد علاقاته، ولكن لا يوجد ما يشينه سياسيا، بينما نحن نعتبرها السلاح النووى الذى نشهره فى وجه من نريد الحط من أقدارهم، ربما كان الملك فاروق هو صاحب الرصيد الأكبر، بعد ثورة 52، كان لابد من تشويهه وتناثرت حوله عشرات من القصص وجزء منها كان الغرض من ترويجها هو النيل من رجولته، من الحكايات أن ناريمان زوجته الثانية كانت تحب فريد الأطرش وغنى لها ((نورا يا نورا)) ولكنه خطفها منه وتزوجها، وأنه أحب كاميليا وفى نفس الوقت كان مغرما وغارقا لشوشته حبا فى سامية جمال، والحقيقة أن سامية جمال أنكرت أى علاقة خاصة بالملك، وأكدت أن تواجدها فى القصر مثل تحية كاريوكا للرقص فى الحفلات فقط.

 

حاول فى توقيت ما قبل 30 عاما الكاتب الصحفى الراحل ((شفيق أحمد على)) أن ينقب فى أوراق عبد الناصر الشخصية، ولا أتصور أن الستار الحديدى كان من الممكن اختراقه. الرئيس عبد الناصر كان متيما بصوت أم كلثوم وأحب كثيرا أغنية ((أروح لمين)) وفى أغلب الحفلات التى كان يحضرها للست كانت تغنيها له، روى شاعرها الضابط والذى كان من رجال الصف الثانى فى تنظيم الضباط الأحرار عبد المنعم السباعى، أنه كتبها بطريقة غير مباشرة لتحمل فى ثناياها غضبه وحبه فى آن واحد للرئيس عبد الناصر، لأنه كان فى بدايات الثورة بالإضافة إلى عمله رئيسا لأركان الإذاعة، ويجب ملاحظة وظيفة ((أركان)) لأنها أقرب للعسكرية منها للمدنية، كان السباعى أيضا يقرأ الخطابات التى تأتى للرئيس ويجيب عليها ولكنه لم يمكث طويلا فى موقعه، واعتقد السباعى أن عبد الناصر استمع إلى وشاية ضده فكتب مستغيثا ((ما هو إنت فرحى وإنت جرحى وكله منك))، هل كانت ((أروح لمين)) تعنى لعبد الناصر حالة عاطفية خاصة؟.

 

شمس بدران الرجل العسكرى القوى فى زمن الستينيات، تم التسجيل معه قبل بضعة أعوام، وتعرض التسجيل للمصادرة، لأنه تحدث عن خصوصيات للزعيم لا أدرى مدى صحتها؟.

 

لو تذكرت فيلم ((ناصر56))، إخراج محمد فاضل، لم نشاهد أحمد زكى مع زوجته التى أدت دورها فردوس عبد الحميد، وهى تُقدم أى مشهد به مشاعر عاطفية كزوجين متحابين، هل لو قدمنا الزعيم وهو محمل برغبة عاطفية يفقده ذلك احترامه، خذ عندك مثلا عندما أخرج السورى أنو القوادرى فيلم ((عبد الناصر)) الذى لعب بطولته خالد الصاوى، اعترض الورثة لأنه قدم الرئيس وهو يرتدى البيجامة، ربما كانت السيدة جيهان السادات لثقافتها المختلفة أشد رحابة وأكثر مرونة فى تقبل مثل هذه الأمور، ولهذا تجد فيلم ((أيام السادات)) إخراج محمد خان يُظهر السادات الإنسان الذى كان يدندن أغنيات فريد الأطرش حيث عاش السادات حياة مدنية ومارس أكثر من مهنة أثناء ملاحقة البوليس السياسى له فكان يتعامل بأريحية.

 

أنيس منصور نشر صورا له بالشورت والفانلة الداخلية وهو يحلق ذقنه، وفى عيد الفن رأيناه وهو يقول لحسن الإمام مشيدا بفيلمه "بالوالدين إحسانا" أبكيتنا يا حسن.

 

صدام كان يكتب روايات تحمل توقيعه، أتذكر فيلم "الأيام الطويلة" الذى أخرجه توفيق صالح وتناول جانبا من حياته، قال لى توفيق صالح إنه قدمه فى مشهد أثناء استخراج رصاصة من جسده وهو يتألم، إلا أنه فى العرض الخاص اعترض وطالب بحذف المشهد، واستدعى عددا من شهود الواقعة، وقالوا جميعا لم يتأثر أثناء نزع الرصاصة بلا مخدر بل كان يبتسم لنا، الغريب أن من أدى دور صدام "حسين كامل حسن" صار بعدها زوجا لابنته رغد ثم انشق على صدام الذى نجح فى إعادته إلى العراق ونفذ فيه حكم الإعدام.

 

كانت كارلا تغنى لزوجها ساركوزى وهو رئيس جمهورية "أنت مخدرى أشد فتكا من الأفيون الأفغانى وأخطر من الكوكايين الكولومبى" طبعا لو غنتها فى مصر لتم إلقاء القبض عليها بتهمة الترويج للمخدرات.

 

أغانينا التى ارتبطت بالزعماء أشك كثيرا فى صدقها، مثلما قالت صباح إن عبد الحليم حذرها فى عيد الثورة السابع من الغناء لعبد الناصر ((من سحر عيونك ياه)) وأصرت على الغزل فى عيون وجفون عبد الناصر، أو كما قالت شريفة فاضل أنها غنت للسادات معجبة به ((أسمر يا سمارة يا أبو دم خفيف))!!.