د. رشا سمير تكتب: «أنثى الدبور» جوازة «دليفرى» نهايتها طفل ورجل مطرود

مقالات الرأي



بالأمس كان الزواج هو العقد الوحيد الذى يدون بلا شروط ويرتضيه طرفا العقد بصدر رحب، بل وبالزغاريد وكئوس الشربات.

فالرجل يطمح إلى الاستقرار والبيت الدافئ والذرية الصالحة، والمرأة تطمح إلى كنف رجل تنام بين أحضانه هانئة راضية، وظل يحميها فى المواقف التى تعجز عن مجابهتها بمفردها، بل وتبحث عن إثبات أنوثتها بتربية أبنائها بشكل يرضى المجتمع.

لم تكن طموحات الرجل مجرد أنثى جميلة ترضى غروره وتشبعه، ولا كان طموح المرأة رجلا يحقق لها أحلامها المادية فقط، كان الزواج رباطا مقدسا، وعودا وأحلاما، واجبات وحقوقا، ميثاقا والتزاما، كان استقرارا يرجوه الطرفان ولا يفصلهما فيه عن بعضهما البعض سوى الموت.

لم تكن كلمة «الطلاق» لقمة سائغة فى أفواه الجميع، حتى لو كانت كلمة يستطيع الرجل أن يلوح بها أحيانا فى وجه امرأته لإرهابها، الطلاق كان كلمة تعنى «أبغض الحلال وأقسى المواقف ألما»، كان صاعقة تقع على رأس المرأة وحدها دون غيرها، تتحمل تبعاتها، وتظل طوال الوقت تدرأ عن نفسها شُبهة أنها السبب فى وقوعه.

حين تقع الخيانة، فالزوجة هى السبب، لأنها أهملت رجلها وانشغلت عنه وعاملته بقسوة، وحين يقع الطلاق، فالزوجة هى السبب، لأنها لم تحاول ولم تتراجع ولم تقدم تنازلات، وحين ينحرف الأبناء، فالزوجة هى السبب أيضًا، لأنها لم تتواجد فى حياة أبنائها بشكل كاف، فهى لم تحذرهم ولم تصادقهم ولم تقومهم.

لو تزوج الرجل من جديد فله كل الحق، ولخلق له المجتمع ألف عذر، لأنه لم يستعمل سوى حقه الشرعى، بسبب أنه لا يقوى على العيش بمفرده، أما لو تزوجت المرأة بعد طلاقها لوصمها المجتمع بالفجور والأنانية، لأنها أهملت أبناءها وبحثت عن رجل يروى أنوثتها، كل هذا التحيز الأعمى وبكل أسف هو نظرة المجتمع وحكمه القاسى على النساء فيما مضى، أما اليوم فقد انقلبت الآية.. كيف؟

ببساطة، قررت النساء القيام بثورة، ليست الثورة العرابية ولا الإيرانية، بل بمعنى أدق انقلاب على الأوضاع، ثورة على ظلم المجتمع وموروثاته التى عرقلت النساء طويلا، قررن الخروج من القمقم إلى النور، قررن أن يملين شروطهن على المجتمع والإذعان لسطوتهن.

تساءلن فيما بينهن بعد أن نلن استقلالهن وأصبحت كل واحدة لها دخل خاص قد يفوق دخل زوجها فى أغلب الأحيان، تحدين المجتمع فارتدين الفاضح والقصير دون خوف من الانتقاد، وأصبح الشىء الوحيد الذى يخشين فقدانه بعد الزواج هو «حريتهن».

سألت المرأة نفسها: ماذا تريد من مؤسسة الزواج.. خصوصا بعدما أصبحت مسئولية إدارة منزل عبئا، لم تعد الشابات فى هذه الأيام قادرات على تحمله ولو حتى اضطررن.. إذن فماذا تريد المرأة من الزواج؟

المال، لا.. فهى تمتلكه

الأمان، لا.. فهى تستطيع شرائه بـ«بودى جارد»

الحب، لا.. فقد اكتشفت أنه أكذوبة

الجنس، لا.. فقد أصبح له ألف بديل

المسئولية، على الإطلاق.. فحريتها تساوى الكثير

الحقيقة، لم تردن النساء من الزواج سوى الأبناء.. الأمومة، التى كانت وستظل دائما هى كيان المرأة الحقيقى، وفيض حنانها الذى لا ينضب، بحثن عن طريقة لا تغضب الله ولا ينزلقن بها إلى الحرام لينجبن أطفالا، وهنا قفزت إلى أذهانهن خدعة «أنثى الدبور»، التى تتزوج فقط ليتم تلقيحها عن طريق الزوج.. ثم تقتله.

إنه نوع جديد من الزواج ابتدعه الفتيات، وأصبح موضة تتم أحيانا بمعرفة الأهل، أصبح طموح شابات الأجيال الجديدة أن يحملن لقبا جديدا ومبتكرا، وهو لقب الـ«Single Mom»، أو بالترجمة الحرفية «الأم الوحيدة».

تدخل الفتاة الحياة الزوجية بعقيدة أن تنجب فى أقصر مدة، وأيا كانت مواصفات الرجل الذى ستتزوجه، فهى تضع مدة زمنية معينة للزواج، لا تفصح عنها طبعا فى البداية، حتى تصبح أما، ثم تطلب الطلاق أو الخلع، لتتخلص من الدبور بنفوذها ومالها.. حقيقة قد تبدو مُرة وغريبة ولكنها حكاية تحدث كل يوم.

هل غضت النساء أبصارهن عن عواقب هذا الزواج، أم قررن أن يتحدين المجتمع ويخضعنه لشروطهن بالقوة، أم هى موضة بدأت وانتشرت وقد تنتهى فى يوم ما، حين تستحدث موضات أخرى جديدة؟.

قد تبدأ الحكاية بأم تخطط لزواج ينتهى بطفل، فتطرد الزوج وتغلق الباب وراءه، أو امرأة قتلتها تجربة وحيدة فاشلة، فتمتنع عن إعادة التجربة مرة أخرى، ومن حكاية إلى حكايات تهزمنا التفاصيل المرعبة، التى لا يدفع ثمنها سوى الأبناء.


1- أريد طفلا

تعرفت على شاب ابن ممثل مشهور، لا أنكر أننى استلطفته، ولكن لا أستطيع أن أقول أننى أحببته، لأنه ببساطة شاب بلا هوية، تافه مثل أغلب الرجال.

أنا فى أوائل الثلاثينيات، وأصبحت أخشى بشدة أن يفوتنى قطر الزواج، وتحت إلحاح ضغط أمى وعائلتى كلها كان يجب أن أتزوج، حتى أهرب من لقب «عانس»، الذى لا أراه سُبة، ولا أرى له لقب مماثل فى المجتمع الذكورى.

قررت أن أستدرجه ليتزوجنى، ولا تتعجبوا.. فمن أسهل الأشياء أن تنصب الأنثى الشراك لأى رجل ليقع فيه ويظن أنه الصياد، ما يجعله يقع بكل سهولة ويسر، قررت أن أتزوج محمود، وقد اتخذت قرارًا أمام نفسى بأن أنهى تلك الزيجة بعد عام واحد من زواجنا، أو بالتحديد بعد أن أنجب منه، وأصبح أما.

نعم قررت أن أقوم بدور أنثى الدبور، التى تقوم بقتل ذكر الدبور بعد تلقيحها، بقدر ما تبدو القصة قبيحة.. بقدر ما هى واقعية، تمت الزيجة بفتور شديد من ناحيتى، ووله شديد من ناحية زوجى، بعد أشهر قليلة وصلت بنا الخلافات أشدها بسبب استهتارى به وبالزيجة كلها.

أنجبت فتاة جميلة، هى الآن كل حياتى، وطلبت الطلاق فلم يوافق، فخلعته وتنازلت عن كل حقوقى، ولأننى أمتلك المال والوظيفة الكبيرة والعلاقات المتعددة، كان الطلاق يسيرا ودون مشاكل.

أخذت ابنتى وسافرت للعمل فى دولة الإمارات حيث انتهى زوجى تماما من حياتى وحياة ابنتى، نعم.. تزوجت بنية أن أصبح «Single Mom» ونجحت الخطة، لماذا تحتاج النساء إلى الرجال لو امتلكن المال والأصدقاء والأطفال؟.. لا أعتقد أن هناك سببا يدعونا لقبول وجودهم المزعج حقا فى حياتنا.


2- الطلاق أو القتل

«يا أتطلق يا أقتله.. وهو مش عايز يطلق.. يبقى الحل طلقة فى جبينه زى السادات»

ترد عليها إحدى صديقاتها على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، دون خجل ولا أدنى شعور بتأنيب الضمير:

يا بنتى وليه تقتليه، وتودى نفسك فى داهية علشانه؟

عايزة تخلصى منه بجد، هاتى أى قماشة سودا وأكتبى عليها «تنظيم الدولة الإسلامية»، وطبقيها وحطيها فى دولابه، على كام كتاب بيتكلموا عن الجهاد فى الإسلام، واتصلى بـ«الداخلية»، وقولى لهم: أنا أول ما شفت العلم والكتاب سعادتك خُفت على مصر قلت أتصل بيكم، وهما هيقوموا بالواجب، تقومى تانى يوم رافعة قضية خُلع، وأقسم لك هتاخدى حُكم وهو بالسلامة مش هيشوف النور تانى، وبكده تبقى خلصتى منه وخدتى حقوقك واتطلقتى.. أى خدمة.

إنها شكوى تكتبها النساء كل يوم، امرأة كرهت زوجها من خنوعه، أو من غلاظة مشاعره، أو ربما لبخله، أو لتخليه عن المسئولية، والحقيقة أن تراكم المشكلات وتفاقم الخلافات تحول الأنثى الوديعة إلى نمرة شرسة، فعلى قدر الحُب يولد الكره لدرجة تجعل فكرة القتل أحيانا فكرة تدور بحق فى عقل بعض البائسات.


3- لمن نُضحى؟

تزوجت زوجى عن حُب، وقدمت من التضحيات ما ندمت عليه كثيرا، لم يكن يمتلك المال ليشترى لى شبكة مثلى مثل أى من صديقاتى أو قريباتى، لكن من فرط حبى له قررت أن أتنازل عن حقوق رأيتها بسيطة فى حينها حتى يتيسر لى أن أتزوجه ونصبح معا فى بيت واحد.

حتى فى مسألة شراء شقة الزوجية، لم يمتلك ما يكفى لشراء بيت تمليك، واكتفيت بشقة إيجار وسط معارضة أخى وأمى، وأعتقد أنه كان سيكون رأى أبى أيضا لو كان على قيد الحياة، تنازلت عن كل حقوق العروس بحب وببساطة فلم أشعر وقتها بأى غضض.

بعد شهرين من زواجنا، وصلتنى مكالمة من سيدة لا أعرفها تؤكد لى أن زوجى تزوج بأخرى، فأغلقت الخط فى وجهها ورفضت أن أستمع، بدأ أصدقائى يلتقونه فى أماكن السهر، وبصحبته سيدة أخرى، وهو لا يتورع أن يعترف بذلك فى وجهى، ويقول لى إنه اضطر إلى الزواج منها بعد شهر من زواجنا؛ لأنه تورط معها فى علاقة أودت إلى حملها منه.

الغريب أننى كنت مسحورة بحبه لدرجة جعلتنى أدوس على كرامتى وكيانى كأنثى، وأتقبل أمر زواجه بخنوع وصبر، علها تكون نزوة وتنتهى، ولكنها لم تنته أبدا، فقد أنجبت هى بنتا وأنجبت أنا له صبيًا جميلا، تمنيت معه أن تستمر حياتنا وتنتهى نزوته، إلا أنه طلقنى عندما ضاقت به سُبل الحياة، الغريب والمضحك أنه تزوج زوجة ثالثة ونحن على ذمته نحن الاثنان، فاتضح لى فى تلك اللحظة إن ما فعله لم يكن مجرد نزوة، بل كان طبعًا خسيسًا.

تعلمت من تجربتى المريرة أن التضحية مع الرجال «فعل فاضح فى الطريق العام»، فعل يفضح المرأة التى تقوم بالتضحية، خرجت من تلك التجربة بطفل هو الآن فى العشرين من عمره، فقد تم طلاقى وأنا فى السابعة والعشرين من عمرى، وتقدم لى أكثر من عريس وحاول الكثيرون التقرب منى ولكن أبدا، قررت ألا أعاود التجربة مرة أخرى.

قررت أن أكون «Single Mom» باختيارى، اختيار لم أُجبر عليه ولكننى اخترته بإرادتى الحُرة، اخترت أن أكرس حياتى لابنى وألا أقع فى براثن الرجال من جديد، الحُب شرك لا تنجو منه إلا المرأة التى تمتلك عقلا ولا تستمع لصوت قلبها.


4- الحسناء والكداب

كان مُديرى فى العمل، لاحظت من أول حديث لى معه إنه مهتم بى، نظراته وهمساته ومساعداته التى لا تنتهى لى فى كل موقف، مع الوقت اقتربنا أكثر من بعضنا البعض، طلب أن يجلس معى ويحكى لى، فوافقت.

حكى لى عن زوجته، وكيف أنها إنسانة أنانية وليست رومانسية على الإطلاق، على الرغم من كونه رومانسيا ويحبها بشدة، لم تفهمه ولم تستوعبه وامتنعت عنه جنسيًا لفترات طويلة، اكتفى هو فيها بالصبر عليها والتضرع إلى الله، حتى صار يكرهها ولا يطيق النظر إليها.

حكى لى عن كونه شمعة تحترق من أجل أبنائه، يصرف عليهم وعليها ولا يدخر مليما إلا ويضعه تحت أقدامهم، ولكنه وقع فى غرامى ومن حقه أن يجد لنفسه زوجة أخرى وهو شرع الله، وجدت نفسى أقترب منه أكثر، وأقع فى غرامه تدريجيا، حتى وقعت فى براثن سحره.

الحقيقة أننى كنت قد وصلت إلى أواخر الثلاثينيات ولم أتزوج، وعليه قررت أن أقبل أن أكون زوجة ثانية، تزوجنا وأنجبت له ولدا، وفى خلال العام الأول من الزواج اكتشفت أنه أكبر مخادع وكاذب، وكل ما حكاه لى من صنع خياله، إنها القصة التى يحكيها كل رجل يبحث لنفسه عن زوجة ثانية أو عشيقة يقنعها بأنه مظلوم ومُفترى عليه.

صارحته بالحقيقة التى اكتشفتها، فتحول إلى وحش كاسر، وأصبح يضربنى ويحبسنى فى البيت، ولا يصرف مليمًا على ولا على ابنه، طلبت الطلاق.. فرفض، وفى أحد الأيام عدت إلى البيت لأجده قد أخذ ابنى واختفى، فجن جنونى، قلبت الدنيا رأسا على عقب، حتى عرفت أنه استقال من عمله وغادر البلاد وأخذ ابنى معه، ولم يطلقنى رسميا حتى بعد هروبه.

رفعت قضية طلاق غيابيًا، ما زالت قيد المحاكم منذ ثلاثة أعوام، وحتى اليوم لا أعرف مكان ابنى ولا أى شىء عنه، أكاد أجن، فقد أصبحت حياتى كارثة لا أستطيع تحملها، حاولت الانتحار ولم أوفق حتى فى أن أتخلص من حياتى، لا أعلم ماذا يخبئ لى الغد، ولا أعلم أين القانون الذى يجب أن يحمينى فى مثل تلك الحالة؟


5- الولاية التعليمية

المأساة الحقيقية ليست فى الطلاق ولا فى الشرك الذى يصنعه الرجل ولا الخطة التى تضعها المرأة، فالزواج مركب واحد يبحر بشخصين، وحين يقفز الاثنان من المركب يبقى الأطفال فى عرض البحر يصارعون الأمواج بمفردهم، ويكون الصراع الأكبر هو الولاية التعليمية.

فى مارس 2008 كانت الولاية التعليمية للرجل، ثم صدر قانون عن طريق مجلس الشعب بانتقال الولاية التعليمية للأم، ولكن صدر حكم بعدها من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذا الحكم، وعادت الولاية التعليمية للأب.


6- ويبقى السؤال: من أحق بالولاية؟

الأحق بالولاية هو بالقطع المؤتمن عليها، والحقيقة أن الأم فى أغلب الأحيان هى التى تسعى لتحتضن وتسعى من أجل الأفضل لأبنائها، ولكن هذا لا يمنع أن هناك حالة من العناد التى تنتاب الطرفين، فالأم تريد أن تأخذ من طليقها ما يمتلك تحت مُسمى «قصقصة الريش» وبند «اللى يجى منه أحسن منه».

أما الأب فحدث ولا حرج، إنه يقوم بتمثيل دور البطولة فى فيلم «عودة المنتقم»، إنه ينتقم من زوجته فى شكل أبنائها الذى يتعامل فى تلك اللحظة معهم على أنه «جوز أمهم»، وهكذا تتحول الولاية التعليمية إلى معركة شرسة.


7- نظرة المجتمع

بكل أسف ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين ما زال المجتمع ينظر إلى المرأة المطلقة التى تعول أبناءها بنفسها على أنها حالة فريدة، على الرغم من أن عدد الأمهات المطلقات أو اللاتى يربين أبناءهن بمفردهن، أصبح يفوق هؤلاء المتزوجات مكسورات الجناح.

لكن.. هل تبالى النساء حقا؟.. لا أعتقد.

لى صديقة دائما ما تعرف نفسها فى كل مكان وحتى فى مدرسة أبنائها بمنتهى الفخر وتقول: أنا فلانة.. «Single mom»

سألتها: هل تخشين نظرة المجتمع لك أو من تصنيفك كإمرأة وحيدة؟

ردت بكل ثقة ودون تردد: عن أى مجتمع تتحدثين؟.. عن مجتمع متخلف يتحيز للرجال تحيزا أعمى، فلا يرى سوى عضلاتهم المفتولة ويغض بصره عن عقول العصافير التى يمتلكونها.

أنا مُنفصلة، وأعطيت نفسى لقب «Single mom»، ودعينى أصرح لك بأننى فخورة به، أنا امرأة تمتلك الجمال والذكاء، وسوء حظى أوقعنى فى حُب شخص خاطئ، حول حياتى إلى جحيم، لماذا أتحمله، ولماذا أتحمل إتعاسه لحياتى، وأنا لدى كل شىء، الأسرة والأصدقاء والمال والمنصب المرموق والسيارة الفارهة؟.


8- سألتها: ألم تتعرضى لمضايقات وقد وقع طلاقك بعد ستة أشهر فقط؟

ضحكت وردت بكل ثقة: قاطعتنى إحدى صديقاتى المتزوجات خوفا على زوجها، وماذا يعنينى؟.. خسرت صديقة، لا أبالى فلدى الكثيرات، كنت أسمع زملائى يتهامسون خلف ظهرى عن أسباب طلاقى، والحقيقة لم أتظاهر حتى بالاهتمام بما يقولون؛ لأننى فى الواقع لا أهتم، أنا سيدة قوية وأستقوى بنفسى ولا أستقوى بزوج أحمل اسمه، وأعيش فى ظله للأبد مثل أغلب البائسات المتزوجات اللاتى يتحدثن عنى من وراء ظهرى.    

هكذا اختارت النساء اللقب المفضل لديهن، حتى لو كانت تبعات هذا اللقب خسارة المباراة.

مما لاشك فيه أن النساء فى مصر تحولن مع مرور الوقت إلى كائن قوى غير منكسر ولا مستضعف كما كن دائما، ما زالت القوامة بحكم الدين للرجال، وما زالت العصمة بحكم القانون بين أيدى الرجال، لكن أصبحت الحُرية وحدها من اختيار النساء.

لم تعد صورة المرأة المصرية فى الأفلام هى صورة أمينة رزق وآمال زايد، لكن باتت هى الصورة التى رسمتها بطلات فيلم «هاتوا لى راجل».

يبدو أن العقدة النفسية التى تسبب فيها جيل بأكمله فشل فى زواجه، هى العُقدة ذاتها التى جعلت فتيات هذا الجيل يقدمن على الزواج وهن مُشهرات السلاح، ومتذرعات بدروع القتال، وما زالت تبعات الطلاق على الرغم من كل القوة التى استمدتها النساء من تجاربهن الكثيرة هى تبعات فرضها المجتمع والتشريع، فما زالت القوانين والمحاكم هى من تدفع النساء للرضوخ أحيانا، من قانون الرؤية إلى النفقة والخُلع والولاية التعليمية، تبقى كل تلك المعوقات هى «البُعبُع» الذى يعصف بأحلام نساء قررن بكل شجاعة أن يكسرن أصفاد العبودية.