أحمد متولي يكتب: بنتي ممكن تقلع معندناش مانع!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


يظن البعض أن الشهرة والنجومية تأتي فقط عن طريق الفن، وخاصة التمثيل، باعتباره الطريق الأسهل للوصول للجمهور أينما كانوا، ولا يدركون أنهم من الممكن أن يصبحوا أشهر من هؤلاء النجوم وتُخلدّ أسمائهم بحروف من نور في كتب التاريخ، كلًا حسب مجال تخصصه وعمله، ولدينا نماذج خلدت أسمائها في سجلات تاريخ البشرية بأعمالها البعيدة عن فن التمثيل أمثال الأديب العالمي نجيب محفوظ وبنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن والدكتور أحمد زويل، وغيرهما الكثير والكثير.

 

منذ أيام تواجدت داخل مكتب منتج شهير لإجراء حديث صحفي عن أعماله ومشاريعه الفنية خلال الفترة المقبلة، وبالصدفة تواجد شخص في أوائل الـ50 من عمره تقريبًا بصحبة ابنته والتي تدرس في إحدى الجامعات الخاصة وتبدو في عامها ما بين الـ24 إلى 27 عاما، هذا الرجل الذي يملك شركة خاصة –كما عرف نفسه بالمنتج المذكور- جاء برفقة ابنته لمكتب هذا المنتج حتى يكتشفها ويساعدها فى الوصول للشهرة بأي ثمن حتى ولو تطلب الأمر قيامها بتجسيد مشاهد توصف فى السينما بأنها (مشاهد ساخنة)، بعدما قال للمنتج: (بنتي ممكن تقلع وتعمل اللي أنت عايزه معندناش مانع بس المهم تشتهر على أيدك يا أستاذ).

 

جملة هذا الرجل صدمتي وتأثيرها جعلني أضحك ضحكة (صفراء) في وجه هذا الأب لأقول له ساخرًا: (أنت شيطان ولا إيه يا عم الحج)، فما كان منه إلا تجاهل هذه الجملة وواصل حديثه مع المنتج على أمل الحصول على موافقة مبدئية لعمل ابنته بالوسط الفني لكي تصل للشهرة التي يتمناها هذا الأب، وأصبحت أسأل نفسي في حيرة (هل هذا نموذج لأب يطمح لمستقبل أفضل لابنته في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشباب حاليًا وأزمة البطالة التي ضربت الشباب في مقتل، أم انه مجرد شيطان في صورة آب يريد بيع ابنته لأي منتج مقابل أن يحصل هو وابنته على الشهرة؟).

 

لو قارنا هذا الوضع على المستوى العام ستُصدم عزيزي القارئ بما ستجده من حولك بعدما قررت فتاة تدرس الطب ترك الدراسة واحتراف مجال الأزياء والموضة، والأخرى خريجة الهندسة التي اتجهت للرقص وأصبحت لها فرقة موسيقية، والثالثة التي فضلت الغناء عن دراسة الصيدلة، والرابعة التي شاركت في مسابقات ملكة جمال مصر وارتدت البكيني رغم أنها من عائلة محافظة جدًا من أجل الشهرة، هذا الوضع كان في الماضي يتم النظر له على أنه وظيفة من ليس لديه وظيفة، وكان دائما ما يوصف هؤلاء بـ(الفشلة) الذين فشلوا في دراستهم فقادتهم مواهبهم إلى أن يصبحوا نجوم فن ومشاهير.

 

ما أريد أن أسلط الضوء عليه هنا أن هؤلاء الفتيات كان من الممكن أن يتألقن في مجال دراستهن ولكنهن فضلن الاعتماد على الطريق السهل في الوصول للنجومية والنظر لمواهبهن من منظور (الصيط ولا الغنا) والمصالح فقط هي من تتحدث، وأصبح الفن مهنة من لا مهنة له، وتدهور الحال بالوسط الفني للدرجة التي جعلت كل من هب ودب يمثل حتى ولو كان ذلك مقابل ظهوره عاريًا أمام الشاشة بمشاهدة ساخنة وخارجة عن الحدود.

 

بكل تأكيد من يريد الشهرة سيحصل عليها وهناك نماذج شهيرة ومن يريد أن يخلد اسمه في كتب التاريخ سيفعل ذلك، فالوسط الفني مليء بالعديد من النماذج الناجحة من الفنانين والنجوم وليس كما يطلق عليه البعض عليهم بأنهم مجرد (أراجوزات) و(مشخصاتية)، وبالصدفة احتفلنا منذ أيام باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وانتهز هذه الفرصة بأن هناك نجمات وصلن للنجومية وحصلن على جوائز عاليمة دون أن يجسدن مشاهد عارية فى أفلامهم ومثلن السينما المصرية فى العديد من المحافل الدولية الهامة وأظهرن صورة السيدة المصرية الناجحة فى الخارج، ولكن سنظل نتساءل لماذا ينظر الجميع إلى أن الوصول للشهرة حاليًا لا يحتاج سوى أن تطرق أبواب المنتجين وتقول لهم: (معندناش مانع نقلع بس المهم نشتهر على أيدك يا أستاذ).


للتواصل مع الكاتب: Ahmed Ramadan