في ذكرى معاهدة الصداقة "الأفغانية- السوفيتية" . كيف تكون الدول الضعيفة محورا للصراع الإقليمي بين كبريات الدول؟

عربي ودولي

السوفيت - ارشيفية
السوفيت - ارشيفية


تظل الدول الصغيرة والضعيفة محورا من أهم محاور الصراعات الدامية بين القوى الكبرى على مر العصور والأزمان، فالعصر الحالي تتجسد الكثير من هذه الحالة في معظم الدول العربية، مثل سوريا التي تشهد تصادما كبيرا بين قوى إقليمية كبرى، ولم يأت هذا منذ هذه اللحظات وإنما تكرر كثيرا قبل ذلك، حيث أفغانستان التي تحين ذكرى معاهدة صداقتها مع الاتحاد السوفيتي في هذا اليوم الموافق 5/12/1978م، والتي جعلت أفغانستان ساحة للمعارك بين الاتحاد السوفيتي وبين الولايات المتحدة.




 
قصة معاهدة الصداقة

من المعلوم أن أي دول تريد التدخل في شئون الدول الأخرى، تحاول أن تضفي بعض الشرعية على هذا التدخل، وبالتالي يحدث هذا من خلال توقيع معاهدات صداقة بمقتضاها يتم التدخل إذا ما طلبت الحكومة الصديقة هذا، وهو ما حدث مع أفغانستان بالفعل من قبل السوفييت، ففي ديسمبر 1978، وقعت موسكو معاهدة صداقة وتعاون ثنائية مع أفغانستان تسمح بالتدخل السوفييتي في حال طلب أفغانستان ذلك.






خلفية تاريخية

يبدو وكالعادة أن هذه القوى الكبرى التي تقيم علاقات واتفاقات صداقة، لا تأتي هكذا بحسن نوايا، وإنما تظل دائما في طور المصالح، ولا تتزحزح قيد أنملة عن هذا، فمأساة الصداقة الأفغانية مع السوفييت، تذكر دائما باتفاق الشراكة بين روسيا وسوريا الذي عقد منذ حافظ الأسد، وكذلك أيضا مع إيران، والذي بمقتضاه يتم التدخل لحماية الحكومة السورية، وهو ما حدث، إلى أن باتت سوريا مدمرة تدميرا حقيقيا.

وعلاقة الاتحاد السوفيتي بأفغانستان بدأت فعليا منذ 1878م وهناك من يؤكد أنها بدأت منذ عهد الملكية التي كان يحكم في ظلها أمان الله في عام 1919م، حتى عام 1979م، فبعد سقوط الملكية ومرورا بعهد الأمير محمد داود الذي قتل نتيجة الفوضى بعد قضاءه على الملكية وباستيلاء الشيوعيين على الحكم، هنا جاء دور الاتحاد السوفيتي الذي قام بتسكين رجاله الشيوعيين في حكم أفغانستان في هذه الفترة، وبرغم هذا لم تكتف موسكو بهذا وإنما تخوفت من الدور الأمريكي المناوئ لها في أفغانستان، إذ تصورت حينها أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها استمالة رجال السلطة الأفغانية، وفي مقابل ذلك تُعيد تمركز بعض التجهيزات الرادارية، من ثم تستطيع مع ذلك تصوير الأسلحة المتطورة السوفيتية والمنتشرة في آسيا الوسطى.






الحرب الداخلية الأفغانية

ونتيجة لهذه التخوفات  دخلت القوات العسكرية السوفيتية أفغانستان، بعد المواجهات التي حدثت بين المقاتلون الإسلاميون في المناطق الجبلية  والجيش الأفغاني، مما جعل حفظ الله أمين وهو الرئيس الأفغاني في هذا التوقيت، أن يطلب بزيادة حجم الدعم، من قبل الاتحاد السوفيتي،  وأعطته ما طلب، إلا أنها شعرت،  بأن أمين كقائد أفغاني ليس قادرا على القيام بهذا الدور، لينتهي الأمر بالتدخل العسكري السوفيتي.






تدخل القوات الروسية

قررت موسكو أخيرا التدخل في أفغانستان، إلا أن القوات السوفيتية لم تستطع حينها بسط  سلطتها خارج كابول،  وظل حوالي 80% من مناطق البلاد خارج السيطرة الفعلية لسلطة الحكومة، وبدأت المواجهات الفعلية بين ثورا الداخل الأفغاني التي كانوا يطلقون عليهم متمردين على الحكم، ومحاربي الحكومة الأفغانية، ومع كل هذه القوات السوفيتية التي بلغت التي 120 ألف جندي حسب تقديرات موسكو، إلا أنها منيت بفشل ذريع بعد أن فشلت في حرب العصابات التي كبدتهم خسائر فادحة لعدم تعودهم على هذا النوع من الحروب، وخرجت القوات الروسية بشكل رسمي عام 1989م، بعد احتلالها لأفغانستان دام 10 سنوات.





نتائج الغزو الروسي لأفغانستان

ونتج عن هذه الحرب نتائج مرعبة قاسية، تمثلت أن  دفع فيها المدنيون الأفغان فاتورة من الدماء و جميع ألوان العذاب والتشريد، حيث قتل من المدنيين أكثر من مليون أفغاني، وهرب حوالي 5 ملايين آخرين من ويلات الحرب، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية في البلاد، لتصبح أفغانستان واحدة  من أفقر الدول في العالم بعد انتهاء هذه الحرب الشعواء.