أحمد شوبير يكتب: حكايتى مع سمير زاهر

الفجر الرياضي



لا أعرف بالضبط متى بدأت حكايتى مع سمير زاهر كلاعب، ولكن ما أتذكره تماما هو بدايتى معه فى العمل الإدارى فقد فوجئت يوما باتصال هاتفى منه يطلب مقابلتى على وجه السرعة بالاتحاد المصرى لكرة القدم فى نهاية التسعينيات وبداية الألفية، وبالفعل توجهت إليه ففاجأنى بطلب تولى إدارة المنتخب الأوليمبى والذى كان قد خرج من تصفيات الألعاب الإفريقية أمام منتخب متواضع بلا تاريخ كروى وهو المنتخب الإريترى، ولأننى وبطبيعتى أعشق التحدى فقد وافقت بدون تردد ولكن وضعت عدة شروط أهمها أن أشكل الجهاز الفنى بمعرفتى وألا يتدخل أحد فى عملى وأن أحصل على كل الصلاحيات فى إدارة الفريق. والحقيقة أن الرجل وافق دون تردد على كل طلباتى وأتذكر أن آخر شىء تكلمنا فيه كان الراتب الشهرى.

وبدأت مشوارًا مهمًا فى حياتى ولله الحمد حققنا نجاحات رائعة مع هذا المنتخب وكدنا أن نتأهل إلى الأوليمبياد لولا لاعب مستهتر اسمه إبراهيم سعيد، ولكنى خرجت بمكاسب كبيرة جدا على المستوى الشخصى من هذه التجرية، وحدث أن خرج زاهر من اتحاد الكرة ثم عاد إليه من جديد ويومها أيضا استعان بى مرة أخرى كمدير للتسويق فى اتحاد الكرة، وأذكر أننى طلبت أن أعمل متطوعا دون أجر وهو ما حدث بالفعل، وأتذكر أنها كانت المرة الأولى فى التاريخ التى يتم فيها بيع حقوق البث الفضائى للدورى المصرى وكان لى والحمد لله السبق فى التعاقد مع قنوات ART وحصد الاتحاد مبلغ 9 ملايين جنيه فى الهذا التوقيت، وزعنا معظمها على الأندية وكانت نقلة نوعية لاتحاد الكرة فى دعمه للأندية، وأذكر أن شابا كان يطاردنى للعمل معى فى إدارة التسويق جاءنى عن طريق الراحل مصطفى أبو جبل وكان يتولى عملا إداريا فى الاتحاد وكنت أحبه جدا فألح علىّ فى ضم هذا الشاب إلى فريق التسويق ووافقت على ضمه وحددت له راتبا 2000 جنيه شهريا ولم يصدق نفسه، وظللت أعينه بسبب ظروفه إلى أن كبر وفجأة أصبح أحد أهم المسئولين عن الشركات الرياضية ورعاية الكرة المصرية الآن، وأذكر هذا الشاب الذى ظل يلح علىّ فى الانتخابات أن أنضم إلى قائمة سمير زاهر فى منصب النائب لأننى كنت قد نجحت باكتساح على منصب العضوية مع اللواء حرب الدهشورى ثم اختلفنا فى طريقة الإدارة فقررت أن أترشح على منصب الرئيس عام 2005، ولكن ظل هذا الشاب أو الرجل يطاردنى باستمرار من أجل إقناعى بالدخول مع سمير زاهر خصوصا أنه رجل استثمار وتسويق وأنه سيفيد الكرة المصرية كثيرا وسعى إلى عقد لقاء بينى وبينه، ثم استشرت بعضا من أصدقائى فنصحونى بتأجيل خطوة الترشح على منصب الرئيس والاكتفاء هذه المرة بنائب الرئيس ووافقت بعد تردد طويل على الترشح على قائمة سمير زاهر فى ظل منافسة شرسة بينه وبين حرب الدهشورى وهادى فهمى، وكنت رأس الحربة الأساسى فى هذه الانتخابات ونجحت قائمتنا كلها سمير زاهر رئيسا وأنا نائبا للرئيس وهانى أبو ريدة وأحمد شاكر وباقى المجموعة وبدأنا العمل فى ظل ظروف صعبة للغاية وأعدنا ترتيب المنزل من الداخل.

وكان الأهم بالنسبة لى هو إعادة هيكلة اتحاد الكرة وانتظام المسابقات وعودة هيبة اتحاد الكرة، وطلبت من سمير زاهر أن يترك لى بالكامل أمر إدارة الاتحاد خصوصا أن الاتحاد كان يتعرض لهجمات إعلامية شرسة سرعان ما بدأت تتلاشى مع بداية العمل الجاد داخل اتحاد الكرة، وأيضا كان الاهتمام بالمنتخبات على كل المراحل السنية فحققنا انتصارات مدوية بالفوز ببطولة إفريقيا للشباب والكبار وتنظيم كأس العالم للناشئين والشباب وانتظام رائع للمسابقات بمختلف مراحلها ثم طفرة هائلة فى مستوى الحكام والدفع بعدد كبير من الحكام الشباب، والذين أصبحوا فيما بعد هم حكام الصفوة فى مصر، وإنشاء مشروع الهدف. وأذكر أن الافتتاح توقف على التكييفات فتبرعت بثمنها بالكامل من جيبى الخاص ولكنى وبكل أسف لم أذكر ذلك فى محضر جلسات اتحاد الكرة لأننى لم أكن أهتم بذلك على الإطلاق، ولكنى فوجئت بعد ذلك بمن يدعى أنه هو من قام بعمل ذلك وغضبت بشدة حتى أصدر الاتحاد بيانا أكد فيه أننى الذى تبرعت بها بالكامل، ورغم بعض المنغصات فى العلاقة بينى وبين زاهر إلا أنها كانت تسير على ما يرام فأنا أدير الاتحاد بالكامل من جميع الوجوه وتركت له الشو الإعلامى الخاص بالمنتخب الأول خصوصا بعد أن نجحنا فى الحصول على بطولة إفريقيا 2006 و2008 ورغم حالة التعمد لاغفال دورى فى الإعلام إلا أننى لم أكن أهتم على الإطلاق بذلك لإحساسى بأن دورى فى الاتحاد أهم بكثير، ولكن وبكل أسف وجدت بعضا من الأمور التى لا يمكن السكوت عليها، فقد علمت بالصدفة أن سمير زاهر أنهى التعاقد مع مدرب برتغالى اسمه فينجادا لتولى تدريب المنتخب الأوليمبى وأن المدرب سيصل مصر خلال ساعات دون علمى وأنا نائب رئيس الاتحاد، وكانت ثورتى عارمة للغاية وأوقفت التعاقد ووصول الرجل وطلبت عقد اجتماع مجلس إدارة لأخذ التصويت لأن الاتفاق كان بين سمير زاهر وحازم الهوارى عضو مجلس الإدارة دون علم المجلس بالكامل، وهددت بالاستقالة ووقتها زارنى زاهر فى المنزل معتذرا ومؤكدا أنه لم يكن يقصد. ودعا إلى اجتماع عاجل للمجلس قدم فيه اعتذاره مرة أخرى وحصل على موافقة المجلس على التعاقد مع الرجل ثم بدأت بعض الفصول الباردة منه، فقد حدث أن طلب الرئيس مبارك حضور تدريب المنتخب أثناء بطولة الأمم الإفريقية فى مصر ولم يخبرنى زاهر وعرفت بالصدفة من أحد رجال وزير الرياضة، فتوجهت على الفور لمقر المنتخب وبعد أن انصرف الرئيس عنفت زاهر بشدة فتحجج بأن الوقت كان قليلا جدا أمامه، وتكرر نفس الأمر بعد الفوز بالبطولة ولم أعرف بموعد استقبال السيد الرئيس للمنتخب واستيقظت على اتصال هاتفى من الرئاسة يسألنى عن سبب عدم حضورى وقلت لهم بوضوح إن أحدا لم يخبرنى بذلك، وكانت خناقة أخرى بينى وبين زاهر وتحجج يومها أيضا بأنه ليس مسئولا وحمّل الأمر لمسئول العلاقات العامة، وقد علمت فيما بعد أنه طلب منه عدم إبلاغى بالموعد لإحراجى أمام السيد الرئيس! وبدأت العلاقات فى التوتر رغم أننى كنت السبب الأول فى نجاح سمير زاهر فى الانتخابات فى منصب الرئيس، فقد حصلت على 73 صوتا وحصل منافسى طاهر أبوزيد على 10 أصوات ونجح زاهر فى الظفر بمقعد الرئاسة على حساب حرب الدهشورى وهادى فهمى، وأذكر أنهما حاولا معى مرارا وتكرارا لكى أنضم إلى جبهة أيا منهما ولكنى رفضت احتراما لكلمتى مع سمير زاهر.

وعلى الرغم من محاولاتى المستمرة للسير باحترافية داخل اتحاد الكرة إلا أننى بدأت أستشعر سوء النوايا من البعض، فقد حدث أننا فى أحد الاجتماعات ناقشنا طلبا للنادى الأهلى بتأجيل إحدى مبارياته بسبب انشغاله إفريقيا، ويومها رفضت تماما مبدأ التأجيل حتى ولو كان للنادى الأهلى وذلك حتي تنتظم المسابقة، ووافقنى سمير زاهر وطلب منى إعلان رفض الاتحاد تأجيل المباراة فى برنامجى التليفزيونى وبالفعل أعلنت ذلك، إلا أننى فوجئت أنه قد أرسل خطابا للأهلى يخبره فيه بموافقته على التأجيل.. ومرة أخرى حدث أن قررنا عقوبة على عمرو زكى لاعب الزمالك بسبب سلوك غير لائق وطلب منى زاهر إعلان العقوبة وفعلت ذلك ثم فوجئت بتراجعه وإخباره رئيس الزمالك فى ذلك الوقت ممدوح عباس بأننى سبب الأزمة! ووقتها حدثت أزمات كبيرة بينى وبين مانويل جوزيه مدرب الأهلى وممدوح عباس رئيس نادى الزمالك، والغريب أن زاهر كان يصطحبنى للصلح سواء مع الأهلى أو الزمالك مع أنه السبب الرئيسى فى الأزمة، واستمرت لعبة القط والفأر بينى وبينه. طبعا ناهيك عن أخبار يتم تسريبها للصحافة والمواقع كلها فبركة وألاعيب غريبة جدا وعندما أثور وأنفعل يتحدث هو بنفسه مع الصحف مندهشا وبشدة من هذه الأخبار ثم أعرف بعد ذلك أنه كان السبب الرئيسى فيها!

ولكن كل هذا كان سهلا ولكن ما جعلنى أندهش بشدة مثلا هو موقفه من حسن شحاتة مدرب المنتخب عندما اجتمع بى وكانت الخلافات قد بلغت ذروتها بينى وبين شحاتة، فقال لى إنه يفكر فى تعيين مانويل جوزيه مدربا للمنتخب واندهشت بشدة فالكل يعلم أن زاهر هو المناصر والمؤيد الأول لشحاتة، لذلك كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لى ورفضت تماما فكرة تغيير حسن شحاتة خصوصا أننا كنا على أبواب إحدى البطولات الكبرى ثم فوجئت بعدها بعدة أيام بأخبار فى الصحف والمواقع تفيد بأننى أسعى لإبعاد شحاتة وتعيين جوزيه مدربا للمنتخب! لتزداد العلاقة سوءا مع شحاتة الذى كان يثق تماما فى زاهر وبالتالى لم يكن من الممكن أن أشرح له الأمر، والحقيقة أننى لم أكن أهتم بذلك على الإطلاق وساءت العلاقة بينى وبين زاهر إلى الأسوأ رغم محاولات البعض الوساطة وكانت لا تلبث أن تنتهى بقرار فردى منه وانفعال زائد منى إلا أن علاقته الطيبة بمؤسسة الرئاسة وعلاء وجمال مبارك بحكم اهتمامهما بكرة القدم جعلته قريبا جدا من أصحاب القرار، وزادت الهوة بينى وبينه وبعنف لأنى لم أكن أقبل أبدا التهميش ودورى داخل الاتحاد والحمد لله نجحت فى كسب ثقة كل العاملين فى الاتحاد لصدقى ووضوحى فى كل القضايا دون لف أو دوران.

وظللت على مواقفى داخل وخارج الاتحاد ودخلت فى صدامات كثيرة جدا بسبب مواقفى الواضحة جدا إلى أن جاء يوم وفاجأنى زاهر بأنه يود أن يقدم موعد الانتخابات نظرا لطلب الاتحاد الدولى ذلك فما كان منى إلا أن راسلت الاتحاد الدولى فنفوا الموضوع جملة وتفصيلا، وأكدوا أن هذا قرارى وحدى وأننى لو أرغب فى الاستمرار حتى نهاية مدتى فهذا حقى، وعدت لأخبر زاهر بما حدث فتراجع وقال لى إنه يرى فرصة ذهبية للنجاح الآن خصوصا مع انتصارات المنتخب وحالة الرضا فى الشارع المصرى، والحقيقة أننى وجدتها فرصة للخروج برأس مرفوعة من الاتحاد خصوصا بعد الخلافات الشديدة التى ضربت فى العلاقة بينى وبين زاهر، ووافقت بسرعة إجراء الانتخابات رغم أنه كان باقيا لى 7 أشهر داخل الاتحاد ثم فاجأنى زاهر لطلب اجتماع مع حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة فذهبت إليه لأجد صقر يقول إن زاهر طلب تعيينى معه فى المجلس الجديد فى منصب نائب الرئيس وكانت مفاجأة فى كم الإشادة المبالغ فيها من زاهر تجاهى أمام حسن صقر ولم أبد أى اعتراض، إلا أننى أوضحت لصقر أن زاهر اختار هانى أبوريدة نائبا له فنفى زاهر تماما وأكد تمسكه بى، ولكن ما توقعته بالضبط حدث فقد تم تعيين محمود طاهر واللواء صفى والدكتورة ماجى أعضاء بمجلس إدارة الاتحاد وتحقق ما قلته لحسن صقر ليفاجئنى بقرار تعيينى مستشارا لاتحاد الكرة ويحق لى حضور جلسات مجلس الإدارة، ولكنى اعتذرت ومن يومها ابتعدت تماما عن مجلس إدارة الاتحاد.

ورغم كل شىء ظلت العلاقة مع زاهر مقبولة نظرا لابتعادى عن المجلس بسبب بند الـ8 سنوات إلى أن حدثت أزمة مباراة الجزائر، عندما اجتمع زاهر مع بعض روابط الجماهير المسماة بـ«الأولتراس» وغيرها واتفق معهم على سيناريو ما حدث قبل مباراة مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم، وحاول إيهام الناس بأنها تمثيلية من الجزائريين وكعادتى ظهرت على الشاشة وفضحت اللعبة كلها وكنت قد وقعت عقدا مع قناة «أون تى فى» لشراء مباريات الكأس، ففسخ سمير زاهر العقد ثم قدم بلاغا ضدى للنائب العام وقرر هو ومجلس الإدارة مقاطعتى تماما، بل بدأت حملة منظمة ضدى وصلت إلى درجة رفع الحصانة عنى فى مجلس الشعب ولم أسلم من الهجوم حتى من الأصدقاء الذين دعمتهم لانتخابات مجلس إدارة الاتحاد، لدرجة أن أحدهم طالب بسحب الجنسية المصرية منى! واستمرت حملة شعواء أوقفت خلالها عن العمل لمدة 9 شهور تقريبا وتم فسخ تعاقدى مع القناة الفضائية التى كنت أعمل بها لضعف مالكها وعمله بالسياسة وتعرضت لأسوأ حملة فى حياتى، وتم منعى من دخول مبنى الإذاعة والتليفزيون وتم إسقاطى فى انتخابات مجلس الشعب بالتزوير وظل الحال طويلا إلى أن تغير الحال فى مصر تماما بعد 25 يناير، وهى الحسنة الوحيدة التى حدثت لى وللأمانة قبلها توفى والدى وحضر السيد جمال مبارك العزاء ويومها سألنى لماذا لا تظهر فى برامجك؟.. ولما شرحت له الأمر استغرب بشدة وبعدها تلقيت اتصالا من مسئولى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وبدأت الأمور تسير فى إطارها الطبيعى وتعاقد معى د. وليد دعبس وأسند لى رئاسة قناة مودرن كورة، والتى حققت نجاحا باهرا، وعادت خطوات نجاحى وتكشفت أبعاد المؤامرة بالكامل وخرج زاهر ليعترف فى البرامج بأن ما حدث كان مخططا ولكنه ليس مسئولا عنه ووقع علينا الاتحاد الدولى غرامة كبيرة نحو مليون دولار ونقل بعض مباريات مصر خارج القاهرة كعقوبة على ما حدث، واسترددت اعتبارى كاملا وعرف الجميع الحقيقة وسعى زاهر إلى مصالحتى.

وحدث أنه مرض مرضا شديدا فزرته أكثر من مرة وأصبحت علاقتى معه شبه معقولة على المستوى الإنسانى ولكنها انقطعت تماما على صعيد العمل رغم اعترافى بأنه إدارى شاطر وخفيف الدم جدا وأنه أستاذ فى التسويق إلا أن تجربتى وحكايتى معه كانت مريرة جدا، رغم أننى لم أقدم له إلا كل خير ورغم اعترافى بأنه صاحب الفضل فى دخولى مجال العمل العام الإدارى ويبدو أنه قد أسس مدرسة مازالت تدير الكرة المصرية حتى الآن وتلك حكاية أخرى.