أحمد متولي يكتب: منى عراقي (الشاذة)!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


"ليه كل حاجة حلوة عمرها قصير؟" على رأي أغنية المطرب حمادة هلال، سؤال بجد "ليه كل حاجة حلوة عمرها قصير؟"، حاولت ابحث وأتفحص وأتمحص في تفسير هذا السؤال العميق بكل موضوعية لم أجد إجابة واضحة على هذا السؤال سوى أن الحاجة الحلوة بتخلص بسرعة جدا من شدة فرحتنا بها.

 

منذ أيام اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالقضية التي أثارتها الإعلامية منى عراقي مقدمة برنامج "انتباه" المعروض على قناة "المحور" الفضائية بعد فضحها جريمة فساد كبرى داخل مصنع "كاتشب" شهير في 6 أكتوبر -لحد هنا والموضوع لم يلفت انتباهي باعتبارها ستكون قضية زى أي قضية فساد إداري أو مالي موجود في مصر (كالعادة يعني)- وأخذت الصدمة عندما وجت قضية الفساد التي تحدثت عنها منى عراقي تتعلق بـ"الصلصة المعلبة" التي نأكلها يوميًا دون أن ندرى مصدرها أو كيف يتم تصنيعها أو العالم الخفي لصناعة "الكاتشب الملوث" تحت مرأى ومسمع الدولة المصرية التي دائما ما تتعامل مع مثل هذه القضايا بمقولة (أعمل عبيط وركب ودن من طين والتانية من عجين علشان المركب تمشي وطالما الشعب بياكل ومبسوط والإنتاج بيزيد يبقي أحنا في السليم).

 

الحلقة التي نفذتها "عراقي" بنجاح تحسد عليه ويحسب لها جعلتني اكتشفت أن ما يتم تصنيعه داخل مصنع "الكاتشب الفاسد" ما هو إلا (جرعات موت) تُصنع بأيدي المصريين لقتل المصريين أنفسهم بالبطيء، بالإضافة إلى إصابته بالأمراض اللي نعرفها واللي منعرهاش، للدرجة التي جعلتني أقرر مقاطعة أي مأكولات بها "صلصلة معلبة" أو "كاتشب"، في واحدة من أهم الملفات الصحفية والإعلامية الاستقصائية التي تعاملت معها مذيعة "انتباه" باحترافية ومهنية شديدة بالصوت والصورة.

 

أعترف أنني من المتابعين الدائمين للإعلامية المجتهدة منى عراقي، التي بدأت حياتها المهنية كمراسلة للتلفزيون المصري في السودان ثم عملت بالإخراج من شدة تعلقها بالكاميرا، وحصد أول أفلامها "طبق الديابة" على 11 جائزة دولية، وما ساعدها على النجاح في هذا المجال كونها إعلامية متخصصة في الصحافة الاستقصائية وهي صحافة الوصول إلي الحقيقة وتسليط الضوء على الفساد ومواجهته، لذلك تخصصت في عمل تحقيقات تلفزيونية في قالب أفلام تسجيلية، احترفت بعدها تقديم البرامج الاستقصائية واشتهرت ببرنامجها "المستخبي" على قناة "القاهرة والناس" وكانت أبرز حلقاتها عن مجموعة من الشواذ داخل "حمام البحر" وحلقة تجارة المخدرات، ثم انتقلت ببرنامجها إلي قناة "المحور" بعدما غيرت عنوانه إلي "انتباه" بنفس فكرة برنامجها القديم، وكانت ابرز حلقاتها الطفل عبدالله الذى رفضت والدته استلامه وتم إيداعه دار رعاية ثم حلقة قتيل على المحور، ثم فاجأتنا بحلقة من العيار الثقيل عن فساد مصانع تصنيع "الصلصلة".

 

ما تقدمه منى عراقي على شاشات التلفزيون يعد من البرامج المختلفة والجريئة التي تقدم على الساحة الإعلامية في مصر حاليًا بعيدًا عن التسخين الإعلامي بين ضيفين على الهواء أو صريخ وعويل مذيع آخر وزوجته على الشاشة طوال الليل من أجل زيادة الإعلانات على برامجهما للحصول في نهاية العام على رقم 1 فى نسب المشاهدة.

 

منى عراقي أثبتت بالدليل القاطع أنها (شذّت) عن القاعدة الإعلامية الموجودة حاليًا وحلقت بعيدًا هي وفريق عملها المجتهد عن هذا السرب من أجل خدمة المواطنين والحفاظ على حياتهم وكينونتهم في مصر التي نأمل أن نعيش فيها حياة كريمة خاصة بعد بثورتين هتفنا فيهما بسقوط الظلم ومحاربة الفساد، وأعيب هنا على الإعلام المصري المقصر جدًا فيما يخص فتح ملفات الفساد الموجودة داخل كل مؤسسة من المؤسسات الحكومية والخاصة، وأطالب مني عراقي وغيرها ممن يحترف تقديم برامج التحقيقات الاستقصائية التلفزيونية مثل ريهام سعيد ومن قبلهما يسري فودة بخلق جيل إعلامي جديد متخصص في الصحافة الاستقصائية ليس من أجل (الفشخرة والبهرجة) ولكن لخدمة المجتمع الذي مازال يعاني من كافة أشكال الفساد ومن أجل حماية الأسر المصرية التي مازالت تحتاج لأكثر من برنامج (شاذ ومختلف عن الموجود على الساحة الإعلامية) يتحدث ويتناول همومه ومشاكله اليومية.

 

للتواصل مع الكاتب: Ahmed Ramadan