ربيع جودة يكتب: عزيزي الأزهري

ركن القراء

ربيع جودة يكتب: عزيزي
ربيع جودة يكتب: عزيزي الأزهري


لأنك شربت الماء وحدك.. تصرخ الآن وحدك.. تعلمت الغوص منفرداً حتي إذا أدركنا الغرق.. لم تستطع سوي إنقاذ نفسك.. 
بدأ الأمر حين لم تُحتَسب درجات مادة الدين ضمن الدرجات النهائيه.. وأصبح كتاب الدين الأبيض الجميل هو الوحيد الذي يحتفظ برائحة الطباعة.. وصفحاته ربما لا تزال ملتصقة كما هي .. إلا من بعض الأتربة تغطي غلافه.. 
ثم تأتي نكبة أخري أشد.. فدراسة الدين موكل بها.. مدرس اللغة العربية.. ولا أدري ما وجه التقارب بينهما.. حتي شب الفتي منا.. كل ما يتصوره عن الدين.. الحديث باللغة العربية.. ( انتظر يا أخي وجزاكم الله خيراً ) .. أما عن تعاليم الدين السمح.وأحكامه وفقهه وتشريعه وطهارته وسلامه.. فلا يزال طي الكتاب الجميل الملقي تحت الكتب.. يحظي غلافه بملامسة سطح المكتب.. 
حتي تأتي الامتحانات.. ولأن الهداية والصلاة هي السبيل الوحيد لاجتياز تلك الفترة العصيبة.. ذهبنا الي المساجد.. ليجلس فينا الشيخ.. 
يقول بصوت أجش بعد مقدمة عصماء.. حديثنا اليوم عن الطهارة.. ثم يستطرد قائلاً 
إن هذا الدين.. الذي يحاربه الغرب وتتعاون معه الحكومات فنقول له.. انتظر يا شيخ اين الحديث عن الطهارة.. يقول.. انتم أيها الشباب وقود الأمه تدور حولكم الدوائر. ويتربص بكم المتربصون 
يا شيخ حدثنا عن الغسل.. ولا حياة لمن تنادي.. لتخرج من الخطبة لا تعرف عن الطهارة.. إلا ما يزيل عنك الحدث الأصغر. فتشوهت الأفكار وامتلأت حقدا.. أما عن الدين فتبقي الحصيلة صفر.. 
يكبر الرجل فينا تتوسط جبهته ذبيبة الصلاة.. فيسأله السائل من جميل ما يري من هدايه.. ما حكم كذا وكذا يا شيخ.. فمنا من يتنطع بالفتوي دون علم.. أو يقول في حسرة.. انتظر حتي أسأل غيري. 
ثم تتوالي الأخطاء.. في معالجة الخوف من نشر الأفكار الإرهابية الهدامه.. فيتم غلق المساجد بين الصلوات.. وبه تم غلق كتاتيب تحفيظ القرآن. 
وكانت النتيجة الأخطر.. لم يعد بعقول الشباب أساس ديني سمح.. يرفض الدعاوي الهدامه.. بل أصبحت رأسه خصبة لتطرف الفكر وصناعة الكفر. 
ثم خرجت علينا بعد طول غياب القنوات الفضائية الدينية.. وبعد ان ظننا أنها بالدين ستصول وتجول.. اتجه الكثير منهم.. لتفسير الأحلام. وفض المشكلات الزوجية علي الهواء.. وانتهاءاً بالبرامج السياسية.. التي حطمت ما تبقي من دين وصرنا أضحوكة الدول . 
وبدلا من أن يوكل بها الأزهري العارف بدينه..الفاهم بأحكامه تم غلقها هي أيضاً.. 
هروب يليه هروب.. وكأن الحديث عن دراسة الدين كشرح العلاقات الجسدية يستوجب الستر والحذر.. 
وصعد علي المنابر أشباه الخطباء.. فلا هو يتقن العلم ولا يحفز الهمم.. 
ولا يزال الطرق مستمراً علي الأبواب الخاطئة.. فليست المشكلة في تجديد الخطاب الديني ولا توحيد الخطب . وإنما المشكلة في وجوب إحياء الخطاب الديني أولاً. في المناهج في البيوت في القنوات في الجامعات في المعاملات .. وإلا ستظل تصرخ وحدك الي الأبد عزيزي الأزهري