د.دينا أنور تكتب: جابر نصار للبرلمان: يا أهلا بالمعارك

مقالات الرأي

دينا أنور
دينا أنور


لك الله يا دكتور جابر، لو كنت في دولة يقودها مثقفوها وعلمائها لما توقفت عن استقبال التهاني والإطراء بفضل قرارك التاريخي بإلغاء خانة الديانة من سجلات وأوراق و تعاملات الطلاب وهيئة التدريس والعاملين بالجامعة، ولكن لأنك عملة نادرة في دولة سلفية الأهواء يقوم عليها سماسرةٌ محترفون، فكان طبيعياً أن تقوم عليك الدنيا ولا تقعد، وأن يخرج علينا أشاوس اللجنة الدينية بالبرلمان بفضيحة جديدة رافضين قرار جامعة القاهرة بحذف خانة الديانة ويوصون بإلغائه، وزاد الطبن بلة دعم وزير التعليم العالي لهم واعتباره لا مبرر من إتخاذه وأنه لا يوجد أدنى مشكلة من معرفة ديانة الطالب سواء كان مسلماً أو مسيحياً لأنه يراه أمراً غير مؤثر..!

يأتي هذا التصعيد المستفز من جانب اللجنة الدينية في وقت يدفع فيه الوطن والمواطنون ثمن وجود تلك الخانة التمييزية التي تخلق الشعور بالإختلاف وتولد الطائفية والكراهية، يأتي في وقت ما زلنا نجمع فيه أشلاء ضحايا تفجيرات الكاتدرائية الذين فجرهم شاب نشأ على الإرهاب بفضل خانتكم التي قادته للإعتقاد بأن قتل شركائه في الوطن عمل عظيم يقوده للجنة فقط لأنهم ليسوا على دينه، هل أنتم مصريون مثلنا؟ هل تشعرون بالفجيعة مثلنا وأرهبكم مشهد الموت والدم على أرض الكنيسة؟ أم أنكم تدعمون الإرهاب بشكل غير مباشر وترسخون لكل مفهوم يقود إليه؟ والله إن صح ذلك فلا أستبعد أن يكون لأحدكم ذراع في تنشئة هؤلاء الإرهابيين ورمي بلائهم على المجتمع ليقتلوا ويفجروا ويحصدوا أرواحاً بريئة، وهنا سيأتي يوم نحاكمكم فيه على ما اقترفتم في حق أهل مصر ووحدة شعبها، وإن رحمكم الناس فلن يرحمكم التاريخ الذي سيثمن جهود "نصار" في إعلاء المواطنة، وسيحمله فوق الأعناق باعتباره جندياً قوياً يؤمن بما يقول ويفعل ما يؤمن به، وعلى رأي الدكتور جابر نصار الذي حاولت أن أستشف منه إنطباعه عن تلك المعركة الجديدة التي يخوضونها ضده لإجهاض حلمه في جامعة بلا تمييز ديني، قال بكل ثقة وتحدي: يا أهلاً بالمعارك..!

ولثقتي وثقة الجميع في قوة الدكتور جابر وتصديه لكل محاولات إثنائه عن قراره التاريخي، لن أتكلم كثيراً وسأترك الأيام تثبت لهم من الذي سينتصر في النهاية، المواطنة أم الطائفية.

ولكن لن يمر رفض وزير التعليم العالي لقرار نصار مرور الكرام هكذا، أي تعليم هذا الذي تمسك بوزارته يا سيادة الوزير، هل تركت كل سلبيات التعليم والمناهج والفساد والمحسوبية وتوريث المناصب في الجامعات، ولم يزعجك فقط سوى قرار نصار، هل ترى أن التمييز الديني بين الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات أمر ضروري لبقائك في منصبك الذي هدده "نصار" بأن خرج عن السائد وتحدى روتين وزارتك؟ ألم يكن الأحرى بك أن تعمم التجربة وتنشرها في كل جامعات مصر؟ أم أن لديك أهواء تمييزية دفينة تدفعك دفعاً لرفض قرار نصار؟ أم أنه الخوف من "نصار" ذاته الذي بات أقرب لقلوب الطلبة وأكثر إقناعاً لعقولهم وربما يصبح المرشح الأجدر باستلام مهام وظيفتك قريباً؟

على أية حال لقد أكد الدكتور جابر جاد نصار في تعليقه على رفض اللجنة الدينية لقرار إلغاء خانة الديانة من الأوراق الرسمية الخاصة للطلاب والعاملين بالجامعة وهيئة التدريس، بأنه قرار إداري صدر وفقاً للإختصاصات القانونية والدستورية لرئيس جامعة القاهرة، وأن توصية لجنة الشئوون الدينية بالبرلمان لا تملك إبطال القرار، وأن الذي يملك التعقيب على القرار هم جهتين أساسيتين الأولى القضاء بإصدار حكم قضائي يقضي بالإلغاء أو صدور قانون من مجلس الشعب يلزم الجامعة بإضافة خانة الديانة، لأن القرار عندما صدر لم يخالف قانوناً أو لائحة ، ولا يوجد في قانون تنظيم الجامعات ولا في لائحته التنفيذية ما يلزم "نصار" بذكر خانة الديانة في مستندات الجامعة، وأكد أنه هو المنوط بإدارة الجامعة وفقاً لنص المادة 55 من قانون تنظيم  الجامعات، وأن هذا الأمر يقع في حيز سلطته الدستورية والقانونية بصفته رئيس جامعة القاهرة، وأن توصية لجنة الشئون الدينية ما هي إلا توصية سياسية لا يترتب عليها تعطيل القرار أو إلغاؤه أو عدم سريانه، "يعني من الآخر كده ما لكمش حاجة عندنا، وتوصياتكم دي تبلوها  وتشربوا ميتها، أو تحطوها جنب إخواتها في ركن المحفوظات، أو تروحوا ترفعوا قضية وتستنوا الفرج".

طوبى للدكتور جابر جاد نصار الذي قضى على ذلك العرف الفاسد الذي نشأ في سبعينيات القرن الماضي متزامناً مع تفشي ظاهرة الإسلام السياسي والتمييز الديني تجاه المسيحيين وترتب عليه كثير من الظلم والفوضى والإقصاء والتمييز تجاه الطلبة من أساتذتهم و رؤساء أقسامهم و معيديهم، ولتكن عدالة التاريخ والمجتمع في صفك لتنال ما تستحقه من تكريم وإشادة بحربك الضروس ضد خفافيش الظلام و دعاة الطائفية، ولتذهب توصياتهم إلى الجحيم، سيحاكمهم التاريخ يوماً، وسيحاسبهم أبناء هذا الشعب يوماً على ما اقترفوه من جرائم في حق هذا الوطن العظيم مصر.