قبل إعلان رحيله بساعات.. "الفجر" تنفرد بكشف تفاصيل الإطاحة بـ إبراهيم عيسي من "القاهرة والناس"

الفجر الفني

إبراهيم عيسي
إبراهيم عيسي


انفرد الزميل أحمد عبدالجليل، بتفاصيل وكواليس الإطاحة بالإعلامي إبراهيم عيسي من قناة "القاهرة والناس"، وذلك فى عدد جريدة "الفجر" الأسبوع الماضي تحت عنوان "عبد العال يعنف "طارق نور" فى حضور حسن راتب"، فى الوقت الذى لم تعلن فيه القناة المذكورة أى تفاصيل عن رحيل "عيسي"، أو إعلان "عيسي" نفسه الرحيل عن القناة.

 

وجاءت التفاصيل التى نشرتها "الفجر" لتؤكد أن أسباب رحيل "عيسي" جاءت بعد اجتماع مغلق استمر 3 ساعات بسبب برنامجه، وتقرر وقف البرنامج وإحالة "عيسي" للمحاكمة قريباً.

 

وكانت ملامح الغضب والحزن التى بدت على وجه طارق نور صاحب قناة "القاهرة والناس"، عقب خروجه من مكتب الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، عصر الاثنين الماضى، عكست تفاصيل ثلاث ساعات عصيبة من السجالات والمناقشات التى طرحت فى اجتماع مغلق بين الطرفين.

 

حضر الاجتماع عدد من النواب بينهم مصطفى بكرى وعلاء عابد ومحمد البدراوى ومارجريت عازر ومصطفى الجندى، وحسن راتب مالك قناة المحور الذى حضر بصفته عضو غرفة صناعة الإعلام.

 

الاجتماع جاء بناء على طلب من طارق نور للوقوف على أسباب الأزمة التى وقعت مؤخرا بين البرلمان وقناة القاهرة والناس، بسبب الانتقادات الشديدة التى وجهها الإعلامى إبراهيم عيسى للبرلمان وأعضائه، فى برنامجه المذاع عبر القناة «مع إبراهيم عيسى»، زاعماً أن مجلس النواب يرغب فى تعديل الدستور لمد مدة الرئيس السيسى.

 

تجاوزات عيسى ضد البرلمان أشعلت غضب النواب فى الجلسة العامة، وحينها أكد الدكتور على عبدالعال أن هذه التجاوزات هى جرائم يعاقب عليها فى قانون العقوبات، وطلب وقتها من محمد خضير رئيس الهيئة العامة للاستثمار تقديم تقرير عما يدور فى قناة «القاهرة والناس».

 

الاجتماع الذى وصفه النواب بـ«العصيب» ناقش الأزمة الأخيرة، حيث أكد عبد العال خلال حديثه لـ«نور» احترامه الكامل للإعلام وحرية الرأى والتعبير، لا سيما أنه أحد أعضاء لجنة العشرة التى وضعت اللبنات الأولى للدستور الذى نص على حرية التعبير، لكنه أكد فى الوقت نفسه عدم قبوله بإهانة المجلس أو أى من مؤسسات الدولة على شاشات الإعلام.

 

وسرد عبد العال لنور كل الوقائع التى تطاول فيها إبراهيم عيسى على البرلمان وأعضائه ورئيسه، إضافة إلى تطاوله فى بعض الأوقات على مؤسسة الرئاسة.

 

الحديث لم يكن لرئيس البرلمان فقط، بل امتد للنواب الذين انفجروا غاضبين فى وجه طارق نور، وأكدوا له أن عيسى يتعمد إهانتهم بما لا يتفق مع حرية التعبير، وأن هذا السلوك الإعلامى لن يصب فى صالح استقرار البلاد أو النهوض بمؤسسات الدولة، خاصة فى ظل الأوضاع الحالية لا سيما الاقتصادية منها، مؤكدين أن ما يفعله عيسى ليس حرية تعبير، وإنما بث سموم لهدم الدولة، واتهموه بأنه ممول من الخارج وينفذ أجندة خارجية لإسقاط الدولة.

 

وسرد النواب عدداً مما أسموه تجاوزات «عيسى» بحقهم وتهديداً للأمن القومى المصرى، ومن بينها وصفه للبرلمان فى إحدى حلقات برنامجه بأنه يريد تعديل الدستور ليس لمواجهة الإرهاب، وإنما لتمديد فترة الرئيس السيسى، إضافة إلى أنه سبق وأعلن أن الحكومة لا تريد قانون بناء الكنائس، وزعمه بأن هناك نصا يحظر على الإخوة الأقباط رفع الصلبان على الكنائس، إضافة إلى تشويه صورة مصر عالمياً باتهامه وزارة الداخلية بقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى، وأن آراءه اعتمدت عليها السلطات الإيطالية فى الهجوم على مصر، وهى الاتهامات التى ألقاها النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان فى وجه طارق نور أثناء الاجتماع.

 

فيما أكد النائب مصطفى بكرى خلال الاجتماع أن البرلمان لا يمكن أن يقف أمام حرية التعبير، ولكن هناك فرقاً كبيراً بين حق الانتقاد والتشكيك، وأن ما يتم تداوله عبر برنامج «عيسى» هدفه إثارة الرأى العام، وأن البرلمان المصرى مؤسسة تعبر عن الشعب المصرى، ولابد أن نكون حريصين عليها، لكن عيسى قال إن البرلمان يسعى لتعديل مدة الرئيس، قائلاً بالحرف إننا «نصابين وأفاقين»، وأن عبد العال يفتقد السياسة.

 

ورغم تأكيد رئيس المجلس ونوابه تمسكهم بثوابت حرية الإعلام وعدم حبس الصحفيين، إلا أنهم ألقوا بالكرة فى ملعب طارق نور، وتركوا له حرية الاختيار إما باستكمال البرنامج مع وضع قواعد صارمة والالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية، أو وقف البرنامج، لكن الرسائل غير المباشرة التى وجهها النواب ورئيسه لنور، قد تجبر الأخير على وقف برنامج عيسى، لا سيما أن عدداً من النواب أكدوا عزمهم على مقاضاة عيسى بتهمة إهانة مؤسسات الدولة، وهى التهمة التى تستوجب الحبس، ولن يصلح معها عفو رئاسى، بحسب أحد النواب الذين حضروا الاجتماع.

 

عبد العال أكد عدم التحرك قضائيا تجاه أى وسيلة إعلامية أو قناة، انطلاقاً من كونه أحد المدافعين عن حرية الصحافة وحرية الرأى والتعبير، لكن فى الوقت نفسه لن يملك منع أى نائب من التقدم ببلاغات ضد عيسى، وسبق أن أعلن عبد العال فى إحدى الجلسات العامة، أنه لا يمكن أن يحرك أى دعاوى قضائية ضد صحفى أو إعلامى، لكن سمح فى الوقت نفسه لمن يشاء من النواب بأن يحرك هذه الدعاوى.

 

أحد النواب الذين حضروا الاجتماع قال لـ«الفجر»: إن مصير إبراهيم عيسى لن يكون فقط وقف برنامجه وإنما السجن، حيث يعتزم عدد من النواب تحريك دعاوى قضائية ضده، إضافة إلى أن هناك اتجاها رسميا من الحكومة ضد القناة والبرنامج، وهو ما عكسه حديث المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية فى الجلسة العامة الأخيرة بأن الحكومة ستتخذ موقفاً إداريا حيال قناة القاهرة والناس. وشهدت الأيام الماضية تحريك أولى الدعوات ضد إبراهيم عيسى عقب هجوم البرلمان عليه، حيث تقدم المحامى السكندرى طارق محمود ببلاغ إلى المحامى العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية رقم 6261 لسنة 2016 ضد عيسى، اتهمه فيه بإذاعة أخبار كاذبة وإثارة الفتنة الطائفية من خلال الحلقات التى يقدمها على الهواء فى برنامجه بقناة «القاهرة والناس»، وهو ما يؤدى لتكدير الأمن والسلم الاجتماعى وإثارة الفتنة والقلاقل فى الشارع المصرى.

 

يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه قناة "القاهرة والناس" اليوم فى بيان رسمي لها وجاء نصه كالتالي: "حرصـًا من قناة "القاهرة والناس" على مبادئ الشفافية والمصارحة والمهنية، فإنها تود إبلاغ مشاهدي برنامج 'مع إبراهيم عيسى' بأن الإعلامي الكبير تقدم باعتذار إلى إدارة قناة "القاهرة والناس"، معربـًا عن رغبته في عدم الاستمرار في تقديم برنامجه التليفزيوني على شاشتها اعتبارًا من مطلع يناير ٢٠١٧".

 

وتابع البيان: "قدم إبراهيم عيسى لإدارة القناة أسباب قراره ودوافعه ومسوغاته، وتطلعه إلى التخفف من بعض أعباء العمل، للتفرغ والتركيز على مشروعاته الكتابية والإبداعية  في الفترة المقبلة".

 

وأضاف البيان: "إن "القاهرة والناس" تُكّن للإعلامي الكبير إبراهيم عيسى احترامًا وتقديرًا لشخصه وثقافته وتاريخه، من إثراء للحوار الوطنى  فى التعبير عن الرأى و الرأى الأخر، ونتمنى له -بكل ما في النفس من مشاعر طيبة- كل التوفيق في خطوته المقبلة".

 

واختتمت القناة قائلة: "في الوقت نفسه، فإنها تعاهد مشاهديها على مواصلة تقديم محتوى تليفزيوني حر ومميز يمس اهتمامات المواطن بأعلى قدر من المهنية  والحريّة مع الحرص فوق كل شيء على المصلحة العامة لمصرنا الغالية".